• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم النعم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطورة التبرج
    رمزي صالح محمد
  •  
    خطبة: السعادة الزوجية
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: كيف نستحق النصر؟
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق المعلم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    إجارة ما منفعته بذهاب أجزاءه مع بقاء أصله
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    صفة الرزق والقوة والمتانة
    عبدالعزيز بن محمد السلمان
  •  
    من مائدة الحديث: الحث على العفو والتواضع
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

خطبة: السعادة الزوجية

خطبة: السعادة الزوجية
د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2025 ميلادي - 14/5/1447 هجري

الزيارات: 230

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السعادة الزوجية

 

الحمدُ لله خَلَقَ من الماءِ بَشَرًا فَجعَلَهُ نَسَبًا وصهرًا، جعل الزواجَ مودَّةً ورحمةً وبِرًّا، نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لَه الأسماءُ الحُسْنى والصِّفاتُ العليا، ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، أَمَرَنَا بالتَّمسكِ بالعُروةِ الوُثقى، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه ومن اهتدى بهديهِ إلى يوم الدِّينِ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، فاتقوا الله يا عباد الله في أزواجكم، واتقوا الله في بيوتكم، واتقوا الله في أولادكم.

 

أيها المؤمنون: يقول الله عز وجل: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، يلتقي الزوجان في بيتٍ واحدٍ ليكون هذا البيت مصدرًا للسكن والراحة والطُّمَأْنينة، ولن يكون كذلك إلا إذا سادت المودَّة التي يسعى بها إلى تلبية كلّ طرفٍ ما يحتاج إليه منه، فينشأ بينهما بتلقائية كلُّ معاني المحبةِ والتقارب القلبي، وإذا حصلت المودة أتبعتها الرحمة التي تدلُّ على الشفقة والعطف الذي يولِّد العفو والصفح والإيثار والتضحية إكرامًا وإحسانًا.

 

أيُّها النَّاسُ، إنَّ النساءَ عندكم عَوانٍ، أخذتُموهنَّ بأمانة الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ اللهِ، ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فعقد الزواج ميثاقٌ غليظٌ الأصل فيه الديمومة والاستمرار والاستقرار، والعارض هو الطلاق والخلع والفسخ.

 

أيها الرجل، أنت تستحلُّ لنفسك عِرضَ امرأةٍ قال الله عن حالها: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، تعبيرٌ مُوجزٌ، وبيانٌ مُعجِز.. فيهِ من قوةِ المشاعِرِ المتبادَلةِ، وحميميةِ الوِصالِ والمغازلةِ، تصويرٌ بديعٌ بليغٌ، في غاية الرُّقيِ والعِفةِ، وفي مُنتهى الدِّقةِ والحِشمةِ، هُنَّ سكنٌ لكم وأنتم سكنٌ لهنَّ.. هُنَّ سِترٌ لكم وأنتم سِترٌ لهنَّ.. هُنَّ جمالٌ لكم، وأنتم جمالٌ لهنَّ.. هُنَّ إكمالٌ لكم، وأنتم إكمالٌ لهنَّ.. هُنَّ وطرٌ لكم وأنتم وطرٌ لهنَّ.. هُنَّ دِفءٌ لكم وأنتم دِفءٌ لهنَّ.. هُنَّ فقط لكم وأنتم فقط لهنَّ.. هُنَّ بحاجةٍ إليكم وأنتم بحاجةٍ إليهنَّ.. إحسان المعاشرة، وقصر الطرف عن غير ما أحلَّ الله لهما، والمماثلة في وجوب الرعاية ((الرجل راعٍ على أهله، والمرأة راعية في بيت زوجها))، هذا هو تحقيقٌ لقول الله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، فإذا قام كلُّ طرفٍ بما يخصه من واجبات وحقوق اكتمل العقد وحسنت الحياة.

 

للنساءِ على أزوجهن حقوق مالية؛ وهي: المهر ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ﴾ [النساء: 4]، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته، وإعزازٌ للمرأة، وإكرامٌ لها، ويجب على الرجل أيضًا النفقة على الملبس والمأكل والمشرب والسكنى حتى لو كانت المرأة غنية، قال الله تعالى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ﴾ [الطلاق: 6]، ووجوب نفقة الزوج على أزواجه يقابله تمكينُ المرأة نفسها له واستمتاعه بها، وتحقيق السكن المعنوي معها.

 

ويجب على كلِّ زوج تحسين خُلُقه مع زوجته والرفق بها، وتقديم ما يمكن تقديمُه إليها مما يؤلف قلبها، وعدم الإضرار بها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]؛ أي: طيِّبُوا أقوالكم لهن، وحَسِّنُوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ، وأنا خَيْرُكُم لأهْلي))، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جَمِيل العِشْرَة، دائم البِشْرِ، يُداعِبُ أهلَه، ويَتَلَطَّفُ بهم، ويُوسِّعُ عليهم بنَفَقَته، ويُضاحِك نساءَه، حتى إنه كان يسابق عائشة أمَّ المؤمنين يَتَوَدَّدُ إليها بذلك. وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كَتِفَيْه الرِّداء وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يَسْمُر مع أهله قليلًا قبل أن ينام، يُؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].

 

وعلى الزوجات من الحقوق ما هو أعظم من حقها عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228].

 

ومن هذه الحقوق: وجوب الطاعة للزوج في غير معصية الله، وألا تُدْخِل بَيْتَه أحدًا يكرهُهُ، وألا تخرج من البيت إلا بإذنه، وقد دلنا القرآن الكريم على وصفٍ للزوجة التي سوف تكونُ سببًا للسعادة والبهجة في البيوت؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]، فالمرأة الصالحة في نفسها ودينها وخُلقها قانتةٌ تؤدي ما فرض الله عليها من حقوقٍ تجاه زوجها، مطيعة لله تعالى ولزوجها، تحرص على صيانة نفسها وتجملها لزوجها؛ تجمل المظهر والمخبر، وتحفظُ مالهُ وبيته، وتحفظ أسراره، فلا تذيع ما بداخل ما في البيت؛ حفاظًا على استمراره، وحِمايةً له من تدخُّل الغريب في شؤونه، وحفاظًا على البيت من حسد الحاسدين.

 

الزوجة التي تُسْعِدُ زوجَها، وتبثُّ الفرح والسرور في بيتها، بيَّن رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم وصفَها فقال: ((خَيْرُ النِّسَاءِ الَّتِي إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي مَالِكَ وَنَفْسِهَا)).

 

المرأة يا عباد الله أجمل ما يجملها بعد حيائها الوِد الذي تبثُّه في نفس زوجها، وهذا الوِد لا يظهر إلا بالابتسامة البريئة، والكلمة اللطيفة، والمظهر الحسن، وقد قال رسولنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((تَزَوَّجوا الوَدودَ الوَلودَ؛ إنِّي مُكاثِرٌ بكمُ الأنبياءَ يَومَ القيامةِ))، فالودود سببٌ، والولودُ نتيجةٌ، الرجلُ يكدُّ ويجتهد ويثابرُ ويواجه الصعاب لجني الرزق إلى البيت، فلا بد أن يُقَابل في بيته بالوِد، والصدر الحنون، والقلب الرؤوم، والابتسامة الجاذبة، والمظهر الأنيق.

 

أيها المؤمنون: طريقُ أبواب الجنةِ للمرأة الصالحة في أمورٍ أربعةٍ لا تتعدَّاها: فعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صَلَّت المرأة خَمسها، وصامت شهرها، وحفظت فَرْجَها، وأطاعت زوجها قِيلَ لها: ادخُلِي الجنة من أيِّ أبواب الجنة شِئْتِ))، أعظم الواجبات وأفضل القربات ما يؤدى داخل أسوار البيت، صلاةٌ وصيامٌ واهتمامٌ بالزوج، المرأة- أيها المؤمنون- تُكرَم وتُمدَح ويُتَغَزَّلُ بها ويُثنى على تعبها وجهدها داخل المنزل من تربيةٍ للأولاد وإعدادٍ للمنزل من طبخٍ وتنظيفٍ وتجميلٍ، وحين تقابل بالإحسان تردُّ الإحسان بإحسان، فقد يحصل نِزاعٌ أو شقاقٌ لأي سببٍ كان، فالشيطانُ حريصٌ أيما حرص على التفريق بين المرء وزوجه، الشيطان حريصٌ على هدمِ البيوت وعدم استقرارها وعدم استمرارها، الشيطان حريصٌ كلَّ الحِرص على إشعالِ فتيل الغضب والصراخ والعصبية واختلاف القلوب داخل البيوت؛ لذا أوصى رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن يكون للمرأة دورٌ كبيرٌ في تقليل المشكلات وتغيير الواقع المؤلم والـمُحزن إلى واقعٍ مؤنسٍ وبهيج، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبرُكُم بنسائِكُم مِن أَهْلِ الجنَّةِ؟ الوَدودُ الولودُ العَؤودُ علَى زوجِها الَّتي إذا آذَت أو أوذِيَت جاءت حتَّى تأخُذَ بيدِ زَوجِها، ثمَّ تقولُ: واللَّهِ لا أذوقُ غَمضًا حتَّى ترضَى))، هذه المرأة التي نوصي بها أن يختارها الزوج بكلِّ عناية، في البيوت يعيش الزوج والزوجة والأبناء والكل حريصٌ على أداء واجباته التي عليه، وحقوقه التي أوجبها الله تعالى عليه تجاه جميع أطراف هذا الكيان، فإن مرَّ على هذا البيت بلاءٌ أو شدةٌ أو ظرفٌ صعبٌ فالكلُّ صابرٌ؛ لأن البلاءَ غيرُ مقصودٍ ولا متعمَّدٍ من أحد أفراد الأسرة، ومن يحرصُ في سكنى بيته على تحصيل مصالحه الشخصية بحذافيرها ولا يفوتُ زلَّةً ولا موقفًا عابرًا ولا تصرفًا غيرَ مقصودٍ ولا سلوكًا غير معهود؛ فهذا يحوِّلُ بيته إلى مضمارٍ للشيطان لينزغ بين الأطراف، والمرأة داخل بيتها تجتهد وتجاهد في الاهتمام والاعتناء بالبيت ومن فيه، ويمرُّ عليها أوقات في كلِّ شهرٍ تعاني آثارًا نفسيةً وجسديةً من الدورة الشهرية، فقد يعترضها بعضُ الألم أو القلق أو الاكتئاب أو تغيُّر المزاج، والرجل قد يدخل البيت ومرَّ عليه من التعب والصعاب فيدخل منزله متوهجًا بالغضب والعصبية، وهنا لا بد لجميع الأطراف أن يضبط حاله، ويصبر على الطرف الآخر، بل يتغافل ويتغافر عن كلِّ عارض خارجٍ عن الإرادة أو خارجٍ عن التحكم الشخصي.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات، استغفروه عباد الله وتوبوا إليه فيا لسعادة وفرح المستغفرين!

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله جعل الزَّواجَ مودَّةً ورحمةً، نشكره سبحانهُ على آلائِهِ الجمَّةِ، ونشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حَكَمَ فَقَدَّرَ، وَشَرَعَ فَيَسَّرَ، ونشهدُ أنَّ نبيَّنَا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، دعا بالحكمةِ، وكان بأفعالِه خير قُدوةٍ لِخير صَحْبٍ ومَعْشَرٍ، صلَّى الله وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه، ومن تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ ما بَدا الصُّبحُ وَأَسْفَر.

 

أيها المؤمنون، الاختيار الموفق والـمُسدد من ولي الأمر لزوج ابنته هو أولُ أسباب النجاح، فقد أخرج الترمذي عن أبي حاتم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ))، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وإن كانَ فيهِ؟ قال: ((إذا جاءكُم من ترضونَ دينَه وخُلقهُ فأنْكحوهُ)) ثلاث مرات.

 

فإذا حرصت يا ولي المرأة ألَّا يتزوج ابنتك إلا من ارتضيت دينه وأيضًا خُلُقَه، فأبشر بحياةٍ رغيدةٍ هانئةٍ لابنتك وزوجها وأولادهما، وما صار الفراق والشقاق والنزاع والخلاف إلا بسبب فقد الدين والخلق من الطرفين أو أحدهما. والبيت الذي يفقدُ الاحترام بين أطرافه مهددٌ بالتشققِ والتصدع والهدم والزوال، ولقد قال الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، فقِوامة الرجل لا تخوله على إهانة المرأة، وفقر الرجل لا يخول للمرأة أن تهينه، ومهما أخطأ أحد الأطراف فالاعتذار والتسامح والعفو والصفح هو الـمُقَدَّم على الانتصار للنفس وردِّ الحق ومقابلة الإساءةِ بمثلها.

 

أيها المؤمنون، ظهر في عصرنا هذا من النساء من يطالبن وبكل صراحة بإعفائها من الاهتمام بنظافة البيت وترتيبه وبعدم الطبخ للوجبات، وأن يقتصر دورها على الاهتمام بزوجها فقط وبأولادها، وحجتهن أنه لا يوجد دليلٌ شرعيٌّ يوجب عليها ذلك.

 

وأقول: القاعدة الشرعية المعتبرة: المعروف عُرْفًا كالمشروط شرطًا، فإذا تعارف الناسُ أن من واجبات المرأة القيام بذلك فلا حجة لها في قولها، وأما إذا تعارف الناسُ على غير ذلك كأن تكون هذه المرأةُ من الطبقة الثرية الغنية الـمُرَفَّهة الـمُترفة في بيت والدها، فلا بد أن يُوَفَّر لها في بيت زوجها ما كان في بيت والدها، وهنا يكون دورُ الوالدِ في ألَّا يختار لابنته زوجًا إلا وهو يناسبها مكانةً ومقامًا ومنزلةً ومستوًى إلا أن ترتضي الزوجة بزوجٍ أقلَّ منها ثراءً فتكابدُ معه حياته، وتصبر على ذلك احتسابًا منها، ولا تشتكي ولا تتذمَّر.

 

أيها المؤمنون، أولى أولويات المرأة المتزوجة العاملة بوظيفةٍ تتكسَّبُ منها رِزقًا هو زوجها، ولا بُدَّ أن تحرص كلَّ الحرص على ألَّا تُخِلَّ بواجباتها تجاه زوجها وأولادها وبيتها، وألَّا يؤثر هذا كلُّهُ على سلوكها وخُلُقِها وتعاملها، فلا بدَّ أن تُعَوِّض فقدها في منزلها معنويًّا وحسيًّا، معنويًّا بضبط سلوكها ومشاعرها، فلا تُظْهِرُ غضبًا ولا تأفُّفًا ولا تذمُّرًا ولا حتى تعبًا إلا أن يكون خارجًا عن قدرتها واستطاعتها، وحسيًّا بأن تبذل كلَّ جهدها بأن تُعَوِّض ساعات عدم وجودها في المنزل حتى لو صرفت من مالها لذلك، ولها أن تفكر بكل ما تملكه من أفكار إبداعية في أن تقوم مقام المرأة المتفرغة لبيتها وزوجها وأولادها، وقد تكون المرأةُ خرجت للعمل من أجل زوجها فلا بد للزوج أن يقدِّر ذلك ويعتبرُ لها اعتبارًا وتقديرًا وامتنانًا.

 

قَدِمَ مُعاذُ بنُ جبلٍ الشَّامَ، فرَأى النَّصارى تَسجُدُ لبَطارِقتِها وأساقِفتِها، فرَوَّى في نَفْسِه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحقُّ أنْ يُعظَّمَ، فلمَّا قَدِمَ، قال: يا رسولَ اللهِ، رَأَيتُ النَّصارى تَسجُدُ لبَطارِقتِها وأساقِفتِها، فرَوَّأتُ في نَفْسي أنَّكَ أحقُّ أنْ تُعظَّمَ، فقال: ((لو كنتُ آمُرُ أحَدًا أنْ يَسجُدَ لأحَدٍ، لأمَرتُ المرأةَ أنْ تَسجُدَ لزَوجِها، ولا تُؤدِّي المرأةُ حَقَّ اللهِ عزَّ وجلَّ عليها كلَّه، حتى تُؤدِّيَ حَقَّ زَوجِها عليها كلَّه، حتى لو سَأَلَها نَفْسَها وهي على ظَهرِ قَتَبٍ لأعطَتْه إيَّاه)).

 

اللهم ألِّف بين قلوب الأزواج، وبارك لهما، وبارك عليهما، واجمع بينهما في خير، واملأ حياتهما رحمةً ومودةً، وارزقهما رزقًا واسعًا، وأخرج منهما ذريةً طيبةً مباركةً، اللهم كما جمعت بين الأبدان فاجمع بين القلوب، اللهم وأبعد عن كلِّ بيت شياطين الإنس والجن، وعين العائنين، وحسد الحاسدين، اللهم أبعد عن كل بيتٍ ما يسبب هدمه وشقاقه.

صلى عليك الله يا خير الورى
تعداد حبَّات الرمال وأكثرا
صلى عليك الله ما غيث همى
فوق السهول وبالجبال وبالقرى
يا خير مبعوث بخير رسالة
للناس يا خير الأنام وأطهر
صلى عليك الله في عليائه
ما صاح داعٍ للأذان وكبَّرا
صلوا على المختار أحمد إنه
أزكى الأنام وخير من وطئ الثرى




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب السعادة الزوجية
  • السعادة الزوجية ( خطبة )
  • معنى السعادة الزوجية
  • الطرق الموصلة إلى السعادة الزوجية
  • مفاتيح السعادة الزوجية العشرة من داخل بيت النبوة (خطبة)
  • السعادة الزوجية وعدم التسرع في الطلاق (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: كيف نستحق النصر؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سنة التدافع وفقهها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجالس؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الله البصير (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الموت زاد الحياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 18:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب