• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فرحك وسعادتك بيدك (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    ومضات نبوية: "لا أنساها لها"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الإمتاع في تحقيق قولهم: طلع البدر علينا من ثنيات ...
    الشيخ نشأت كمال
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

نعمة البيوت والمساكن (خطبة)

نعمة البيوت والمساكن (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/10/2025 ميلادي - 17/4/1447 هجري

الزيارات: 18154

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نعمة البيوت والمساكن

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ قَسَّمَ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَسَخَّرَ بَعْضَهُمْ لِخِدْمَةِ بَعْضٍ؛ لِيَصْلُحَ عَيْشُهُمْ، وَتَعْمُرَ أَرْضُهُمْ، وَيَبْقَى جِنْسُهُمْ؛ رَحْمَةً مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَرَضِيَ مِنْهَا بِالْقَلِيلِ، وَخَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالتَّسْرِيحِ الْجَمِيلِ، فَاخْتَرْنَهُ عَلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوهُ فِي عِبَادَتِكُمْ وَعَمَلِكُمْ، وَفِي كَسْبِكُمْ وَعَيْشِكُمْ، وَفِي سَفَرِكُمْ وَإِقَامَتِكُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَقِيبٌ عَلَيْكُمْ، عَلِيمٌ بِأَفْعَالِكُمْ، مُحِيطٌ بِكُمْ؛ ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 235].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ تُؤْلَفُ النِّعَمُ وَتُعْتَادُ؛ يَضْعُفُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ اسْتِحْضَارُهَا، وَيَقِلُّ فِيهِمْ شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَلَا يَظُنُّونَ زَوَالَهَا، فَإِذَا فَقَدُوهَا عَرَفُوا قِيمَتَهَا، وَعَلِمُوا تَقْصِيرَهُمْ فِي شُكْرِهَا، فَيَنْدَمُونَ وَيَتَلَاوَمُونَ وَلَاتَ حِينَ مَنْدَمٍ.

 

وَمِنَ النِّعَمِ الدَّائِمَةِ الْمَأْلُوفَةِ الْمُعْتَادَةِ: نِعْمَةُ الْبُيُوتِ وَالْمَسَاكِنِ، سَوَاءً كَانَتْ بُيُوتَ الْحَاضِرَةِ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى، أَمْ بُيُوتَ الْبَادِيَةِ مِنَ الْخِيَامِ وَبُيُوتِ الشَّعْرِ الْمَنْصُوبَةِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبَرَارِي؛ وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الْبُيُوتِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴾ [النَّحْلِ: 80].

 

وَحِينَ اتَّخَذَتْ ثَمُودُ بُيُوتًا فِي الْجِبَالِ تَنْحِتُهَا ذَكَّرَهُمْ رَسُولُهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنِعْمَةِ هَذِهِ الْبُيُوتِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنُقِلَ ذَلِكَ إِلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الَّذِي نَتَعَبَّدُ اللَّهَ تَعَالَى بِتِلَاوَتِهِ؛ لِئَلَّا نَغْفُلَ عَنْ نِعْمَةِ الْبُيُوتِ، قَالَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُخَاطِبُ قَوْمَهُ: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 74]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى قَالَ لَهُمْ: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 149]؛ أَيْ: حَاذِقِينَ فِي بِنَائِهَا، مَاهِرِينَ فِي تَشْيِيدِهَا، مُتَكَبِّرِينَ بِمَا أُعْطِيتُمْ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَمَهَارَةٍ؛ وَلِذَا لَمْ يَشْكُرُوا نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ قُصُورِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ؛ فَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ؛ ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴾ [الْحِجْرِ: 80-83]، وَأَيْنَ قُصُورُ ثَمُودَ وَبُيُوتُهُمْ مِنْ بُيُوتِ النَّاسِ الْيَوْمَ، وَمِنْ قُصُورِهِمُ الْمُشَيَّدَةِ، وَأَيْنَ مِنْهَا نَاطِحَاتُ السَّحَابِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ مِنْ جِبَالِ ثَمُودَ؛ فَسُبْحَانَ مَنْ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

 

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْضِرُ نِعْمَةَ الْبُيُوتِ عَلَى الدَّوَامِ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، ‌وَكَفَانَا، وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ، وَلَا مُؤْوِيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

كَمْ مِنْ أُنَاسٍ لَيْسَ لَهُمْ مَأْوًى يَأْوُونَ إِلَيْهِ، وَلَا سَكَنٌ يَسْكُنُونَ فِيهِ؛ فَلَا يَتَّقُونَ الشَّمْسَ وَلَا الْبَرْدَ، وَلَا يُسْتَرُونَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَفِي الْبِلَادِ الَّتِي ابْتُلِيَتْ بِالْحُرُوبِ هُدِّمَتْ بُيُوتُهُمْ وَعِمَارَاتُهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، فَمَاتُوا تَحْتَ أَنْقَاضِهَا، وَمَنْ كُتِبَ لَهُمْ بَقِيَّةٌ مِنْ عُمُرٍ هَامُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ مُشَرَّدِينَ؛ فَلَا مَكَانَ يَأْوُونَ إِلَيْهِ، وَلَا بُيُوتَ تُكِنُّهُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقَرِّ، فَلَا يَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَغْفُلَ عَنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا عَلَى الدَّوَامِ، وَأَنْ يَلْهَجَ لِلَّهِ تَعَالَى بِشُكْرِهَا.

 

وَالْبُيُوتُ الْوَاسِعَةُ سَعَادَةٌ لِأَهْلِهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «‌ثَلَاثٌ ‌مِنَ ‌السَّعَادَةِ... الْمَرْأَةُ تَرَاهَا تُعْجِبُكَ، وَتَغِيبُ فَتَأْمَنُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِكَ، وَالدَّابَّةُ تَكُونُ وَطِيَّةً فَتُلْحِقُكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُونُ وَاسِعَةً كَثِيرَةَ الْمَرَافِقِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

 

وَمَا بُيُوتُنَا فِي بُيُوتِ مَنْ سَبَقُونَا؟ مَا بُيُوتُنَا فِي بُيُوتِ أَجْدَادِنَا؟ وَمَا فِيهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَتَاعِ وَالرَّاحَةِ وَاللَّذَّةِ! كَانَتْ بُيُوتُهُمْ مِنَ الطِّينِ، وَسُقُوفُهَا مِنَ الْخَشَبِ، فَإِذَا تَتَابَعَ الْمَطَرُ خَافُوا سُقُوطَ مَنَازِلِهِمْ؛ فَالْمَاءُ يُذِيبُ الطِّينَ، وَثَمَّةَ سَنَةٌ فِي نَجْدٍ تُسَمَّى (سَنَةَ الْهَدْمِ)؛ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِ مِئَةٍ وَأَلْفٍ، أَيْ: قَبْلَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً، تَتَابَعَ الْمَطَرُ عَلَى مُدُنِ نَجْدٍ وَقُرَاهَا طِيلَةَ شَهْرَيْنِ، فَسَقَطَتْ آلَافُ الْبُيُوتِ عَلَى رُؤُوسِ سَاكِنِيهَا، وَمَنْ نَجَا مِنَ الْهَدْمِ شُرِّدُوا، وَدُوِّنَتْ هَذِهِ السَّنَةُ فِي التَّوَارِيخِ، وَقُرِضَتْ فِيهَا الْقَصَائِدُ مِنْ شُعَرَاءَ فَقَدُوا فِيهَا أَحِبَّتَهُمْ. وَأَمَّا بُيُوتُ الْيَوْمِ فِي الْمُدُنِ الْعَامِرَةِ وَكَذَلِكَ فِي الْقُرَى فَأَغْلَبُهَا مِنَ الْخَرَسَانَةِ الْقَوِيَّةِ، وَلَا قُوَّةَ أَمَامَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّهَا أَمْتَنُ مِمَّا سَبَقَ وَأَحْفَظُ لِلنَّاسِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَيُّ نِعْمَةٍ نَرْفُلُ فِيهَا؟!

 

وَكَانَتْ إِضَاءَتُهُمْ فِي بُيُوتِهِمُ السُّرُجَ، تَسْرِقُ أَبْصَارَهُمْ وَلَا تُضِيءُ لَهُمْ كَمَا يَنْبَغِي، خَاصَّةً مَنْ يَقْرَؤُونَ وَيَكْتُبُونَ عَلَيْهَا، فَكَمْ عَانَى الْعُلَمَاءُ مِنْهَا. وَكَانَ أَكْثَرُهُمْ لَا يَكْتُبُ إِلَّا فِي النَّهَارِ. وَأَمَّا الْآنَ فَأَنْوَاعُ الْإِضَاءَةِ وَأَشْكَالُهَا تُبْهِرُ النَّاظِرِينَ، وَلَا رَائِحَةَ مِنْهَا تُؤْذِي، وَيُضِيئُهَا الْوَاحِدُ وَيُطْفِئُهَا وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مِنْ سَعَةِ الرَّاحَةِ.

 

وَيَقْضُونَ حَاجَتَهُمْ فِي الْكُنُفِ، وَهِيَ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الْبُيُوتِ؛ لِئَلَّا تُؤْذِيَهُمْ بِرَائِحَتِهَا، وَيَصُبُّونَ الْمَاءَ بِالْأَبَارِيقِ، وَيَغْتَسِلُونَ بِهَا، وَيُسَخِّنُونَ الْمَاءَ فِي الشِّتَاءِ، وَالْآنَ دَوْرَاتُ الْمِيَاهِ دَاخِلَ الْغُرَفِ، وَمُهَيَّأَةٌ بِكُلِّ مَا يَحْتَاجُهُ الْوَاحِدُ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَفِي وُضُوئِهِ وَاسْتِحْمَامِهِ، وَهَذِهِ أُمُورٌ دَائِمَةٌ مَعَ الْإِنْسَانِ؛ فَرَاحَتُهُ فِيهَا رَاحَةٌ دَائِمَةٌ، كَمَا أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهَا مَشَقَّةٌ دَائِمَةٌ، فَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَعْطَانَا. وَفِي بُيُوتِنَا تَكْيِيفٌ يَقْضِي عَلَى وَطْأَةِ الْحَرِّ، وَيُحَوِّلُ الْبُيُوتَ لِمَنْ أَرَادَ إِلَى ثَلَّاجَاتٍ، وَمَا كَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ يَمْلِكُونَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا مُلُوكًا وَخُلَفَاءَ وَسَلَاطِينَ. وَفِي الشِّتَاءِ أَنْوَاعُ الْمَدَافِئِ تُعْرَضُ فِي الْأَسْوَاقِ، فَلَا يَجِدُ الْوَاحِدُ فِي بَيْتِهِ حَرًّا وَلَا بَرْدًا، وَيَا لَهَا مِنْ نِعْمَةٍ، يَنَامُ فِيهَا نَوْمًا هَانِئًا. نَاهِيكُمْ عَنْ سَعَةِ الْبُيُوتِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْمَرَافِقِ، وَمَا هِيَ مَمْلُوءَةٌ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَثَاثِ وَالْأَوَانِي وَالْأَغْطِيَةِ وَالنَّمَارِقِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا، فَهِيَ بُيُوتٌ مُكْتَمِلَةٌ لِرَاحَةِ سَاكِنِيهَا. فَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى نَعْمَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةِ الْاسْتِقْرَارِ فِي الْبُيُوتِ وَالْمَسَاكِنِ حَتْمٌ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ؛ لِاسْتِدَامَةِ النِّعَمِ، وَإِقْرَارًا بِفَضْلِ الْمُنْعِمِ، وَمِنَ الشُّكْرِ عِمَارَةُ الْبُيُوتِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَطْهِيرُهَا مِنَ الْمَعَاصِي كَالْمَعَازِفِ وَنَحْوِهَا، وَلَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ ‌أَصْغَرَ ‌الْبُيُوتِ بَيْتٌ لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْءٌ، كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ الَّذِي لَا عَامِرَ لَهُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ أَنْ يَسْمَعَ فِيهِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ فِيهِ».

 

وَالْبُيُوتُ سَتْرٌ لِأَصْحَابِهَا، وَلُزُومُهَا مِنَ النِّعَمِ؛ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «نِعْمَ ‌صَوْمَعَةُ ‌الرَّجُلِ بَيْتُهُ، يَكُفُّ فِيهَا بَصَرَهُ وَلِسَانَهُ...»، وَقَالَ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «كَانَ الْمُؤْمِنُ لَا يُرَى إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: فِي مَسْجِدٍ يَعْمُرُهُ، أَوْ ‌بَيْتٍ ‌يَسْتُرُهُ، أَوْ حَاجَةٍ لَا بَأْسَ بِهَا».

 

وَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَسَاكِنَ يُؤَجِّرُهَا فَلْيَرْفُقْ بِمُسْتَأْجِرِيهَا، وَلَا يُضَارَّهُمْ فِيهَا بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ؛ فَيَزِيدَ عَلَيْهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ ضَارَّ ‌أَضَرَّ ‌اللَّهُ ‌بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَيَنْبَغِي لِمُلَّاكِ الْعَقَارِ الْمُؤَجَّرِ أَنْ يُعَامِلُوا النَّاسَ بِالْحُسْنَى؛ فَيَرْفُقُوا بِالضَّعِيفِ، وَيَجْبُرُوا الْكَسِيرَ، وَيَصْبِرُوا عَلَى الْمُتَعَثِّرِ، وَيَضَعُوا عَنِ الْمُعْسِرِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَفْرِيجِ الْكُرَبِ، وَحَرِيٌّ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَنْ يُوَفِّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُبَارِكَ فِي رِزْقِهِ، وَيُفَرِّجَ كَرْبَهُ؛ «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً ‌فَرَّجَ ‌اللَّهُ ‌عَنْهُ ‌بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ لِأَهْلِ الْعَفْوِ وَالسَّمَاحَةِ؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا ‌سَمْحًا ‌إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعَلَاقَاتُ بَيْنَ النَّاسِ قَائِمَةً عَلَى الْأُخُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالرَّحْمَةِ، عَمَلًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استقرار البيوت
  • مشاعر البيوت
  • فضل نافلة البيوت
  • ظاهرة تغيب الأزواج عن البيوت
  • الإباحية وخراب البيوت (1/3)
  • مشاكل البيوت: أخطار ومعالجات
  • البنات وفن إدارة البيوت (1)
  • أعذار المعترضين على القرآن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من مائدة الحديث: لزوم شكر الله تعالى على نعمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة عظيمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يشرع قول: "ما شاء الله" عند رؤية نعمة غيرك أم ذلك خلاف السنة؟(كتاب - آفاق الشريعة)
  • نعمة الستر (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من القربات في رمضان: حمد الله على نعمه(مقالة - ملفات خاصة)
  • مجموع الرسائل لابن القيم ( فتيا في صيغة الحمد ) الحمدلله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • البلاء نعمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم وشكر الله على نعمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/7/1447هـ - الساعة: 16:11
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب