• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

من أسباب صلاح القلوب: (3) الموعظة الحسنة

من أسباب صلاح القلوب (3) الموعظة الحسنة
حسان أحمد العماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/4/2025 ميلادي - 5/10/1446 هجري

الزيارات: 7902

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أسباب صلاح القلوب:

(3) الموعظـــــــة الحسنة

 

الحمد لله الداعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابه، الحافظ من توكل عليه ولاذ بجنابه، أحمده على الهدى وتيسير أسبابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أرجو بها النجاة من عقابه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أكملَ الناس عملًا في ذهابه وإيابه، ألَا يا مُحبَّ المصطفى زِدْ صبابةً = وضمخ لسان الذكر منك بطِيبه... ولا تعبأنَّ بالمبطلين فإنما = علامة حبِّ الله حبُّ حبيبه... صلى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكر أفضل أصحابه، وعلى عمر الذي أعز الله به الدين واستقامت الدنيا به، وعلى عثمان شهيد داره ومحرابه، وعلى عليٍّ المشهور بحل المشكل من العلوم وكشف نقابه، وعلى آله وأصحابه ومن كان أولى به، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعــــــــــد أيها المؤمنون:

فإن الإسلام دين يخاطب العقل والوجدان، ولا يُهمل شيئًا من الجوانب الإنسانية على حساب جوانب أخرى، ولكلٍّ من العقل والوجدان أساليب تناسبه وتنفذ إليه؛ فالدليل والبرهان والمقارنة أساليب تخاطب العقل؛ بقصد تأهيله إلى إدراك المعارف الموصِّلة إلى الله؛ فيقول الله سبحانه وتعالى في خطاب للعقل: ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 78، 79]، وجعل التأمل والنظر وإثارة الشعور أساليب لمخاطبة الوجدان؛ لكي تسمو الروح، وتكتسب القدرة على التذوق الرفيع الذي يوصلها إلى حب الله والاستقامة على شرعه؛ يقول الله سبحانه وتعالى في خطاب الوجدان: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [النمل: 62، 63]، فكان من أساليب إثارة الشعور والوجدان لإصلاح القلوب، المواعظُ والتذكير، والموعظة هي النصح والتذكير بالعواقب، وهي تذكيرك للإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب.

 

عباد الله: إن المواعظ سِياط القلوب، تؤثر في الإنسان كتأثير السياط في الأبدان؛ وفي ذلك يقول ابن رجب رحمه الله: "إن المواعظ سياط تُضرب بها القلوب، فتؤثر فيها كتأثير السياط في البدن، والضرب لا يؤثر بعد انقضائه كتأثيره في حال وجوده"، كان كثير من السلف إذا خرجوا من مجلس سماع الذكر، خرجوا وعليهم السَّكينة والوقار حتى كأنهم ينسَون دنياهم التي اعتادوا عليها، وكأنهم صاروا في فلك آخر، لا تطأ أرجُلهم الأرض التي تُقلهم، ولا تؤويهم المنازل التي تظلهم، ومما يدل على عِظم شأن الموعظة الحسنة أن الله تبارك وتعالى سمى القرآن الكريم موعظة؛ فقال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [النور: 34]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، وقال سبحانه: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138]، وقال جل جلاله: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ [البقرة: 231]، وجعل الله القرآن موعظةً للمؤمنين بالله واليوم الآخر؛ فقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة: 232]، والكافرون هم الذين لا تؤثر فيهم الموعظة؛ فقال سبحانه يحكي مقالة عاد قوم هود لنبيهم: ﴿ قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ ﴾ [الشعراء: 136]، ومما يدل على عِظم شأن الموعظة، أن الاستجابة للموعظة خير كبير، وقبولها منجاة من عذاب الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [النساء: 66]، وقال في آيات تحريم الربا: ﴿ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 275]، وقوله: ﴿ فَلَهُ مَا سَلَفَ ﴾؛ أي: لا يُسترد منه ما أخذه من الربا قبل نزول التحريم، وجاء في كتاب الله أن الذكرى تنفع المؤمنين الذين يخشَون ربهم؛ فقال تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، وقال: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، وقال سبحانه: ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ﴾ [الأعلى: 10]، والتذكير يكاد يكون مرادفًا للموعظة.

 

معاشر المسلمين: ﺇﻥ ﻣﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳُﺤﻴﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻓﺄﻋﻄِﻨﻲ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻭﺍﻷﺭﻛﺎﻥ؛ ﺣﺘﻰ ﻧﻤﺮ بموعظة ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ؛ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 5، 6]، ﺗُﺮﻯ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻫﺬﻩ ﺳﻬﺎﻣﻬﺎ ﺗُﺼﻴﺐ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺴﻬﻢ، ﻓﺘُﺮﺩﻳﻪ ﻫﺎﻟﻜًﺎ، ﻭﺗﺴﻠﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﺍﻟﻤﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ، ﺳﺎﻟﻜًﺎ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﻟﻜﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺧﺮﻗﺖ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻛﻔﺎﻥ، ﻭﻣﺰﻗﺖ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ، ﻭﻣﺼﺖ ﺍﻟﺪﻡ، ﻭﺃﻛﻠﺖ ﺍﻟﻠﺤﻢ؟ ﺗُﺮﻯ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﺪﺍﻥ؟ ﺃﻟﻴﺴﺖ ﻗﺪ ﻣﺤﺖ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ، ﻭﻋﻔَّﺮﺕ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﺤِﺴﺎﻥ، ﻭﻛﺴﺮﺕ ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ، ﻭﺃﺑﺎﻧﺖ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ، ﻭﻣﺰﻗﺖ ﺍﻷﺷﻼﺀ؟! ﺃﻟﻴﺲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻮﺍﺀ؟! ﺃﻟﻴﺴﻮﺍ ﻓﻲ ﻣُﺪﻟﻬﻤﺔ ﻇﻠﻤﺎﺀ؟! ﻗﺪ ﻓﺎﺭﻗﻮﺍ ﺍﻟﺤﺪﺍﺋﻖ، ﻓﺼﺎﺭﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﺎﻳﻖ، ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻱ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻨﺎﺩﻱ: ﻳﺎ ﺳﺎﻛﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻏﺪًا، ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟! ﺃﻳﻦ ﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﻔﻴﺤﺎﺀ؟ ﺃﻳﻦ ﺭﻗﺎﻕ ﺛﻴﺎﺑﻚ؟ ﻟﻴﺖ ﺷﻌﺮﻱ! ﻛﻴﻒ ﺳﺘﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﻮﻧﺔ ﺍﻟﺜﺮﻯ؟ ﻭﺑﺄﻱ ﺧﺪﻳﻚ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﺒِﻠﻰ؟ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﺎﺫﻛﺮﻩ ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ؛ ﻓﻤﺎ ﻷﺣﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﺮﺍﺀة، ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻠﻔﻴﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺒﺮ ﺭﻭﺿﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ، ﺃﻭ ﺣﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ، ﺇﻥ ﻳﻚُ خيرًا، ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺃﻓﻀﻞ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻨﺎ ﻟﻌﺒﺪﻩ، ﺃﻭ ﻳﻚ شرًّا، ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺑﻌﺪ ﺃﺷﺪ، ويلٌ ﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺪَّ، ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ؛ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، ﻧﻌﻢ، ﻣﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻲ ﻋﻼﺝ ﻗﺴﻮﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ، وصلاح لفسادها، ﻓﺈﺫﺍ ﻏﻔﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻓﻼ ﻳﺤﻴﺎ ﺇﻻ ﺑﻤﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻟﻴﺲ ﺃﺣﺴﻦ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺪﺍﻭﻣﺔ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺍﻃﺄ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﻻ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﺮ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺗﺴﻤﻊ، ﻭﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻔﻊ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ؛ ﻗﺎﻝﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 - 68]، ففي اﻻﺗﺒﺎﻉ ﻫﺪًﻯ ﻭﺛﺒﺎﺕ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﻷﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ.

 

أيها المؤمنون: لقد كان صلى الله عليه وسلم يحيي النفوس، ويصلح فساد القلوب بالمواعظ، وجعل الموعظة وسيلة من وسائل تزكيتها؛ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: ((وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجِلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهَد إلينا يا رسول الله؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدٌ حبشيٌّ؛ فإنه من يعِش منكم يرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومُحدثاتِ الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم، فعليه بسُنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ))؛ [رواه الترمذي (2676)، وابن ماجه (42)]، نعم، ذرفت العيون ووجلت القلوب، وهذا ما نحتاجه لنُصلح فساد قلوبنا، وحتى نتأسى بالصالحين من قبلنا، إن المواعظ التي ترقِّق القلوب وتجلي همَّ الصدور، لها منازل عليا في تاريخنا البعيد والقريب، قد ضمتها نفائس الأسفار التي خاطبت الأمة، وبلغت أنوارها الدَّهماء والعامة، وقد حُفظت هذه النفائس لتكون للناس الزاد ليوم المعاد.

 

خرج هارون الرشيد يومًا في رحلة صيد فمرَّ برجل يُقال له: بهلول، قد اعتزل الناس وعاش وحيدًا، فقال هارون: عِظني يا بهلول، قال: يا أمير المؤمنين، أين آباؤك وأجدادك، من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيك؟ قال هارون: ماتوا، قال: فأين قصورهم؟ قال: تلك قصورهم، قال: وأين قبورهم؟ قال: هذه قبورهم، فقال بهلول: تلك قصورهم، وهذه قبورهم، فما نفعتهم قصورهم في قبورهم، قال: صدقت، زِدني يا بهلول، قال: أما قصورك في الدنيا فواسعة، فليت قبرك بعد الموت يتسع، فبكى هارون، وقال: زدني، فقال: يا أمير المؤمنين، قد ولَّاك الله فلا يرى منك تقصيرًا ولا تفريطًا، فزاد بكاؤه، وقال: زدني يا بهلول، فقال: يا أمير المؤمنين، هَبْ أنك ملكت كنوز كسرى، وعمرت السنين، فكان ماذا؟ أليس القـبر غـاية كـل حي، وتُسأل بعده عن كل هذا؟ قال: بلى، ثم رجع هارون ولم يكمل رحلة الصيد تلك، وانطرح على فراشه مريضًا، ولم تمضِ عليه أيام حتى نزل به الموت.

 

عباد الله: والناس بعد سماع المواعظ ينقسمون إلى عدة أقسام؛ قال ابن رجب: فمنهم من يرجع إلى هواه، فلا يتعلق بشيء مما سمعه في مجلس الذكر، ولا يزداد هُدًى، ولا يرتدع عن رديء، وهؤلاء شر الأقسام، ويكون ما سمِعوه حُجة عليهم، فتزداد به عقوبتهم، وهؤلاء الظالمون لأنفسهم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [النحل: 108]، ومنهم من ينتفع بما سمعه؛ وهم على أقسام؛ فمنهم من يرده ما سمعه عن المحرمات، ويُوجِب له التزام الواجبات؛ وهؤلاء المقتصدون أصحاب اليمين، ومنهم من يرتقي عن ذلك إلى التشمير في نوافل الطاعات، والتورع عن دقائق المكروهات، ويشتاق إلى اتباع آثار من سلف من السادات؛ وهؤلاء السابقون المقربون.

 

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، والصلاة والسلام على رسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه وإخوانه؛ أما بعد أيها الناس:

فالموعظة مطلوبة من كل مسلم، حسب علمه وقدرته، وبآدابها وشروطها، فنحتاج للموعظة في البيوت مع الأهل والأولاد، ونحتاجها مع الزملاء والأصدقاء، ونحتاجها في المجالس والمنتديات، ونحتاجها في مساجدنا ومدارسنا، ونحتاجها في التناصح والتذكير متى ما دعت إليها الحاجة، وعلى الإنسان كلما شعر بقسوة قلبه أن يبحث له عن واعظ يذهب إليه ليُذكِّره ويعِظه، كما يذهب إلى الطبيب الماهر ليعالجه من أمراض الجسد، فالمواعـظ تـريـاق الذنـوب، فلا ينبغي أن يسـقي التـريـاق إلا طبيـب حـاذق معـافًى، فأمـا لـديـغ الهـوى فهو إلى شـرب التـريـاق أحوج من أن يـسـقيـه لغيـره:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى
طبيب يداوى الناس وهو سقيم
يا أيها الرجل المقوم غيره
هلا لنفسك كان ذا التقويم
فابدأ بنفسك فانهَها عن غيها
فإن انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبل ما تقول ويُقتدى
بالقول منك وينفع التعليم
لا تنهَ عن خلق وتأتيَ مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم

 

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، هذا وصلوا وسلموا على أُمرتم بالصلاة والسلام عليه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب صلاح القلوب (1) المداومة على العمل الصالح (خطبة)
  • من أسباب صلاح القلوب (2) المسارعة في الخيرات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من أسباب صلاح القلوب (4) طلب العلم الشرعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب صلاح القلوب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب الحرص على سلامة القلب وصلاحه، والحذر من أسباب قسوته وفساده(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • أسباب صلاح الأبناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: الدين الإسلامي هو الصلاح المطلق، ولا سبيل إلى صلاح البشر الصلاح الحقيقي إلا بالدين الإسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب صلاح البال (خطبة)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أسباب الهداية والصلاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب