• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ويل للمطففين (خطبة)

ويل للمطففين (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/9/2024 ميلادي - 20/3/1446 هجري

الزيارات: 8573

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ مِنَ التَّطْفِيفِ فِي الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ، وَتَوَعَّدَ الْمُطَفِّفِينَ بِيَوْمِ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 1-6].

 

وَالْمُطَفِّفُونَ: هُمُ الَّذِينَ يَنْقُصُونَ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ.

 

وَالتَّطْفِيفُ: النُّقْصَانُ، أَصْلُهُ فِي الشَّيْءِ الطَّفِيفِ، وَهُوَ النَّزْرُ الْقَلِيلُ.

 

وَالْمُطَفِّفُ: الَّذِي يَأْخُذُ بِالْمِيزَانِ شَيْئًا طَفِيفًا.

 

وَأَصْلُ "طَفَّفَ": يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الشَّيْءِ.

 

وَالْمَعْنَى: تَوَعَّدَ اللَّهُ الْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ يُنْقِصُونَ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا اشْتَرَوْا مِنَ النَّاسِ-مَا يُبَاعُ بِالْكَيْلِ- أَخَذُوا حَقَّهُمْ كَامِلًا بِلَا نَقْصٍ، وَإِذَا كَالُوا أَوْ وَزَنُوا لِلنَّاسِ – حِينَ يَبِيعُونَ لَهُمْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ- يُنْقِصُونَهُمْ حَقَّهُمْ! أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ الْمُطَفِّفُونَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ أَحْيَاءً – بَعْدَ مَوْتِهِمْ- لِيَوْمٍ عَظِيمٍ؛ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيُحَاسِبُهُمْ وَيُجَازِيهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ؟!

 

وَسَبَبُ نُزُولِ الْآيَاتِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ فَوَائِدِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَحِكَمِهَا وَأَحْكَامِهَا:

1- لِلْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ شَأْنٌ عَظِيمٌ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ النَّاسِ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْمُعَامَلَاتِ، الَّتِي تُبْنَى عَلَى الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ؛ فَلِهَذَا السَّبَبِ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُ، فَقَالَ: ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 7-9]؛ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [الْحَدِيدِ:25].

 

2- التَّقْدِيمُ فِي افْتِتَاحِيَّةِ هَذِهِ السُّورَةِ بِالْوَيْلِ لِلْمُطَفِّفِينَ، يُشْعِرُ بِشِدَّةِ خَطَرِ هَذَا الْعَمَلِ - وَهُوَ فِعْلٌ خَطِيرٌ؛ لِأَنَّهُ ‌مِقْيَاسُ ‌اقْتِصَادِ ‌الْعَالَمِ، وَمِيزَانُ التَّعَامُلِ، فَإِذَا اخْتَلَّ أَحْدَثَ خَلَلًا فِي اقْتِصَادِهِ، وَاخْتِلَالًا فِي التَّعَامُلِ، وَهُوَ فَسَادٌ كَبِيرٌ، وَأَكْبَرُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، وُجُودُ الرِّبَا إِذَا بِيعَ جِنْسٌ بِجِنْسِهِ، وَحَصَلَ تَفَاوُتٌ فِي الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 279].

 

3- الْمُطَفِّفُونَ يَتَّبِعُونَ الْهَوَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّعَامُلَاتِ؛ فَإِذَا كَانَ الْكَيْلُ لَهُمْ اسْتَوْفَوْا حَقَّهُمْ؛ فَكَانَ وَافِيًا زَائِدًا، وَإِذَا كَانَ لِغَيْرِهِمْ أَنْقَصُوهُ! وَظَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُطَفِّفُونَ أَنَّهُمْ رَابِحُونَ سُعَدَاءُ، وَأَنَّ الْمَالَ يَجْلِبُ لَهُمُ الْقُوَّةَ وَالْمُتْعَةَ؛ وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَشَّرَهُمْ بِالْوَيْلِ، وَالْخُسْرَانِ، وَالْهَلَاكِ.

 

4- لَا يَنْفَعُ فِيمَا وَقَعَ مِنَ التَّطْفِيفِ، وَلَا يُخَلِّصُ صَاحِبَهُ إِلَّا التَّوْبَةُ، وَرَدُّ الْمَظَالِمِ إِلَى أَهْلِهَا، وَاسْتِرْضَاءُ الْمَظْلُومِ، قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (احْتُضِرَ جَارٌ لِي، فَجَعَلَ يَقُولُ: ‌جَبَلَانِ ‌مِنْ ‌نَارٍ، فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ لِي: يَا أَخِي، كَانَ لِي مِكْيَالَانِ، آخُذُ بِالْوَافِي، وَأُعْطِي بِالنَّاقِصِ). فَيَا وَيْلَ مَنْ يَسْتَوْفِي الْعُقُودَ تَامَّةً، وَلَا يُوَفِّيهَا تَامَّةً!

 

5- تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّسَاهُلِ فِي التَّطْفِيفِ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ ظُلْمًا، وَاخْتِلَاسًا، وَلُؤْمًا، وَالْعَرَبُ كَانُوا يَتَعَيَّرُونَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْخِلَالِ مُتَفَرِّقَةً، وَيَتَبَرَّؤُونَ مِنْهَا، ثُمَّ يَأْتُونَهَا مُجْتَمِعَةً! وَنَاهِيكَ بِذَلِكَ أَفَنًا. وَالْأَفَنُ: هُوَ ضَعْفُ الرَّأْيِ وَالْعَقْلِ.

 

6- يُقَاسُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ -فِي الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ- كُلُّ مَا أَشْبَهَهُ؛ فَمَنْ طَلَبَ حَقَّهُ كَامِلًا، وَمَنَعَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ مُطَفِّفٌ تَوَعَّدَهُ اللَّهُ بِالْوَيْلِ.

 

فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُطَفِّفِينَ: الزَّوْجُ الَّذِي يَأْخُذُ حَقَّهُ كَامِلًا مِنْ زَوْجَتِهِ، وَيَتَهَاوَنُ فِي أَدَاءِ حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ، وَالْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَحْوِهَا! وَالْمُوَظَّفُ الَّذِي يَأْخُذُ رَاتِبَهُ كَامِلًا، لَكِنَّهُ يَتَأَخَّرُ فِي الْحُضُورِ، أَوْ يَتَقَدَّمُ فِي الِانْصِرَافِ، أَوْ يُقَصِّرُ فِي أَدَاءِ وَاجِبَاتِ الْوَظِيفَةِ! وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ عَشَرَاتِ الْأَمْثِلَةِ فِي تَعَامُلَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ.

 

7- مَنْ لَمْ يَرْضَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ بِمُنْصِفٍ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَمِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ جَلِيًّا فِي الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ، وَإِظْهَارِ الْعُيُوبِ، وَفِي الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ، فَالَّذِي يَقْتَضِي حَقَّ نَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَقْضِيَ حُقُوقَ غَيْرِهِ فَهُوَ مِنَ الْمُطَفِّفِينَ، وَمِثْلُهُ الَّذِي يَرَى عُيُوبَ النَّاسِ، وَلَا يَرَى عَيْبَ نَفْسِهِ؛ كَمَا قِيلَ:

 

وَتَعْذِرُ نَفْسَكَ إِذَا مَا أَسَاءْتَ
وَغَيْرُكَ بِالْعُذْرِ لَا تَعْذِرُ
وَتُبْصِرُ فِي الْعَيْنِ ‌مِنْهُ ‌الْقَذَى
وَفِي عَيْنِكَ الْجِذْعُ لَا تُبْصِرُ

 

8- الْخُلُقُ السَّيِّئُ هُوَ أَصْلُ الْآفَاتِ؛ وَسَبَبُهُ: حُبُّ الدُّنْيَا، الَّذِي يُوقِعُ صَاحِبَهُ فِي جَمْعِ الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا الصَّحِيحِ، وَلَوْ بِالتَّطْفِيفِ الَّذِي لَا يَرْضَاهُ ذُو مُرُوءَةٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالْقَطِيفَةِ، وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

9- الْإِنْسَانُ - كَمَا يَأْخُذُ مِنَ النَّاسِ الَّذِي لَهُ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَ لِلنَّاسِ حُقُوقَهُمْ؛ فِي الْأَمْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ؛ بَلْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ هَذَا ‌الْمُحَاوَرَاتُ، وَالْمُكَاتَبَاتُ، وَالْمُنَاظَرَاتُ؛ فَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَحَاوِرَيْنِ يَحْرِصُ عَلَى مَا لَهُ مِنَ الْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لِخَصْمِهِ مِنَ الْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي أَدِلَّةِ خَصْمِهِ كَمَا يَنْظُرُ فِي أَدِلَّتِهِ هُوَ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُعْرَفُ: إِنْصَافُ الْإِنْسَانِ ‌مِنْ ‌تَعَصُّبِهِ ‌وَاعْتِسَافِهِ، وَتَقْوَاهُ مِنْ فُجُورِهِ، وَتَوَاضُعُهُ مِنْ كِبْرِهِ، وَعَقْلُهُ مِنْ سَفَهِهِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الْآيَاتِ وَحِكَمِهَا وَأَحْكَامِهَا:

10- أَنَّ ‌التَّطْفِيفَ يَقَعُ ‌فِي ‌كُلِّ ‌شَيْءٍ؛ فِي الصَّلَاةِ، وَالْوُضُوءِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ، وَعُمُومِ الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ، وَبَخْسِهِمْ حُقُوقَهُمْ وَأَشْيَاءَهُمْ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفَاءٌ وَتَطْفِيفٌ).

 

وَإِذَا تَوَعَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْوَيْلِ لِلْمُطَفِّفِينَ فِي الْأَمْوَالِ، فَمَا الظَّنُّ بِالْمُطَفِّفِينَ فِي الصَّلَاةِ؟! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌أَسْوَأُ ‌النَّاسِ ‌سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: «لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا، وَلَا سُجُودَهَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (‌الصَّلَاةُ ‌مِكْيَالٌ، فَمَنْ أَوْفَى أَوْفَى اللَّهُ لَهُ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قَالَ اللَّهُ فِي الْكَيْلِ: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾).

 

11- إِذَا كَانَ الْوَعِيدُ بِالْوَيْلِ عَلَى الشَّيْءِ الطَّفِيفِ؛ فَمَا فَوْقَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَإِذَا كَانَ هَذَا الْوَعِيدُ عَلَى الَّذِينَ يَبْخَسُونَ النَّاسَ بِالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ؛ فَإِنَّ الَّذِي يَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ قَهْرًا، أَوْ سَرِقَةً، أَوْ ظُلْمًا، أَوْلَى بِهَذَا الْوَعِيدِ مِنَ الْمُطَفِّفِينَ.

 

12- يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُرَاقِبَ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ -وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ - وَيَتَذَكَّرَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَيُشْعِرُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ﴾ أَنَّ عَدَمَ الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ أَوِ الشَّكَّ فِيهِ؛ هُوَ ‌الدَّافِعُ ‌لِكُلِّ ‌سُوءٍ، وَالْمُضَيِّعُ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ هُوَ الْمُنْطَلَقُ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَانِعُ لِكُلِّ شَرٍّ، وَالْإِيمَانُ بِالْبَعْثِ هُوَ مُنْطَلَقُ جَمِيعِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

 

13- يَا وَيْلَ الْمُطَفِّفِينَ حِينَمَا يَقُومُ النَّاسُ -مِنْ قُبُورِهِمْ - لِرَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَإِنَّهُ يَوْمٌ عَظِيمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ قَالَ: «يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ [أَيْ: عَرَقِهِ] إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَكُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ دُنُوِّ الشَّمْسِ مِنَ الْخَلْقِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ؛ فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا»، وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نفحات قرآنية في سورتي الانفطار والمطففين
  • إعراب سورة المطففين
  • آيات من سورتي الانفطار والمطففين بتفسير الزركشي
  • تفسير سورة المطففين للناشئين
  • تفسير سورتي (المطففين والانشقاق) كاملة
  • تفسير سورة المطففين

مختارات من الشبكة

  • {ويل لكل همزة لمزة} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهماز اللماز ويل له (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويل لكل أفاك أثيم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة ويل للعرب من شر قد اقترب(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ويل لك يا آكل الميراث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (ويل للأعقاب من النار)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • ويل للعرب من شر قد اقترب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: ويل للأعقاب من النار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح جامع الترمذي في (السنن) - ويل للأعقاب من النار(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • تفسير: (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب