• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الاستقامة قبل الندامة (خطبة)

الاستقامة قبل الندامة (خطبة)
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/5/2024 ميلادي - 14/11/1445 هجري

الزيارات: 29576

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستقامة قبل الندامة

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بهذه المنزلة العظيمة من منازل السائرين إلى رب العالمين؛ وهي الاستقامة على الدين، مع بيان أهميتها وثمراتها، وكيفية تحقيقها، وبيان الوسائل الْمُعِينة على الثبات عليها حتى الممات.

 

مقدمة ومدخل للموضوع:

• أيها المسلمون عباد الله، (الاستقامة قبل الندامة)؛ هذا هو عنوان موعظتنا بإذن الله تعالى، ونسأله في عليائه أن يجعلنا من عباده المستقيمين، ونعوذ بالله أن نكون من المنحرفين النادمين.

 

وحديثنا في هذا الموضوع سيندرج تحت العناصر التالية:

1- الاستقامة قبل الندامة.

2- منزلة وأهمية الاستقامة.

3- معنى وحقيقة الاستقامة.

4- ثمرات الاستقامة.

5- كيف تتحقق الاستقامة؟

 

• أيها المسلمون عباد الله، (الاستقامة قبل الندامة)؛ هذا هو عنصرنا الأول.

• ومعناه: أننا لا بد أن نكون من عباد الله المستقيمين حتى لا نكون من النادمين؛ فإن الله تبارك وتعالى قصَّ علينا في كتابه العزيز طَرَفًا من أحوال الذين لم يستقيموا على شرع الله تعالى في هذه الحياة الدنيا، وكيف أنهم ندِموا شديدَ الندم على هذا الانحراف والاعوجاج.

 

• فقال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [الفرقان: 27، 28]، لا شكَّ أنه مظهر عظيم من مظاهر الندم بلغ بصاحبه أنه لا يعض على إصبع واحد، وإنما يعض أصابع كلتا يديه؛ ندمًا على أنه لم يكن من المستقيمين، المتبعين لصراط سيد الأولين، وسُنَّةِ وطريق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وحينها لا ينفع الندم.

 

‏وقال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 31 – 33]، صور ومظاهر وأحوال أخرى قصها الله تعالى في كتابه العزيز لهؤلاء الذين ندموا في الآخرة؛ لكي نأخذ العِبرة والعِظةَ حتى لا نكون منهم يوم القيامة.

 

• وقال الله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56].

 

• فهذه هي الندامة، وهذه هي مظاهرها، ولكن هل ينفع الندم في تلكم اللحظات الفاصلة التي ينقسم فيها العباد إلى فريقين؛ فريقٍ في الجنة وفريق في السعير؛ ولذا نقول ونذكِّر بعضنا بعضًا: الاستقامة قبل الندامة.

 

الوقفة الثانية: منزلة وأهمية الاستقامة:

1- فإن العبودية التي أمر الله تعالى بها عباده في قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، لا تتحقق ولا تكتمل أركانها إلا بالثبات والاستقامة عليها حتى الممات؛ كما قال تعالى مبينًا مدة ونهاية هذه العبادة: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

2- ومما يبين عظيم منزلتها أن الله تعالى أمَرَ بها جميع الأنبياء والمرسلين، الذين عصمهم الله تعالى من الانحراف أو الخطأ، وأمَرَ بها جميع أهل الإيمان.

 

•فقال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: ﴿ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 89].

 

• وتوجه الخطاب إلى سيد المرسلين المستقيمين صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، وقال تعالى: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾ [الشورى: 15].

 

• وهذا معناه: أن طريق الاستقامة ليس موصوفًا من البشر، أو بحسب الأهواء والآراء والأمزجة، أو بحسب ما يوافق العُرْفَ أو الوظيفة، أو الزمان أو المكان، بل هو طريق رب العالمين، وأمَرَ به سيد المرسلين، وهذا مما يدل على عظيم مكانة الاستقامة وأهميتها في دين الله تعالى.

 

3- وأمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه بالاستقامة.

•فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((استقيموا ولن تُحصُوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)).

 

• وقد أرشده الله تعالى لذلك: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

 

4- ويكفي أن الاستقامة هي كلمة جامعة لجميع مقامات الدين.

•ولذا لما جاء الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول واحد في دين الله تعالى، أمَرَهُ بالاستقامة؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبدالله الثقفي قال: ((قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال صلى الله عليه وسلم: قُلْ: آمنت بالله، ثم استقم))؛ أي: استقم على الإيمان والتوحيد، والصلاة، والقرآن، والصيام، وغيرها من أبواب الخير والطاعات.

 

5- ومما يبين عظم منزلتها أنها دليل عملي، وبرهان على صدق التمسك بالدين.

 

• فقد قال الله تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 2].

 

• ثم يقسم الله جل في علاه فيقول: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ﴾ [العنكبوت: 10].

 

• فقد يستقيم العبد على شرع الله تعالى، ومع أول ابتلاء يتقاعس وينحرف، وقد يكون شهر رمضان هو بداية التزامه واستقامته، ومع السخرية والاستهزاء والشهوات ينحرف، عياذًا بالله من الخِذلان.

 

6- ومما يبين أهميتها ومنزلتها أن الله تعالى لم يسوِّ بين أهل الاستقامة وبين المنحرفين عنها من أهل الاعوجاج والزيغ والانحراف.

 

•فقال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]، وقال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]، وقال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 14]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125].

 

الوقفة الثالثة: معنى وحقيقة الاستقامة:

• حديث عظيم يشرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاستقامة شرحًا عمليًّا مفصلًا؛ فقد روى الترمذي والنسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ضرب الله تعالى مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى جَنَبَتَيِ الصراط سُورَان، فيهما أبواب مُفتَّحة، وعلى الأبواب سُتُور مُرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعًا ولا تَعُوجوا، وداعٍ يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تَفْتَحْهُ، فإنك إنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم)).

 

فهذا هو طريق الإسلام، وهذا هو معنى أن تستقيم على هذا الطريق، ونستخلص منه أمرين اثنين:

1- السير على الطريق المستقيم.

 

2- مواصلة السير حتى تلقى الله تعالى.

 

• فالاستقامة حقيقتها: السير باستقامة على طريق الجادة، وعدم التوقف أو الرجوع إلى الوراء.

 

• يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن الاستقامة: "الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تَروغَ رَوَغان الثعالب"، ويقول الحسن رحمه الله: "استقاموا على أمر الله، فعمِلوا بطاعته، واجتنبوا معصيته"، وقال الفضيل رحمه الله: "زهِدوا في الفانية، ورغِبوا في الباقية"، وقال القرطبي رحمه الله: "والاستقامة: الاستمرار في جهة واحدة من غير أخذ في جهة اليمين والشمال"، ويُعرِّفها النووي رحمه الله: "لزوم طاعة الله تعالى وهي من جوامع الكَلِمِ، وهي نظام الأمور"، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة".

 

• فمن الكرامة: أن تستمر في محافظتك على صلاة الجماعة، والحرص عليها، مع كثرة من يتهاون فيها فيمن حولك.

 

• ومن الكرامة: أن تحافظ على صلاة الفجر في المسجد جماعة يوميًّا إلا لعذر.

 

• ومن الكرامة: أن تلزم وِرْدَك من القرآن، ولا تأخذك عنه وسائل التواصل، والملهيات والمضيعات.

 

• ومن الكرامة: أن تداوم على الأذكار والأوراد المشروعة، في أوقاتها، وتجاهد نفسك في عدم تركها أو الغفلة عنها.

 

• ومن الكرامة: أن تستمر وتداوم على صيام النافلة، ولو ثلاثة أيام من كل شهر.

 

• ومن الكرامة: أن تثبُتَ على نافلة الليل، وإن قلَّت أو ثقُلت، ولا تنقطع عنها بقواطع الزمان التي كثُرت.

 

• ومن الكرامة: إذا كنت من أهل ركعتي الضحى أن تقوم لها وبها، ولا يشغلك عنها شاغل مهما كان.

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المستقيمين على شرعه إلى يوم الدين.

 

الخطبة الثانية

ثمرات الاستقامة:

1- من أهم ثمراتها أنها تضمن للعبد حسن الخاتمة؛ فالعبرة إنما هي بالخواتيم، فقد يستقيم العبد ثم ينقلب على عقبيه، فيُختم له بهذه الانتكاسة، فلا عبرة بالاستقامة إلا بالثبات عليها حتى الممات.

 

• قال الله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].

 

• وفي الحديث السابق الذي بيَّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاستقامة وقال: ((فيهما أبواب مفتحة وعليها ستور مرخاة))، فتخيل أن العبد يترك طريق الهداية والاستقامة، ثم يَلِجُ هذه الأبواب التي هي محارم الله تعالى، ثم يأتيه مَلَكُ الموت لقبض روحه وهو على هذه الحال.

 

• وترجع خطورة ذلك أن من مات على شيء يُبْعَث عليه يوم القيامة.

 

2- ومن ثمراتها العظيمة أن أهل الاستقامة هم أهل الفوز والفلاح والنجاح في الدنيا، وعند الموت، وفي الآخرة.

 

• قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 – 32].

 

• وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأحقاف: 13، 14].

 

• الوقفة الأخيرة: كيف تتحقق الاستقامة؟ وما هي الوسائل المعينة على الثبات والاستقامة حتى الممات؟

 

1- عليك بدوام اللجوء إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ودوام الدعاء.

 

• قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]، فهو سبحانه وتعالى الذي امتنَّ علينا بالهدية، وبيَّن أن القلوب بين إصبعين من أصابعه، يقلبها كيف يشاء.

 

• وقد علمنا الله تعالى أن نسأله الهداية والاستقامة على الصراط المستقيم كل يوم مرات عديدة، ونحن نصلي، وواقفون بين يديه: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].

 

• ولذا كان من دعاء الراسخون في العلم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

 

• وجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرُّشْدِ))، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِر أن يقول: ((يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)).

 

2- عليك بالاشتغال بكثرة الطاعات والعبادات؛ فهي غذاء القلوب، بل هي حياة القلوب ومصدر قوتها، وأكبر مُعِين على الثبات على طريق الهداية والاستقامة.

 

•قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 – 68].

 

3- عليك بالصحبة الصالحة التي تُعينك على الاستقامة والثبات عليها.

 

• كما قال الله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]؛ يقول سفيان الثوري رحمه الله: "لربما لقيت الأخ من إخواني، فأقيم شهرًا عاقلًا بلقائه"، ويقول الفضيل رحمه الله: "نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب"، وقال أحد الصالحين: "كانت إذا أصابتني فترة - يعنى كسل وفتور - نظرت في وجه محمد بن واسع، فعمِلت بذلك شهرًا".

 

نسأل الله العظيم أن يرزقنا الثبات والاستقامة حتى الممات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكرامة في لزوم الاستقامة
  • الاستقامة
  • الاستقامة بعد رمضان (خطبة)
  • آيات عن الاستقامة
  • الاستقامة في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • أعظم الكرامة لزوم الاستقامة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قوانين الاستقامة مدى الحياة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف نستقيم على صراط الله تعالى؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستقامة: وسائلها وثمراتها (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: الاستقامة مفهومها ومجالاتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الاستقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحسنوا ختامه والزموا الاستقامة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة المسجد الحرام 9 / 10 / 1434 - الاستقامة(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 22/10/1431هـ - الاستقامة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب