• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    بين الدعاء والفرج رحلة الثقة بالله (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    يوم القيامة: نفسي.. نفسي
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة السرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: عاشوراء وطلب العلم
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)
    نجلاء جبروني
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسلام يأمرنا بإقامة العدل وعدم الظلم مع أهل ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ذكر الله عز وجل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عناية الأمة بروايات ونسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وحي الله تعالى للأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

شهر الجود والبذل (خطبة)

شهر الجود والبذل (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2024 ميلادي - 8/9/1445 هجري

الزيارات: 7046

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شهر الجود والبذل (خطبة)

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ مِن أَعظَمِ مَا يَمُنُّ اللهُ بِهِ عَلَى عَبدِهِ، أَن يُبَصِّرَهُ بِقِيمَةِ الدُّنيَا وَحَقِيقَتِهَا، وَأَن يَقذِفَ في قَلبِهِ اليَقِينَ بِأَنَّ الآخِرَةَ خَيرٌ وَأَبقَى، وَمَن عَلِمَ أَنَّ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا إِنَّمَا هِيَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَمَتَاعٌ قَلِيلٌ، وَأَنَّهُ مُفَارِقٌ هَذِهِ الحَيَاةَ القَصِيرَةَ يَومًا مَا، وَتَارِكٌ مَا وَرَاءَهُ مِن حُطَامٍ لِوَرَثَةٍ فِيهِمُ الصَّالِحُ وَفِيهِمُ مَن هُوَ دُونَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ بِتَوفِيقِ اللهِ يَغتنِمُ الفُرَصَ في مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، وَيَجعَلُ لِنَفسِهِ نَصِيبًا مِنَ المُتَاجَرَةِ مَعَ اللهِ، وَيَتَّخِذُ سَهمًا في كُلِّ بَابٍ مِن أَبوَابِ الخَيرِ، لَعَلَّهُ يُوَافِقُ سَاعَةَ قَبُولٍ، فَيَرضَى عَنهُ رَبُّهُ رِضًا لا يَسخَطُ عَلَيهِ بَعدَهُ أَبَدًا، وَيُكرِمُهُ بِـ ﴿ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ وَنَحنُ في شَهرِ مُبَارَكٍ وَمَوسِمٍ عَظِيمٍ، يَتَسَابَقُ فِيهِ المُؤمِنُونَ إِلى أَبوَابِ الخَيرِ وَتَحصِيلِ الأَجرِ، فَإِنَّ ثَمَّ بَابًا وَاسِعًا هُوَ وَإِن كَانَ مَفتُوحًا في سَائِرِ أَيَّامِ العَامِ، إِلاَّ أَنَّهُ مِنَ الأَبوَابِ الَّتي كَانَ إِمَامُنَا وَقَائِدُنَا وَمُعَلِّمُنَا الخَيرَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، يَلِجُ مِنهُ كَثِيرًا في شَهرِ رَمَضَانَ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَجوَدَ النَّاسِ بِالخَيرِ، وَكَانَ أَجوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ... "أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ رَمَضَانَ هُوَ شَهرُ الجُودِ وَالكَرَمِ وَالإِنفَاقِ، وَمَوسِمُ البِرِّ وَالخَيرِ وَالعَطَاءِ، إِنَّهُ فُرصَةٌ بَل فُرَصٌ يَجِبُ اغتِنَامُهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ، يُوشِكُ أَن تَذهَبَ وَتَنقَضِيَ، ثم لَعَلَّهَا لا تَعودُ إِلاَّ وَقَد وُسِّدَ أَحَدُنَا الثَّرَى وَصَارَ في عِدَادِ المَوتَى، وَلَو أَمكَنَ لَنَا اليَومَ أَن نَكشِفَ قَبرَ وَاحِدٍ مِمَّن سَبَقُونَا، ثم أَجلَسنَاهُ وَسَأَلنَاهُ: يَا فُلانُ، مَاذَا تَشتَهِي مِن دُنيَاكَ وَمَاذَا تُحِبُّ؟! فَإِنَّهُ لَن يَتَمَنَّى إِلاَّ عَمَلًا صَالِحًا يُقرِّبُهُ إِلى رَبِّهِ وَلَو كَانَ قَلِيلًا، كَيفَ وَقَد أَخبَرَنَا رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى أَنَّ أَعظَمَ أُمنِيَّةٍ لِلمَوتَى لَو أُعِيدُوا هِيَ الإِنفَاقُ وَالصَّدَقَةُ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].

 

وَإِنْ تَعجَبُوا أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَانظُرُوا كَيفَ يُخبِرُنَا رَبُّنَا سُبحَانَهُ أَنَّ المَالَ هُوَ مَالُهُ، وَأَنَّهُ قَد أَنعَمَ بِهِ عَلَينَا وَأَعطَانَا إِيَّاهُ، ثُمَّ هُوَ بَعدَ ذَلِكَ يَستَقرِضُنَا إِيَّاهُ لِيَجزِيَنَا أَكرَمَ الجَزَاءِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحديد: 18] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20] إِنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي خَلَقَنَا مِنَ العَدَمِ، وَأَسبَغَ عَلَينَا النِّعَمَ، وَدَفَعَ عَنَّا المَصَائِبَ وَالنِّقَمَ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53] وَوَاللهِ لَو تَحَرَّكَ في أَحَدِنَا عِرقٌ سَاكِنٌ، أَو سَكَنَ فِيهِ عَصَبٌ مُتَحَرِّكٌ، أَو سُدَّ شِريَانٌ أَوِ انفَجَرَ آخَرُ، أَو فَقَدَ سَمعًا أَو بَصَرًا، أَو مُنِعَ مِن شَرَابٍ أَو طَعَامٍ أَو تَعَسَّرَ عَلَيهِ إِخرَاجُهُ، لَعَرَفَ قَدرَ نِعمَةِ اللهِ عَلَيهِ، وَمَن دَاخَلَهُ في نَفسِهِ شَكٌّ أَو غُرُورٌ، أَو أُصِيبَ بِنِسيَانٍ أَو أَخَذَتهُ غَفلَةٌ، فَلْيَمُرَّ بِتِلكَ المَقَابِرِ الصَّامِتَةِ السَّاكِنَةِ، وَلْيَسأَلْ: أَينَ أَبُوهُ وَأَينَ جَدُّهُ؟! وَأَينَ مَن كَانَ يَملِكُ المَالَ وَيَعتَمِدُ عَلَى الجَاهِ؟! هَل نَفَعَهُم جَاهُهُم وَمَكَانَتُهُم؟! هَل رَدَّ عَنهُم مَالُهُم أَو ذَبَّتْ عَنهُم كُنُوزُهُم؟! فَيَا مَن أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِ وَأَعطَاهُ المَالَ وَبَلَّغَهُ شَهرَ رَمَضَانَ، اِغتَنِمْ وَقَدِّمْ وَسَاهِمْ، وَعَجِّلْ وَسَارِعْ وَسَابِقْ، فَصَدَقَتُكَ وَعَطَاؤُكَ وَبَذلُكَ، هِيَ في الحَقِيقَةِ مُسَاهَمَاتٌ لا مَثِيلَ لَهَا في أَربَاحِهَا وَضَمَانَاتِهَا، الرِّبحُ فِيهَا سَبعُونَ أَلفًا في المِئَةِ، بَل هِيَ بِفَضلِ اللهِ أَكثَرُ مِن ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَد تَكَفَّلَ لِلمُنفِقِ في سَبِيلِهِ أَن يَرُدَّ إِلَيهِ مَالَهُ وَيُخلِفَهُ عَلَيهِ، وَيُوَفِّيَهُ أَجرَهُ غَيرَ مَنقُوصٍ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 261، 262]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن تَصَدَّقَ بِعَدلِ تَمرَةٍ مِن كَسبٍ طَيِّبٍ وَلا يَقبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ، فَإِنَّ اللهَ يَقبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثم يُربِّيهَا لِصَاحِبِها كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُم فُلُوَّهُ، حَتى تَغدُوَ مِثلَ الجَبَلِ" وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا نَقَصَت صَدَقةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبدًا بِعَفوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ" وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "دَاوُوا مَرضَاكُم بِالصَّدَقَةِ" وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ صَدَقَةَ المُسلِمِ تَزِيدُ في العُمُرِ، وتمنَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، ويُذهِبُ اللهُ بها الكِبرَ والفَقرَ" وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "صَنَائِعُ المَعروفِ تقِي مَصَارِعَ السُّوءِ والآفاتِ والهَلَكَاتِ" وَجَاءَ في حَدِيثِ مُعَاذٍ الطَّوِيلِ: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ؟ الصَّومُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطفِئُ المَاءُ النَّارَ" وَفي مُسنَدِ الإِمَامِ أَحمَدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَسوَةَ قَلبِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ أَرَدتَ أَن يَلِينَ قَلبُكَ، فَأَطعِمِ المِسكِينَ وَامسَحْ رَأسَ اليَتِيمِ" وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "اُبغُوني ضُعَفَاءَكُم؛ فَإِنَّمَا تُرزَقُونَ وَتُنصَرُونَ بِضُعَفَائِكُم" وَإِذَا كَانَ كُلُّ مُؤمِنٍ يَدعُو رَبَّهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا أَن يُنجِيَهُ مِنَ النَّارِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ مِن أَعظَمِ أَسبَابِ الوِقَايَةِ مِنَ النَّارِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنكُم أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيسَ بَينَهُ وَبَينَهُ تُرجُمَانٌ وَلا حِجَابٌ يَحجُبُهُ، فَيَنظُرُ أَيمَنَ مِنهُ فَلا يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، وَيَنظُرُ أَشأَمَ مِنهُ فَلا يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنظُرُ بَينَ يَدَيهِ فَلا يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلقَاءَ وَجهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمرَة" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. إِنَّهَا وَاللهِ لَخَيراتٌ عَظِيمَةٌ، لا يَنبَغِي لإِنسَانٍ يَسمَعُ بِهَا أَن يَزهَدَ فِيهَا، وَفَضَائِلُ عَمِيمَةٌ لا يَحِقُّ لِصَاحِبِ مَالٍ تَبلُغُهُ أَن يُمسِكَ مَالَهُ وَيَشِحَّ بِهِ، لَكِنَّهُ الشَّيطَانُ أَبعَدَهُ اللهُ، يَعِدُ ضِعَافَ الإِيمَانِ بِالفَقَرِ وَيُخَوِّفُهُم مِنهُ، وَيُزَيِّنُ لَهُمُ البُخلَ وَالشُّحَّ ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38] وَيُصَوِّرُ لَنَا رَسولُ الرَّحمَةِ وَالهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِرصَ الشَّيطَانِ وَجُنُودِهِ عَلَى مَنعِ المُسلِمِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَاجتِهَادَهُم في الوَسوَسَةِ وَالتَّخوِيفِ، وَمِقدَارَ مَا يُعَانِيهِ المُتَصَدِّقُ في التَّغلُّبِ عَلَى نَزغِ الشَّيطَانِ وَنَفثِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا يُخرِجُ رَجُلٌ شَيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ، حَتى يَفُكَّ عَنهَا لَحيَي سَبعِينَ شَيطَانًا" وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِن يَومٍ يُصبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، وَيَقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعطِ مُمسِكًا تَلَفًا" وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "خَلَقَ اللهُ جَنَّةَ عَدنٍ بِيَدِهِ، وَدَلَّى فِيهَا ثِمَارَهَا وَشَقَّ فِيهَا أَنهَارَهَا، ثم نَظَرَ إِلَيهَا فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي. فَقَالَت: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 1]. فَقَالَ: وَعِزَّتي وَجَلالي، لا يجُاوِرُني فِيكِ بخيلٌ" أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنُنفِقْ مِمَّا نَجِدُ وَنَقدِرُ عَلَيهِ، جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكم مِمَّن إِذَا أُعطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أَذنَبَ استَغفَرَ، وَأَقولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ إِنَّكُم في شَهرِ الجُودِ وَالإِنفَاقِ وَالبَذلِ وَالفَضلِ، فَهَلُمَّ وَهَيَّا وَسَارِعُوا؛ فَإِنَّ في هَذِهِ الحَيَاةِ مَتَاعِبَ وَمَصَاعِبَ وَمَطَالِبَ، وَأَعبَاءَ وَحَمَالاتٍ وَفَقرًا، وَلا غِنى لَمُسلِمِ مُحتَاجٍ مَكرُوبٍ لا يَجِدُ، عَن أَخٍ يَجِدُ وَيَجُودُ وَيَحتَسِبُ، تَذَكَّروا الأَكبَادَ الجائعةَ وَالأَنفُسَ الضَّائِعَةَ، تَذَكَّرُوا أَهلَ الخَصَاصَةِ والخَمَاصَةِ، مِمَّن يُعَانُونَ عُدْمًا وَيُعَالِجُونَ سُقْمًا، أَعِينُوهُم وَأَغنُوهُم ﴿ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36] وَأَغِيثُوا الجَائِعَ وَالمُضطَرَّ، أَسدُوا المَعرُوفَ وَأَغِيثُوا المَلهُوفَ، وَعَاوِنُوا المُحتَاجَ وَيَسِّرُوا عَلَى المُعسِرِ، وَبَرُّوا الفُقَرَاءَ وَالضُّعَفَاءَ، وَاعطِفُوا عَلَى المَسَاكِينِ وَالأَرَامِلِ، وَوَاسُوا المُطَلَّقَاتِ وَالثُّكَالى، وَامسَحُوا دُمُوعَ اليَتَامَى، وَأَدخِلُوا السُّرُورَ عَلَى إِخوَانِكُم، وَابذُلُوا الفَضلَ خَيرًا لَكُم، تَحَرَّوُا المُتَعَفِّفِينَ مِن جِيرانِكم وَأَقَارِبِكُم، مِمَّن يَحسَبُهُم الجَاهِلُ أَغنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَيسَ المِسكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقمَةُ وَاللُّقمَتَانِ وَالتَّمرَةُ وَالتَّمرَتَانِ، وَلَكِنَّ المِسكِينَ الَّذِي لا يَجِدُ غِنًى يُغنِيهِ، وَلا يُفطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيهِ، وَلا يَقومُ فَيَسأَلَ النَّاسَ" وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:  يَا ابنَ آدمَ، إِنَّكَ أَن تَبذُلَ الفَضلَ خَيرٌ لَكَ، وَأَن تُمسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلا تُلامُ عَلَى كَفَافٍ، وَابدَأْ بِمَن تَعُولُ، وَاليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفلَى" وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "أَفضلُ الأَعمَالِ أَن تُدخِلَ السُّرُورَ عَلَى أَخِيكَ المُؤمِنِ، أَو تَقضِيَ عَنهُ دَينًا، أَو تُطعِمَهُ خُبزًا" أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ. ألا فاتقوا اللهَ وَأَدُّوا الزَّكَاةَ وَتَصَدَّقُوا، وَلا تَنسَوا مَشرُوعَاتِ الخَيرِ في مُؤَسَّسَاتِ الخَيرِ، وَتَوَاصَلُوا مَعَ الجِهَاتِ المَوثُوقِ فِيهَا وَالمُصَرَّحِ لَهَا، وَسَاهِمُوا بِمَا تَستَطِيعُونَ وَلَو قَلَّ، وَلا تَحتَقِرُوا شَيئًا وَلَو صَغُرَ، وَلا تَلتَفِتُوا إِلى مَن يُخَذِّلُونَ عَن بَذلِ الخَيرِ، وَيُشَكِّكُونَ في أَعمَالِ البِرِّ، وَيَعِدُونَ النَّاسَ الفَقرَ؛ فَإِنَّ مُؤَسَّسَاتِ الخَيرِ وَجَمعِيَّاتِ البِرِّ جِهَاتٌ مَوثُوقٌ فِيهَا، وَتُشرِفُ عَلَيهَا جِهَاتٌ عُليَا تُتَابِعُ أَعمَالَهَا، وَقَد فَتَحَت أَبوَابَهَا لأَعمَالٍ مُتَنَوِّعَةٍ كَتَفطِيرِ الصَّائِمِينَ وَالتَّفرِيجِ عَنِ المَسَاجِينِ، وَإِيوَاءِ المُحتَاجِينَ وَكَفَالَةِ اليَتَامَى، وَبِنَاءِ المَسَاجِدِ وَصِيَانَتِهَا وَنَظَافَتِهَا، وَطَبَاعَةِ المُصحَفِ الشَّرِيفِ وَنَشرِهِ، وَغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يَجِدُهُ مَن طَلَبَهُ وَأَرَادَهُ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجود في شهر الجود (خطبة)
  • شهر الجود (خطبة)
  • شهر الجود والكرم (خطبة)
  • شهر الجود (خطبة)
  • أهل الجود

مختارات من الشبكة

  • شهر رمضان شهر مبارك وشهر عظيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • اعتناء السلف باستقبال رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • وأقبل شهر رمضان شهر القرآن(مقالة - ملفات خاصة)
  • في رحاب شهر الخيرات(مقالة - ملفات خاصة)
  • أشرف الكلام وأغلاه وأعلاه، والبذل من أجله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام شهر المحرم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل شهر رمضان في القرآن والسنة: رمضان شهر الرحمة والغفران والعتق من النار(مقالة - ملفات خاصة)
  • استقبلوا شهر رمضان بالصلح مع الله(مقالة - ملفات خاصة)
  • الليلة الرابعة: البذل والإحسان في شهر الصيام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الإحسان والصدقة في شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/1/1447هـ - الساعة: 14:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب