• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

إيذاء المشركين للمؤمنين والهجرة الأولى إلى الحبشة (خطبة)

إيذاء المشركين للمؤمنين والهجرة الأولى إلى الحبشة (خطبة)
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2024 ميلادي - 3/8/1445 هجري

الزيارات: 4380

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إِيْذَاءُ المُشْرِكِيْنَ لِلمُؤْمِنِيْنَ وَالهِجْرَةُ الأُوْلَى إِلَى الحَبَشَةِ

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ «إِيْذَاءُ المُشْرِكِيْنَ لِلمُؤْمِنِيْنَ وَالهِجْرَةُ الأُوْلَى إِلَى الحَبَشَةِ».


• أَيُّهَا النَّاسُ - كَمَا أُوذِيَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبِيْلِ الجَهْرِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلَامِ أُوذِيَ أَصْحَابُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-.

 

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ - رَحِمَهُ اللهُ -: «ثُمَّ إِنَّهُمْ عَدَوْا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَاتَّبَعَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَصْحَابِهِ، فَوَثَبَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَجَعَلُوا يَحْبِسُونَهُمْ وَيُعَذِّبُونَهُمْ بِالضَّرْبِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَبِرَمْضَاءِ مَكَّةَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ، مَنِ اسْتَضْعَفُوهُ مِنْهُمْ، يَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ»[1].

 

فَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ»[2]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنَعَهُ اللهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إِلَّا بِلَالًا، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذُوهُ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ».

 

وَأَخْرَجَ الحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ»[3]، مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِعَمَّارٍ وَأَهْلِهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ: "أَبْشِرُوا آلَ عَمَّارٍ وَآلَ يَاسِرٍ!، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ".

 

وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ"[4]، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ- رَحِمَهُ اللهُ - قَالَ: "أَعْتَقَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللهِ سَبْعَةً: عَامِرُ ابْنُ فُهَيْرَةَ، وَبِلاَلَ، وَنُذَيْرَةَ، وَأُمَّ عُبَيْسِ، وَالنَّهْدِيَّةَ، وَأُخْتَهَا، وَجَارِيَةَ بَنِي عَمْرو بْنِ مُؤْمِلٍ".

 

وَمِمَّنْ نَالَهُ - أَيُّهَا النَّاسُ - الأَذَى فِي سَبِيْلِ اللهِ، خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حَتَّى سَأَلَ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْعُو اللهَ لِيُخَفِّفَ عَنِ المُسْتَضْعَفِيْنَ.

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [5]، مِنْ حَدِيْثِ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: "لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ».

 

وفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ «البُخَارِيُّ»[6]، عَنْهُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا: لَهُ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ".

 

فَتَأَمَّلُوا - أَيُّهَا النَّاسُ - خَبَّابٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لَمْ يَطْلُبْ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرًا مُحَرَّمًا، بَلْ طَلَبَ دُعَاءً وَاسْتِنْصَارًا جَرَّاءَ مَا يُلاَقِيْهِ هُوَ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ، وَمَعَ ذَلِكَ غَضِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَغَضَبُهُ كَانَ لِمَا لَمَسَهُ مِنْ نَوْعِ اسْتَعْجَالٍ مِنْ خَبَّابٍ وَمَنْ مَعَهُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - لِنَصْرِ اللهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالى - أَوْلًا بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ فِي آخِرِ الحَدِيْثِ: "وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ".

 

وَتَحْمِلُ - أَيُّهَا النَّاسُ - عِبَارَاتٌ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَلِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَنِ الحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا المُسْلِمُونَ بِمَكَّةَ فِي تِلْكَ المَرْحَلَةِ، فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [7]، قَالَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَقَدْ سُئِلَتْ عَنِ الهِجْرَةِ: "لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى -، وَإِلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللهُ الْإِسْلَامَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ».

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[8]، عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «..... وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ: إِمَّا قَتَلُوهُ، وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ".

 

وَقَدْ بَقِيَتْ المَأْسَاةُ الَّتِي يَعِيْشُهَا المُسْتَضْعَفُونَ - أَيُّهَا النَّاسُ - فِي نَفْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَانَ يَدْعُو لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِمَكَّةَ بِالنَّجَاةِ مِنَ المُشْرِكُونَ وَذَلِكَ بَعْدَ هِجْرَتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المَدِيْنَةِ، كَمَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[9].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: "وَلَمَّا اشْتَدَّ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَنْ آمَنَ، وَفَتَنُوا جَمَاعَةً، حَتَّى أَنَّهُمْ كَانُوا يَضْرِبُونَهُمْ، وَيَلْقُونَهُمْ فِي الحَرِّ، وَيَضَعُونَ الصَّخْرَةَ العَظِيْمَةَ عَلَى صَدْرِ أَحَدِهِمْ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، حَتَّى إنَّ أَحَدُهُمْ إِذَا أُطْلِقَ لَاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَجْلِسَ مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ، فَيَقُولُونَ لِأَحَدِهِمْ: اللاتُ وَالْعُزَّى إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَحَتَّى إِنَّ الْجُعَلَ لَيَمُرُّ بِهِمْ، فَيَقُولُونَ لَهُ: هَذَا الْجُعَلُ إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللهِ، فَيَقُولُ: نَعَمْ!

 

وَمَرَّ الخَبِيْثُ عَدُوُّ اللهِ أَبُو جَهَلٍ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ بِسُمَيَّةَ أُمَّ عَمَّارٍ، وَهِيَ تُعَذَّبُ وَزَوْجُهَا وَابْنُهَا فَطَعَنَهَا بِحَرْبَةٍ فِي فَرْجِهَا، فَقَتَلَهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَعَنْ ابْنَهَا وَزَوْجَهَا، وَلَمَّ اشْتَدَّ الْبَلَاءُ، أَذِنَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى - لَهُمْ فِي الهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ[10].

 

وَمِنَ الثَّابِتِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَّ المُسْلِمِيْنَ هَجَرُوا إِلَى الحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ، كَمَا فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [11]، وَكَانَتْ الهِجْرَةُ الْأُولَى فِي شَهْرِ رَجَبَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ مِنَ الْمَبْعَثِ، وَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ، خَرَجُوا مُشَاةً إِلَى الْبَحْرِ فَاسْتَأْجَرُوا سَفِينَةً بِنِصْفِ دِينَارٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ قَوْلُ الوَاقِدِيّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَيَذْكَرُ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ عَشَرَةَ رِجَالٍ وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ".

 

أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقٍ وَ ابْنُ هِشَامٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ [12]، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَكَانَتْ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ الهِجْرَةَ الأُوْلَى، قَالَتْ: لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ، وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفُتِنُوا، وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَمَّا يَنَالُ أَصْحَابَهُ.

 

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ، فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ". فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِهَا، فَنَزَلْنَا خَيْرَ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا.

 

وَمِمَّنْ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى الحَبَشَةِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - جَاءَ ذَلِكَ فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[13]، "..... حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ، فَأَعْبُدَ رَبِّي.

 

قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ.

 

فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ ابْنِ الدَّغِنَةِ الَّذِي أَعْلَنَ فِي قُرَيْشٍ جَوَارَهُ لَهُ، فَوَافَقَتْ عَلَى أَنَ يَعْبُدَ أَبُو بَكْرٍ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ، فَمَضَى وَقْتٌ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ يَجْهَرُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنَ فِي فِنَاءِ دَارِهِ فَيَجْتَمِعُ نِسَاءُ وَأَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، وَطَلَبُوا مِنِ ابْنِ الدَّغِنَةِ أَنْ يَكُفَّهُ، فَخَيَّرَهُ ابْنِ الدَّغِنَةِ بَيْنَ الإِسْرَارِ بِعِبَادَتِهِ أَوْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ جِوَارَهُ، فَرَدَّ أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهِ جِوَارَهُ قَائِلًا: إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللهِ".

 

وَهَكَذَا - أَيُّهَا النَّاسُ - بَقِيَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إِلَى جِوَارِ رَسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَمِلُ أَذَى المُشْرِكِيْنَ بَعْدَ أَنْ كَانَ رَسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَذِنَ لَهُ بِالهِجْرَةِ إِلَى الحَبَشَةِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ هِشَامٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ [14].

 

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الهِجْرَةُ الثَّانِيَة إِلَى الحَبَشَةِ

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ «إِيْذَاءِ قُرَيْشٍ لِلمُؤْمِنِيْنَ»، وَأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ الهِجْرَةِ إِلَى الحَبَشَةِ، وَذَكَرْتُ الهِجْرَةُ الأُوْلَى إِلَى الحَبَشَةِ، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ «الهِجْرَةِ الثَّانِيَة إِلَى الحَبَشَةِ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ - فِي أَعْقَابِ الهِجْرَةِ الأُوْلَى إِلَى الحَبَشَةِ، حَدَثَ أَنْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ، فَسَجَدَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ، وَسَجَدَ مَنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِيْنَ وَالمُشْرِكِيْنَ والجِنِّ والإِنْسِ.

 

كَمَا جَاءَ فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[15]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ".

 

وَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[16]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: "أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ (وَالنَّجْمِ)، قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ».

 

وَلَمْ يَكُنْ سَبَبُ سُجُودِ المُشْرِكِيْنَ - أَيُّهَا النَّاسُ - مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ القِصَّةَ المَشْهُورَةِ، وَالَّتِي تَقُولُ: "لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ﴾ [النجم: 19].

 

قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: (تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لِتُرْتَجَى).

 

فَسَجَدَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ آلِهَتَكُمْ قَبْلَ الْيَوْمِ بِخَيْرٍ، فَسَجَدَ الْمُشْرِكُونَ مَعَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴾ [الحج: 52 - 55].

 

فَهَذِهِ القِصَّةُ - أَيُّهَا النَّاسُ - بَاطِلَةٌ لَمْ تَصْحَّ، وَقَدْ ضَعَّفَهَا العَلَّامَةُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي كِتَابِهِ «نَصْبُ المَجَانِيْقِ لِنَسْفِ قِصَّةِ الغَرَانِيْقِ» فَلَا يَقُولُ عَلَى هَذِهِ القِصَّةِ - أَيُّهَا النَّاسُ - بَعْدَ ثُبُوتِ ضَعْفِهَا وَبُطْلَانِهَا [17].

 

وَأَمَّا سَبَبُ سُجُودِ المُشْرِكِيْنَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالجَوَابُ مَا قَالَهُ المُحَقِّقُ الآلُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولُ: إِنَّ سُجُودَ المُشْرِكِيْنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي السُّوَرَةِ فَي ظَاهِرِهِ مَدْحُ آلِهَتِهِمْ، وَإِلَّا لَمَا سَجَدُوا، لِأَنَّنَا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا سَجَدُوا لِدَهْشَةٍ أَصَابَتْهُمْ وَخَوْفٍ اعْتَرَاهُمْ عِنْدَ سَمَاعِ السُّورَةِ، لِمَا فِيْهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ﴾ [النجم: 50 - 54].

 

وَسَبَبُ سُجُودِ المُشْرِكِيْنَ - أَيُّهَا النَّاسُ - حَصَلَتْ إِشَاعَةٌ أَنْ قُرَيْشًا دَخَلَتْ فِي الإِسْلَامِ فَطَارَ الخَبَرُ إِلَى الحَبَشَةِ، فَفَرِحَ المُسْلِمُونَ بِذَلِكَ وَقَفَا بَعْضُهُمْ رَاجِعَيْنَ إِلَى مَكَّةَ مِثْلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا مَا أُخْبِرَ بِهِ صَحِيْحًا رَجَعُوا إِلَى الحَبَشَةِ، وَسَارَ مَعَهُمْ جَمَاعَةٌ، وَهِيَ الهِجْرَةِ الثَّانِيَةُ إِلَى الحَبَشَةِ وَكَانُوا زِيَادَةً عَلَى ثَمَانِيْنَ رَجُلًا.

 

قَالَ ابْنُ جُرَيْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ - كَمَا فِي «فَتْحُ البَارِيِّ»: «كَانُوا اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ رَجُلًا سِوَى نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ... وَقِيلَ: إِنَّ عِدَّةَ نِسَائِهِمْ كَانَتْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ امْرَأَةً»[18].

 

اللهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ َزَكِّهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا مَوْلَاهَا.

 

اللهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا.

 

وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] «صَحِيْحِ السِّيْرَة» (154).

[2](حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (1/ 404)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ» (121).

[3] (حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي «مُسْتَدْرِكِهِ » (3/ 388-389)، وَصَحِيْحِ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (155).

[4] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي «مُصَنَّفِهِ » (12/ 10)، مُرْسَلًا، وَوَصَلَهُ الحَاكِمُ فِي «المُسْتَدْرِكِ » (3/ 284) وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

[5] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3639).

[6] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3416).

[7] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 253) كِتَابُ: مَنَاقِبُ الأَنْصَار.

[8] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (5/ 157) كِتَابُ: التَّفْسِيْرُ.

[9] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 2/ 15)، وَمُسْلِمٌ (1/ 466).

[10] «الفُصُول فِي سِيْرَةِ الرَّسُولِ » (56-57).

[11] رَوَاهُ البُخَارِيُّ «فَتْحُ البَارِيُّ » (7/ 187).

[12] (حَسَنٌ) انْظُرْ: «فَتْحُ البَارِيُّ»(7/ 189)، وَسِيْرَةُ ابْن إِسْحَاقٍ(194)، وَابْن هِشَامٍ (1/ 334).

[13] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4/ 275-476).

[14] وَسِيْرَةُ ابْن هِشَامٍ (2/ 372-374) بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

[15] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1071).

[16] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3972-4863)، وَمُسْلِمٌ (576).

[17] «نَصْبُ المَجَانِيْقِ» (69).

[18] «فَتْحُ البَارِيِّ» (7/ 189).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الهجرة إلى الحبشة
  • الهجرة إلى الحبشة
  • الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (4)
  • الهجرة الأولى إلى الحبشة ونبذة عن الملك الصالح النجاشي أصحمة (خطبة)
  • خطبة: كيف نشبع أولادنا بالحب؟
  • من معين الهجرة

مختارات من الشبكة

  • من الكبائر الشائعة: (9) إيذاء الله تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلم وسب الدين وسب الدهر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة السيرة: إيذاء قريش للمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علة حديث: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه))(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة السيرة: الهجرة الأولى إلى الحبشة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أساليب المشركين في محاربة الدعوة (7): إيذاء المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أساليب المشركين في محاربة الدعوة (6): إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إيذاء المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أبو ذر (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط الاستشهاد بالمواقف النبوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إيذاء موسى عليه السلام: قراءة تفسيرية وتحليلية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/5/1447هـ - الساعة: 11:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب