• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

مخالفات الزواج ومنكرات الأعراس

مخالفات الزواج ومنكرات الأعراس
يحيى بن حسن حترش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2024 ميلادي - 4/7/1445 هجري

الزيارات: 9051

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مخالفات الزواج، ومنكرات الأعراس

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار، أما بعد:

معاشر المسلمين والمسلمات، إن نعم الله علينا عظيمةٌ، وكثيرة، في جميع أمورنا، ومراحل حياتنا؛ ولكن قليلًا من الناس من يستشعرها ويشكرها؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾[سبأ: 13].

 

تحدثنا معكم في الجمعة الماضية: عن نعمة الزواج وفوائده، وعن مفاسد وأضرار عوائقه.

 

نعم أيها الناس، نعمة الزواج نعمةٌ عظيمة، وفيها ما فيها من المصالح العميمة، تستوجب منا شكرها، وذكرها.

 

وحديثنا في هذا اليوم عن أولئك الذين أنعم الله عليهم بهذه النعمة العظيمة؛ لكنهم ما شكروا الله حق شكره، وقابلوا هذه النعمة بالمخالفات، والمعاصي، والمنكرات، وأذية المسلمين والمسلمات،

 

نعم حديثنا عن مخالفات الزواج، وعن منكرات الأعراس؛ التي تحصل في مجتمعنا وأعراسنا، حديثنا عن المنكرات التي أصبحت -في بلادنا- ظاهرةً سيئة، ومزرية، والله المستعان.

 

وسنجعل هذه المنكرات، والمخالفات، على نوعين، وقسمين: ما يحصل قبلها، وما يحصل في أثنائها، أما ما يحصل بعدها فسنجعله من ضمن حديثنا عن المشاكل الزوجية بإذن الله تعالى.

 

فنقول - والله المستعان - ومن بغيره استعان لا يعان.

 

من المخالفات التي تحصل قبل الزواج: هي تلك الظاهرة السيئة عند كثير من أولياء الأمور، -هدانا الله وإياهم- وهي: أن الخاطب أو الراغب في الزواج إذا تقدم لخطبة فتاةٍ ما؛ عامله وليها، ومن له سلطةٌ عليها، كأنه فريسةٌ بين يديه، أو غنيمةٌ وصلت إليه، وطلب من الزوج أشياء وأشياء، ود بعدها لو قضى حياته، أو شبابه عازبًا منفردًا!

 

نعم هكذا بعض الناس، إذا تقدم لابنته أحد من الشباب؛ جعله كالفريسة بين يديه، ويريد أن ينهش منه من جميع جوانبه، فيبدأ بالزوجة، ومهرها المقدم، والمؤخر، ثم تكاليف عرسها، والصالة، أو القاعة التي سيجلسون عليها، ويعرسون بها، ثم يفرض لأمها، وأخواتها، وعمتها، وكأنه سيزوجه العائلة كلها، وكأن بعض الناس يعبر عن نفسه بشروطه، وتعنته، على عدم احتياجه، ورغبته في ستر ابنته، أو يريد أن يغرس الكراهية والأحقاد من أول لقاءٍ في قلب من تقدم لابنته!

 

وكم وكم سمعنا عن أناسٍ وشباب تقدموا ورغبوا في الزواج، ورغبت الفتا’، وولي أمرها - كذلك - فيمن تقدم إليهم، ثم لما حضرت الأنفس الشح، وبدأت الشروطات، والتعنتات، وإلزام الشاب بأمورٍ وعادات ما أنزل الله بها من سلطان، بل قد تكون من خطوات وتزيين الشيطان، عند ذلك تذهب الرغبة، وتضيع المحبة، والله المستعان!

 

فعلى الآباء، وأولياء أمور النساء: أن يتقوا الله في حقوق بناتهم، ومن ولُّو عليهن، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا من مهورهن شيئا، أو يوزعوها هنا وهنا: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾[النساء: 20]!

 

ومن المخالفات التي تحصل من قبل أولياء الأمور هي:

حرمان الخاطب، ومن تقدم للزواج من النظرة الشرعية؛ التي أذن، بل أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام من أراد الزواج، فقد قال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: فيما رواه الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله خطبت امرأةً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله: «أنظرت إليها؟»، قلت: لا، قال: «انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»[1].

 

نعم، إذا أردتَ، وأردتِ، وأردتما، أن تدوم الحياة بينكما: فانظر إليها، ولتنظر إليك؛ لتكونا على بينةٍ من أمركما، وليستمر الود والحب بينكما

 

ومن هنا نقول، ونوجه رسالةً إلى أولياء الأمور: إن الرجل الغيور الذي يمدح على غيرته: هو الذي يجعل غيرته منضبطةً ومنقادةً لشرع الله، تسير حيث سيرها، وتنقاد حيث قادها.

 

وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثنا على النظر إلى المخطوبة؛ قد بين سر ذلك بقوله: إنه أحرى أن يؤدم بينكما.

 

إن رسول الله يريد منا أن تكون حياتنا مبنيةً على الألفة، ومليئةً بالود والمحبة بين الزوج وزوجته، التي ستكون سكنه ولباسه، وشريكة حياته، وأم أولاده.

 

وان كثيرًا من الناس الذين لا يعملون بهذه الوصية النبوية هم من أكثر الناس تأذيًا، وشكايةً ممن زوجوهم ببناتهم، هذا إن بقيت الزوجة مع زوجها، كم هي حالات الطلاق التي تحصل في الشهور الأولى من الزواج؟ بل كم هي المشاكل التي تحصل في الأيام الأُول؟ وحين يُسأل الزوج: ما السبب يا فلان؟ قال: ما حصل انسجام، ما أحببتها، جاءت على غير الوصف الذي قيل لي عنها، وربما قال: ما رأيتها إلا يوم زفها محارمها! سبحان الله!

 

ألم يقل رسول الله عليه الصلاة والسلام انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.

 

أيرضيك أيها الأب أن ترجع إليك ابنتك إلى بيتك وهي في الشهور الأولى من زواجها، أم يرضيك أن تعيش مع رجلٍ وهو لا يطيقها؟!

 

أحدهم تزوج بامرأةٍ دون أن ينظر إليها، وفي ليلة زفافها نظر إليها، ثم خرج وتركها، ولا تسأل حينها عن المشاكل التي حصلت بعدها؛ نسأل الله الستر والعافية!

 

وكم هي القصص المؤلمة التي حصلت بسبب عدم النظرة الشرعية، وبسبب التقاليد والعادات، السيئة، التي يظن أهلها أنهم يحمدون عليها.

 

سنة رسول الله فوق عادتك، وفوق قبيلتك ورفضك لذلك هو اعتداء على حق ابنتك، شعرت أم لم تشعر.

 

تعجب من بعض الجهلة! يوم يستنكر ويرفض هذا الأمر العظيم، وهذه السنة النبوية، وتشتد حدته، وتعظم غيرته حين تقول له: يا فلان رسول الله أمر بذلك، وحث على ذلك، وقال كذا، وكذا، ولكنه يأبى أشد الإِباء، ويقول: ليس من عادتنا، ولا يمكن أن نمَكِّن أحدا من أن ينظر لبناتنا!

 

وربما ابنته تتردد مرارًا وتكرارًا على طبيب الأسنان - مثلا- فينظر إليها، بل ويمسها، ويحسها، وقد تذهب إلى طبيبٍ آخر، ويحصل فوق ذلك.

 

وقد تذهب إلى من يفصِّل الملابس، فيقيس لها، ويفعل ما نستحيي من ذكره هنا.

 

بل سَلْه: لماذا تسمح لزوجتك أو ابنتك أن تصافح ابن خالها، أو ينظر إليها ابن عمها، أو غيرهما ممن لا تحل لهم ولا يحلون لها؟ بل أخوك أنت، من الذي أباح لك أن تسمح له ولها أن تنظر إليه وينظر إليها؟ بل يأكل معها، ويصافحها، وقد يحصل ما هو أعظم من ذلك، أين غيرتك؟! أين دينك؟! أين رجولتك؟ قد تقول لي: هذه ضرورةٌ وحاجة، إلى غير ذلك، فنقول لك: أي ضرورة تتحدث عنها؟!

 

ولو سُلَّم لك أنها ضرورة، فبالله عليك: أليست النظرة الشرعية ضرورة؟ أليست هذه حاجة يحتاج إليها الرجل لينظر إلى من ستكون له لباسًا، وسكنًا يأوي إليها، ينظر لها ليرى هل ستكون هذه هي الزوجة التي ما سيتطلع إلى غيرها؟ كذلك المرأة - وهذا من حقها- أن تنظر إلى الرجل كما ينظر إليها، فلها رغبات وطلبات، كما للرجل رغبات وطلبات: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228].

 

فعلى الآباء، ومن لهم ولاية على النساء؛ أن يتقوا الله في هذا الأمر العظيم، وفي هذه السنة الشرعية، وألا يمنعوا ما شرعه الله، وحث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

كذلك الأزواج لا ينبغي لهم ألا يتركوا ما يكون سببًا لدوام الحياة الزوجية، وألا يكتفوا بالكلام، والأوصاف، والمبالغات التي تنقل إليهم؛ فقد يرى الواحد منا ما وصف بالجمال قبيحًا، وما وصف بالقبيح جميلًا، فأذواق الناس، وأبصارهم تختلف كاختلاف أجسادهم وطبائعهم.

 

وحين نتكلم عن النظرة الشرعية قد تحزن بعض النساء من هذا الأمر؛ وتقول: ولماذا كل هذا؟! وهل أصبحت المرأة إلا كالسلعة تباع، وتُشترى، من أراد أخذها ومن لم يعجب بها تركها؟!

 

أليس هذا إهانةً وإذلالً لها؟ أقول لكِ: يا بنة الإسلام: لا، ليس هذا إذلالًا لها، بل هو من إكرام الله لها، والاعتناء بحقها، وكما هو عليها هو أيضا لها، فكما هو يريد أن ينظر إليك؛ فأنت تحتاجين إلى أن تنظري إليه، فإن شئتِ قبلتيه، وإن شئتِ رفضتيه.

 

ثم سلي نفسك أيهما أحسن، وأحب إليكِ: هل يترككِ قبل أن يمسك؛ وأنت ما زلت في بيتك، أم بعد ذلك، وقد حصل ما حصل؟ وخاصةً إذا قد رزقكم الله أولادًا، وقد ربما يُعيركِ، ويحسسك أنك ما جئتِ على رغبته، ولا على طلبه وبغيته، الى غير ذلك من الشكاوى التي تأتي من قبل النساء؛ والله المستعان!

 

أيضا ليس شرطًا في رؤيتهِ لكِ: أن تتقابلا، ويحصل بينكما مواجهةٌ ولقاء، كذلك نقول للأب: إن خشيت من انكسار نفسها، وجرح مشاعرها، فاجعله ينظر إليها بدون علمها، بل حتى بدون علمك على الصحيح من أقوال العلماء؛ إن كان جادًّا وصادقًا في زواجها فلقد روى الإمام أحمد، وصححه الألباني رحمهما الله: عن أبي حميد الساعدي، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته وإن كانت لا تعلم»[2].

 

وروى الإمام أحمد أيضًا: عن جابر رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم المرأة؛ فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل. قال جابر: فخطبت جاريةً من بني سلمة؛ فكنت اختبئ لها، حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها؛ فتزوجتها»[3].

 

أظنني قد أطلت النفس في قضية، ومسألة النظرة الشرعية، وما ذاك إلا لأنني أرى بعض من يستنكرها، ويجعلون أعرافهم، وعاداتهم فوقها، ولكن الحقَّ أحقُّ أن يتَّبَع، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. ولنعلم جميعا أن ديننا لا يأمرنا إلا بما يصلحنا، وينفعنا، ويرفعنا:

وكل ما ينفعنا قد شرعه
وكل ما يضرنا قد منعه

كذلك من المخالفات، بل ومن المنكرات؛ التي تحصل قبل الزواج:

ما يحصل من ظلم بعض أولياء الأمور في حقوق ومهور بناتهم، فإذا حصلت البنت على مهرٍ ما، لشراء حليها ولباسها، وما تحتاجه إلى زوجها وزواجها، إذا ببعض الآباء، أو بعض الإخوة، والأولياء، يوزعه يمينًا، وشمالًا، لخالتها، لعمتها، لأقاربها، ولعله يشتري ضيافة ضيوفه؛ من حين ما استلم مهر ابنته، وهكذا لا يأتي وقت زواجها إلا وقد صرف نصف أو أكثر صداقها، فيظل بعدها حائرًا فيما بقي من صداقها، هل يشتري به ذهبها، أو ملابسها، أو الضروريات، والمستلزمات، التي ستصل بها إلى بيت زوجها؟ فيضطر حينها إلى أن يشتري لها أبخس الأشياء، والأزياء ليكسر قلبها، وليحطم آمالها التي كانت تؤملها في مهرها، وأنها ستشتري به كذا وكذا، ولعلها تُعَير بذلك من قبل أهل زوجها.

 

وبهذه الطريقة الجشعة، الظالمة، يصور الرجل جشعه عند أصهاره من أول معرفته، ويُظهِر لهم بجشعه، وأخذ مال ابنته، معزة ابنته وحبَّها في قلبه.

 

فاتقوا الله أيها الآباء، ويا من جعل الله لكم ولاية على النساء؛ بحقوقهن، ومهورهن التي كتبه الله لهن.

 

أسأل الله أن يرزقنا التمسك بدينه، وأن يجنبنا ظلم عباده! أقول قولي هذا وأستغفر الله لي، ولكم، ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم!

 

الخطبة الثانية

الحمد لله أمر بتقواه، وأخبر أن من اتقاه وقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

أيها المسلمون عباد الله، تحدثنا معكم في الخطبة الأولى عن بعض المخالفات التي تحصل قبل الزواج، ثم يكون الحديث بعد ذلك عن بعض المخالفات، والمنكرات التي تحصل في أثناء الزواج، وفي وقت الأعراس.

 

فمن ذلك: وجود مكبرات الأصوات، وإحضار المغنين، والمغنيات؛ الذين ينعقون بأصواتهم في المحافل، والمجامع، ويصطحبون في وقت نعيقهم المزامير، وآلات اللهو والطرب، والكلمات البذيئة، والمثيرة، ومبرراتهم في أذية المسلمين، والمسلمات: هو أن هذا اليوم هو يوم عرس، وأن هذا يوم النور، ولا بد فيه من إظهار الفرح، والسرور، وإسعاد العريسين في يوم زواجهما، وعرسهما الذي يعد يوم العمر لهما، وما هكذا - والله - تورد الإبل ما هكذا – والله - تقابل هذه النعمة العظيمة، بالمعاصي، والحرام، ما هكذا تشكر النعم، يا أصحاب القيم والشِّيم ولعل هذه المخالفات، ورفع أصوات المغنين، والمغنيات، قد تكون سببًا في إدخال الضيق، والنكد، والمشاكل، والحسد، على الزوجين في أول لقائهما.

 

وقد تكون سببًا في إدخال الشياطين إلى بيوتهما، بل قد يصابا أو يصاب أحدهما بالمَسِّ، والسحر، وإدخال الشياطين التي تعشعش فيهما، وتقلب الأفراح إلى أتراح، وتقلب السعادة إلى نكدٍ وشقاوة، كذلك من منكرات، ومخالفات الأعراس: هو ما يحصل من الترف، والسرف بالأموال؛ وذلك بالمبالغة بصنع الولائم، وإحضار أصحاب المزامير، وإهدار عشرات ومئات الآلاف بإطلاق النار، وغير ذلك من العادات والتقاليد التي تختلف من مكانٍ إلى آخر.

 

والذي يحزن القلب: أن بعض من يفعل هذه المخالفات هم: ممن يُتوسم فيهم الخير والصلاح، لكن لا ندري ما الذي يحصل لهم في أوقات المناسبات؟ ومن الذي يسوغ لهم فعل هذه المنكرات، والمخالفات؟ نسأل الله الثبات على دينه، والمحافظة على شريعته، في السراء والضراء، والشدة والرخاء!

 

من مخالفات، ومنكرات الأعراس هو: اختلاط النساء بالرجال، وهذا ما يحصل في وقت الزواج وقبل الزواج، وخاصةً تلك العادة السيئة القبيحة يوم يدخل الزوج مع مخطوبته قبل أن يعقد عليها في وقت خطبتها، وهي لم تزل أجنبيةً عنه، ولا تحل له ولا يحل لها، ومع ذلك يجلس بجوارها، ويُشرِّبها ما يُشرِّبها، وقد ربما يتصور معها.

 

كل ذلك بمحظرٍ حافلٍ من النساء الأجنبيات، والقريبات، والبعيدات، بل قد يحصل في ذلك ما يحصل من الرقص، والمنكرات، ومما لست أذكره من الوقاحة، وقلة الحياء، نسأل الله الستر والعافية!

 

كذلك من منكرات الأعراس: ظهور التبرج، والسفور، وقلة الحياء من عديمات الحياء، فبعض هؤلاء إذا دخلت بيت عرسٍ، أو صالة فرح، نزعت وخلعت حياءها قبل دخولها، فلا تسأل عن الكلمات الساقطة، ولا تسأل عن الرقصات الساذجة، والأجساد العارية، هذا – والله - واقع، ويحصل في بعض الأماكن، والمناطق، ولابد أن نتحدث عنه، ولابد أن نُحذر الناس منه، وإلا- بالله عليكم - ما فائدة هذه المنابر التي نصعد عليها، إن لم تعالج أمراض الناس، وتحذر منها؟!

 

ولا نريد من خلال عرض هذه المنكرات والمخالفات أن نضيق واسعًا، أو أن نحرم مباحًا، كلا وألف كلا، ففي ديننا فسحة، وفي أفراحنا سعة، وقد جعل الله لكل شيءٍ قدرًا.

 

فجائزٌ لنا، ومسموحٌ لنا: أن نعلن عن فرحنا، ونفعل ما شئنا مما أباحه الله لنا. كذلك النساء لا بأس بفرحهن، وتزينهن، وضربهن بالدف، وغير ذلك مما هو في نطاق المشروع والمسموح.

 

كذلك من المخالفات التي تحصل في الزواج هو ظلم البنات، وذلك بتزويجهن بمن لا يرغبن فيهم، فترى بعض الآباء - خاصةً في بعض المناطق، والقرى - يلزم ابنته أن تتزوج بمن لا ترغب في الزواج به، وذلك لعدة أغراضٍ وأطماع!

 

قد يزوج بعضهم ابنته على من لا ترغب فيه لعادة سيئة انتشرت في قبيلته، وهي أنهم لا يزوِّجون من كان بعيدًا منهم، أو غريبًا عنهم، وأنهم لا يزوجون بناتهم إلا من كان منهم، وفيهم، وقد يكون ذلك غرورًا منهم، وإعجابًا بقبيلتهم، وأنه لا يوجد من يكافئهم، كذلك من الأغراض في تزويج البنات من لا يرغبن في الزواج منه أن يزوج الرجل ابنته رجلًا من قبيلةٍ عرفت بجاهها، أو كثرة مالها، افتخارًا منه بأنه صاهر أناسًا صفتهم كذا وكذا، ولكي يقال زوج ابنته من بيت فلان، أو من القبيلة الفلانية، وكل هذا على حساب ابنته، مع ذلك هي كارهةٌ لذلك، وقد تأبى أشد الإباء، بل قد تقسم الأيمان على عدم رغبتها، وقد تتوعدهم بقتل نفسها، أو أن تفعل كذا، وكذا إن هم زوجوها.

 

وبعضهم قد يزوج ابنته بأحد أقاربه، وهي غير راغبة، بل كارهة، لكن أباها الظالم يفعل ذلك ليتحايل على مهرها، وما افترضه الله لها.

 

فقد يتفق مع أخيه، أو أحد أقاربه؛ أن يزوج كلُّ واحدٍ منهما ابنته للآخر، ومهر هذه يكون مقابل لمهر الأخرى، فتتزوج ابنة هذا بولد هذا بدون مهر، فيحصل ما يحصل من الظلم، والقهر، وتحصل أمورٌ لا تحمد عقباها!

 

فقد تعيش المرأة مع رجلٍ لا تحبه، ولا يحبها، ولعلها لا تطيقه ولا يطيقها، عند ذلك لا تتعجب، ولا تستغرب يوم تحصل المشاكل المستمرة بين الرجل والمرأة.

 

لماذا؟ لأنه جاءها، وجاءته بدون اختيارهما، ولأنه ما حصل هناك انسجام، ولا توافقٌ بينهما.

 

فإلى الآباء، وإلى أولياء أمور النساء: اتقوا الله في أولادكم وبناتكم، وزوِّجوهم باختيارهم، لا باختياركم، واعلموا أن الحياة الزوجية مبنية على الوفاق والألفة والمحبة، وأن كل واحدٍ مع من أحبه، وزوجة المؤمن في الدنيا هي زوجته في الآخرة.

 

ولا نقصد بذلك هو عدم تدخلك أيها الأب فيمن تقدم لابنتك، ليس كذلك، فمن حقك إذا تقدم لابنتك من لا ترتضي دينه وخلقه أن تَرُدَّه، بل وتلزم ابنتك أن ترفضه، فأنت الذي ربيتها، وأنت المسؤول عنها، لكن قصدنا، ومقصود حديثنا هو ألا تُكرهها على زوجٍ وهي لا تريده؛ حتى ولو ارتضيت أنت دينه وخلقه، لأنها هي التي ستعيش معه، وهي التي ستسكن إليه وتلبسه، فإن فعلت فاعلم أنك ظالم لها، ولعلها ستكون لك خصمًا بين يدي ربها، وأنت السبب في كل المعاناة التي عاشتها، وعانتها مع هذا الزوج الذي جاءها باختيارك، لا باختيارها.

 

هذه بعض المخالفات التي تحصل في زواجنا وأفراحنا وأعراسنا، وما بقي منها أكثر منها، ولكن مقصودنا ومطلب حديثنا، هو أن نتقي الله في كل وقتٍ وحين؛ في أفراحنا، وأحزاننا، في شدتنا، ورخائنا، ولنعلم أن السعادة الحقة، والفرحة كلَّ الفرحة، هي بالتمسك بدين الله، والعمل بما يرضيه.

 

هذه هي الحياة الطيبة التي أخبر الله عنها بقوله: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

أسأل الله العظيم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته!

 

أسأل الله أن يغفر ذنوبنا، وأن يصلحنا ويصلح نساءنا، وأن يجعلنا من أسعد الناس بطاعة ربنا...



[1] رواه الترمذي في سننه (1087).

[2] رواه أحمد في مسنده (23602).

[3] رواه أحمد (14586).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تقوى الله وتيسير الزواج
  • من مصالح الزواج وأحكامه (خطبة)
  • مفاتيح البركة قبل الزواج
  • مفاتيح البركة بعد الزواج
  • التحذير من منع الزواج (خطبة)
  • مقاصد الزواج (خطبة)
  • مقاصد الزواج
  • الزواج حصن حصين للشباب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • المجاهرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مخالفات الأعراس(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • من مخالفات الأعراس(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نعمة الزواج وما يقع فيها من مخالفات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخالفات في العيدين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخالفات في لباس المرأة (4)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مخالفات في لباس المرأة (3)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مخالفات في لباس المرأة (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مختصر مخالفات وبدع وأخطاء تتعلق بالصلاة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخالفات في لباس المرأة (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب