• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج الاستدلال بين القرآن والسنة: دراسة نقدية ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    تلك نتائج السرائر!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    التقوى زاد المؤمن (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    أصحاب الأخدود (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق القرآن
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    صفة الوجه
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    من مائدة الفقه: صفة الاغتسال والمسح على الجبيرة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإعاقة الباطنية: عمى البصيرة، وأمراض القلوب
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الحسنات: تلك العملة الصعبة
    محمد شفيق
  •  
    خطبة: من مغذيات الإيمان التعرف على الله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وحمايته من شر ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    شرح حديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    إذا أحببت الله.. (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تحريم سب الدهر والسنين والشهور والأيام ونحو ذلك
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

فضول الخلطة

فضول الخلطة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/1/2024 ميلادي - 29/6/1445 هجري

الزيارات: 10427

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضول الخلطة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، وَتَابَعَ عَلَى عِبَادِهِ خَيْرًا وَفَضْلًا وَنِعَمًا، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِلصَّلَاحِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْهُدَى، وَضَلَّ عَنْ صِرَاطِهِ أَصْحَابُ الْهَوَى وَالرَّدَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ الْعَبْدُ الْمُصْطَفَى، وَالنَّبِيُّ الْمُجْتَبَى، وَالشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ فِي الْوَرَى؛ ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ ‌الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النَّجْمِ: 3-4]، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُمْ وَاقْتَفَى.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى؛ فَإِنَّ إِلَى رَبِّكُمُ الرُّجْعَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ ‌نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الْحَشْرِ: 18-20].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: كُلُّ مُؤْمِنٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُبْعَثُ مِنْ قَبْرِهِ، وَأَنَّهُ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى عَمَلِهِ، وَأَنَّ الْمُحَاسَبَةَ تَتَنَاوَلُ عُمُرَهُ وَشَبَابَهُ وَوَقْتَهُ وَمَالَهُ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‌حَتَّى ‌يُسْأَلَ ‌عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَمِنْ أَشَدِّ مَا يُفْسِدُ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَيَاتَهُ، وَيُهْدِرُ أَوْقَاتَهُ؛ مُخَالَطَتُهُ لِلْبَطَّالِينَ الَّذِينَ لَا يَنْفَعُونَهُ فِي دِينِهِ وَلَا دُنْيَاهُ، فَيُجَالِسُهُمْ أَغْلَبَ أَوْقَاتِهِ، وَيَسْمُرُ مَعَهُمْ أَكْثَرَ لَيَالِيهِ؛ فَتَضِيعُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَالْإِنْسَانُ بِطَبْعِهِ يُحِبُّ الْمُؤَانَسَةَ وَالْمُخَالَطَةَ، وَيَنْفِرُ مِنَ الِانْفِرَادِ وَالْعُزْلَةِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ حُسْنُ الِاخْتِيَارِ فِيمَنْ يُخَالِطُ، مَعَ الِاقْتِصَادِ فِي الْخُلْطَةِ.

 

أَمَّا اخْتِيَارُ صُحْبَتِهِ الَّذِينَ يُخَالِطُهُمْ فَلَا يَخْتَارُ إِلَّا مَنْ يَنْتَفِعُ بِصُحْبَتِهِمْ، مِمَّنْ يَزِيدُونَ إِيمَانَهُ، وَيُثَبِّتُونَ يَقِينَهُ، وَيَأْطُرُونَهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَيَحْجِزُونَهُ عَنِ الْبَاطِلِ حَجْزًا، وَمَنْ يُعَلِّمُونَهُ مَا جَهِلَ مِنْ دِينِهِ، وَمَنْ مَجَالِسُهُمْ عَامِرَةٌ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، خَالِيَةٌ مِنَ اللَّغْوِ وَاللَّهْوِ وَالْبَاطِلِ وَالْإِثْمِ.

 

وَأَمَّا الِاقْتِصَادُ فِي الْخُلْطَةِ: فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَظٌّ مِنْ عُزْلَةٍ، يَخْلُو فِيهَا بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيَتَفَكَّرُ فِي عَظَمَتِهِ وَآيَاتِهِ وَآلَائِهِ، وَيَجْلُو فِيهَا قَلْبَهُ، وَيُصَفِّي ذِهْنَهُ، وَيُحَاسِبُ نَفْسَهُ عَلَى تَقْصِيرِهِ فِي جَنْبِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «‌خُذُوا بِحَظِّكُمْ ‌مِنَ ‌الْعُزْلَةِ»، وَسُئِلَ عَنْ هَذَا الْأَثَرِ الْإِمَامُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: «يَقُولُ: تَفَرَّغُوا لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعُزْلَةَ هِيَ سَبَبُ التَّفَرُّغِ لِلْعِبَادَةِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ صَوْمَعَةُ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ؛ يَكُفُّ فِيهَا سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ»، وَقَالَ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ الْمَرْءَ ‌لَحَقِيقٌ ‌أَنْ ‌يَكُونَ ‌لَهُ ‌مَجَالِسُ يَخْلُو فِيهَا فَيَذْكُرُ فِيهَا ذُنُوبَهُ فَيَسْتَغْفِرُ مِنْهَا»، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَلَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ أَوْقَاتٍ يَنْفَرِدُ بِهَا بِنَفْسِهِ فِي دُعَائِهِ وَذِكْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَتَفَكُّرِهِ، وَمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ، وَإِصْلَاحِ قَلْبِهِ، وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَشْرَكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ؛ فَهَذِهِ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى انْفِرَادِهِ بِنَفْسِهِ».

 

وَلِلسَّلَفِ الصَّالِحِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ فِي الْخَلْوَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالْعُزْلَةِ بِالنَّفْسِ لِلتَّفَكُّرِ وَالْمُحَاسَبَةِ، وَالْبُعْدِ عَنْ مُخَالَطَةِ مَنْ لَا يَزِيدُ الْإِيمَانُ بِمُخَالَطَتِهِمْ، قَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْلَا الْجُمْعَةُ وَالْجَمَاعَةُ ‌لَبْنَيْتُ ‌فِي ‌أَعْلَى ‌دَارِي هَذِهِ بَيْتًا، فَلَمْ أَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى أُخْرَجَ إِلَى قَبْرِي»، وَقَالَ قَتَادَةُ: «قَلَّ مَا تَرَى الْمُسْلِمَ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: فِي ‌مَسْجِدٍ ‌يَعْمُرُهُ، أَوْ بَيْتٍ يُكِنُّهُ، أَوِ ابْتِغَاءِ رِزْقٍ مِنْ فَضْلِ رَبِّهِ»، وَقَالَ شَفِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ: «قُلْنَا لِابْنِ الْمُبَارَكِ: إِذَا صَلَّيْتَ مَعَنَا لِمَ لَا تَجْلِسُ مَعَنَا؟ قَالَ: أَذْهَبُ فَأَجْلِسُ مَعَ التَّابِعِينَ وَالصَّحَابَةِ، قُلْنَا: فَأَيْنَ التَّابِعُونَ وَالصَّحَابَةُ؟ قَالَ: أَذْهَبُ أَنْظُرُ فِي عِلْمِي فَأُدْرِكُ آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، مَا أَصْنَعُ مَعَكُمْ؟ أَنْتُمْ تَجْلِسُونَ ‌تَغْتَابُونَ ‌النَّاسَ»، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «إِنِّي لَأَفْرَحُ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، لَيْسَ إِلَّا ‌لِأَسْتَرِيحَ ‌مِنْ ‌رُؤْيَةِ النَّاسِ»، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: «حُبُّ ‌لِقَاءِ ‌النَّاسِ ‌مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَتَرْكُهُمْ تَرْكُ الدُّنْيَا»، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ: «كُلُّ أَخٍ وَجَلِيسٍ وَصَاحِبٍ لَا تَسْتَفِيدُ مِنْهُ ‌خَيْرًا ‌فِي ‌أَمْرِ ‌دِينِكَ، فَفِرَّ مِنْهُ»، فَالَّذِي لَيْسَ لَهُ خَلْوَةٌ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا عُزْلَةٌ بِنَفْسِهِ، تَضْمَحِلُّ عِنْدَهُ عِبَادَةُ التَّفَكُّرِ، وَتَضْعُفُ مُحَاسَبَتُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِمُخَالَطَةِ غَيْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ شُغْلِهِ بِإِصْلَاحِ نَفْسِهِ وَتَفَقُّدِ قَلْبِهِ. نَاهِيكُمْ أَنَّهُ قَدْ يُضَيِّعُ النَّوَافِلَ، وَيُقَصِّرُ فِي الْفَرَائِضِ، بِحَسَبِ مَنْ يُخَالِطُهُمْ، وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَرَامِ، وَمَا أَكْثَرَهُ فِي مَجَالِسِ النَّاسِ؛ مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَةِ فِي شَأْنٍ مِنَ الشُّئُونِ، وَالنَّظَرِ إِلَى مُحَرَّمَاتِ الشَّاشَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

 

وَاعْتِزَالُ مَجَالِسِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لَا خِيَارَ لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي وَصْفِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا ‌يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 72]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ ‌يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى ‌يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 68].

 

وَأَمَّا الْمَجَالِسُ الْمُبَاحَةُ الَّتِي فِيهَا أُنْسٌ بِالْأَصْدِقَاءِ وَالْأَصْحَابِ، وَلَيْسَ فِيهَا مُحَرَّمٌ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْإِقْلَالُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا تُذْهِبُ الْوَقْتَ فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ غَيْرُ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ، وَمَا خُلِقَ الْخَلْقُ لِذَلِكَ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَأَمَّا ‌اعْتِزَالُ ‌النَّاسِ ‌فِي ‌فُضُولِ الْمُبَاحَاتِ وَمَا لَا يَنْفَعُ، وَذَلِكَ بِالزُّهْدِ فِيهِ؛ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ».

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْمَجَالِسِ أَنْفَعَهَا، وَمِنَ الصُّحْبَةِ أَعْلَاهَا، وَمِنَ الْمُخَالَطَةِ أَزْكَاهَا، وَهِيَ الَّتِي تُرَقِّقُ قَلْبَهُ، وَتُصْلِحُ دِينَهُ، وَتَجْعَلُ يَوْمَهُ خَيْرًا مِنْ أَمْسِهِ، وَتُعِينُهُ عَلَى الْخَيْرِ، وَتَحْجِزُهُ عَنِ الشَّرِّ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَعَ تَغَيُّرِ الْحَيَاةِ الْمَدَنِيَّةِ عَلَى النَّاسِ، وَكَثْرَةِ وَسَائِلِ الرَّاحَةِ، وَضَغْطِ الْمَعَاشِ وَالزِّحَامِ عَلَيْهِمْ؛ تَفَنَّنُوا فِي طَرَائِقَ لِلْمُخَالَطَةِ مَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي سَابِقِيهِمْ؛ فَمِنْهُمْ أَقْوَامٌ اتَّخَذُوا لَهُمْ قُرَنَاءَ يُخَالِطُونَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ مُخَالَطَتِهِمْ لِأَهْلِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، فَيَقْضُونَ أَكْثَرَ اللَّيْلِ أَوْ كُلَّهُ مَعَهُمْ فِي اسْتِرَاحَاتٍ اتَّخَذُوهَا لِهَذَا الْغَرَضِ، يَجِدُونَ فِيهَا أُنْسَهُمْ وَسَعَادَتَهُمْ بِأَقْرَانِهِمْ، وَلَكِنَّهَا لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ تَضْيِيعًا لِلْأَوْقَاتِ، وَإِهْدَارًا لِلْأَعْمَارِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ مِنْهُ، وَقَدْ يُصَاحِبُهَا مُحَرَّمَاتُ الْمَجَالِسِ، وَمَنْ عَجَزُوا عَنْ مَؤُونَةِ ذَلِكَ اتَّخَذُوا لَهُمْ أَرْصِفَةً أَوْ خَلَاءً يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ لَيْلَةٍ لِأُنْسِهِمْ وَسَهْرَتِهِمْ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُخَالِطُ النَّاسَ بِبَدَنِهِ، وَلَكِنَّهُ مَعَهُمْ بِفِكْرِهِ وَنَظَرِهِ وَسَمْعِهِ؛ كَمَنْ يَجْتَمِعُونَ -وَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ- عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ عَلَى لُعْبَةِ إِلِكْتُرُونِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فِي الشَّبَابِ، وَتَمْضِي السَّاعَاتُ الطِّوَالُ وَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْخُلْطَةِ، وَرُبَّمَا تَخَلَّفُوا عَنِ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ، أَوْ أَخَّرُوا الْفَرَائِضَ عَنْ أَوْقَاتِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْخُلْطَةِ الْمَذْمُومَةِ، وَالصُّحْبَةِ الْمَشْؤُومَةِ، الَّتِي تَشْغَلُ صَاحِبَهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُهْدِرُ وَقْتَهُ فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ.

 

وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ بَعْضُ مَنْ فِيهِمْ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ مَعَ أَقْرَانِهِمْ لِمُجَرَّدِ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ، وَرُبَّمَا عَطَّرُوا مَجْلِسَهُمْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ يَغْلِبُ عَلَى خُلْطَتِهِمُ الْغَفْلَةُ وَاللَّغْوُ، فَتَشْغَلُهُمْ عَمَّا هُوَ أَنْفَعُ لَهُمْ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الِاجْتِمَاعُ بِالْإِخْوَانِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: اجْتِمَاعٌ ‌عَلَى ‌مُؤَانَسَةِ ‌الطَّبْعِ وَشُغْلِ الْوَقْتِ؛ فَهَذَا مَضَرَّتُهُ أَرْجَحُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ، وَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنَّهُ يُفْسِدُ الْقَلْبَ وَيُضَيِّعُ الْوَقْتَ. الثَّانِي: الِاجْتِمَاعُ بِهِمْ عَلَى التَّعَاوُنِ عَلَى أَسْبَابِ النَّجَاةِ وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَالصَّبْرِ؛ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْغَنِيمَةِ وَأَنْفَعِهَا، وَلَكِنْ فِيهِ ثَلَاثُ آفَاتٍ: إِحْدَاهَا: تَزَيُّنُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. الثَّانِيَةُ: الْكَلَامُ وَالْخُلْطَةُ أَكْثَرُ مِنَ الْحَاجَةِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ شَهْوَةً وَعَادَةً يَنْقَطِعُ بِهَا عَنِ الْمَقْصُودِ»، «وَالْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • زكاة الخلطة
  • الخلطة والعزلة

مختارات من الشبكة

  • الفضول وحب الاستطلاع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء: فضله وآدابه(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الخرائط الذهنية في تكوين المناعة الفكرية: منقول من كلام السادة العلماء وذوي الفضل والتقوى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مراتب الفضل والرحمة في الجزاء الرباني على الحسنة والسيئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من الفضل والتاريخ لشهر المحرم ويوم عاشوراء(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • كيفية الصلاة على الميت: فضلها والأدعية المشروعة فيها (مطوية باللغة الأردية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضول الكلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • سباق الذكاء الاصطناعي: فضول لا ينتهي، وسباق محموم، ودور العالم العربي في هذا السباق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فضول التفكير (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • فضول الاستماع (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/6/1447هـ - الساعة: 14:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب