• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فخ استعجال النتائج
    سمر سمير
  •  
    من مائدة الحديث: خيرية المؤمن القوي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وفاء القرآن الكريم بقواعد الأخلاق والآداب
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تذكير (للأحياء) مِن الأحياء بحقوق الأموات عليهم!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الوسيلة والفضيلة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حقوق الطريق (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حديث: حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حديث: «نقصان عقل المرأة ودينها» بين نصوص السنة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تحبيب الله إلى عباده
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    خطبة: المصافحة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    خطبة عن الافتراء والبهتان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة
    عبدالعزيز أبو يوسف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: الغلاء بين السماحة والاستقصاء

خطبة: الغلاء بين السماحة والاستقصاء
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/6/2022 ميلادي - 16/11/1443 هجري

الزيارات: 10408

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: الغلاء بين السماحة والاستقصاء


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حَبَا اللهُ بِلادَنَا خَيرَاتٍ كَثِيرَةً، خَيرَاتٍ في البَرِّ وَالبَحرِ، وَخَيرَاتٍ في السَّهلِ وَالجَبَلِ، وَخَيرَاتٍ في المُدُنِ وَالقُرَى، وَخَيرَاتٍ في الحَوَاضِرِ وَالبَوَادِي، أَرزَاقٌ دَارَّةٌ، وَعِيشَةٌ قَارَّةٌ، وَحَيَاةٌ سَارَّةٌ، وَثَمَرَاتٌ تُجبى مِن كُلِّ مَكَانٍ، وَفَاكِهَةٌ ذَاتُ أَشكَالٍ وَأَلوَانٍ، وَأَمنٌ وَسَلامٌ وَاطمِئنَانٌ، وَشِبَعٌ وَرِيٌّ وَعَافِيَةٌ وَسِترٌ، وَهُدُوءُ بَالٍ وَاستِقرَارُ حَالٍ وَانشِرَاحُ صَدرٍ ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18].

 

وَإِنَّ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنهُ وَنَحنُ نَتَقَلَّبُ في هَذِهِ الخَيرَاتِ الَّتي تُوجِبُ شُكرَ اللهِ بِالإِقبَالِ عَلَى عَمَلِ الآخِرَةِ، أَن يَزِيدَ الحِرصُ عَلَى مَتَاعِ الدُّنيَا القَلِيلِ، وَيَقوَى التَّمَسُّكُ بِحُطَامِهَا الزَّائِلِ، وَيَشتَدَّ الطَّمَعُ وَالجَشَعُ وَالهَلَعُ، وَيَزدَادَ السُّعَارُ فَتَرتَفِعَ الأَسعَارُ، وَيَتَصَاعَدَ الغَلاءُ وَتُتَجَاوَزَ الحُدُودُ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ، وَتَقِلَّ السَّمَاحَةُ وَيَقوَى التَّغَابُنُ وَالاستِقصَاءُ، مِمَّا يُنذِرُ بِمُشكِلاتٍ اجتِمَاعِيَّةٍ وَآثَارٍ غَيرِ مَحمُودَةٍ، لا تَنفَكُّ عَنهُا المُجتَمعَاتُ كُلَّمَا ازدَادَ فِيهَا الفَقرُ وَالبُؤسُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في هَذِهِ الابتِلاءَاتِ الَّتي تَمُرُّ بِالنَّاسِ وَمِنهَا الغَلاءُ، تُصقَلُ أَخلاقٌ كَرِيمَةٌ، وَتَتَكَشَّفُ صِفَاتٌ قَبِيحَةٌ، فَتَظهَرُ رَحمَةُ الرَّحِيمِ وَتَبرُزُ غِلظَةُ اللَّئِيمِ، وَيَكمُلُ إِشفَاقُ الشَّفِيقِ وَيَزِيدُ شَرَهُ الطَّامِعِ، وَبَينَمَا تَكثُرُ صَدَقَاتُ المُحسِنِينَ الأَجوَادِ، وَتَتَوَالى هِبَاتُ الكِرَامِ وَتَتَنَوَّعُ أُعطِيَاتُهُم، وَيَتَنَازَلُ الأَسخِيَاءُ عَن بَعضِ حُقُوقِهِم رَحمَةً بِإِخوَانِهِم، وَطَلَبًا لِمَا عِندَ اللهِ مِنَ الأَجرِ وَكَرِيمِ العِوَضِ، في الوَقتِ نَفسِهِ وَعَلَى جَانِبٍ آخَرَ، تَكُونُ مَصَائِبُ النَّاسِ بِهَذَا الغَلاءِ عِندَ قَومٍ آخَرِينَ فَوَائِدَ تُغتَنَمُ وَفُرَصًا تُنتَهَزُ، وَغَنَائِمَ تُبتَدَرُ وَصيدًا يُتَسَابَقُ عَلَيهِ، فَتَتَضَاعَفُ إِيجَارَاتُ المَسَاكِنِ وَالدُّورِ، وَتَرتَفِعُ أَثمَانُ السِّلَعِ وَالبَضَائِعِ، حَتى تَغدُوَ السِّلعَةُ اليَومَ بِضَعفِي قِيمَتِهَا قَبلَ أَشهُرٍ، إِن لم تَتَجَاوَزْ إِلى ثَلاثَةِ أَضعَافٍ وَأَكثَرَ، وَيَحرِصُ كُلُّ فَردٍ عَلَى أَن يَنهَبَ الآخَرَ وَيَزِيدَ عَلَيهِ في قِيمَةِ مَا عِندَهُ، لِيُعَوِّضَ مَا فُقِدَ مِنهُ وَأُخِذَ.

 

وَمَا هَكَذَا يَنبَغِي أَن يَكُونَ المُسلِمُونَ فِيمَا يَمُرُّ بِهِم مِن أَزمَاتٍ وَشَدَائِدَ، وَمَا هَكَذَا يَنبَغِي أَن تَصِلَ بِالنَّاسِ قَسوَةُ القُلُوبِ وَضَعفُ النُّفُوسِ وَشِدَّةُ الطَّمَعِ، فَيَعبُدُوا المَالَ وَيُصبِحُوا لَهُ خَدَمًا، يَقُومُون في طَلَبِهِ وَلا يَقعُدُون، وَيَصِيرُونَ كَالجَرَادِ الَّذِي يَأكُلُ حَيُّهُ مَيِّتَهُ، وَيَسحَقُ قُوِيُّهُ ضَعِيفَهُ، لَكِنَّ اللاَّئِقَ بِهِم التَّحَلِّي بِأَخلاقِ أَهلِ الإِسلامِ مِنَ الإِيثَارِ وَالرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ، وَالرِّضَا مِنَ المَكَاسِبِ بِالقَلِيلِ المُتَيَسِّرِ، وَالوَضعِ عَنِ المُعسِرِينَ وَالتَّجَاوُزِ عَنهُم وَإِبرَاءِ ذِمَمِهِم لِوَجهِ اللهِ، أَو إِمهَالِهِم إِلى حَالِ اليُسرِ وَالمَوجِدَةِ استِجَابَةً لأَمرِ اللهِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280]، أَجَل وَاللهِ، إِنَّ إِنظَارَ المُعسِرِينَ وَإِمهَالَهُم، وَالتَّمَهُّلَ في طَلَبِ الحُقُوقِ وَوَضعَ مَا يُمكِنُ وَضعُهُ مِنهَا، إِنَّهُ وَرَبِّي لَهُوَ الخُلُقُ الَّذِي يَجِبُ أَن يَسُودَ في مُجتَمَعِنَا، وَأَن تُطبَعَ عَلَيهِ نُفُوسُنَا، وَأَن يَقَعَ في قُلُوبِنَا، لِنَنَالَ بِهِ رَحمَةَ اللهِ، فَإِنَّ رَحمَةَ الإِنسَانِ لأَخِيهِ، سَبَبٌ لِرَحمَةِ اللهِ لَهُ، وَقَد صَحَّت بِذَلِكَ الأَحَادِيثُ عَنِ الرَّحِيمِ الشَّفِيقِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَعِندَ مُسلِمٍ أَيضًا: "مَن سَرَّهُ أَن يُنجِيَهُ اللهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَن مُعسِرٍ أَو يَضَعْ عَنهُ "وَعَن بُرَيدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَن أَنظَرَ مُعسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ مِثلُهُ صَدَقَةٌ"، قَالَ: ثم سَمِعتُهُ يَقُولُ: "مَن أَنظَرَ مُعسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ مَثلاهُ صَدَقَةٌ"، قَالَ: سَمِعتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَقُولُ: "مَن أَنظَرَ مُعسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ مِثلُهُ صَدَقَةٌ"، ثم سَمِعتُكَ تَقُولُ: "مَن أَنظَرَ مُعسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ مِثلاهُ صَدَقَةٌ"، قَالَ: "لَهُ بِكُلِّ يَومٍ مِثلُهُ صَدَقَةٌ قَبلَ أَن يَحِلَّ الدَّينُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّينُ فَأَنظَرَهُ، فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ مِثلاهُ صَدَقَةٌ"؛ رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ وَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيتَ مُعسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنهُ لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنهُ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

إِنَّهَا أَخلاقُ الإِسلامِ، إِيثَارٌ وَإِنظَارٌ، وَتَسَامُحٌ وَإِمهَالٌ، وَوَضعٌ لِبَعضِ الحَقِّ ابتِغَاءَ مَا عِندَ اللهِ، وَتَوسِيعٌ عَلَى عِبَادِ اللهِ رَحمَةً بِهِم، وَأَمَّا الأَثَرَةُ وَالطَّمَعُ، وَالشُّحُّ وَالشَّرَهُ، وَالتَّضيِيقُ عَلَى النَّاسِ في المُطَالَبَةِ، وَالمُغَالاةُ في الأُجُورِ وَرَفعُهَا، وَالمُبَالَغَةُ في أَثمَانِ السِّلَعِ وَزَيَادَتُهَا، فَتِلكَ مِن أَخلاقِ مَن جَعَلَ الدُّنيَا هِيَ هَمَّهُ وَبُغيَتَهُ، وَبَاعَ مِن أَجلِهَا مُرُوءَتَهُ وَكَرَامَتَهُ، فَالرِّفقَ الرِّفقَ يَا عِبَادَ اللهِ، وَالرَّحمَةَ الرَّحمَةَ أَيُّهَا الإِخوَةُ، فَإِنَّمَا يَرحَمُ اللهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ، وَالرَّاحِمُونَ يَرحَمُهُمُ الرَّحمَنُ، اِرحمُوا مَن في الأَرضِ يَرحَمْكُم مَن في السَّمَاءِ، ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد نَدَبَنَا الإِسلامُ إِلى السَّمَاحَةِ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ، وَالتَّحَلِّي بِاللِّينِ وَالسُّهُولَةِ في الأَخذِ وَالعَطَاءِ، وَتَركِ الحِرصِ وَالطَّمَعِ وَالتَّضيِيقِ وَالمُشَاحَّةِ، وَمَتى مَا أَخَذنَا بِذَلِكَ وَتَعَامَلنَا بِهِ، وَجَدنَا البَرَكَةَ في أَموَالِنَا وَأَحوَالِنَا، وَمَتى مَا ابتَعَدنَا عَنهُ وَزَهِدنَا فِيهِ، فَقَدِ ابتَعَدنَا عَن رَحمَةِ اللهِ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشتَرَى، وَإِذَا اقتَضَى"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

أَيُّهَا الإِخوَةُ، وَمَعَ مَا يُندَبُ إِلَيهِ الأَغنِيَاءُ وَالبَائِعُونَ وَأَصحَابُ الحُقُوقِ مِنَ السَّمَاحَةِ وَالتَّيسِيرِ، فَإِنَّ عَلَى المُشتَرِينَ وَالمُستَدِينِينَ وَالمُقتَرِضِينَ وَالمُستَأجِرِينَ، أَن يَحرِصُوا عَلَى إِعطَاءِ الحُقُوقِ في وَقتِهَا كَامِلَةً مَوفُورَةً، غَيرَ مَنقُوصَةٍ وَلا مَبخُوسَةٍ، وأَن يَحذَرُوا مِنَ التَّأخِيرِ وَالمُمَاطَلَةِ مَعَ القُدرَةِ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " مَطلُ الغَنيِّ ظُلمٌ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرضَهُ وَعُقُوبَتَهُ"؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَالمَطلُ وَاللَّيُّ هُوَ التَّأَخُّرُ المُتَعَمَّدُ مِنَ الغَنيِّ في إِعطَاءِ النَّاسِ أَموَالَهُم وَإِيفَائِهِم حُقُوقَهُم، وَالمُمَاطِلُ بِحُقُوقِ النَّاسِ وَهُوَ يَقدِرُ عَلَى سَدَادِهَا ظَالِمٌ، وَمِن حَقِّ صَاحِبِ المَالِ أَن يَقَعَ في عِرضِهِ فَيَقُولُ إِنَّهُ ظَالِمٌ، وَأَنَّهُ يَأكُلُ أَموَالَ النَّاسِ، وَلَهُ أَن يُقَاضِيَهُ عِندَ الحَاكِمِ أَوِ القَاضِي، وَلِلحَاكِمِ أَوِ القَاضِي أَن يُعَاقِبَهُ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَحرِصْ عَلَى الوَفَاءِ لأَصحَابِ الحُقُوقِ بِحُقُوقِهِم، مَعَ الصَّبرِ وَعَدَمِ التَّوَسُّعِ في الشِّرَاءِ، وَخَاصَّةً مَعَ ارتِفَاعِ الأَسعَارِ وَالغَلاءِ، فَإِنَّ العَاقِلَ البَصِيرَ يَقتَصِرُ عَلَى مَا هُوَ حَاجَةٌ أَو ضَرُورَةٌ، وَأَمَّا جَعلُ الشِّرَاءِ وَدُخُولِ الأَسوَاقِ هِوَايَةً وَتَقلِيدًا لِلآخَرِينَ، وَمَجَالاً لِتَشَبُّعِ الإِنسَانِ بِمَا لَيسَ عِندَهُ، وَلأَن يُنَافِسَ الآخَرِينَ وَيُرِيَهُم أَنَّهُ أَفضَلُ مِنهُم، فَهَذَا مِن أَكبَرِ أَسبَابِ الفَقرِ وَنَزعِ البَرَكَةِ مِنَ المَالِ وَلَو كَثُرَ، وَالإِنسَانُ مُحَاسَبٌ عَلَى مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ، وَاللهُ تَعَالى قَد نَهَى عَنِ الإِسرَافِ فَقَالَ: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، وَإنَّهُ ما لم يُرزَقِ النَّاسُ قَنَاعَةً وَرِضًا بِمَا تَيَسَّرَ، فَلَن يَشبَعُوا وَلَن يَرتَاحُوا، قالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَيسَ الغِنى عَن كَثرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنى غِنى النَّفسِ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الزفاف .. مناسبة عربية تخاصم الغلاء
  • رسائل الغلاء
  • مواجهة الأسرة العربية لضعف الميزانية في ظل الغلاء وتراكم الأعباء والاحتياجات
  • الغلاء وحسن التدبير
  • السماحة في البيع والشراء وقضاء الديون

مختارات من الشبكة

  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: وقفة شرعية (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تقنية الذكاء بين الهدم والبناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المراهقون بين هدي النبوة وتحديات العصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين عام غابر، وعام زائر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/2/1447هـ - الساعة: 13:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب