• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

تقوى الله تعالى وعلاقتها بالطلاق (خطبة)

تقوى الله تعالى وعلاقتها بالطلاق (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/3/2022 ميلادي - 3/8/1443 هجري

الزيارات: 15364

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقوى الله تعالى وعلاقتها بالطلاق


الخطبة الأولى

أما بعد: فحديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن أمر في غاية الأهمية هو تقوى الله تعالى وعلاقتها بالطلاق وقد يقول أحد الإخوة ما هو علاقة التقوى بالطلاق وهل هناك صلة بينها وبين حدوث الطلاق أو الحد من الطلاق؟

 

وكيف ربط الله تعالى بين أحكام الطلاق وبين التقوى في آيات القران الكريم؟

 

أعيروني القلوب والأسماع أيها الأحباب....

 

أولًا: علاقة التقوى بالطلاق:

إخوة الإسلام، إن من يتأمل آيات الزواج والطلاق في القران الكريم يجدها كلها مختومة بالحث على التقوى، والتقوى أن يعيش الإنسان مع ربه، فيستشعر أن الله تعالى يراقبه ويسمعه ويعلم سره وعلانيته، ولأن الزواج والطلاق يحدث فيهما الخلاف، فالله يوصي الطرفين بعدم الظلم والتقوى، ومن هنا نعلم أيها الإخوة أن الزواج والطلاق من الأحكام التي ينبغي ألا يكون فيهما تلاعب، وألا يسيء الرجل منزلة القوامة بالأسرة، وألا يظلم المرأة وألا يهينها، أو يحقرها أو يعلقها، وعلى المرأة أن تحترم زوجها وتقدره.

 

إخوة الإسلام، إن المسلم إذا وقف على معنى التقوى رأى بوضوح العلاقة القوية بين وبين أحكام الطلاق؛ إذ إن التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، وهي كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير.

 

إذًا هي تشمل على الخوف والخشية الذي يجعل المسلم يأتمر بأمر الله وينتهي عنه نهيه، ويقف عند حدوده ولا يتعدها، فإذا حقق المسلم والمسلم ذلك، فإن ذلك سيكون سببًا من أسباب الحب والألفة والعدل، حتى عند الفراق والطلاق، فلا ظلم ولا جور ولا ضرر ولا ضرار.

 

ثانيًا: غياب التقوى ودور الشيطان في إيقاع الطلاق وفرحه به:

إخوة الإسلام، إذا غابت التقوى عن الحياة الزوجية، تدخل الشيطان ليهدم عرش الأسرة ويفرق بين الأحبة، ويزرع الكره والبغضاء والشحناء، وينهار بنيان الأسرة ويضيع الأبناء وتضيع الحقوق؛ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ - أَوْ قَالَ: فَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ: نِعْمَ ‌أَنْتَ ‌أَنْتَ"، قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَرَّةً: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ[1].

 

وفي هذا الحديث بيان تمكن إبليس من بلوغ مقصوده من إغواء بني آدم، كما أخبر الله عز وجل عنه ﴿ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62]، فيضع عرشه على البحر، ثم يبعث بعوثه منه إلى أطراف الأرض، فلا ينجو منه إلا من قال الله سبحانه وتعالى فيهم: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا ﴾ [الإسراء: 65].

 

وفي ذلك أيها الأحباب بيان تعظيم أمر الطلاق، وكثرة ضرره، وعظيم الإثم في السعي فيه؛ لِمَا فيه من قَطْع ما أمر الله به أن يوصل، قال الأبيّ: من سعى في فراق امرأة من زوجها؛ ليتزوَّجها، هل يمكَّن من زواجها، إذا ثبت أنه سعى في ذلك؟ فأفتى بعض أصحابنا بأنه لا يمكَّن من زواجها، قال: وهو الصواب؛ لما فيه من تقرير الفساد، قال: والأظهر إذا وقع أن يكون الفساد في انعقاده، فيفسخ قبل العقد وبعده؛ انتهى بتصرُّف.

 

ثالثًا: الوصايا الربانية المتعلقة بالطلاق والتقوى:

أيها الأحباب نقف الآن مع الوصايا الربانية التي تربط بين التقوى والطلاق...

 

الوصية الأولى: الأمر بالإصلاح بين الزوجين: يجب على الزوجين أن يحسنوا ويتقوا الله تعالى، ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 128].

 

في هذه الآية الكريمة يؤكد ألله سبحانه على حسن معاملة الزوج لزوجته ويحثه على عدم النشوز والإعراض عنها، كما يحث الزوج على تقوى الله في زوجته مهما كانت هناك أسباب لذلك، وعدم التقصير في حقها الذي شرعه الله لها في العيش الكريم والمعاملة الحسنة الطيبة، والله سبحانه عليم خبير بمعاملته لزوجته، وكذلك معاملة الزوجة لزوجها، ولذلك أمرهما بالإصلاح والصلح الذي هو خير من الشقاق والنشوز والفراق الذي يهدم كيان الأسرة التي هي لبنة بناء المجتمع الإسلامي الصالح.

 

فعلى الرجال والنساء الإحسان في معاملة كل منهما للآخر، وأن يتقوا الله ويقيموا حدوده كما أمر، وأن يخافوا يومًا يعرضون فيه على الله فيخبرهم بأعمالهم ويجازيهم كلّ حسب عمله.

 

الوصية الثانية: وأمر الله سبحانه الرجل بالعدل بين الزوجات وألا يميل إلى واحدة ويترك الأخرى أو الأخريات، و﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء: 129].

 

أي مهما حرصتم على العدل، فإنكم لا تستطيعون أن تعدلوا بينهن في الميل أو الحب القلبي؛ لأنه لا سلطان لكم عليه، وبالتالي لو مال قلب الرجل إلى زوجة أكثر من أخرى، فلا يُؤاخَذ عليه، وإنما يُؤاخذ كل المؤاخذة، إن توسع في الميل والحب للفاضلة على حساب حقوق المفضولة.... فيحمله حبه للفاضلة على هجر المفضولة فيجعلها كالمعلقة؛ لا هي زوجة يُعاشرها معاشرة الأزواج يعرف لها حقوقها، ولا هي مطلقة عسى الله أن يُغنيها من فضله، فهذا لا يجوز، لقوله تعالى: ﴿ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ﴾ [النساء: 129].

 

الوصية الثالثة: أن الرجل إذا أراد أن يطلق زوجته أوصاه الله تعالى بأن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه:

معنى ذلك أن الرجل إذا وجد أن العيش مع زوجته قد استحال وأراد أن يطلقها، فليتق الله ولينتظر حتى تحيض ثم تطهر، ثم يطلقها، والحكمة من ذلك أيها الإخوة حتى لا يشق على المرأة وتطول عدتها؛ قال الله تعالى: ﴿ يا أيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 1 – 2].

 

يا أيها النبي إذا أردتم - أنت والمؤمنون - أن تطلِّقوا نساءكم فطلِّقوهنَّ مستقبلات لعدتهنَّ - أي في طهر لم يقع فيه جماع، أو في حَمْل ظاهر - واحفظوا العدة، لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن، وخافوا الله ربكم، لا تخرجوا المطلقات من البيوت التي يسكنَّ فيها إلى أن تنقضي عدتهن، وهي ثلاث حيضات لغير الصغيرة والآيسة والحامل، ولا يجوز لهن الخروج منها بأنفسهن، إلا إذا فعلن فعلة منكرة ظاهرة كالزنا.

 

وتلك أحكام الله التي شرعها لعباده، ومن يتجاوز أحكام الله فقد ظلم نفسه، وأوردها مورد الهلاك. لا تدري - أيها المطلِّق -: لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق أمرًا لا تتوقعه فتراجعها، فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهنَّ فراجعوهنَّ مع حسن المعاشرة، والإنفاق عليهن، أو فارقوهن مع إيفاء حقهن، دون المضارَّة لهن، وأشهدوا على الرجعة أو المفارقة رجلين عدلين منكم، وأدُّوا أيها الشهود الشهادةَ خالصة لله لا لشيء آخر، ذلك الذي أمركم الله به يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ومن يخف الله فيعمل بما أمره به، ويجتنب ما نهاه عنه، يجعل له مخرجًا من كل ضيق.

 

الوصية الرابعة: أن الرجل إذا طلق زوجنه طلاقًا رجعيًّا أمره الله تعالى إذا اقتربت العدة من الانتهاء أن يراجع زوجته، أو أن يفارقها دون إضرار بها، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 231].

الوصية الخامسة: أوجب الله تعالى للمطلقة قبل الدخول بها نصف المهر، وحثهم على العفو، وأمرهم بعدم نسيان الفضل الذي كان بينهم، وأن ذلك اقرب إلى تقواه جل في علاه: ﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُو ا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 237].

 

وإن طلَّقتم النساء بعد العقد عليهن، ولم تجامعوهن، ولكنكم ألزمتم أنفسكم بمهر محدد لهن، فيجب عليكم أن تعطوهن نصف المهر المتفق عليه، إلا أنْ تُسامِح المطلقات، فيتركن نصف المهر المستحق لهن، أو يسمح الزوج بأن يترك للمطلقة المهر كله، وتسامحكم أيها الرجال والنساء أقرب إلى خشية الله وطاعته.

 

ولا تنسوا أيها الناس الفضل والإحسان بينكم، وهو إعطاء ما ليس بواجب عليكم، والتسامح في الحقوق.

 

إن الله بما تعملون بصير، يُرغِّبكم في المعروف، ويحثُّكم على الفضل.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا، أما بعد:

فالوصية السادسة: إن طلقها بعد الدخول بها أمره سبحانه أن يمتعها:

أوصاه الله تعالى إذا طلق زوجته أن يُمتعها بما يناسب حاله من الغنى والفقر، فإن طلقها قبل الدخول وقبل أن يسمي لها مهرًا أن يُمتعها متاعًا حسنًا يناسب حالته جبرًا لخاطرها، وإن طلقها قبل أن يدخل بها وقد سمى لها مهرًا، فجعل متعتها نصف المهر، وأمرنا بتقواه جل في علاه، وأخبر الله تعالى أن ذلك حقًّا على المتقين: ﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 241].

 

وللمطلقات متاع من كسوة ونفقة على الوجه المعروف المستحسن شرعًا، حقًّا على الذين يخافون الله ويتقونه في أمره ونهيه؛ (أي لكل مطلقة متاع بالمعروف حقًا على كل متقٍ جبرًا لخاطرها، وأداءً لبعض حقوقها..........

 

ولما بيَّن تعالى هذه الأحكام العظيمة المشتملة على الحكمة والرحمة، امتنَّ بها على عباده، فقال: ﴿ كذلك يبين الله لكم آياته ﴾؛ أي: حدوده، وحلاله وحرامه والأحكام النافعة لكم، لعلكم تعقلونها، فتعرفونها وتعرفون المقصود منها، فإن من عرف ذلك أوجب له العمل بها[2].

 

 

وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء كانت مفوضة أو مفروضًا لها، أو مطلقة قبل المسيس، أو مدخولًا بها، وهو قول عن الشافعي رحمه الله، واختاره ابن جرير، ومن لم يوجبها مطلقًا يخصص من هذا العموم مفهوم قوله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 236] [3].

 

والمتعة أيها الأحباب هي ما يعطيه الزوج ولو عبدًا لزوجته المطلقة زيادة على الصداق لجبر خاطرها على قدر حاله"[4]، كما عرفها النووي من الشافعية بقوله: "المتعة اسم للمال الذي يدفعه الرجل لامرأته بمفارقته إياها"[5].

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا ‌النَّبِيُّ ‌قُلْ ‌لِأَزْوَاجِكَ ‌إِنْ ‌كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 28].

 

فالله سبحانه وتعالى طلب في هذه الآية من نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخيِّر نساءه بين البقاء معه أو مفارقته، كما بيَّن أن التي تفارقه لها المتعة "فتعالين أمتعكنَّ"، يقول الشوكاني: أُمتعكنَّ؛ أي أعطيكنَّ المتعة) [6].

 

قال تعالى: ﴿ ‌يَا أَيُّهَا ‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌إِذَا ‌نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49].

 

عن أبي أسيد - رضي الله عنه - قال: ثم خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى انطلقنا إلى حائط يقال له الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجلسوا ها هنا، ودخل وقد أتى بالجونية، فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل، ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هبي نفسك لي، قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة، قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: قد عذت بمعاذ، ثم خرج علينا فقال: يا أبا أسيد اكسها رازقيين[7]، وألحقها بأهلها[8].

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا طلق زوجته متَّعها بثوبين رازقيين، ولو لم تكن المتعة مشروعة لما فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - فدلَّ فعله - صلى الله عليه وسلم - على مشروعية المتعة للمطلقات.

 

وهذا الحسن بن علي رضي الله عنهما متع امرأة عشرين ألفًا وزقين من عسل، فقالت المرأة: متاع قليل من حبيب مفارق[9]، وهذا عبدالرحمن بن عوف متع امرأته التي طلق جارية[10].

 

أخي المسلم، اعلم بارك الله فيك أنَّ المتعة واجبة لكل المطلقات، سواء المفروض لها أو التي لم يفرض لها، وسواء دخل بها أو لم يدخل بها، وهذا هو الرأي الراجح من أقوال العلماء لورود الأدلة على ذلك.

 

واعلموا عباد الله أن المتعة تكون حسب حال الأزواج يسرًا وعسرًا، ولا ينظر إلى حال الزوجة؛ لأن الخطاب القرآني موجَّه للأزواج، وحال الناس يختلف من شخص لآخر، لذا فإنَّ الأمر متروك للاجتهاد، ويترك أمر تحديده للحاكم المسلم.

 

الوصية السابعة: أمر الله تعالى النساء بالعدة وأمرهن ألا يستهترن بها وحثهن على تقو الله تعالى:

﴿ وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

 

والنساء المطلقات اللاتي انقطع عنهنَّ دم الحيض لكبر سنهنَّ، إن شككتم فلم تدروا ما الحكم فيهنَّ؟ فعدَّتهنَّ ثلاثة أشهر، والصغيرات اللاتي لم يحضن، فعدتهن ثلاثة أشهر كذلك، وذوات الحَمْل من النساء عدتهنَّ أن يضعنَ حَمْلهنَّ، ومن يَخَفِ الله، فينفذ أحكامه، يجعل له من أمره يسرًا في الدنيا والآخرة، ذلك الذي ذُكِر من أمر الطلاق والعدة أمر الله الذي أنزله إليكم - أيها الناس- لتعملوا به، ومن يَخَفِ الله فيتقه باجتناب معاصيه، وأداء فرائضه، يَمْحُ عنه ذنوبه، ويجزل له الثواب في الآخرة، ويدخله الجنة.

 

عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» يَعْنِي الْقَلْبَ[11].

الدعاء..............................



[1] «مسند أحمد» (22/ 275 ط الرسالة): «وأخرجه عبد بن حميد (1033)، ومسلم (2813) (67)».

[2] «تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص106).

[3] مختصر تفسير ابن كثير (1/ 221).

[4] الشرح الكبير، أبو البركات أحمد الدردير، دار الفكر (2/ 425).

[5] روضة الطالبين، أبو زكريا محي الدين يحيى بن شرف النووي، المكتب الإسلامي ببيروت 1405 هـ، الطبعة الثانية (7/321).

[6] الشوكاني، فتح القدير (4/ 316).

[7] - رازقيّين: الرازقية ثياب من كتان بيض طوال، وقال البعض: هي ثياب يكون في داخلها زرقة. انظر: ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9/ 272)، دار الريان للتراث، الطبعة الثانية 1988م.

[8] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق (5/ 2012)، دار ابن كثير، الطبعة الثالثة 1987م.

[9] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصداق، باب التفويض (7/ 244)، مكتبة دار الباز 1994م.

[10] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الطلاق، باب: ما قالوا في المتعة ما هي (4/ 141)، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1409 هـ.

[11] رواه الترمذي (1140)، وأبو داود (2134)، والنسائي 7/ 64، وابن ماجه (1971)، وصحح إسناده الألباني في مشكاة المصابيح (3235).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطلاق في المملكة: غول يهدد البيوت
  • أطفال الطلاق عالم من الآلام
  • الطلاق في الإسلام
  • الطلاق غول يهدد المجتمع العربي
  • الطلاق
  • الطلاق تعريفه ومشروعيته
  • حكم الطلاق
  • خطبة: تنبيهات حول الطلاق

مختارات من الشبكة

  • تقوى العامل والتقوى في العمل(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • التقوى (أوصيكم بتقوى الله)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: فضائل التقوى(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التقوى والمتقون في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصية بتقوى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لعلكم تتقون (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حقيقة التقوى وأصلها ومكانها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف يحقق الصيام التقوى (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • التقوى وأثرها في حياة المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب