• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

يا عباد الله اثبتوا (خطبة)

يا عباد الله اثبتوا (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/2/2022 ميلادي - 3/7/1443 هجري

الزيارات: 14581

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا عباد الله اثبتوا

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَتَقَلَّبُ الدُّنيَا بِأَهلِهَا، وَتَتَغَيَّرُ الأَحوَالُ فِيهَا، وَلا يَثبُتُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى شَأنٍ، غَيرَ أَنَّ شَرَّ التَّقَلُّبِ فِيهَا هُوَ تَقَلُّبُ القُلُوبِ، وَتَغَيُّرُهَا وَعَدَمُ ثَبَاتِهَا عَلَى حَالٍ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ قُلُوبَ بَني آدَمَ كُلَّهَا بَينَ إِصبَعَينِ مِن أَصَابِعِ الرَّحمَنِ كَقَلبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَكَمَا يَتَقَلَّبُ الأَفرَادُ وَيَتَغَيَّرُونَ، تَتَقَلَّبُ المُجتَمَعَاتُ وَتَتَغَيَّرُ، وَيَظَلُّ النَّاسُ مَا عَاشُوا بَينَ إِقبَالٍ وَإِدبَارٍ، وَتَتَرَاوَحُ حَالُهُم بَينَ استِقَامَةٍ وَاعوِجَاجٍ، يُقبِلُونَ عَلَى الدِّينِ في زَمَنٍ وَيَنصَرِفُونَ عَنهُ في زَمَنٍ، وَيَستَقِيمُ مِنهُم جِيلٌ وَيَعوَجُّ آخَرُ، وَيَكثُرُ الصَّلاحُ في حِينٍ وَيَظهَرُ الفَسَادَ في حِينٍ، تَمُرُّ أَوقَاتُ تَمَسُّكٍ وَصَحوَةٍ، ثم تَعقُبُهَا سَنَوَاتُ تَفَلُّتٍ وَغَفوَةٍ، وَبَينَمَا هُم في اجتِمَاعٍ عَلَى الخَيرِ وَتَعَاوُنٍ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، إِذَا هُم في تَهَافُتٍ عَلَى الإِثمِ وَتَسَارُعٍ إِلى العُدوَانِ وَتَوَاصٍ بِالطُّغيَانِ، وَهَكَذَا كُلُّ سَائِرٍ وَهُوَ يَسِيرُ في طَرِيقِهِ إِلى اللهِ، تَعرِضُ لَهُ أَوقَاتُ نَشَاطٍ وَحَمَاسَةٍ وَانشِرَاحِ صَدرٍ وَطُمَأنِينَةِ نَفسٍ، يُقبِلُ فِيهَا عَلَى العِبَادَةِ وَيَنشَطُ في الطَّاعَاتِ، وَيُرَى مُحِبًّا لِلبَذلِ مُقبِلاً عَلَى العَطَاءِ وَالإِحسَانِ، ثم لا يَلبَثُ أَن يَفتُرَ وَيَتَكَاسَلَ شَيئًا فَشَيئًا، فَيَقسُوَ قَلبُهُ وَتَدسُوَ نَفسُهُ، وَيَتَثَاقَلَ حَتى يَقتَصِرَ عَلَى الفَرَائِضِ وَيَلزَمَ الوَاجِبَاتِ، وَقَد يَتَرَدَّى حَالُ مَن حُرِمَ التَّوفِيقَ وَالإِعَانَةَ، فَيَصِلُ بِهِ الفُتُورُ إِلى أَن يَترُكَ فَرضًا أَو يَرتَكِبَ إِثمًا، وَمَن أَرَادَ اللهُ بِهِ بَعدَ ذَلِكَ خَيرًا تَدَارَكَهُ بِرَحمَتِهِ وَأَنعَمَ عَلَيهِ بِالتَّوبَةِ، وَخَلَّصَهُ مِن يَدِ عَدُوِّهِ فَعَادَ نَشِيطًا كَمَا كَانَ أَو أَفضَلَ مِمَّا كَانَ، وَمَن لم يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا وَكَلَهُ إِلى نَفسِهِ، وَحَرَمَهُ التَّوفِيقَ وَلم يَحظَ مِنهُ بِإِعَانَةٍ، فَأَصبَحَ عُرضَةً لِكُلِّ بَلاءٍ وَفِتنَةٍ، مُستَسلِمًا لِكُلِّ فُتُورٍ وَغَفلَةٍ، مُتَأَخِّرًا عَن كُلِّ خَيرٍ، مُتَرَاجِعًا عَن كُلِّ بِرٍّ، نَاكِصًا عَلَى عَقِبَيهِ، مُوَلِّيًا ظَهرَهُ لِمَا فِيهِ نَجَاتُهُ، حَتى يَكُونَ هَلاكُهُ وَمَوتُهُ عَلَى غَيرِ استِقَامَةٍ وَلا طَاعَةٍ، وَالمَعصُومُ مَن عَصَمَهُ اللهُ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، وَفي مُسنَدِ أَحمَدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَترَةٌ، فَمَن كَانَت فَترَتُهُ إِلى سُنَّتي فَقَد أَفلَحَ، وَمَن كَانَت إِلى غَيرِ ذَلِكَ فَقَد هَلَكَ " لَقَد بَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ يَبدَأُ عَمَلَهُ بِنَشَاطٍ وَهِمَّةٍ وَإِقبَالٍ، فَيُقبِلُ عَلَى الطَّاعَةِ بِكُلِّيَّتِهِ وَيَتَلَذَّذُ بها، بَل وَقَد يُبَالِغُ في العِبَادَةِ في أَوَّلِ أَمرِهِ، ثم مَا يَلبَثُ أَن يَفتُرَ وَيَكسَلَ وَتَنكَسِرَ حِدَّتُهُ وَيَضعُفَ، وَهُنَا يُنَبِّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ النَّاصِحُ المُشفِقُ عَلَى أَنَّ فَتَرَاتِ الكَسَلِ وَالخُمُولِ، يَجِبُ أَن تَظَلَّ في حُدُودِ السُّنَّةِ، وَأَلاَّ تَتَجَاوَزَهَا لِفِعلِ المُنكَرَاتِ وَالإِسرَافِ عَلَى النَّفسِ بِاقتِرَافِ السَّيِّئَاتِ، أَوِ الانحِلالِ مِن رِبقَةِ الدِّينِ وَالاستِسلامِ لِلشَّيَاطِينِ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ قَد يَهلِكُ مَعَ الهَالِكِينَ المُسرِفِينَ. أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ العَبدَ مَخلُوقٌ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَطَاعَتِهِ، وَالائتِمَارِ بِأَمرِهِ وَالانتِهَاءِ بِنَهيِهِ، وَمُتَابَعَةِ رَسُولِهِ الَّذِي أَرسَلَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، وَلَيسَ لَهُ أَن يَستَسلِمَ لِنَفسِهِ فِيمَا تَهوَاهُ وَتَشتَهِيهِ، أَو يَربِطَ تَدَيُّنَهُ بما يَفرِضُهُ عَلَيهِ وَاقِعُ النَّاسِ، فَإِنْ رَآهُمُ استَقَامُوا وَاعتَدَلُوا استَقَامَ وَاعتَدَلَ، وَإِنْ هُم سَلَكُوا مَسَالِكَ الهَلاكِ وَالرَّدَى تَبِعَهُم وَمَشَى خَلفَهُم، إِنَّ عَلَى مَن أَرَادَ النَّجَاةَ، أَن يَقصِدَ السَّدَادَ وَالاستِقَامَةَ، وَأَن يُدَاوِمَ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً، وَأَن يَتَوَسَّطَ وَيَحتَرِزَ مِنَ الإِفرَاطِ وَالتَّفرِيطِ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّنَا في زَمَنٍ تَغَيَّرَت فِيهِ أُمُورٌ عَمَّا كُنَّا نَعهَدُهَا عَلَيهِ، فَحُطِّمَت ثَوَابِتُ وَاقتُلِعَت أُسُسٌ، وَقُوبِلَ تَشَدُّدُ المُتَشَدِّدِينَ بِتَفرِيطِ المُنحَلِّينَ، وَتَاللهِ وَوَاللهِ وَبِاللهِ، مَا بِهَذَا وَلا ذَاكَ جَاءَنَا كِتَابٌ وَلا سُنَّةٌ، وَلا عَلَيهِ كَانَ الصَّالِحُونَ مِن سَلَفِ الأُمَّةِ، وَمَا زَالَ العُلَمَاءُ وَالمَشَايِخُ وَالأَئِمَّةُ المَهدِيُّونَ، يُنَادُونَ بِالوَسَطِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ، الَّتي يَجتَهِدُ فِيهَا المُسلِمُ في عِبَادَةِ رَبِّهِ مُخلِصًا لَهُ، مُتَّبِعًا سُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، مُكثِرًا مِنَ النَّوَافِلِ كُلَّمَا وَجَدَ مِن نَفسِهِ نَشَاطًا وَهِمَّةً، مُلزِمًا لها بِالفَرَائِضِ مُجتَنِبًا المَعَاصِيَ في حَالِ الفُتُورِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسرٌ، وَلَن يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا"؛ أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهَا لَتَحدُثُ مُتَغَيِّرَاتٌ فَتُحِيطُ بِالنَّاسِ وَتُؤثِّرُ في كَثِيرٍ مِنهُم، وَتَجذِبُهُم إِلى أَمرٍ سَيِّئٍ وَتُنَفِّرُهُم مِن آخَرَ حَسَنٍ، فَيَنحَرِفُ مُستَقِيمٌ وَيَتَسَاهَلُ مُتَمَسِّكٌ، وَيَفتُرُ مُجتَهِدٌ وَيَتَكَاسَلُ نَشِيطٌ، غَيرَ أَنَّ المُؤمِنَ الصَّادِقَ في تَعَامُلِهِ مَعَ رَبِّهِ وَسَيرِهِ إِلَيهِ، لا يَتَأَثَّرُ كَثِيرًا بما حَولَهُ؛ لأَنَّهُ لا يُرِيدُ إِلاَّ مَا عِندَ اللهِ، وَاللهُ تَعَالى بَاقٍ لا يَحُولُ وَلا يَزُولُ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ بَشَرًا لا يَنفَكُّ عَن ضَعفٍ وَفُتُورٍ، إِلاَّ أَنَّهُ لا يُمكِنُ وَإِنْ ضَعُفَ أَو فَتُرَ أَن يَتَجَاوَزَ دَائِرَةَ العُبُودِيَّةِ لِرَبِّهِ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَلْنَستَقِمْ عَلَى صِرَاطِهِ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن يَكُونَ أَحَدُنَا إِمَّعَةً مُقَلِّدًا لِلنَّاسِ في كُلِّ خَطوَةٍ، مُتَّبِعًا لهم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ؛ فَإِنَّنَا عَمَّا قَرِيبٍ إِلى رَبِّنَا صَائِرُونَ، وَمَن أَحسَنَ فَلِنَفسِهِ، وَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهَا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]، ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ * وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 31 - 33]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ * الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 5 - 8].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ لِلحَقِّ دَولَةً وَجَولَةً، وَلِلبَاطِلِ انتِفَاشًا وَصَولَةً، وَالأَيَّامُ دُوَلٌ، غَيرَ أَنَّ الحَقَّ بَاقٍ وَإِن ضَعُفَ، وَالبَاطِلَ مَهمَا ظَهَرَ فَإِنَّهُ يَتَلاشَى وَيَزُولُ: ﴿ لْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]، ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81].

 

أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ البَاطِلَ بَاطِلٌ وَلَو كَثُرَ أَتبَاعُهُ، ‏وَالحَقَّ حَقٌّ وَلَو قَلَّ أَنصَارُهُ، وَرَايَةُ الحَقِّ قَائِمَةٌ وَإِن لم يَرفَعْهَا أَحَدٌ، ‏َوَرَايَةُ البَاطِلِ سَاقِطَةٌ وَإِن رَفَعَهَا كُلُّ أَحَدٍ، ‏وَمَا حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ الحَرَامُ وَلَو فَعَلَهُ كُلُّ النَّاسِ، وَالحَلالُ مَا أَحَلَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَو فَرَّطَ فِيهِ مَن فَرَّطَ، وَاللهُ سَائِلٌ كُلَّ عَبدٍ عَمَّا عَمِلَ، وَلَن يُعذَرَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ رَأَى النَّاسَ عَلَى أَمرٍ فَقَلَّدَهُم فِيهِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنَلزَمْ صِرَاطَهُ المُستَقِيمَ، وَلا نَغتَرَّنَّ بِكَثرَةِ الهَالِكِينَ، فَإِنَّ الحَقَّ بَاقٍ إِلى يَومِ القِيَامَةِ، وَأَهلُهُ مَوجُودُونَ إِلى أَن يَأتيَ أَمرُ اللهِ، وَالسَّعِيدُ مَن كَانَ مِن أَهلِ الحَقِّ وَلَو قَلُّوا، وَالشَّقيُّ مَنِ اغتَرَّ بِكَثرَةِ الهَالِكِينَ فَسَقَطَ مَعَهُم وَتَبِعَهُم، وَإِنَّ مِن رَحمَةِ اللهِ وَفَضلِهِ أَنَّ أَوقَاتَ الغُربَةِ الَّتي يُعصَرُ النَّاسُ فِيهَا عَصرًا وَيُغَربَلُونَ، لا تَخلُو مِن رِجَالٍ قَد صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ، فَهُم صاَبِرُونَ مُصَابِرُونَ مُرَابِطُونَ، ثَابِتُونَ مُستَقِيمُونَ، صَاحِبُ الصَّلاةِ مِنهُم في مَسجِدِهِ يَتَنَفَّلُ وَيَتَعَبَّدُ، وَمُحِبُّ العِلمِ في زَاوَيَتِهِ يَتَعَلَّمُ وَيُعَلِّمُ، وَعَاشِقُ الدَّعوَةِ في مَيدَانِهِ يَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَى عَنِ المُنكَرِ، وَمَمدُودُ اليَدِ بِالعَطَاءِ وَالإِحسَانِ عَلَى عَطَائِهِ وَإِحسَانِهِ يُنفِقُ وَيَبذُلُ، وَحَسَنُ الأَخلاقِ عَلَى طِيبِ تَعَامُلِهِ وَمَحمُودِ طِبَاعِهِ، وَيَكفِي هَؤُلاءِ الغُرَبَاءَ الصَّابِرِينَ أَنَّهُم في نِعمَةٍ لَيسَت كَالنِّعَمِ، وَأَنَّهُم مَوعُودُونَ بِأَوفى الجَزَاءِ وَأَعظَمِهِ، في الصَّحِيحَينِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي قَائِمَةً بِأَمرِ اللهِ لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم أَو خَالَفَهُم حَتَّى يَأتيَ أَمرُ اللهِ وَهُم ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ".

 

فَإِذَا كُنتَ أَخِي المُسلِمَ تَحرِصُ عَلَى صَلاةِ الجَمَاعَةِ في وَسَطِ مَن لا يُقِيمُونَ لها وَزنًا، أَو تُنفِقُ مِن مَالِكَ وَتَتَصَدَّقُ وَقَد شَحَّ غَيرُكَ وَأَمسَكَ يَدَهُ، أَو تَحرِصُ عَلَى حِفظِ أُسرَتِكَ وَقَدِ انفَلَتَ الآخَرُونَ مِن حَولِكَ وَتَرَكُوا الحَبلَ عَلَى الغَارِبِ، فَاعلَمْ أَنَّكَ في نِعمَةٍ مِنَ اللهِ، وَأَنَّهُ تَعَالى قَد أَحَبَّكَ إِذِ اختَصَّكَ بِطَاعَتِهِ وَالقُربِ مِنهُ وَدَوَامِ الاتِّصَالِ بِهِ، في وَقتٍ أَدبَرَ فِيهِ مَن أَدبَرَ وَاستَغنى مَنِ استَغنى، وَعَصَى مَن عَصَى وَتَوَلَّى مَن تَوَلَّى، وَإِنَّه لَيَنبَغِي لَكَ أَن تَفرَحَ وَتُسَرَّ وَيَنشَرِحَ صَدرُكَ بِذَلِكَ: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثابت على الثبات!
  • الثبات على الحق (خطبة)
  • خطبة: الثبات على الدين
  • الثبات على الدين
  • هلم يا عباد الله لنتوب (خطبة)
  • يا عباد الله لا تفسدوا إيمانكم بالشرك بالله

مختارات من الشبكة

  • خطبة: (يا عباد الله فاثبتوا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعقبات الإمام الرسعني على المفسرين لفيصل عباد عبد ربه الهذلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • يا عبد الله كيف تكون من أحب عباد الله إلى الله؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلماء الصينيون أثبتوا أن الصوم يطيل عمر الإنسان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إنها الصلاة يا عباد الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: لم لا نتوب يا عباد الله(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: كيف نكون من عباد الله المخلصين؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الفطر (وكونوا عباد الله إخوانا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة جددوا يا عباد الله توباتكم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • جزاء عباد الرحمن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب