• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صفة المحبة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عندما تصاب بخيبة الأمل
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    أمنا أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها ...
    فيصل بن عبدالله بن عتيق السريحي
  •  
    بين رؤية الشوق والسرور ورؤية الفوق والغرور
    عامر الخميسي
  •  
    السكينة وسط العاصفة
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    أدب التثبت في الأخبار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    المحافظة على المال العام (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    بيع الصوف على ظهر الحيوان
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    تفسير سورة الهمزة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    جملة مما فيه نوع إلحاد في أسماء الله
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    محاسن الألطاف الربانية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    النجش في البيع
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    الصلاة.. راحة القلوب ومفتاح الفلاح (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل ...
    عبدالعزيز أبو يوسف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

المرحومون (خطبة)

المرحومون (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/12/2021 ميلادي - 25/5/1443 هجري

الزيارات: 22626

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المَرْحُومون


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمَّا بعد: رحمةُ الله تعالى وَسِعَتْ العالَمَ العُلوِيَّ والسُّفلي، البَرَّ والفاجرَ، المؤمنَ والكافرَ، فلا مخلوقَ إلاَّ وقد وصلتْ إليه رحمةُ الله، وغَمَرَه فضلُه وإحسانُه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾. ولكنَّ الرحمةَ الخاصَّةَ المُقتضِيةَ لسعادة الدنيا والآخرة، ليست لكلِّ أحدٍ، وإنما هي للمتقين: ﴿ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 156]. وقال سبحانه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 71]. فهؤلاء المُلازِمون لطاعة الله ورسوله على الدوام؛ يُدخِلهم في رحمته، ويَشْمَلهم بإحسانه.

 

وأخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن عظيمِ رحمةِ الله بخلقه، فقال: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ»؛ رواه البخاري.

 

فمِنْ رَحْمَةِ الله بعباده: أَنَّهُ أَنْزَلَ إِلَى الْأَرْضِ رَحْمَةً وَاحِدَةً، نَشَرَهَا بَيْنَ الْخَلِيقَةِ لِيَتَرَاحَمُوا بِهَا، فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالطَّيْرُ وَالْوَحْشُ وَالْبَهَائِمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَبِهَذِهِ الرَّحْمَةِ قِوَامُ الْعَالَمِ وَنِظَامُهِ، وَأَخَّرَ اللهُ تعالى تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

وقد أمَرَ الرحمنُ عبادَه المؤمنين بالنَّظرِ إلى آثار رحمته في الخَلْقِ والمخلوقات: ﴿ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [الروم: 50]؛ حيث أرسل في خلقِه كُلِّهم رحمةً واحدة، من مائة رحمةٍ أمثالها، بَثَّها في بَرِيَّتِه، ونَشَرَها في خليقته؛ فقامتْ بها الدنيا منذ خُلِقَتْ إلى يوم تفنى، فليس لرحمة الله مُنتهى، ولا لتقدير سعتها غاية. وأسْعَدُ الناسِ حظًّا بها رُسُلُ الله وأنبياؤه، وأصفياءُ الرحمن وأولياؤه، ثم الناس دونهم يغترفون من بَحْرِها بقدر تقواهم وإيمانِهم، وعَمَلِهم الصالح.

 

ومن رحمته تبارك وتعالى: أنْ جَعَلَ أرحمَ ولدِ آدمَ وأرأفَهم؛ محمدًا صلى الله عليه وسلم سَيِّدَ الشُّفعاء.

 

ومن رحمته: أنه أَذِنَ لِمَنْ يرضى من خلقه بأنْ يكونوا شُفعاءَ مُشَفَّعين، فلا يشعفون إلاَّ لِمَن ارتضى. ومن رحمته: إدخالُه الجنةَ سبعين ألفًا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بِلا حِساب ولا عِقاب، ومع كُلِّ ألفٍ سبعون ألفًا، ثم يُزاد عليهم - تَفَضُّلًا وتَكَرُّمًا - ثَلاَثُ حَثَيَاتٍ بِكَفَّي الرَّحمن.

 

ومن رحمته: أنْ جَعَلَ أثقلَ شيءٍ في الميزان شهادةَ أن لا إله إلاَّ الله، فلا يَثْقُلُ معها شيء.

 

ومن رحمته: أنه أخرجَ من النار مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ بشفاعة الشافِعِين، حتى إذا لم يبقَ لأحدٍ غايةٌ في شفاعة، ولا مَطْمَعٌ في رجاء، أخرجَ الرحمنُ برحمته مَنْ لم يفعلْ خيرًا قطُّ من أهلِ التوحيد؛ فَهُمْ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ.

 

وهذا من أعظم آثار الرحمة ومقتضياتها، وهو الذي يَلِيقُ بأرحم الراحمين، وحِكْمَةِ أحكمِ الحاكمين، فهو سبحانه كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، ولم يكتبْ عليه الغضبَ. وسبقتْ رحمتُه غضبَه وغلَبَتْه، ولم يَسْبِقْها الغضبُ ولا غلبَها. ووَسِعَت الرحمةُ كلَّ شيء، ولم يَسَع الغضبُ كلَّ شيء.

 

ومن رحمته: أنْ فَتَحَ بابَ الرحمةِ على مصراعيه، ودعا عِبادَه بالإقبال عليه، واللُّجوءِ إليه، فمَنْ ذا الذي دعاه فلم يُجِبْه؟! ومَنْ ذا الذي سأله فلم يُعْطِه؟! ومَنْ ذا الذي دنا إليه فلم يُقرِّبْه؟! ومَنْ ذا الذي رَغِبَ إليه فلم يَنْفَعْه؟! فأحبُّ الخلقِ إليه: مَنْ حبَّبَه إلى خَلْقِه، وعرَّفهم به، ودلَّهم على الطريق إليه، وأبْغَضُ الخَلْقِ إليه: مَنْ بغَّضَه إلى عباده، ونفَّرَهم منه، وسدَّ السُّبُلَ إليه.

 

ومن رحمته: أنْ بَسَطَ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَبسَطَ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.

 

ومن رحمته: أنَّه يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ على عِبادِه – جوادًا، كريمًا، غفورًا رحيمًا - إذا بقي ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ وذلك حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ.

 

ومن رحمته: أنه سبحانه واسِعُ العَفْوِ والغُفْران، ولا يَتَعاظَمُه ذنبٌ أنْ يَغْفِرَه، أو عبدٌ أنْ يَرْحَمَه، أو طلبٌ أنْ يُلبِّيَه، وهو أرحمُ الراحمين، فلا يَيْأَسُ من رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ، ولا يَقْنِطُ من رحمته إلاَّ الخاسِرُون الضَّالُّون.

 

فسبحانه؛ ما أعْظَمَ حِلْمَه، وأجلَّ كَرَمَه، وأوسَعَ رحمَتَه، وأحْسَنَ مَغْفِرَتَه، وأكْبَرَ سِتْرَه، وأيْسَرَ لُطْفَه، وأمَنَّ عطاءَه وفَضْلَه. فلو تَقَرَّبَ منه العبدُ شِبْرًا تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا، ولو تَقَرَّبَ مِنه ذِرَاعًا تَقَرَّب مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَاه يَمْشِي أَتَاه سبحانه هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَهُ بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً - لاَ يُشْرِكُ بِه شَيْئًا - لَقِيَه سبحانه بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً.

 

ومن رحمته: أَنَّهُ يُعِيذُ مِنْ سَخَطِهِ بِرِضَاهُ، وَمِنْ عُقُوبَتِهِ بِعَفْوِهِ، وَمِنْ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ. ومن رحمته: أَنْ خَلَقَ لِلذَّكَرِ مِنَ الْحَيَوَانِ أُنْثَى مِنْ جِنْسِهِ، وَأَلْقَى بَيْنَهُمَا الْمَحَبَّةَ وَالرَّحْمَةَ؛ لِيَقَعَ بَيْنَهُمَا التَّوَاصُلُ الَّذِي بِهِ دَوَامُ التَّنَاسُلِ.

 

ومن رحمته: أَحْوَجَ الْخَلْقَ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ لِتَتِمَّ مَصَالِحُهُمْ، وَلَوْ أَغْنَى بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ لَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُهُمْ، وَكَانَ مِنْ تَمَامِ رَحْمَتِهِ بِهِمْ أَنْ جَعَلَ فِيهِمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ، وَالْعَزِيزَ وَالذَّلِيلَ، وَالْعَاجِزَ وَالْقَادِرَ، وَالرَّاعِيَ وَالْمَرْعِيَّ، ثُمَّ أَفْقَرَ الْجَمِيعَ إِلَيْهِ، ثُمَّ عَمَّ الْجَمِيعَ بِرَحْمَتِهِ.

 

فانظروا – إخوتي الكرام.. رحمني الله وإياكم – إلى آثارِ رحمةِ الله في الدنيا، كيف أنَّ الخلق يُولَدون، ويَكْبُرون، ويَتَرَعْرَعون، تُحِيطُ بهم العافيةُ، والرِّزقُ، والأمنُ والطُّمأنينةُ، وتُسَهَّلُ لهم سُبُلُ المعيشةِ والحَياة الطَّيِّبة، فمدَّ اللهُ لهم الأرضَ وبَسَطَها، ورَفَعَ لهم السَّماءَ وأمْسَكَها، وأقام لهم الجِبالَ وشَيَّدَها، وأعطاهم من كُلِّ ما سألوه وزيادةً، وَسَخَّرَ لَهُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ؛ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

 

وتأمَّلوا – يا رعاكم الله – هذه كُلُّها رحمةٌ واحدة، أنْزَلَها اللهُ بين خَلْقِه، وبثَّها بين عِباده؛ كما جاء في الحديث: «خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَوَضَعَ وَاحِدَةً بَيْنَ خَلْقِهِ، وَخَبَأَ عِنْدَهُ مِائَةً إِلاَّ وَاحِدَةً» رواه مسلم. خبَّأها للمسلمين من عِباده؛ لِيَرْحَمَهم بها في الآخِرَة. وهذه الرَّحمةُ أعدَّها الله عز وجل لِمَنْ يَسْتَحِقُّها من عِباده؛ كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله...

عباد الرحمن؛ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَعْلَمُونَ قَدْرَ رَحْمَةِ اللهِ؛ لَاتَّكَلْتُمْ، وَمَا عَمِلْتُمْ مِنْ عَمَلٍ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ قَدْرَ غَضَبِهِ؛ مَا نَفَعَكُمْ شَيْءٌ» حسن – رواه البزار. ويقول أيضًا: «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ» صحيح – رواه أبو داود. والمقصود بـــ"الأُمَّةِ" هُنا: غالِبُها؛ لِلْقَطْعِ بأنه لا بُدَّ من دخول بعضِهم النار لِلتَّطْهِير، فالأُمَّةُ مرحومةٌ بمجموعها، وحتى عصاة المُوَحِّدين الذين يُعَذَّبون في النار، فمآلُهم في النهاية إلى رحمةِ أرحم الراحمين.

 

والجنةُ هي دار المَرْحُومين، وهي رحمةُ الله تعالى؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ؛ فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ. وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى – لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي. وَقَالَ - لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا» رواه البخاري.

 

عباد الرحمن؛ ومع هذا كُلِّه؛ فإنَّ أقوامًا لا يَسْتَحِقُّون رحمةَ الله تعالى؛ لِكُفْرِهِم، وعِنادِهِم، واسْتِكْبارِهِم عن عِبادةِ رَبِّهم، فلن تنالَهم هذه الرحمة، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: "آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ"، فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ! فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ [أي: من طِينِ البَحْرِ] فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ؛ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ» صحيح – رواه الترمذي.

 

وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن جُملةٍ من المَرْحُومين وصِفاتِهم، فمِنْ ذلك: قوله: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» صحيح – رواه الترمذي. وفي رواية: «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» رواه البخاري. وقال - فِيمَنْ يَعُودُ مريضًا: «مَنْ أَتَى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَائِدًا مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ» صحيح – رواه ابن ماجه. وقال: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رواه البخاري. وقال: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ». وقال: «رَحِمَ اللَّهُ امْرأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا»؛ حسن، رواه أبو داود. وقال: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ»؛ حسن، رواه البيهقي.

 

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة التي وَسِعَتْ كلَّ شيء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السيرة النبوية: النشأة والطفولة (خطبة)
  • موعظة للمؤمنين (خطبة)
  • المنهزم لا قاع له (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أمنا أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة التوحيد بين الواقع والمأمول(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أدب التثبت في الأخبار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المحافظة على المال العام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاسن الألطاف الربانية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصلاة.. راحة القلوب ومفتاح الفلاح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل وغنائم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل القرآن وطرائق تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذلك جزاء المحسنين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/5/1447هـ - الساعة: 16:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب