• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

بشريات للمشتاقين إلى البلد الأمين (خطبة)

بشريات للمشتاقين إلى البلد الأمين (خطبة)
الشيخ محمد عبدالتواب سويدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/11/2021 ميلادي - 9/4/1443 هجري

الزيارات: 8916

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بشريات للمشتاقين إلى البلد الأمين

 

الحمد لله، الحمد لله الذي هدى للحق، وجعل الكعبةَ للمُسلمين قِبلةً، أحمدُه سبحانه وأشكرُه على كل فضلٍ وخيرٍ ونعمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نُقِرُّ بألوهيَّته ورُبوبيَّته بلا مِرية، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه تركَنا على المحجَّة البيضاء خيرِ نِحلَة، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه الذين اختارهم الله وذبُّوا عن الدين وطهَّرُوه من كل فِرية.

 

أما بعد:

أيها المؤمنون، لقد جعل الله حبَّ البيت الحرام سرًّا في قلوب عباده، يستنفرهم من كل فجٍّ رجالًا وركبانًا، فما تزال الأفئدة تهوي إليه وتتوق إلى رؤيته والطواف به؛ الغني القادر الذي يجد الظهر يركبه، والفقير المعدم الذي لا يجد إلا قدميه، مئات الألوف من هؤلاء وهؤلاء يتقاطرون من أصقاع الأرض الشاسعة ليلبُّوا نداء إبراهيم الذي نادى به منذ آلاف السنين.

 

يا إبراهيم، نادهم ليحصل نفعُهم في معادهم، وأْتِ بهم من بلادهم، وأخرجهم عن أهلهم وأولادهم، فليقصدوا بابي مسرعين رجالًا، ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ﴾ [الحج: 27]، ما أروعها من رحلة، وما أعظمه من منظر يأخذ الألباب ويشد الأفئدة، فهل شممتَ عبيرًا أزكى من غبار المحرِمين؟! وهل رأيت لباسًا قط أجمل من لباس الحجَّاج والمعتمرين؟! هل رأيت رؤوسًا أعزُّ وأكرم من رؤوس المحلِّقين والمقصِّرين؟! وهل مر بك ركبٌ أشرفُ من ركب الطائفين؟! وهل سمعت نظمًا أروع وأعذب من تلبية الملبِّين، وأنين التائبين، وتأوُّه الخاشعين، ومناجاة المنكسرين؟!

 

أخي الحبيب، هل سمعت بالأشواق حين تختلج في قلوب المحبين؟ هل رأيت بعينيك دموع المحبين وهم يسمعون حادي الأرواح إلى مشاعر الحج؟

 

أوَلم تر عيناك ذلك الكهل الذي أثَّر الزمن في ظهره، ومع ذلك هو بنفسه يجوب تلك الفيافي ويرحل إلى عالم المحبِّين؟

 

فيا لله! لو رأيت تلك الجموع لهزَّك الشوق إلى هناك، واشوقاه إلى الحَج!

 

إن الشوق هو سفر القلب في طلب محبوبه، بحيث لا يقر قراره حتى يظفر به ويحصل له؛ فكأنه لهيب ينشأ في أوساط الحشا سببه الفرقة، فإذا وقع اللقاء أطفأ ذلك اللهيب.

 

وكيف لا يشتاق المسلم إلى الحج، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن حَجَّ ولم يرفُثْ ولم يفسق، رجَعَ كيومَ ولدتْه أُمُّه))؛ رواه البخاري؟

 

كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((الحَج المبرور ليس له جزاءٌ إلَّا الجنة))؛ رواه أحمد؟!

 

كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج، ورؤيةُ الحَجر واستلامه شهادةٌ بالإيمان؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لَيَبْعَثَنَّ الله - تبارك وتعالى - الحَجَر يومَ القيامة وله عينان يُبصِر بهما، ولسان يَنْطِق، يَشْهَد على مَن استلمَه بِحَقٍّ))؛ رواه أحمد.

 

كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج، ومَسْحُ الحجر والرُّكن يَحُطَّانِ الذنوب حطًّا؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مَسْح الحجر الأسود والرُّكن اليماني يحطَّان الذنوب حطًّا))؛ رواه أحمد والترمذي.

 

كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج وفيه "زمزم"؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ ماءٍ على وجْه الأرض ماء زمزم؛ فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم))؛ رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير".

 

كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج وفيه الوقوف "بعَرَفة"؟ عن عائشة قالتْ: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِن يومٍ أكثر من أن يعتقَ الله فيه عبدًا من النار مِن يوم عَرَفة، وإنَّه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))؛ رواه مسلم.

 

ولكن ماذا يفعل المسلم المحبُّ وقد حالتْ بينه وبين مُراده الظروفُ والأسباب، ولا شيء بيده إلَّا أنْ يفوِّضَ أمرَه إلى الله، وأنْ يدعو قائلًا: اللهم ارزقْنَا الحَجَّ، والناس راجعون؟

 

أيها المسلمون، ومما يُقلل من حَسرة المحبِّ الأعمالُ الصالحة التي أرْشَدَنا إليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والتي جعَلَها في مُتناول أيدينا، وهي سهلة وليس فيها مَشقَّة على الإنسان، هذه الأعمال إنْ حافَظَ عليها المسلم والْتزَم بها، فإنَّ الله تعالى يكتبُ له أجْرَ الحَجِّ، كأنَّما ذهَبَ إلى مكة المكرَّمة وأدَّى الحَجَّ.

 

فما هي هذه الأعمال يا رسول الله؟! أخْبِرْنا عنها يا حبيبَ الله؛ فلقد اشتاقتْ إليها النفوسُ، وحنَّتْ إليها الأرواح، وأنا على يقينٍ أنَّه لا يحافظ على هذه الأعمال ويلتزم بها إلَّا ذلك المحبُّ الصادق والمشتاق لتلك الديار المقدَّسة، فانظر مدى تطبيقك ومحافظتك على هذه الأعمال الصالحة، وقد جمعتها لكم مدعمة بالأدلة الصحيحة الصريحة من القرآن والسنة، وتتمثل فيما يلي:

أوَّلُ هذه الأعمال: نيَّة الحج والعُمرة نيَّة خالصة لله: فعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الدنيا لأربعة نفر: عبدٌ رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصل رحمه، ويعمل لله فيه بحقه؛ فهذا بأفضل المنازل، وعبدٌ رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية ويقول: لو أن لي مالًا لعملتُ بعمل فلان، فأجرُهما سواء، وعبدٌ رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، فهو يتخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعمل فيه بحق؛ فهذا بأخبث المنازل، وعبدٌ لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملتُ فيه بعمل فلان، فهو ونيته، فوزرهما سواء))؛ (أخرجه الترمذي، وصححه الألبـاني في الصحيحة)، فنية العبد خيرٌ من عمله، فقد يحج ولا يُقبل منه لسوء نيته، وقد لا يحج ويكتب له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين لصدق نيته؛ لذلك جاء أول حديث في البخاري: ((إنما الأعمال بالنيات)).

 

ولما رجَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة "تبوك"، ودنا من المدينة، قال: ((إنَّ بالمدينة لرجالًا ما سِرْتُم مَسِيرًا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلَّا كانوا معكم؛ حَبَسَهُم المَرَضُ))، وفي رواية: "حَبَسَهم العُذْرُ"، وفي رواية: "إلَّا شَرِكُوكم في الأجْرِ"؛ رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

 

ووصفَهم الله - جل وعلا - بقوله: ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾ [التوبة: 92].

 

ثاني هذه الأعمال: أداء الصلاة المكتوبة في المسجد والمشي إلى صلاة التطوع: فقد أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة، ومن مشى إلى صـلاة تطوع فهي كعمرة نافلة))، وفي رواية: ((ومن مشى إلى سبحة الضحى كان له كأجر المعتمر))؛ (صحيح الجامع).

 

ثالثُ هذه الأعمال: التسبيح والتحميد والتكبير دبر كل صلاة:

فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال: ((وما ذاك؟))، قالوا: يصلُّون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، ولهم فضول أموالهم يحجون ويعتمرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((تسبِّحون وتكبِّرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة)).

 

يا لله! ما أعظم فضلَ الله! يعني تصبِّر نفسك بعد الصلاة لِلحظات، وتظفر بمثل هذه الكرامات؛ حجٌّ وعمرة وجهاد وصدقة؛ فقط بأذكارٍ يسيرة معدودة.

 

أمَّا رابعُ هذه الأعمال: فهو المحافظة على صلاة الفجر في جماعة ثم الجلوس لذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلُعَ الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامةً تامة تامة))؛ (أخرجه الترمذي، وصححه الألبـاني في الصحيحة).

 

ما أجملَ صباحَ أولئك الذين نراهم يرابطون في المساجد! ما أطيبَ ساعاتِ مَن أشرَقَتْ أنفاسُهم في ذِكر الله حتى تُشرقَ شمسُهم! كيفَ سيكون يومُهم إذا كانت بدايته مع الله؟ أيُّ نعيمٍ يَسكُنُ صُدورَهم لحظةَ خُروجِهم من بيتِ ربِّهم؟ إنه نعيمٌ لا يعرفُهُ إلا مَن تذوَّقه!

 

والجميل: أن هذا الثوابَ العظيم يَعُمُّ المرأةَ في بيتها إذا هي فعلت هذا -بفضل الله تعالى- يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: (نرجو للنساء كذلك، إذا جَلَسَتْ بعد صلاتِها في مُصلَّاها تذكر الله، تقرأ القرآن، تدعو، ثم صلَّتْ ركعتين بعد ارتفاع الشمس؛ يرجى لها هذا الخير العظيم.. النساء ُكالرجال) ا.هـ [فتاوى نور على الدرب]، فالحمدُ لله أولًا وأخيرًا.

 

أما خامسُ هذه الأعمال: غالِبُنا يعرفه، وبعضُنا قد يتركه؛ أتدرون ما هو؟ حضور مجالس العلم في المسجد:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يُعَلِّمه، كان كأجر حاج تامًّا حجته))؛ (أخرجه الطبراني والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب)، فضلًا عن السكينة والرحمة والمغفرة، فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يَتْلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السَّكينةُ، وغشيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكَرَهم الله فيمن عنده)).

 

ومن صور التعلم في المسجد: قصدُكَ لِلحَلَقات القُرآنيَّة، للمجالس الحديثيَّة، للدورات العِلميَّة، سماعُكَ للإمام إذا ألقى موعظة بعد الصلاة، شهودُكَ لِخُطبةِ الجُمعة كما أنتم الآن، كلُّ هذه -إن شاء الله- داخلة في باب التعلُّمِ في المسجد.. فيصبِّر الإنسان نفسَهُ لِدقائق، ويحتسبها حجَّةً عند الكريم الرازق.

 

أيُّها الأحبَّة: ولكم أن تتأمَّلوا.. أن غالبَ هذه الأعمال الصالحة، التي تَعدِلُ أجرَ الحجِّ والعُمرة؛ إنما كانت مقترنة بالمساجد: "التعلمُ في المسجد، شهودُ الفريضة في المسجد، المكثُ بعد الفجر في المسجد، ذِكرُ الله بعد الصلاة في المسجد..."، كلُّها في هذا المكان المبارك! المسجد، بيتُ الله، جاء في الحديث: ((المسجِدُ بيتُ كُلِّ تَقِيٍّ))؛ [رواه البزَّار والطبراني وحسَّنه الألباني]. بيتُ الله بيتُ كلِّ تقيٍّ، ((ورجلٌ قلبُهُ مُعلَّقٌ في المسجد)) [كما روى البخاري].

 

وتأمَّلوا هذا الحديث، افتحوا قلوبكم بارك الله فيكم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما توطَّنَ رَجلٌ مُسلمٌ المساجد))؛ ما توطَّنَ: أي ما اتَّخذها وطنًا له، إذا فقدتَهُ وجدتَهُ فيها، ((ما توطَّنَ رَجلٌ مُسلمٌ المَساجدَ لِلصَّلاةِ والذِّكر؛ إلا تَبَشْبَشَ اللهُ له، كما يَتَبَشْبَشُ أهلُ الغائبِ بِغَائِبِهمْ إذا قَدِمَ عليهم))؛ [أخرجه ابن ماجه وأحمد وصححه الألباني].

فطُوبى ثم طوبى ثم طوبى ♦♦♦ لِقلبٍ قد تعلَّقَ بالمساجِدْ

 

علَّقَ اللهُ قلوبنا بِبُيوته، وأكرمنا وإياكم بِحُسنِ القيامِ بين يديه، وأعاننا وإياكم على ذِكرِه وشُكرِهِ وحُسنِ عبادته. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فما زلنا مع بعض الأعمال التي تعدل الحج، فأقول:

سادسُ هذه الأعمال التي تعدل الحجَّ في الثواب: بـرُّ الوالـديـن؛ فقد أخرج أبو يعلى بسند جيد: أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه، قال: ((هل بقي من والديك أحد؟))، قال: أمي، قال: ((فأَبْلِ اللهَ في برها، فإن فعلتَ فأنت حاجٌّ ومعتمر ومجاهد)).

 

وعند الطبراني في "الأوسط" والبيهقي في "الشُّعَب" من حديث أنس رضي الله عنه بلفظٍ آخر: أنَّه أتى رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتهي الجهاد، وإني لا أقدر عليه، فقال له الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هل بَقِي أحدٌ من والديك؟))، قال: أُمِّي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فاتَّقِ الله فيها، فإنْ فعلتَ فأنت حاجٌّ ومُعتمِر ومُجاهد)).

 

سابع هذه الأعمال التي تعدل الحجَّ في الثواب: عُمرة في رمضان:

فقد أخرج الإمام مسلم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان: ((ما منعكِ أن تكوني حججتِ معنا؟))، قالت: ناضحان كانا لأبي فلان - تعنى زوجها - حجَّ هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، قال صلى الله عليه وسلم: ((فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة مع))، والناضح: الجمل.

 

وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: ((عُمْرةٌ في رمضانَ تَعْدِلُ حَجَّةً، أو حَجَّةً مَعِي))؛ متفقٌ عليه.

 

وصلاة في قباء كأجر عمرة: قال صلى الله عليه وسلم: ((من تطهَّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة))؛ (صحيح الترغيب).

 

ثامن هذه الأعمال التي تعدل الحجَّ في الثواب: تجهيز الحاج؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من جهز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خَلَفَه في أهله، أو فطَّر صائمًا، كان له مثلُ أجورهم من غير أن ينقُصَ من أجورهم شيءٌ))؛ (صحيح الترغيب).

 

تاسع هذه الأعمال التي تعدل الحجَّ في الثواب: أداء الواجبات الشرعية واجتناب المحرَّمات أفضل من التطوع بالحج وغيره؛ قال ابن رجب: "أداء الواجبات كلِّها أفضل من التنفل بالحج والعمرة وغيرهما، فإنه ما تقرَّب العباد إلى الله تعالى بأحبَّ إليه من أداء ما افترض عليهم"، وقال: "كفُّ الجوارح عن المحرَّمات أفضل من التطوع بالحج وغيره".

 

♦ تنبيه مهم: وهنا تنبيه تَحسُنُ الإشارةُ إليه، وهو أنَّ هذه الأعمال تَعدِلُ الحجَّ في الجزاء لا الإجزاء، بمعنى أنَّ هذه الأعمال تعدل الحجَّ في الفضل، لا تُسقط حجَّةَ الفَرض، يقول النووي -رحمه الله- في شرح مسلم عن عمرة رمضان: (أي تقوم مقامَها في الثواب، لا أنها تعدلها في كل شيء)، ويقول ابن حجر -رحمه الله- في الفتح: (الحاصلُ أنه صلى الله عليه وسلم أعلَمَها أنَّ العمرةَ في رمضان تعدلُ الحجة في الثواب، لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض؛ للإجماع على أن الاعتمارَ لا يُجزئُ عن حَجِّ الفرض).

 

أيها المسلم، وبعد ذكر هذه الأعمال، فإذا كان الحج قد فاتك، فإن أفعال الخير لا تفوتك فتلحق بركب الحجيج، وما أجملَ مقولةَ أحد السلف: "من فاته في هذا العام القيام بعرفة، فليقم لله بحقِّه الذي عَرَفَه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه، ومن لم يقدر على نحرِ هَدْيِه بمِنى، فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى، ومن لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد، فليقصد ربَّ البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد".

 

أسأل الله أن يرزقنا حجَّ بيته الحرام وزيارة قبر رسوله، وأن يتقبل منا صالح أعمالنا. وأقم الصلاة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شوق وحنين إلى البلد الأمين
  • من خصائص البلد الأمين
  • ابتلاء وتمكين في البلد الأمين (خطبة)
  • بيان موافقة ابن تيمية للأئمة في إثباته للجائز اللغوي ورده للمجاز الذي قال به جهال الأعاجم من الفرس والرومان ومقلديهم
  • بشريات
  • في وداع أمي رحمها الله

مختارات من الشبكة

  • بشريات عظيمات لأصحاب الأعمال الصالحات في هذه الأيام المباركات(مقالة - ملفات خاصة)
  • بشريات الفجر(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • وقل بشريات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بشريات وآيات أمام المحن والابتلاءات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وبشريات من الله للمؤمنين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • الهند: مجلس اتحاد المسلمين يحصد نصف مليون صوت ومقعدين في مهراشترا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إرواء المشتاق من خطب الأخلاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المشتاقون للعبادة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • البلد الأمين: أشواق وحنين (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة ترغيب المشتاق في أحكام مسائل الطلاق(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب