• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

خطبة للدكتور صالح العصيمي بعنوان "صفر"

خطبة للدكتور صالح العصيمي بعنوان صفر
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/9/2021 ميلادي - 2/2/1443 هجري

الزيارات: 16423

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صَفَر

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ،هُنَاكَ مَنْ يَعْتَقِدُ فِي بَعْضِ الشُّهُورِ اِعْتِقَادَاتٍ جَاهِلِيَّةً، مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، كاِعْتِقَادِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى فِي شَهْرِ صَفَرَ، وَتَشَاؤُمِهِمْ مِنْهُ؛ وَقد حَذَّرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ: "لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ"، قَالَ مَالِكٌ، رَضِيَ اللهُ عَنْه: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ عَامًا، وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا؛ فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ صَفَرَ». فَهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ مِنْ سَاعَاتٍ، أَوْ أَيَّامٍ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ أَصْوَاتٍ، أَوْ حَيَوانَاتٍ، أَوْ رُؤْيَةِ أَقْوَامٍ، وَأَرْقَامٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَكَثِيرٌ مِنَ الضُّلاَّلِ الْغَرْبِيِّينَ يَتشَاءَمُونَ مِنْ رقْمِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَ شَرِكَاتِ الطَّيَرَانِ حَذَفَتْهُ مِنْ تَرْقِيمِ الْمَقَاعِدِ، كَمَا حَذَفُوهُ مِنْ تَرْقِيمِ الْمَصَاعِدِ، وَالْأَدْوَارِ فِي الْبِنَاياتِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَتَشَاءَمُونَ مِنْ نَعِيقِ الْبُومِ، وَمِنْ نَعِيبِ الْغُرَابِ، أَوْ رُؤْيَةِ أَصْحَابِ الْعَاهَاتِ، وَبَعْضُهمْ يَتَشَاءَمُ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ سَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ.

 

عِبَادَ اللهِ،إِنَّ تَخْصِيصَ الشُّؤْمِ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ كُلَّهُ خَلْقُ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَجْعَلُ اللهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، تَطَيُّرَ الْعَبْدِ، وَتَشَاؤُمَهُ سَبَبًا لِحُلُولِ الْمَكْرُوهِ عَلَيْهِ، ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [النحل: 118]، فَإِنَّ مَنْ تَطَيَّرَ عَلَى مَا يَسْمَعُهُ، أَوْ يَرَاهُ؛ حَتَّى يَمْنَعَهُ مِنْ حَاجَتِهِ؛ قَدْ يُصِيبُهُ مَا يَكْرَهُهُ.

 

عِبَادَ اللهِ، الطِّيَرةُ شِرْكٌ بِاللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا خَوْفٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَدَمُ تَوَكُّلٍ عَلَيْهِ، وَصَاحِبُهَا غَرَضٌ لِسِهَامِ الشَّرِّ وَالْبَلَاءِ، فَيُسَرِّعُ نُفُوذَهَا؛ لِأنَّهُ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِالتَّوْحِيدِ، وَالْمُؤْمِنُ قَوِيُّ الْإِيمَانِ يَدْفَعُ تَطَيُّرَهُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، فَإِنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ؛ كَفَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ تعَالَى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل: 98 - 100].

 

وَالتَّشَاؤُمُ مِنَ الاعْتِقَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ بَيْنَ جُهَّالِ الْمُسْلِمِينَ، نَتِيجَةَ جَهْلِهِمْ، وَضَعْفِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ فِيهِمْ، وَمُخَالَطَتِهِمْ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالضُّلَّالِ، وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيهِمْ اعْتِقَادُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ اعْتِقَادُهُ، وَمَا هُوَ شِرْكٌ أَكْبَرُ يُخْرِجُ الْمُسْلِمَ مِنَ الْمِلَّةِ، وَمَا هُوَ شِرْكٌ أَصْغَرُ، وَمَا هُوَ ذَرِيعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ يُنافِي كَمَالَ التَّوْحِيدِ، وَيُوصِلُ إِلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ، الَّذِي لَا يَغْفِرُ اللهُ لِصَاحِبِهِ إِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ، قَالَ اللهُ تعالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48].

 

عِبَادَ اللهِ، مَا زَالَ بَعْضٌ مِنَ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ يتَشاءَمُونَ مِنْ شَهْرِ صَفَرَ، وَمِنْ السَّفَرِ فِيهِ، فَلَا يُقِيمُونَ فِيهِ مُنَاسَبَةً، وَلَا فَرَحًا، فَإِذَا كَانُوا فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ، اِحْتَفَلُوا فِي الأَرْبِعَاءِ الْأَخِيرِ، اِحْتِفَالًا كَبِيرًا، فَأَقَامُوا الْوَلَائِمَ، وَالْأَطْعِمَةَ الْمَخْصُوصَةَ وَالحَلْوَى، وَهَذَا -وَالْعِياذُ بِاللهِ- مِنَ الْجَهْلِ الْمُوقِعِ فِي الشِّرْكِ، وَمِنَ الْبِدَعِ الشِّرْكِيَّةِ، وهذِهِ الْأُمُورُ لَا تَصْدُرُ إِلَّا مِمَّنْ يَشُوبُ اِعْتِقَادَهُ أُمُورٌ شِرْكِيَّةٌ، الَّتِي يَجُرُّ بَعْضُهَا بَعْضًا كالتَّوَسُّلَاتِ الشِّرْكِيَّةِ، والتَّبَرُّكِ بِالْمَخْلُوقِينَ، وَالاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ. أَمَّا مَنْ أَنْعَمَ اللهُ علَيهِ بِسَلَامَةِ الْعَقِيدَةِ، وَصِحَّتِهَا، فَإِنَّهُ دَائِمًا مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللهِ، مُعْتَمِدٌ علَيْهِ، مُوقِنٌ بِأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهَ، وَأَنَّ التَّشَاؤُمَ وَالطِّيَرَةَ، وَاِعتِقَادَ النَّفْعِ أَو الضُّرِّ فِي غِيْرِ اللهِ، وَنَحْوَ ذلكَ؛ كُلُّهُ مِنَ الشِّرْكِ، الَّذِي هُوَ مِنْ أَشَدِّ الظُّلْمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].

 

وَالتَّشَاؤُمُ مِمَّا يُنَافِي تَحْقِيقَ التَّوحِيدِ، بِتَخْلِيصِهِ وَتَصْفِيَتِهِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ، وَالْبِدَعِ، وَالْمَعَاصِي، فَالشِّرْكُ يُنَافِيهِ بالكُلِّيَّةِ، والبدَعُ تُنَافِي كَمَالَهُ الوَاجِبَ. فَلا يَكُونُ الْعَبْدُ مُحَقِّقًا لِلتَّوْحيدِ؛ حَتَّى يَسْلَمَ مِنَ الشِّرْكِ بِنَوْعَيْهِ، وَيَسْلَمَ مِنَ الْبِدَعِ والْمَعَاصِي. وَلِذَا ذَكَرَ الرَّسُولُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ صِفَاتِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ: « الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ. وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكّلُونَ »، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ هُوَ الْأَصْلُ الْجَامِعُ، الَّذِي تَفَرَّعَتْ عَنْهُ هذِهِ الْأَفْعَالُ.

 

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ: أَنَّ الطِّيَرَةَ لَا تَضُرُّ إِلا المُتَطَيِّرَ، وَالشُّؤْمَ لَا يَضُرُّ إِلا المُتَشَائِمَ؛ لِأَنَّ شُؤْمَهُ سَيُقْعِدُهُ عَنِ الْعَمَلِ، وَيُصِيبُهُ بِالْيَأْسِ، وَهَكَذَا يَظَلُّ أَسِيرَ الْأَوْهَامِ، وَالشُّكُوكِ، وَالظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ، حَتَّى يَجِدَ الدَّجَّالُونَ مِنَ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ وَالْمُنَجِّمِينَ وَقُرَّاءِ الْكَفِّ وَالْفِنْجَانِ مَدْخَلًا إِلَيهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ الاعتِقَادِ؛ فَيَقَعُ فِي الشِّرْكِ، ولَا يَنفَعُهُ هَؤُلَاءِ الدَّجَّالونَ، بَلْ يَسْلِبُونَ أَمْوَالَهُ، ويُفْسِدُونَ تَوْحِيدَهُ، وَلَنْ يَجْنِيَ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ. فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَاِحْذَرُوا الشِّرْكَ وَمَدَاخِلَهُ.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ،عِلَاجُ الطِّيَرَةِ يَكُونُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تعَالَى، وَالمُضِيِّ فِيمَا عَزَمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ، وَالْبُعْدِ عَنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، وَعَدَمِ الاسْتِسْلَامِ لِخَطَرَاتِهِ، وَالْيقِينِ بِأَنَّ الْأُمُورَ بِيَدِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الْقَدَرَ مَكْتُوبٌ، لَا تَرُدُّهُ الطِّيَرَةُ، وَقَدْ ذكَرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَفَّارَتَهَا لِمْنَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيئًا، فَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: « أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»؛ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْفَأْلُ ضِدُّ الطِّيَرَةِ؛ وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ، فَقَدْ قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ عَدْوَىَ، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ»؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

 

فَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تُعْجِبُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَالانْبِسَاطِ، وَالْمُضِيِّ قُدُمًا لِمَا يَسْعَى إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الطِّيَرَةِ؛ بَلْ هَذَا مِمَّا يُشَجِّعُ الْإِنْسَانَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ عَلَيْهِ؛ بَلْ تَزِيدُهَ طُمَأَنِينَةً، وَإِقْدَامًا، وَإِقبَالًا. وَالْفَأْلُ فِيمَا يُرْجَى وُقُوعُهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَسُرُّ ظَاهِرُهُ.

 

الطِّيَرَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِيمَا يَسُوءُ، وِإِنَّمَا أَحَبَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفَأْلَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا أَمَّلُوا نِعْمَةً مِنَ اللهِ؛ فَهُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا مَا أَمَّلُوا؛ فَقَدْ أَصَابُوا فِي الرَّجَاءِ مِنَ اللهِ، وَطَلَبِ مَا عِنْدَهُ، وَفِي الرَّجَاءِ خَيْرٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إِذَا قَطَعُوا أَمَلَهُمْ وَرَجَاءَهُمْ مِنَ اللهِ؛ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّرِّ؟

 

تَفَاءَلْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ، وَتَوَقَّعِ الْخَيْرَ دَائِمًا، وَسَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ، وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تُغْلِقَ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ بِكَلَامٍ لَا يَلِيقُ؛ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: «لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَعَمْ إِذًا». أَيْ: إِذَا أَبَيْتَ إِلَّا مَا ذَكَرْتَ؛ فَنَعَمْ، أَيْ: يَحْصُلُ لَكَ مَا قُلْتَ؛ إِذْ لَيْسَ جَزَاءُ كُفْرَانِ النِّعْمَةِ إِلَّا حِرْمَانَهَا، زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: (فَمَا أَمْسَى مِنَ الْغَدِ إِلَّا مَيِّتًا).

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

قُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التطير بشهر صفر (خطبة)
  • خطبة عن شهر صفر

مختارات من الشبكة

  • التوسل إلى الله بصالح الأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة إلى العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة شهر صفر 1445هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بدع ومخالفات في المحرم(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الـعـفة (خطبة)(مقالة - موقع أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/5/1447هـ - الساعة: 14:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب