• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى: وبذي القربى

خطبة عيد الأضحى: وبذي القربى
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/7/2021 ميلادي - 7/12/1442 هجري

الزيارات: 22269

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى

« وبذي القربى »

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ تفرَّدَ عزًّا ومجدًا وجلالًا، وتقدس بهاءً وسناءً وجمالًا، وتوحَّدَ عظمةً وكبرياءً وكمالًا، تباركَ ربُنا سبحانهُ وتعالى، ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [ص: 66]. وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، الجليلُ الجبار، ﴿ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16]. وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، المصطفى المختار، أزكى الأنامِ، ومسكُ الختامِ، وبدرُ التمامِ، وخيرُ من صلى وصامَ، وطافَ بالبيت الحرامِ، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلهِ الأعلامِ، وصحابتهِ الكرامِ، والتابعينَ وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم التمامِ.

 

أمَّا بعد: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ وأطِيعوهُ، وعَظِموهُ في هذا اليوم المباركِ وكبروهُ، واحمدوهُ على ما هداكم واشكُروه، واذكروه كثيرًا وسبحوه..

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

اللهُ أَكبرُ؛ لبَّى لهُ الملبونَ وكبَّروا..

اللهُ أَكبرُ؛ صلَّى له المصلونَ ومَّجدوا..

اللهُ أَكبرُ؛ طافَ له الطائفونَ وعظَّموا..

اللهُ أَكبرُ؛ ضحَّى له المضحونَ ونحروا..

اللهُ أَكبرُ كبيرا، والحمدُ لله كثيرًا، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلا..

 

معاشرَ المؤمنينَ الكرام: يَومُكُمْ هذا يَومٌ عَظيمٌ مُبارَكٌ، رَفعَ اللهُ قدرَهُ، وأعلى ذِكرَهُ، وسمَّاهُ يَومَ الحجِّ الأكبر، يَوْمَ الْعَجِّ وَالثَّجِّ، يَوْمَ النَّحْرِ والذِّكر، يومَ العِيدِ السَّعيدِ، أَفضَلُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ وَأَعظَمُهَا، وأجلُّها وأشرفُها.

 

فاعرِفوا لهذا اليومِ قدْرَهُ وعَظمَته، واستشعِروا برَكتَهُ وروعتَهُ، وتعرَضوا لنفحاتِ رَبِكُم ورحمتِه، وامْلَؤُوا قُلُوبَكُمْ من تَعْظِيمَ اللهِ تَعَالَى وَإجْلَالهِ وهيبتِه، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

 

ثم اعلموا يا عباد الله: أنَّ العَيدَ شَعِيرةٌ مِنْ شَعائِرِ اللهِ المجيدَةِ، ومُناسبةٌ غَاليةٌ مِن المناسَباتِ السَّعِيدةِ، فأسْعدَ اللهُ أيامَكُم، وبَاركَ اللهُ أعيادَكُم، وأدَامُ اللهُ أفراحَكُم، وتَقبلَ اللهُ منَّا ومِنكُم.. وبُشراكُم بإذنِ اللهِ بُشراكم، بُشراكُم بالأجرِ العظيمِ والدَّرجَاتِ العُلا.. ولمَ لا؟! فربُكُم جَلَّ وعَلا، مُحسنٌ كَريمٌ، لا يُضيعُ أجرَ من أحسَنَ عَملا..

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

 

معاشرَ المؤمنينَ الكرام: من مبادئ الإسلامِ الراسخة، تمتينُ العلاقاتِ بين أفرادِ المجتمع، خصوصًا بين الأقاربِ والأرحام، إذ أنَّ تعاونَ المجتمعِ وتماسكهُ وسعادتهُ تبدأُ بصلة الرَّحمِ والأقارِب.. بل إنَّ صِلةَ الأرحامِ والأقاربِ ركنٌ أساسٌ من أركان بناءِ المجتمع، وهو في نفس الوقتِ بابٌ كبيرٌ من أبواب الخيرِ المربحة، وعملٌ من أجلِّ الأعمالِ الصالحة، إلا أنَّ أكثرَ الناسِ عنهُ غافلون ومفرطون ومقصرون.

 

رحِمُ الإنسانِ وأقاربهُ، هم أولى الناسِ بالرعاية، وهم الأحقُّ بالإكرام والعناية.. وكلَّما كان الرَّحِمُ أقرب، كان حقهُ ألزمَ وأوجب، تأمَّل كيف قرنَ اللهُ عزَّ وجلَّ حقَّهُ العظيم بالتوحيد وعدمِ الشرك، قرنهُ بحقِّ الأقاربِ بالصلة والإحسان، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى ﴾ [النساء: 36].

 

ولذا فصِلةُ الرَّحِمِ والإحسانِ إليهم، من أوجب واجباتِ الإيمان ومُقتضياته، وهي حقٌّ لكلِّ من يمُتُّ إليك بصِلةٍ أو قرابةٍ أو نسب.. ففي الحديث المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصِل رحمه ».

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

 

وما هي صِلةُ الرَّحِم يا عباد الله؟

صِلةُ الرَّحِمِ: مشاعرٌ قلبية، وزياراتٌ ودِّية، وعلاقاتٌ قوية.

 

صِلةُ الرَّحِمِ: بشاشةٌ عند اللقاء، ولينٌ في المعاملة، وطلاقةٌ في الوجه، ورقةٌ في القول، وتبسُّطٌ في الحديث.

 

صِلةُ الرَّحِمِ: مشاركةٌ في الفرح والمناسبات السعيدة، ومواساةٌ في الحزن والمواقف الأليمة، وعيادةٌ في المرض أجاركم الله، وعند الأزمات تكون الصِلةُ وقفةٌ أخوية، مُساعدةٌ ماديةٌ، أو إكرامٌ أو هدية.

 

صِلةُ الرَّحِمِ: زيادةٌ في المحبة، وبركةٌ في المال، وبسطةٌ في الرزق، ومنسأةٌ في الأثر، وتوفيقٌ في الأمور، وذكرٌ جميل، وخاتمة حسنة بإذن الله، ففي صحيح البخاري ومسلم عن أمنا عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ »، وفي الحديث الآخر: « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُدْفَعَ عَنْهُ مِيتَةُ السُّوءِ؛ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ». وفي الحديث الآخر: « صِلَة الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ». وكلها أحاديث صحيحة، كما أن أفضل النفقة: النفقةُ على الأقارب قال جلَّ وعلا: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [البقرة: 215]، وفي الحديث الحسن يقول صلى الله عليه وسلم: « الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ ».

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

 

صِلةُ الرَّحِمِ يا عباد الله: من موجبات دخول الجنة؛ ففي البخاري ومسلم أن أعرابيًا أخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله: أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ قال: صلى الله عليه وسلم بعد أن نظر في أصحابه: « لقد وُفِّق أو هدي، كيف قلت؟ »، قال: فأعادها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « تعبدُ الله لا تشرك به شيئًا، وتقيمَ الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرَّحِم؛ دع الناقة »، فلما أدبر قال عليه الصلاة والسلام: « إنْ تمسَّك بما أمرته به دخل الجنةَ ».

 

صِلةُ الرَّحمِ سببٌ لنيل الأجورِ الكبيرة، والجوائزِ العظيمة؛ ففي الحديثٍ القدسيٍ الصحيح، يقول الله عزَّ وجلَّ: « أَنَا اللَّهُ، وَأَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ ».

 

صِلةُ الرَّحمِ تقي مصارعَ السوء، وتحمي من سوء العواقبِ، فالنبيُ الكريم صلى الله عليه وسلم لما رجعَ إلى خديجة خائفًا يقولُ لقد خشيتُ على نفسي فقالت لهُ رضيَ الله عنها: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ.

 

فما أحسنَ أن يتقربَ المسلمُ إلى ربه الكريم، في هذا اليوم العظيم، بالإحسان إلى أقربائه، وصِلةِ أرحامِه، فحقُّ القريبِ رحِمٌ موصولة، وحسناتٌ مبذولة، وهفواتٌ مُحتملة، وأعذارٌ مقبولة، وفي الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».

بارك الله..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ، وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ، وَلا انْقِطَاعَ لأمَدِهِ، سبحانه وبحمده، ملكوتُ كلِّ شيءٍ بيده: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 41]. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له ولا ربَّ لنا سواه، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسولهُ ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته ومن والاه وسلَّم تسليمًا كثيرًا لا حدَّ لمنتهاه.

 

اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.

 

معاشرَ المؤمنينَ الكرام: ومع كل تلك الآياتِ والأحاديثِ الكثيرةِ والدالةِ على أهمية صِلةِ الأرحامِ، والإحسانِ إلى القرابة، فإنَّ في الناس من يُسارع إلى قطع رَحِمهِ لأبسط الأمورِ، وأتفهِ المسائل، وهو يعلمُ أنهم ليسوا معصومين، وأنَّ الكلَّ يتعرضُ للزلل، وتقعُ منهُ الهفوةَ والزلة..

 

ألا فاعلموا يا عباد الله: أنَّ قطيعة الرَّحِمِ كبيرةٌ من كبائر الذنوبِ، وفسادٌ في الأرض كبير، عِقابها وخيمٌ، ونكالها أليمٌ: يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 23]، ليس ذلك فحسب، بل إنَّ قاطِعَ الرَّحِمِ معدودٌ في الفاسقين، ومعدودٌ في المفسدين، ومعدودٌ في الخاسرين عياذًا بالله، تأمَّل قوله تعالى: ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 26 – 27].

 

قطِيعةُ الرَّحِمِ جريمةٌ عُقوبتُها مُعجلةٌ في الدنيا قبل الآخرة، ففي الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ».

 

قاطِعُ الرَّحِمِ لا يُستجابُ لهُ دعاء، فقد كان ابن مسعودٍ رضي الله عنه جالسًا في حلقته بعد الصبح فقال: "أنشدُ اللهَ قاطعَ رحمٍ لما قامَ عنَّا فإنَّا نريدُ أن ندعو ربنا وإن أبوابَ السماءِ مُرتجةٌ دونَ قاطع الرحم"، "مُرتجةٌ"؛ أي: مُغلقة.

 

قاطِعُ الرَّحِمِ محرومٌ من دخول الجنَّة.. جاء في صحيح الإمامين البخاري ومسلم: قال عليه الصلاة والسلام: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ».

 

فيا أيها الموفقون المباركون رجالًا ونساء: إذا عُدتمْ بتوفيقِ اللهِ لبيوتِكُم وأهلِيكُم، فعُودوا بقلوبٍ صَافيةٍ نَقيةٍ، صِلوا من قَطعكُم، وأعطوا من حَرمكُم، وأحسِنوا لمن أساءَ إليكم.. فالعيد مُناسَبةٌ عَظيمةٌ تُظهِرُ فيهِ الأمّةُ جمالَ اجتماعِهَا، وروعَةَ تواصُلِها، وقوةَ تلاحُمها.

 

العيدُ يا رعاكم الله: دَرسٌ عَظيمٌ من دُروسِ التَّسامُحِ والتَّصافي، تَتناسَى فيهِ النفوسُ الكبيرةُ خِلافاتِها.. ويَعيشُ الجمَيعُ، فَرحةَ الجمَيعِ.

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.


هكذا يُريدنا الله يا عباد الله.. أن نتعاونَ على البر والتقوى، وأن يأخذَ كلٌّ منا بيد أخيه للخير والهدى، وأن نعفو ونتسامح، وأن نتقاربَ ونتصالح، ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40].

 

وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا.. والعفو من شيم الكرام، ودليلُ أصالةِ المعدنِ وحُسن الخلق، فتجاوزوا يا عباد الله عن الهفوات، واعفوا عن الزلات، وأقيلوا العثرات، وحافظوا على الرحم والصلات، ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ.. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.

 

ألا فاتقوا الله ربكم، وأصلِحوا ذاتَ بينكم، واهنأوا بعيدكم، وأكثروا يا رَعاكم اللهُ من الدُّعاءِ لإخوانِكم المستضعفِينَ في مَشارقِ الأرضِ ومَغاربها؛ لتثبِتوا أنَّكم تَشعُرونَ بِهم حتى في العيد.. أعَادهُ اللهُ تعالى علينا وعليكم وعلى المسلمين باليُمنِ والإيمانِ، والسَّلامَةِ والإسلام، وتَقبلَ اللهُ منَّا ومنكُم صالح الأعمال.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (1)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1436هـ (عيد النحر)
  • خطبة عيد الأضحى 1442هـ ( الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم )
  • خطبة عيد الأضحى 1442 هـ
  • خطبة عيد الأضحى: أسرة أبي الأنبياء تعلمنا خلق التضحية
  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ
  • خطبة عيد الأضحى وبيان لفضل وأحكام أيام التشريق ومختصر أحكام الأضاحي
  • خطبة عيد الأضحى ‏لعام 1425هـ
  • خطبة عيد الأضحى: كن سلاما على من حولك
  • خطبة عيد الأضحى: نعم للحب والإخاء

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الفطر 1444 (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1437 هجرية (خطبة دينية اجتماعية)(مقالة - ملفات خاصة)
  • هل لصلاة العيد خطبة أو خطبتان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة(مقالة - ملفات خاصة)
  • (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1443 هـ (العيد وصلة الأرحام)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة يوم عيد الأضحى 1441هـ (هذا عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (اليوم عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1440هـ (من مقاصد العيد)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب