• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

وما أدراك ما أبو غياث (خطبة)

وما أدراك ما أبو غياث (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2021 ميلادي - 5/12/1442 هجري

الزيارات: 21813

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وما أدراك ما أبو غياث

 

الحمد للهِ، الحمدُ للهِ مُصرفِ الأحوالِ، مُقدرِ الآجالِ، المتفردِ بالعزةِ والعظمةِ والجلالِ، تُسبِحُ له السماواتُ السبعُ والأرضُ، والشمسُ والقمرُ، والنجومُ والشجرُ والجبالُ، ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد: 13]، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، وصفيُّه وخليله، المنعوتُ بأعظم الأخلاقِ وأشرفِ الخصال، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، خيرُ صحبٍ وخيرُ آل، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

 

فاتقوا الله عباد الله حقَّ التقوى، فلا عزَّ أرفعُ من التقوى، ولا كنزَ أنفعُ من العلم، ولا قرين شرٌّ من الجهل، ولا حَسَبَ أبلغُ من الأدب، ولا خَصلة أوضعُ من الغضب، ولا عيبةَ أسوأُ من الكذب، ولا حافظَ أصْيَنُ من الصمت، ولا غـائبَ أقـربُ من الـمـوت، من يستعفف يُعفَّــه الله، ومن يستغنِ يغنِهِ الله، ومن يصبر يصبِّرْه الله، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].

 

معاشر المؤمنين الكرام، في قصَص الأوَّلين سلوةٌ، ومِن سِيَر الصالحين تأتي العظةُ والعبرة، ومع أخبارِ السلفِ السابقين يَحلو الحديث، وتُطرِقُ الآذانُ، ويطيبُ المجلس ويزدان، فتعالوا بنا اليوم لنقف مع قصةٍ رائعة، وأحداثٍ عجيبةٍ مُمتعة، فيها من العبر والعظات، ما يُغني عن الكثير من المواعظ والتوجيهات، ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 176].

 

إنَّه خبرُ أبي غياثٍ، وما أدراك ما أبو غياثٍ، رجلٌ عجوزٌ فقيرٌ مسكين، كثيرُ العيال، قليلُ الحال، معدومُ المال، بيد أنَّه كان يحملُ بين جنبيه رصيدًا عاليًا من العفَّة والأمانة، والخوفِ من الكبير المتعال.

 

والذي يروي لنا خبرَ هذا الرجلِ الفقير، ويسرِدُ علينا قصتهُ هو الإمام ابنُ جرير الطبري، إمامُ أهل التأويل والتفسير، العالم المشهور؛ يقول الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: كنت في مكة في موسم الحج فرأيت رجلًا من خُراسان ينادي ويقول: يا معشر الحجاج، يا أهل مكة، يا وفد الله من الحاضر والباد، فقدت كيسًا فيه ألف دينار، فمن ردَّه إليَّ جزاه الله خيرًا، وأعتقه من النار، ولهُ الأجر والثواب يوم الحساب، فقام إليه شيخٌ كبيرٌ من أهل مكة يقال لهُ أبو غياث، فقال له: يا خُراساني بلدنا حالتُها شديدة، وأبوابُ الكسبِ فيها مسدودةٌ، فلعل هذا المال يقعُ في يد مؤمنٍ فقير، أو شيخٍ كبير، يطمعُ أن تُعطيهِ من هذا المال لو ردَّهُ إليك، وتَمنحهُ منُه شيئًا يسيرًا، يعتبرهُ مالًا حلالًا، قال الخرساني: فما مقدارُ حُلْوانِه؟ وكم يريد؟ فقال الشيخُ الكبير: عُشْرُ ذلك المبلغ، فسكت الخرساني، ثم قال: لا أفعل، ولكنِّي أفوِّضُ أمرهُ إلى الله، وأشكوهُ إليه يوم نلقاه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

قال ابن جرير الطبري: فوقع في نفسي أنَّ ذلك الشيخُ الكبير رجلٌ فقيرٌ، وقد وجدَ كيس الدنانير، ويطمعُ في جزء يسيرٍ منه، فتبعتهُ حتى عادَ إلى منزله، فكان كما ظننت، فقد سمعتهُ ينادي على امرأته ويقول: يا لُبابة، وجدتُ صاحبَ الدنانير يُنادي عليه، ولا يريد أن يجعلَ لواجدهِ شيئًا، فقلتُ له: أعطنا منهُ مائة دينارٍ، فأبى وفوَّضَ أمرَهُ إلى الله، فلا بُدَّ لي مِن ردِّهِ، إني أخافُ ربي، أخافُ أن يضاعفَ ذنبي.

 

فقالت له زوجته: نحن نُقاسي الفقرَ معك مُنذ خمسينَ سنة، ولك أربعُ بناتٍ وأُختان وأنا وأُمي، وأنت تاسِعنا، لا شاة لنا ولا مرعى، خُذ المال كلَّه، وأشبعنا منه فإننا جوعى، واكسنا به فأنت بحالنا أوعى، ولعل الله يُغنيك بعد ذلك، فتُعطيه المال بعد إطعامك لعيالك، أو يقضي الله دينك يوم يكونُ الملك للمالك، فقال أبو غياث لزوجته: أآكل حرامًا بعد ستٍّ وثمانين عامًا بلغها عُمري، وأَحْرقُ أحشائي بالنار بعد أن صبرتُ على فقري، وأَسْتوْجِبُ غضبَ الجبار، وأنا قريبٌ من قبري، لا والله لا أفعل، قال ابن جرير الطبري: فانصرفتُ وأنا في عجبٍ من أمرهِ هو وزوجته، فلما أصبحنا وارتفعَ النهار، سمعتُ صاحب الدنانير يُنادي ويقول: يا أهلَ مكة، يا معاشر الحجاج، يا وفدَ الله من الحاضر والباد، من وجدَ كيسًا فيه ألفُ دينار، فليرده إليَّ ولهُ الأجر والثواب عند الله، فقام إليهِ الشيخُ الكبير نفسهُ وقال: يا خُرساني، قد قلتُ لك بالأمس ونصحتُك، وبلدنا واللهِ قليلةُ الزرعِ والضرع، فجُد على من وجدَ المالَ بشيءٍ حتى لا يُخالف الشرع، وقد قلتُ لك أن تدفعَ لمن وجدهُ مائة دينار فأبيت، فإن وقعَ مالكُ في يدِ رجلٍ يخافُ اللهَ عزَّ وجلَّ، فهلا أعطيتهُم عشرةَ دنانير فقط بدلًا من مائة، يكونُ لهم فيها سترٌ وصيانة، وكفافٌ وأمانة، فقال له الخرساني: لا أفعل، وأحتسبُ مالي عند الله، وأشكوهُ إليه يوم نلقاه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

قال ابن جرير الطبري: ثم افترق الناسُ وذهبوا، فلما أصبحنا من الغد سمعتُ صاحب الدنانير يُنادي ويقول: يا معاشر الحجاج، يا أهل مكة، يا وفد الله من الحاضر والباد، من وجدَ كيسًا فيه ألفُ دينار فردهُ عليَّ، ولهُ الأجرَ والثوابَ عند الله، فقام إليه أبو غياث فقال له: يا خُرساني، قد قلت لك أولَ أمس امنح من وجدهُ مائةَ دينار فأبيت، ثم عشرةَ فأبيت، فهلا منحتَ من وجدهُ دينارًا واحدًا، يشتري بنصفه حاجةً يطلبها، وبالنصف الأخرَ شاةً يحلبها، فيسقي الناس ويكتسب، ويُطعم أولادهُ ويحتسب، قال الخرساني: لا أفعل، ولكني أُحيلهُ على الله، وأشكوه لربه يوم نلقاه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، فجذبَ الشيخُ الكبيرُ الرجلَ الخرساني وقال له: تعالَ يا هذا معي، وخُذ دنانيرك ودعني أنامُ الليل، فوالله لم يهنأ لي بالٌ منذ أن وجدتها، يقولُ ابن جرير: فذهب مع صاحب الدنانير، وتبعتهما، حتى دخلَ الشيخُ منزلهُ، فنبشَ الأرضَ وأخرجَ الدنانيرَ وقال: خُذ مالك، وأسألُ اللهَ أن يعفو عني ويرزقني من فضله، فأخذها الخُرساني وهمَّ بالخروج، فلما بلغَ بابَ الدار عاد، وقال: يا شيخ قد ماتَ أبي رحمه اللهُ وترك لي ثلاثة آلافِ دينار، وأوصاني أن أُخرجَ ثلثها على أحوجِ الناس، فربطتُها في هذا الكيس حتى أُنفِقهُ على من يستحق، فوالله ما رأيتُ مُنذُ خرجتُ من خُرسان إلى هاهُنا رجلًا أولى بهِ منك، فخُذهُ بارك اللهُ لك فيه، وجزاك خيرًا على أمانتك، وصبرك على فقرك، ثم ذهب وترك المال، فقام الشيخ يبكي ويقول: رحمَ اللهُ صاحبَ المال في قبره، وبارك الله في ولدهِ، قال ابن جرير: فوليتُ خلفَ الخراساني، فلحِقني أبو غياث وردَّني، فقال لي: اجلس فقد رأيُتك تتبعُني مُنذ أولِ يومٍ، وعرفتُ أنك عرفتَ خبرنا بالأمس واليوم، وقد سمعت أحمد بن يونس يقول: سمعت مالكًا يقول: سمعت نافعًا يقول: عن عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعمر وعلي رضي الله عنهما إذا أتاكما الله بهديةٍ بلا مسْألةِ ولا استشرافِ نفسٍ، فاقبلاها ولا تردَّاها، فتَرُدَّاها على الله عزَّ وجلَّ، وهذا الكيسُ هديةٌ من الله، والهديةُ لمن حضر، ثم نادى الرجلُ زوجتهُ وأمَّها، ودعا بناتهُ وأخواته وكانوا تسعةً وأنا عاشِرهم، فحلَّ الكيس وقال: أبسطوا حُجوركم، وأقبل يُوزِعُها دِينارًا دينارًا، حتى فرغَ الكيس، وكان فيه ألفُ دينار، قال الطبري: فأعطاني مائة دينار.

 

يقول ابن جرير الطبري: فدخلَ قلبي من سرورِ غِناهُم أشدَّ من فرحى بالمائة دينار، فلمَّا أردتُ الانصرافَ همسَ لي الشيخُ الصالحُ ببضع كلماتٍ قال فيهنَّ: ما رأيتُ مثل هذا المال قطُ ولا أمَّلتهُ، وإني لأنصحُك، فإنه حلالٌ فاحتفظ به، واعلم أني كنت أقومُ فأصلي الفجرَ في هذا القميص البالي، ثم أخلعهُ حتى تُصلي بناتي واحدةً واحدة، ثمَّ أخرجُ للعمل إلى ما بين الظهر والعصر، ثم أعودُ في آخر النهارِ بما فتحَ اللهُ عزَّ وجلَّ عليَّ من تمرٍ وكُسيراتِ خُبزٍ، ثم أخلعُ ثيابي لبناتي فيُصلين فيه الظُهرَ والعصرَ، وهكذا في المغربِ والعِشاء الآخرة، وما كنا نتصورُ أن نرى هذه الدنانير، فأسألُ اللهَ أن ينفعهُن بما أخذنَ، وأن ينفعني وإياك بما أخَذنا، ورحِمَ اللهُ صاحبَ المالِ في قبره، وأضعفَ الثوابَ لولده، قال ابن جرير: فودَّعتهُ، ثمَّ إني استعنتُ بالمال، فكتبتُ به العِلمَ سنتين، أتقوَّتُ به وأشتري مِنهُ الورق، وأسافرُ وأُعطي الأُجرةَ.

 

قال الطبري: وبعدَ ستةَ عشرَ عامًا رجعتُ إلى مكة، فسألتُ عن الشيخ، فقيل لي أنهُ مات، وماتت زوجته وأُمها والأختان، ولم يبق إلا البنات، فسألتُ عنهن فوجدتُ أنهنَ قد تزوجنَ بأمراءِ وأعيانِ مكة، وذلك لـما انتشرَ خبرُ صلاحِ والدِهِنَّ، أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، بارك الله لي ولكم في لقرآن العظيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده اللذين اصطفى؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، معاشر المؤمنين الكرام، الحديثُ عن الوفاءِ والأمانةِ ليسَ حديثًا عن مكارمِ الأخلاقِ فحسب، بل هو حديثٌ عن الإيمانِ والأخلاقِ معًا، ففي الحديث: "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَا تَفقِدُونَ مِن دِينِكُمُ الأَمَانَةَ"، فعدَّ الأمانةَ من الدين، وهي في القرآن الكريم من صفاتِ المؤمنينَ المفلحينَ، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

 

الأمانة إخوةَ الإسلامِ، هي أداءُ الحقوقِ، والمحافظةُ عليها، وهي تشملُ كُلِّ ما يتعلقُ بدينِ الانسانِ وواجباته، وكُل ما استرعاهُ اللهُ عليه، فوقتُ المسلم أمانةٌ، وعِرضُه أمانةٌ، وسمعُه وبصرُه ولسانُه أمانةٌ، وعمله أمانةٌ، ومنهَا أمانةُ الراعي على رعيِّتِه، والرجلُ على أهلِ بيتِه، والمرأةُ على بيتِهَا وأولادِها، والمديرُ على موظفيهِ، والموظفُ على وظيفتِه، والمعلم على طلابِه، والكُلُّ كما جاء في الحديث راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، وفي صحيح مسلمٌ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ما منْ عبدٍ يسترعيهُ اللهُ رعيَّةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيَّته إلا حرَّمَ اللهُ عليهِ الجنَّة"، وأمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأداء الأمانة، وحذَّر من الخيانة بقوله: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ».

 

وجاء الأمرُ بحفظ الأمانات ورعايتها في القرآن الكريم بصورةٍ مباشرةٍ في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283]، وفي قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وفي صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا، أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا، أَتْلَفَهُ اللَّهُ»، وأخبرَ عليه الصلاة والسلام أنَّ ضياع الأمانة من علاماتِ الساعةِ، ومن علامات النفاق، فقال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"، وفي صحيح البخاري ومسلم: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".

 

وحذَّر تبارك وتعالى من الخيانة، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِ ﴾ [يوسف: 52].

 

فاتقوا الله عباد الله وقوموا بواجباتكم، وأدُّوا أماناتكم، ولا تخونوا من خانكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

ويا بن آدم عِش ما شئت فإنك ميِّت، وأحبِب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمَل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يَبلى والذنب لا يُنسى، والديَّان لا يموت، وكما تدين تدان، اللهم صلِّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غياث الأمم في التياث الظلم
  • غياث المذنبين بتوبة أرحم الراحمين
  • منهج الجويني في الغياثي
  • وما أدراك ما ناشئة الليل

مختارات من الشبكة

  • عرفات وما أدراك ما عرفات؟!! ( خطبة )(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان وما أدراك ما رمضان!(مقالة - ملفات خاصة)
  • وما أدراك ماذا بعد الالتزام!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وما أدراك ما ليلة القدر؟!(مقالة - ملفات خاصة)
  • وما أدراك ما ليلة القدر(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • وما أدراك ما ليلة القدر(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • وما أدراك ما شم النسيم؟! ( بطاقة دعوية )(كتاب - ملفات خاصة)
  • وما أدراك ما ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • وما أدراك ما ليلة القدر(محاضرة - موقع الشيخ صفوت الشوادفي)
  • تكبيرة الإحرام بين الغفلة والاهتمام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب