• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    أبو عامر محمد نور حكي السلفي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

الأوبئة (1) بين الوباء والطاعون

الأوبئة (1) بين الوباء والطاعون
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2020 ميلادي - 24/7/1441 هجري

الزيارات: 27296

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأوبئة (1)

بين الوباء والطاعون

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَلَاهُمْ، وَأَرَاهُمْ قُوَّتَهُ وَضَعْفَهُمْ، وَقُدْرَتَهُ وَعَجْزَهُمْ، وَعِلْمَهُ وَجَهْلَهُمْ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَ رُسُلَهُ عَاشَ دُنْيَاهُ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَوَفَدَ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ فَائِزًا مُفْلِحًا، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ دِينِهِ قَضَى دُنْيَاهُ خَائِفًا جَزِعًا، وَوَفَدَ عَلَى رَبِّهِ خَاسِرًا مُعَذَّبًا ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123- 124]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ؛ فَإِنَّ دِينَهُ عَزَّ وَجَلَّ عُدَّةٌ فِي الْبَلَاءِ وَالشِّدَّةِ، وَسَعَادَةٌ فِي الرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 2- 3].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْأَوْبِئَةُ قَدِيمَةٌ فِي الْبَشَرِ، وَقَدْ رَصَدَ الْمُؤَرِّخُونَ الْأَهَمَّ مِنْهَا، وَحَكَوْا مَا جَرَى عَلَى النَّاسِ بِسَبَبِهَا، وَالْعُلَمَاءُ بَيَّنُوا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَلَّفَ الْكُتُبَ فِيهَا؛ لِيَكُونَ النَّاسُ عَلَى عِلْمٍ بِأَحْكَامِهَا.

 

وَمِنَ الْفِقْهِ فِي الْأَوْبِئَةِ: الْعِلْمُ بِأَنَّ بَيْنَ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ اشْتِرَاكًا؛ فَكُلُّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ، وَلَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ طَاعُونًا، وَالْأَوْبِئَةُ أَكْثَرُ مِنَ الطَّوَاعِينِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: «الطَّاعُونُ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَسَدِ فَتَكُونُ فِي الْمَرَافِقِ أَوِ الْآبَاطِ أَوِ الْأَيْدِي أَوِ الْأَصَابِعِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ، وَيَكُونُ مَعَهُ وَرَمٌ وَأَلَمٌ شَدِيدٌ». وَيَشْهَدُ لِوَصْفِهِمْ هَذَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَقَدْ ضَرَبَ الطَّاعُونُ مَمْلَكَةَ فِرْعَوْنَ فَأَفْنَى بَشَرًا كَثِيرًا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 134]، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «الرِّجْزُ الطَّاعُونُ» قَالَ البَغَوِيُّ «حَتَّى مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَأَمْسَوْا وَهُمْ لَا يَتَدَافَنُونَ». وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَأَمَّا الْوَبَاءُ فَهُوَ كُلُّ مَرَضٍ عَامٍّ يَفْتِكُ بِالنَّاسِ لَيْسَ فِيهِ صِفَاتُ الطَّاعُونِ مِنَ الْأَوْرَامِ وَالتَّقَرُّحَاتِ وَالدَّمَامِلِ وَنَحْوِهَا. وَلِلطَّاعُونِ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ، وَيَشْتَرِكُ مَعَ الْوَبَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَمِنَ الْفِقْهِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ذَلِكَ:

أَنَّ الطَّاعُونَ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُهَا، وَهِيَ مَحْمِيَّةٌ مِنْهُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، بَيْنَمَا يَسْرِي فِيهَا الْوَبَاءُ الَّذِي لَيْسَ بِطَاعُونٍ كَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى حِمَايَتِهَا مِنَ الطَّاعُونِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ، وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلَمْ تُمْنَعِ الْمَدِينَةُ مِنَ الْوَبَاءِ، بَلْ كَانَتِ الْمَدِينَةُ مَقْدِمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ وَبَاءٍ وَحُمَّى، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُشْرِكِي مَكَّةَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى أَبُو عَسِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْحُمَّى وَالطَّاعُونِ، فَأَمْسَكْتُ الْحُمَّى بِالْمَدِينَةِ، وَأَرْسَلْتُ الطَّاعُونَ إِلَى الشَّامِ، فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي وَرَحْمَةٌ، وَرِجْسٌ عَلَى الْكَافِرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَوَقَعَ فِي الْمَدِينَةِ وَبَاءٌ عَظِيمٌ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَ عَنْهُ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ النَّحْوِيُّ فَقَالَ: «أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

فَكُلُّ هَذِهِ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلطَّاعُونِ أَحْكَامًا تَخُصُّهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ يَكُونُ طَاعُونًا، وَإِنْ كَانَ الطَّاعُونُ وَبَاءً، كَمَا تَدُلُّ عَلَى حِفْظِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنَ الطَّاعُونِ دُونَ الْوَبَاءِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَنَا وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَمِحْنَةٍ وَوَبَاءٍ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِنِعْمَتِهِ وَسَتْرِهِ وَعَافِيَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَلِّقُوا بِهِ قُلُوبَكُمْ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهُ، وَالْخَلْقَ خَلْقُهُ، وَكُلَّ شَيْءٍ بِيَدِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 17- 18].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ فِقْهٌ فِيمَا يَنْزِلُ بِهِ أَوْ بِالنَّاسِ مِنَ النَّوَازِلِ؛ لِيَكُونَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَبَصِيرَةٍ فِي دِينِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَمِنَ الْفِقْهِ فِي الْأَوْبِئَةِ: الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا رِيحَ الْمِسْكِ، فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَوَجْهُ كَوْنِ الْمَوْتِ بِالطَّاعُونِ شَهَادَةً جَاءَ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ»؛ وَلِذَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ بِنَوْعَيِ الشَّهَادَةِ؛ وَهُمَا الشَّهَادَةُ بِأَيْدِي كُفَّارِ الْإِنْسِ فِي الْجِهَادِ، وَالشَّهَادَةُ بِأَيْدِي كُفَّارِ الْجِنِّ بِوَخْزِهِمْ لِلْإِنْسِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. «قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَصِّلَ لِأُمَّتِهِ أَرْفَعَ أَنْوَاعِ الشَّهَادَةِ؛ وَهُوَ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ، إِمَّا مِنَ الْإِنْسِ وَإِمَّا مِنَ الْجِنِّ».

 

وَعَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسَيْهِمَا بِالطَّاعُونِ لَمَّا وَقَعَ فِي الشَّامِ؛ رَجَاءَ الشَّهَادَةِ بِهِ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَالَاتِ تَمَنِّي الْمَوْتِ، وَقَالَ: «وَمِنْهَا: تَمَنِّي الْمَوْتِ عِنْدَ حُضُورِ أَسْبَابِ الشَّهَادَةِ؛ اغْتِنَامًا لِحُضُورِهَا؛ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَسُؤَالُ الصَّحَابَةِ الشَّهَادَةَ وَتَعَرُّضُهُمْ لَهَا عِنْدَ حُضُورِ الْجِهَادِ كَثِيرٌ مَشْهُورٌ، وَكَذَلِكَ سُؤَالُ مُعَاذٍ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاعُونَ لَمَّا وَقَعَ بِالشَّامِ».

 

وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَتَمَنَّى الْبَلَاءَ، وَلَا يَدْعُو بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِهِ أَوْ يَتَمَنَّاهُ، ثُمَّ إِذَا نَزَلَ بِهِ جَزِعَ وَلَمْ يَصْبِرْ، فَصَارَ مَوْزُورًا آثِمًا، وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مَأْجُورًا شَهِيدًا.

 

وَأَمَّا الْمَوْتُ بِالْوَبَاءِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ أَنَّ مَوْتَاهُ شُهَدَاءُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْوَبَاءُ فِي الْبَطْنِ فَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ. وَلِذَا يُشْرَعُ الدُّعَاءُ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَدَفْعِهِ، كَمَا يُشْرَعُ الدُّعَاءُ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ حِينَ وُقُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضِمْنِ سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّبَاحِ وَفِي الْمَسَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التدخين.. ذلك الوباء العالمي المدمر
  • التدخين (ذلك الوباء العالمي)
  • ذكرى الوباء (خطبة)
  • عشر وقفات حول الوباء (كورونا)
  • خطبة عن الأمراض والأوبئة
  • الأوبئة (2) القوة الربانية والضعف البشري
  • تذكرت الوباء الكبير
  • الأوبئة (3) بين المنافع والأضرار
  • الأوبئة (4) التغيير الحضاري الشامل
  • الأوبئة (5) الوقاية والعلاج
  • هل يدخل الطاعون المدينة النبوية؟ وهل يوجد فرق بين الطاعون والوباء؟
  • الوباء في رمضان
  • مع الأوبئة
  • الفوائد من حديث الطاعون شهادة لكل مسلم
  • الوباء وجهود الأطباء المسلمين في تفسيره
  • الأوبئة (6) من منافع كورونا
  • الطاعون في العصر الأموي
  • وظيفة بلاء الوباء (خطبة)
  • الرضا في زمن الوباء (خطبة قصيرة)
  • البلاء والوباء من قضاء الله وقدره
  • خطبة: الهدي الإسلامي في الوقاية من الأوبئة
  • الأوبئة (8) الدعاء لرفع الوباء
  • باب صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها
  • الأوبئة (11) العدوى بين الإثبات والنفي
  • الأوبئة (12) التنجيم والعرافة والكهانة في الأوبئة

مختارات من الشبكة

  • من تبعات انتشار الوباء(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • مخطوطة فنون المنون في الوباء والطاعون(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • القنوت للوباء والطاعون(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • من فضائل النبي: استجابة الله تعالى لدعائه بتطهير المدينة المنورة من الوباء وأن يبارك فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسائل الثبات عند حلول الوباء ونزول البلاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة في الوباء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجة العباد إلى الصبر على البلاء في زمن الوباء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأوبئة (10) أقسام الناس في الوباء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تعليق رفع الوباء بالثريا لا يصح شرعا ولا نظرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأوبئة (9) العبادة في الوباء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب