• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما حكم أخذ الأجر على الضمان؟
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    {فبما رحمة من الله لنت لهم}
    د. خالد النجار
  •  
    عقيدة الدروز
    سالم محمد أحمد
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حقوق المرأة (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حبه صلى الله عليه وسلم لاستماع القرآن من غيره
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    إشارات في نهاية عام فات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    المدخل الميسر لعلم المواريث
    رمزي صالح محمد
  •  
    إكرام الله شرف عظيم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    {كل يوم هو في شأن}
    أسامة بن زيد بن سليمان الدريهم
  •  
    مراتب الفضل والرحمة في الجزاء الرباني على الحسنة ...
    عبدالقادر دغوتي
  •  
    من مائدة العقيدة: وجوب محبة الرسول صلى الله عليه ...
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    بطلان القول بعرض السنة على القرآن
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)

الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/12/2019 ميلادي - 21/4/1441 هجري

الزيارات: 27543

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

روح الصلاة (4)

الخشوع ومغفرة الذنوب

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَسَتْرِ الْعُيُوبِ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ؛ فَقَدْ كَثَّرَ لِعِبَادِهِ الْمُكَفِّرَاتِ، وَنَوَّعَ لَهُمُ الطَّاعَاتِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ الْخَيْرَاتِ؛ فَمَنْ أَرَادَ الْخَيْرَ وَجَدَهُ، وَمَنْ أَرَادَ الشَّرَّ وَجَدَهُ، وَكُلُّ عَامِلٍ يَجِدُ مَا عَمِلَ، وَلَا يَهْلكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا هَالِكٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ يَجْزِي عَلَى الْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَيُثِيبُ عَلَى التَّوْبَةِ عَفْوًا وَغُفْرَانًا، وَيُكَفِّرُ بِالطَّاعَاتِ سَيِّئَاتٍ وَعِصْيَانًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا غَسَّالَةُ الْعَبْدِ، كَفَّارَةُ الذَّنْبِ، جَالِبَةُ الرِّزْقِ، رَافِعَةُ الْهَمِّ، مُفْرِحَةُ الْقَلْبِ، مُسْعِدَةُ النَّفْسِ، وَلَنْ يَشْقَى مَنْ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزُّمَر: 9].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ رَاحَةِ الْقَلْبِ وَالْبَالِ، وَصَلَاحِ الْحَالِ وَالْمَآلِ؛ لَشَغَلَتِ الصَّلَاةُ أَغْلَبَ أَوْقَاتِهِمْ. وَلَوْ عَلِمُوا مَا فِي الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ لَاجْتَهَدُوا فِي تَحْصِيلِهِ؛ إِذِ الْخُشُوعُ رُوحُ الصَّلَاةِ وَلُبُّهَا، وَكُلَّمَا زَادَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتِ الصَّلَاةُ أَنْفَعَ لِصَاحِبِهَا فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ.

 

وَمِنْ أَعْظَمِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَجْنِيهَا مَنْ يُصَلِّي صَلَاةً خَاشِعَةً: مَغْفِرَةُ ذُنُوبِهِ بِتِلْكَ الصَّلَوَاتِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فَرِيضَةً أَمْ كَانَتْ نَافِلَةً:

فَمَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ بِالْفَرَائِضِ جَاءَ فِيهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَهَذِهِ الْمَغْفِرَةُ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُصَلِّينَ الْخَاشِعِينَ فِي صَلَاتِهِمْ؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ؛ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَكَذَلِكَ تُغْفَرُ الذُّنُوبُ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ عَقِبَ الْوُضُوءِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ تَوَافُرِ الْخُشُوعِ فِيهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ: «دَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنَائِهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، وَقَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُحَدِّثَ فِيهِمَا نَفْسَهُ؛ أَيْ: مُقْبِلٌ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ فِي صَلَاتِهِ بِكُلِّيَّتِهِ، خَاشِعٌ فِيهَا، وَالْجَزَاءُ مَغْفِرَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الذُّنُوبِ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، فَالْمُرَادُ: لَا يُحَدِّثُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، وَلَوْ عَرَضَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ عُرُوضِهِ عُفِيَ عَنْ ذَلِكَ، وَحَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَقَدْ عُفِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنِ الْخَوَاطِرِ الَّتِي تَعْرِضُ وَلَا تَسْتَقِرُّ».

 

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَغْفِرَةَ تَشْمَلُ كَبَائِرَ الذُّنُوبِ وَصَغَائِرَهَا؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ فَقَالَ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَالْوُضُوءَ حَدِّثْنِي عَنْهُ، قَالَ: مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَشْمَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلُودَ لَا ذُنُوبَ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ، لَا صَغَائِرَ وَلَا كَبَائِرَ، كَمَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ الْخَاشِعَةِ وَلَوْ كَانَتْ رَكْعَتِي نَفْلٍ؛ إِذْ بِهَا تُغْفَرُ الذُّنُوبُ كُلُّهَا، وَلَكِنْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ وُضُوءٍ قَدْ أَحْسَنَهُ، وَلَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بِشَيْءٍ لَيْسَ لَهُ عَلَاقَةٌ بِصَلَاتِهِ؟! لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَرَفُوا قَدْرَ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَجَاهَدُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَيْهِ، حَتَّى أَلِفُوهُ وَاعْتَادُوهُ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ رَاحَتَهُمْ وَقُرَّةَ أَعْيُنِهِمْ، كَمَا كَانَتِ الصَّلَاةُ رَاحَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ.

 

وَهَذَا هُوَ الْقُنُوتُ الْكَامِلُ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238]. قَالَ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ الْمَكِّيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الْقُنُوتُ: الرُّكُوعُ وَالْخُشُوعُ وَغَضُّ الْبَصَرِ وَخَفْضُ الْجَنَاحِ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: وَكَانَتِ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ هَابَ الرَّحْمَنَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَشُذَّ نَظَرُهُ أَوْ يَلْتَفِتَ أَوْ يُقَلِّبَ الْحَصَى أَوْ يَعْبَثَ بِشَيْءٍ أَوْ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا نَاسِيًا مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ.

 

وَإِنَّهُ لَفَضْلٌ عَظِيمٌ، وَثَوَابٌ كَبِيرٌ أَنْ تُحَطَّ الْخَطَايَا وَتُمْحَى الذُّنُوبُ كُلُّهَا صَغَائِرُهَا وَكَبَائِرُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَاشِعَتَيْنِ بَعْدَ وُضُوءٍ حَسَنٍ تَامٍّ، وَالْخُشُوعُ لَا يَأْتِي دُفْعَةً وَاحِدَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الرِّيَاضَةِ وَالتَّمْرِينِ؛ حَتَّى يَعْتَادَهُ الْمُصَلِّي، فَتَكُونُ صَلَاتُهُ خَاشِعَةً.

 

وَمَنْ خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ وَجَدَ لَذَّةً وَرَاحَةً بِهَا، وَشَوْقًا إِلَيْهَا، وَصَلَاحًا لِقَلْبِهِ بِسَبَبِهَا، وَصَلَحَتْ أَحْوَالُهُ بِصَلَاتِهِ، وَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهُ بِخُشُوعِهِ، وَمَنْ قَرَأَ سِيَرَ الْخَاشِعِينَ، وَرَاقَبَ أَحْوَالَهُمْ وَجَدَ ذَلِكَ فِيهِمْ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا اللَّذَّةَ وَالْحَلَاوَةَ بِالصَّلَاةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِي تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ؛ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا بِقَدْرِ خُشُوعِهِ فِيهَا، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمْنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُهَا، خُمْسُهَا، رُبْعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ يَحْتَاجُ مِنَ الْعَبْدِ إِلَى تَهْيِئَةٍ مَادِّيَّةٍ وَتَهْيِئَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ:

فَأَمَّا التَّهْيِئَةُ الْمَادِّيَّةُ: فَإِحْسَانُ الْوُضُوءِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى السِّوَاكِ، وَعَلَى أَذْكَارِ الْوُضُوءِ، وَالتَّبْكِيرُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالْمَشْيُ إِلَيْهِ بِسَكِينَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ، وَالْحِرْصُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَالدُّنُوُّ مِنَ الْإِمَامِ، وَالتُّؤَدَةُ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ الْقَبْلِيَّةِ، وَاجْتِنَابُ الْحَرَكَةِ وَالِالْتِفَاتِ وَرَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ، وَالْإِقْبَالُ بِالْقَلْبِ عَلَى الصَّلَاةِ.

 

وَأَمَّا التَّهْيِئَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ: فَاسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوُقُوفِ لِلصَّلَاةِ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَالَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.

 

وَاسْتِحْضَارُ هَيْبَةِ الْوُقُوفِ أَمَامَهُ، وَلَذَّةِ مُنَاجَاتِهِ بِكَلَامِهِ فِي الْقِيَامِ، وَتَدَبُّرُ تَسْبِيحِهِ وَحَمْدِهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ، وَالْيَقِينُ بِإِجَابَتِهِ لِلدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي السُّجُودِ؛ فَلَيْسَ مَنْ دَعَا وَهُوَ مُوقِنٌ أَنَّهُ مُجَابٌ كَمَنْ دَعَا وَهُوَ سَاهٍ لَاهٍ.

 

وَاسْتِحْضَارُ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ مُنْذُ خَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى يَوْمِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ؛ فَإِنَّ مَنْ أَغْدَقَ عَلَيْهِ كُلَّ هَذِهِ النِّعَمِ، وَدَفَعَ عَنْهُ مِنَ النِّقَمِ مَا يَعْلَمُ وَمَا لَا يَعْلَمُ لَحَرِيٌّ أَنْ يَخْشَعَ لَهُ الْعَبْدُ فِي مِحْرَابِهِ.

 

وَاسْتِحْضَارُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي قَلْبِ عَبْدِهِ مِنَ الْخُشُوعِ وَالْإِخْبَاتِ وَالْإِخْلَاصِ فَيَصْرِفُ الْعَبْدُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُهُ، وَيَجْزِيهِ عَلَيْهِ أَوْفَى الْجَزَاءِ.

 

وَاسْتِحْضَارُ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَتَذَكَّرُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُصَلِّي لِيَنْجُوَ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَيَفُوزَ بِجَوَائِزِهِ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 88- 89]، وَالْخُشُوعُ مِنْ دَلَائِلِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من موانع الخشوع في الصلاة
  • حكم الخشوع في الصلاة
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)
  • الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها
  • معنى الخشوع وموضعه
  • فوائد الخشوع في الصلاة
  • الخشوع وحضور القلب عند قراءة الفاتحة
  • أهمية الخشوع (خطبة)
  • روح الصلاة (3) من منافع الخشوع
  • أنواع الذنوب ومكفراتها

مختارات من الشبكة

  • الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الرابع عشر: الخشوع في الصلاة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما هو الخشوع في الصلاة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موانع الخشوع في الصلاة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موانع الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الخامس عشر: الخشوع في الصلاة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها وعلاج الوسوسة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • علاج عدم الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/1/1447هـ - الساعة: 14:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب