• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

إياك والكسل (خطبة)

إياك والكسل (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2019 ميلادي - 23/3/1441 هجري

الزيارات: 49126

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إياك والكسل

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، مَدحَ أهلَ الإيمانِ، ووعدَهُمُ الخُلودَ في الجِنانِ، ومنحَهُمْ مِنه المحبةَ والرِّضوانَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه والتابعينَ لهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليماً كثيراً.أمَّا بعدُ:

 

فاتقوا اللهَ تعالى وأَطيعُوهُ، واتَّبعوا ما أَنزلَ مِنَ الهُدَى، واحْذرُوا الهَوَى، فإنه يَسلُكُ بمَنِ اتَّبعَهُ طُرُقَ الرَّدَى ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

«اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ».

 

بهذِه الأَدعيةِ العظيمةِ كانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَستفتِحُ يومَه ويحثُّنَا على ذلكَ، كما في صحيحِ مُسلمٍ.

 

هذا الدعاءُ العظيمُ -أيها الإخوةُ- فيهِ الاستعاذةُ باللهِ عزَّ وجل منَ العَجزِ والكَسَلِ، وقد قَرَنَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في استعاذَتِهِ بينَ الكَسلِ والعجزِ لأنهمَا قَرينانِ فكُلٌّ مِنهمَا يُؤدِّي إلى التثَاقُلِ عن إنجازِ المُهمَّاتِ المطلوبِ إِنجازِهَا.


والكَسَلُ هُوَ تَركُ الشَّيءِ مَعَ القُدرَةِ عَلَى الأَخذِ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَستَحِقُّ صَاحِبُهُ اللَّومَ وَالذَّمَّ؛ حَيثُ تَرَكَ بِرَغبَتِهِ مَا يُدرِكُ بِهِ الخَيرَ وَيَنَالُ به المَكَارِمَ، وَيَحظَى فِيهِ بِالأَجرِ وَالثَّوَابِ وَمَحَبَّةِ الخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَإِعَانَتِهِ إِيَّاهُ عَلَيهِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ، وَفي كُلٍّ خَيرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنفَعُكَ وَاستَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعجِزْ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

هذانِ المرضَانِ -أَعنِي العجزَ والكَسلَ- إذا أُصيبَ بهما الشبابُ خاصةً أُصيبوا بمَقْتَلٍ! إذا أصيبَ الشابُّ بمثلِ هذهِ الأمراضِ فإنَّه يَنتهِي، لأنَّ الحياةَ لا تقومُ إلا بنشاطٍ، لا تقومُ إلا بِجِدٍّ، لا تقومُ إلا بعزيمةٍ، إذا أُصيبَ الإنسانُ بهما أَصبحَ يعيشُ على هَامشِ الحَياةِ.

 

عبادَ اللهِ، لقد حارَبَ الإسلامُ كلَّ مَظاهرِ اليَأسِ والكَسَلِ والتَّراخِي والخَوَرِ. التي لا تُساعِدُ على البِناءِ والتَّعميرِ، واعتَبرَ الكَسلَ صِفةً ذَميمةً. بل حذَّرَ وتَعوَّذَ مِنهَا.

 

نعَم.. الكَسلُ سَلبيَّةٌ خَطيرةٌ وآفةٌ مُهلِكةٌ تُفسِدُ الأممَ والشُّعوبَ وتُؤدِّي إلى تخلُّفِهَا عن رَكبِ الحضاراتِ المتقدِّمةِ، وهو دَاءٌ وبِيلٌ إذا تمكَّنَ مِنَ الإنسانِ كادَ أنْ يُفقِدَهُ إنسانِيَّتَهُ، قالَ الإمامُ الرَّاغِبُ: "مَن تَعطَّلَ وتَبطَّلَ؛ انسلَخَ مِنَ الإنسانيةِ بل مِنَ الحَيوانيةِ، وصَارَ مِن جِنسِ الموتَىَ".

 

الكَسلُ آفةٌ قَلبيةٌ وعَائقٌ نفسِيٌّ شَديدٌ يُوهِنُ الهِمَّةَ، ويُضعِفُ الإرادةَ، ويَقودُ إلى الفُتُورِ، وهو جُرثُومةٌ قَاتلةٌ، ودَاءٌ مُهلِكٌ، يعوقُ نهضَةَ الأُممِ والشُّعوبِ، ويمنَعُ الأفرادَ مِنَ العَمَلِ الجَادِّ والسَّعيِ النَّافِعِ، مهمَا كانَ صَاحِبُهُ فَطِناً حَادَّ الذَّكاءِ.

 

وإنَّمَا عابَ الإسلامُ الكسلَ وحذَّرَ مِنه؛ لأنَّ فيه تَغافُلاً عمَّا لا ينبغِي التَّغافُلُ عنه، ولأنَّه يجُرُّ إلى الفُتُورِ في الأفعالِ مع الشُّعورِ بالسَّآمةِ أو الكراهيةِ، ويُولِدُ الفقرَ والتَّسوُّلَ والاتكاءَ على الآخرينَ، ولربما وصَلَ الأمرُ إلى السَّرِقةِ والغشِّ والخِداعِ، وغيرِ ذلكَ مِن قَبيحِ الفِعَالِ.

 

وقيل: التَّوَانِي مِفتاحُ البُؤسِ، وبالعجزِ والكَسلِ تولَّدَتِ الفَاقةُ، ونَتجَتِ الهَلَكَةُ.

 

قالَ أَحدُ حُكماءِ الهِندِ: "إذَا أَردتَ أن تَكونَ نَاجِحاً في هذا العالَمِ فعليكَ أن تَتغلَّبَ على أُسِسِ الفقرِ السِّتةِ: النَّوْمِ والتَّراخِي، والخوفِ، والغَضبِ، والكسلِ، والممَاطلةِ".

 

الكَسَلُ -أيها الكرام- حَرمَ كَثيراً مِنَ الناسِ أن يَعيشَ غَنياً فعاشَ حَياةَ الفَقرِ والبُؤسِ، كان بإمكانِهِم ألا يكونوا فُقراءَ، لكنَّهم اسْتَمْرؤوا الحالَ التي هُم عليها، فصارَ النَّاسُ يُعطُونَهم مِنَ الزَّكواتِ والصَّدقاتِ وبقُوا على حَالِهِم، ولو أرادُوا -خاصةً الشَّبابَ القادرينَ- لو أرادوا واللهِ لاستطاعُوا أن يكونوا أغنياءَ، أو على الأقلِّ الوصولَ إلى حَالِ الكَفَافِ والاستغناءِ عنِ الآخَرينَ، لكنَّ هذا المَرَضَ أَعجزَهُم وأَقعدَهُم.


هل تُصدِّقونَ -أيها الإخوةُ- أنَّ الكَسَلَ ربما يُودِي إلى الموتِ! لقد كَشفَتْ بعضُ الدِّراساتِ أنَّ الخُمُولَ البَدنيَّ كانَ سبباً في وَفاةِ الكثيرِ مِنَ البشرِ في مختلف أنحاءِ العالَمِ، بسببِ خُلُوِّ حياتِهِم مِن أيِّ نَشاطٍ بَدنيٍّ؛ ففي برِيطانيا، بلغتْ نِسبةُ الوفيَّاتِ بسببِ الخُمولِ البَدنيِّ سبعةَ عشَرَ بالمائةِ (17%).

 

أيها المؤمنون: إنَّ أَخطرَ أَنواعِ التَّكاسُلِ: هو التكاسلُ عن الأمورِ الشَّرعيةِ، التكاسلُ عن العباداتِ لا سِيَّما العِباداتِ اليوميةِ كالصلاةِ، بل بَلَغَ بِبَعضِنَا إِلى تَركِ فَرَائِضَ وَاجِبَةٍ، وَالوُقُوعِ في كَبَائِرَ مُوبِقَةٍ، وَالتَّهَاوُنِ بِحُقُوقٍ لِلنَّاسِ، والتَّسَاهُلِ بِأَدَاءِ حُقُوقِ الوَالِدَينِ والأُسرةِ.

 

ومن أنواعِ الكسلِ: الكَسلُ الفِكريُّ، وهو أن تَجِدَ إنسانًا مُؤَهَّلاً لأنْ يتعَلَّمَ، مُؤهلاً لأن يعرِفَ ويَطَّلعَ، ويتَرَّقَى في المراتبِ العلميةِ, فيهِ ذَكاءٌ، فيهِ سُرعةُ بَديهةٍ، يتَمتَّعُ بموَاهبَ لا حَصرَ لهَا، وطاقاتٍ هَائلةً، لكنه يَقْبُرُهَا ولا يستفِيدُ مِنهَا، يَمِيلُ إلى الراحةِ وقِلةِ الحَركةِ، طَاقاتٌ مَدفونةٌ، مَواهبُ مَنسيَّةٌ، والسببُ هو الكسلُ وضَعفُ الهمَّةِ.


وكَم فَقدَتِ الأُمةُ مِن أَمثاِل هؤلاءِ الكَثيرِ إذ لَو عَرفُوا قَدرَ أَنفسِهِم وسَعَوْا كمَا يسعَى الرِّجالُ الأَفذَاذُ لحصلَ في الأمةِ خَيرٌ كَثيرٌ واللهُ المستعانُ.

 

ومِن ذَلكَ: التَّكاسُلُ في الوظيفةِ والعملِ؛ فالوظيفةُ أَمانةٌ ومَسؤوليةٌ، والمخِلُّ بها مُذنِبٌ وآثِمٌ، والمُجِدُّ فيها مُثابٌ ومَأجورٌ، قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ» أخرجهُ النَّسائيُّ وابنُ حِبَّانَ، وصححهُ الألبانيُّ.

 

فكيفَ لعَاقلٍ أنْ يتَكاسَلَ في وَظيفَةٍ تَقلَّدَهَا ومَسؤوليةٍ تولاَّهَا وعَملٍ أُنيطَ بهِ، فيجنِي على نفسِهِ وعلى أُمَّتِهِ، ويُحمِّلُ نفسَه أَوزارَ النَّاسِ ذَوِي الحقوقِ الذينَ ضَيَّعَ حُقوقَهُم بكَسَلِهِ وتَفريطِهِ.


مِن صُورِ الكَسلِ وأَشكالِهِ: تَكاسُلُ الطلبةِ والتلاميذِ في دِرَاستِهِم، بانشغالِهِم باللهوِ واللعبِ وتَضييعِ الوَقتِ فيما لا يَنفَعُ على مَدارِ السَّنةِ، حتى إذا حَانَ وقتُ الامتحانِ لم يَجدُوا وَسيلةً للنَّجاحِ إلاَّ الغشَّ والتَّحايُلَ، وبِئسَتِ الشهادةُ التي تُنالُ بالغشِّ، ولا خيرَ في الغِشِّ لصاحبِهِ ولا لأهلِهِ ولا لوطنِهِ ولا لأُمَّتِهِ؛ لأنَّه يُنتِجُ إنساناً فاشلاً يُسنَدُ إليهِ ما لا يُجيدُه ولا يُتقِنُهُ مِنَ الأُمورِ.


ومِنَ أَعظمِ الآفاتِ التي ابتُلِيَتْ بها الأمةُ: التكاسلُ عَنِ العلمِ والمعرفةِ؛ فنَجِدُ الاعتمادَ على ما يَصنعُه الغَيرُ وما يكتُبهُ الغَيرُ، فضَعُفتِ الثقافةُ الإسلاميةُ وضَعُفَ الإنتاجُ المعرِفيُّ. وغَابَ عن الأُمَّةِ التنافُسُ في الاختراعاتِ والابتكاراتِ حتى أصبحَ التَّواكلُ على غيرِنا في كلِّ شَيءٍ؛ المأكلِ والمشرَبِ والملبسِ والمركبِ.

 

ولا شَكَّ -أيها المباركونَ- أنَّ العملَ مهمَا كانَ حقيرًا فهو خَيرٌ مِنَ البَطالةِ والتَّسوُّلِ، ولا يَليقُ بالرجلِ القَادرِ أن يَرضَى لنفسِهِ أن يكونَ حِملاً على كاهلِ المجتمَعِ، ثَقِيلاً مَرذُولاً، وأنْ يقعُدَ فَارغًا مِن غَيرِ شُغلٍ، وأن يكونَ عَالةً علَى غَيرِهِ في قُوَّتِهِ وأُمورِ حَياتِهِ، يتقَاعَسُ عن العَملِ ويَنتظِرُ ما تَجودُ بهِ أَيدِي الآخرينَ أَعطَوْهُ أو مَنعُوهُ!

 

أيها المربُّونَ، أيها المدرِّسونَ، أيها الموجِّهونَ، معاشرَ الآباءِ والأمهاتِ:

ربُّوا أبناءَكم على هذه المعاني, ربُّوهُم على الجِديةِ في الحياةِ، على الحِرصِ على العَملِ والإِنتاجِ المُفيدِ، مهمَا كانَ وَضعُ الأُسْرةِ المادِيِّ. بدلاً مِنَ الكسلِ واللَّعِبِ والانشغالِ بتَوافهِ الأُمورِ, تَسعَدُوا بهِم وتَسعدُ بهِم أُمَّتُهُم، وإنْ فرَّطْنا في ذلكَ فالأمرُ خَطيرٌ، خُصوصاً في ظِلِّ أَجهزةِ التَّواصُلِ التي أَلْهَتِ الصغيرَ والكبيرَ!

 

نَسألُ اللهَ تعالى أن يجعلَنَا مِنَ المفلحينَ الفائزينَ، وأنْ يُوفِّقنَا لما فيه خيرٌ لنا في دينِنا ودنيانا، وأنْ يُعيذَنَا ويحفظَنَا مِنَ الكسلِ وعواقبِهِ ونَتائِجِهِ.

باركَ اللهُ لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى... أَمَّا بَعْدُ:

الجَدُّ في الجِدِّ والحِرمانُ في الكَسَلِ *** فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ

 

انظروا إلى حياةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانتْ أُعجوبةً مليئةً بالحيويةِ والنَّشاطِ في كلِّ المجالاتِ، ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

ورحمَ اللهُ الإمامَ الشافعيَّ حينما قالَ:

إني رَأيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ *** إنْ سَالَ طَابَ، وإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ

 

الماءُ الرَّاكدُ تتغيَّرُ رائِحتُهُ، وإذَا تغيَّرتْ رائِحتُهُ لَم يَجُزِ التَّطهرُ بِهِ -فِقْهاً-، تصوَّرُوا -أيها الإخوةُ- الماءُ لا يكونُ طيبًا إلا إذا جرَى، كذلك.

 

قالَ ابنُ قَيِّمِ الجَوزِيَّةِ رحمه اللهُ: (أَجْمَعَ عُقَلَاءُ كُلِّ أُمَّةٍ عَلَى أَنَّ النَّعِيمَ لَا يُدْرَكُ بِالنَّعِيمِ. وَأَنَّ مَنْ رَافَقَ الرَّاحَةَ فَارَقَ الرَّاحَةَ, بِحَسبِ رُكُوبِ الْأَهْوَالِ واحتمالِ المشاقِّ تكونُ الفَرحةُ واللذةُ، فَلَا فرحةَ لمن لَا هَمَّ لَهُ وَلَا لَذَّةَ لمن لَا صَبرَ لَهُ وَلَا نعيمَ لمن لَا شقاءَ لَهُ وَلَا رَاحَة لمن لَا تَعبَ لَهُ، بل إِذا تَعِبَ العَبْدُ قَلِيلا استراحَ طَويلاً وَإِذا تحمَّلَ مَشقَّةَ الصَّبْرِ سَاعَةً قَادَهُ لحياةِ الْأَبَدِ، وكلُّ مَا فِيهِ أهلُ النَّعيمِ الْمُقِيمِ فَهُوَ صَبرُ سَاعَةٍ، وَالله الْمُسْتَعَانُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ).

 

اللهمَّ اجعلْنَا مِن أوليائِكَ المتقينَ، ومِن جُندِكَ الغَالبينَ ومِنَ السَّابقينَ المقرَّبينَ.

 

اللهمَّ اجعلْنا مِنَ السعداءِ في الدنيا والمفلحينَ في الآخرةِ, اللهم اجعلنا من عِبادِكَ الصالحينَ المفلحينَ البارِّينَ المنعَمِينَ المسرورينَ المطمئنينَ الآمِنِينَ الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يَحزنونَ.

 

اللهم انصرْ دينَك وكتابَك وسنةَ نبيِّكَ وعبادَكَ الصالحينَ، اللهم أيِّد مَن دَافع عنِ الدينِ، ونَصَرَ المستضعفينَ، واكفنا شرَّ الأشرارِ والمفسدينَ.

 

اللهم آمنَّا في أوطانِنا، واستعملْ علينا خيارَنَا، اللهم أصْلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعلهم هداةً مهتدينَ؛ يقولونَ بالحقِّ وبه يَعدِلونَ، اللهمَّ أَصلِحْ مَن في صلاحِه خيرٌ للإسلامِ والمسلمينَ، واكفنا مَن فيهِ ضَررٌ على الإسلامِ والمسلمينَ يا ربَّ العالمينَ.


اللهمَّ مَن أرادَ بِلادَنا بسُوءٍ وأرادَ الإسلامَ والمسلمينَ بشَرٍّ فأَشْغِلْه في نفسِه، وارْدُدْ كيدَه في نَحرِهِ.

 

اللهمَّ انصرْ جنودَنَا المرابطينَ على حُدودِنَا، اللهمَّ احرُسْهُم بعينِكَ التي لا تنامُ اللهم احفظْهُم فوقَ كلِّ أَرضٍ وتحتَ كلِّ سَماءٍ. اللهم إنهم يُحاربونَ عدوَّكَ وعدوَّهُم، اللهم انصرْهُم وسَدِّدْ رَميَهُم وأَنزِلْ سكينتكَ عليهِم وأَعِدْهُم سَالمينَ غَانمينَ عَاجلاً غيرَ آجلٍ.

 

اللهمَّ صَلَّ على مُحَمَّدٍ وعلَى آلِه وسَلِّمْ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبناؤنا والكسل
  • الكسل.. الموت البطيء
  • الكسل: مخاطره وصوره وعلاجه
  • إياك وهاذم الأحلام والأماني (الكسل)
  • غريزة تدفعنا إلى الكسل فالفشل
  • رسالة في ذم الكسل
  • وسائل طرد الكسل (خطبة)
  • قواعد مواجهة الفتور والكسل في العبادة وطلب العلم

مختارات من الشبكة

  • إياك إياك (مقطوعة شعرية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إياك إياك والتفريط فيها!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إياك والكسل والضجر (تصميم)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إياك والتسويف! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إياك نعبد وإياك نستعين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين للإمام العلامة ابن قيم الجوزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهم ما ترشد إليه آية (إياك نعبد وإياك نستعين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إياك والحسد (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إياك والظلم (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إياك والقلق، لماذا القلق من المضمون؟ (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب