• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

خذوا حذركم (خطبة)

خذوا حذركم (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2019 ميلادي - 30/5/1440 هجري

الزيارات: 45432

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خذوا حذركم [1]

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عباد الله، تقول العرب في أمثالها وأسجاعها: "كن حذراً كالقِرلى، إن رأى خيراً تدلى، وإن رأى شرًّا تولى". والقرلى طائر من طيور الماء صغير الحجم سريع الخطف، يرفرف على وجه الماء بإحدى عينيه إلى الماء والأخرى إلى الجو؛ خوفاً من طائر جارح يصيده، فإذا بصر سمكة يستطيع الإمساك بها انقض عليها كالسهم، فإن رأى جارحاً يريد شراً به مرَّ في الأرض وذهب. وحاله في الحذر كحال الذئب، فإنه إذا أراد أن ينام راوح بين عينيه، فيطبق واحدة ويفتح الأخرى، فإذا كلّت أطبقها وفتح الأخرى، يقول أحد الشعراء في وصف حاله هذه:

إذا خاف جوراً من عدوّ رمت به
قصائبه والجانب المتواسع
وإن بات وحشاً ليلة لم يضق بها
ذراعاً ولم يصبح لها وهو خاشع
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي
بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع

 

أيها المسلمون، إن الحياة مدرسة للعقلاء يستلهمون منها عظات وعبراً تنير دروب الحياة، فمن لم يستفد في حياته لم يستفد بعد مماته. والحكمة ضالة المؤمن يختطفها من أي جهة خرجت.

 

إن من مبادئ العيش في هذه الحياة: الأخذ بالحذر والحيطة، وركوب مطية اليقظة والترجل عن صهوات الغفلة. فمن هجر التأهب والاستعداد للمخاوف جاءته المكاره من كل جانب إلا أن يشاء الله.

 

فإن قال قائل: إن الحذر لا ينجي من القدر قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 243].

 

قيل له: إن الله أمرنا بفعل الأسباب، وأخذ الحذر من فعل الأسباب، فإذا جاء قدر الله فهو فوق الأسباب.

 

إن من نظر في القرآن الكريم سيجد أن الله تعالى أمرنا بأخذ الحذر والحيطة من عدة أشياء، فقد حذرنا تعالى من عقابه فقال: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28].

 

وحذرنا من مخالفة أمره وارتكاب زجره، فقال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾[النور: 63]. والمؤمن حينما يسمع هذا التحذير الشديد يسوقه ذلك إلى باب ربه ليتقرب إليه بالصالحات، قال تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

 

وحذرنا الله تعالى من أعداء ديننا فأمرنا فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً ﴾ [النساء: 71].

 

أيها الأحبة، إن المتأمل في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد أن رسول الله قد أخذ بالحذر في أحوال متعددة:

ففي بداية الإسلام لم يكن من المناسب إظهار الإسلام وإعلان شعائره بين الملأ في مكة، فكان رسول الله وكبار أصحابه يعرضون الإسلام على من يلتمسون فيه الخير في الخفاء، وكان عليه الصلاة والسلام يجتمع مع أصحابه لأداء الصلاة وإسماعهم القرآن خارج مكة، واستمر على ذلك ثلاث سنوات. ثم هاجر من مكة ليلاً وكمن في غار ثور ثلاثاً حتى ينقطع الطلب، فلما وصل المدينة -وكان يعرف خبث اليهود ومكرهم- أقام المعاهدات مع اليهود حتى يأمن جانبهم. وكان عليه الصلاة والسلام يعرف تربص قريش به فكان أول ما وصل المدينة لا يبيت إلا محروساً. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر فلما قدم المدينة قال: ( ليت رجلاً من أصحابي صالحاً يحرسني الليلة ). إذ سمعنا صوت سلاح فقال: ( من هذا؟ ). فقال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك ونام النبي صلى الله عليه وسلم)[2].

 

وفي السير عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس ليلاً حتى نزل: ﴿ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال: ( يا أيها الناس، انصرفوا عني فقد عصمني الله عز وجل ).

 

ومن حذره عليه الصلاة والسلام: أنه كان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها؛ حذراً من كيد الأعداء أن يعرفوا وجهته فيكمنوا له فيعيقوه.

 

ولما سمته اليهودية في خيبر في الشاة المصلية كان بعد ذلك لا يقبل من أحد يشك فيه إذا أهدى له طعاماً حتى يأكل منه صاحبه.

 

عباد الله، ومن حذره صلى الله عليه وسلم أنه حذر أمته أشياء؛ لعلها تسلم شرها، ومن ذلك:

التحذير من المنافقين، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم باللسان)[3].

 

وقد قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون4].

 

يعطيك من طرف اللسان حلاوة *** ويروغ منك كما يروغ الثعلب!

 

وحذر عليه الصلاة والسلام أمته من أصحاب الشبهات والبدع، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ﴿ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴾ [آل عمران 7].. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)[4].

 

وحذر أمته الدجال فقال: (إني لأنذركموه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه)[5].

وهناك أشياء أخرى كثيرة حذر منها عليه الصلاة والسلام.

 

أيها المسلمون، إن الواقع الذي نعيشه يوجب على الإنسان أن يكون حذراً كامل اليقظة على دينه وعلى نفسه وأهله وأولاده وعلى إخوانه المسلمين.

 

ففي هذه الظروف على الإنسان أن يحذر أن يتكلم بكلمة باطل، أو كلمة لا تعود عليه بالنفع في دنياه أو في أخراه. فرب كلمة أوقعت صاحبها في مهلكة وكان في سلامة لو سكت عنها. ويحذر كذلك -في ظل هذه الأزمات- التشاؤم والقنوط من رحمة الله وفرجه، فالشدة ما تعظم إلا لتنفرج.

 

وعلى المسلم أيضاً أن يحذر أذية إخوانه المسلمين بقوله أو بفعله، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ [الأحزاب 58].

 

حتى الرائحة الكريهة التي يتأذى بها المسلم من أخيه المسلم نهى عنها الإسلام؛ ليبين أهمية الحفاظ على المسلم من الأذى مهما قل؛ لذلك نهي المسلمُ أن يدخل المسجد وفي فمه رائحة كراث أو فجل أو بصل، ومثله - في عصرنا –الدخان بل هو أشد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)[6].

 

ومن حرص الإسلام على إبعاد الأذى عن المسلمين ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة)[7].

 

قال يحيى بن معاذ رحمه الله: "ليكن حظ المسلم منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تحزنه، وإن لم تمدحه فلا تذمه".

 

وقال رجل ناصحاً عمر بن عبد العزيز رحمه الله: " اجعل كبير المسلمين عندك أباً، وصغيرهم ابناً، وأوسطهم أخاً، فأي أولئك تحب أن تسيء إليه؟!".

 

ومن خير الأمثلة على حرص الراعي في إبعاد الأذى عن رعيته: أن معاوية رضي الله عنه رغّب عمر رضي الله عنه في ركوب البحر لغزو الروم- وعمر لم يركب بحراً من قبل- فأرسل إلى عمرو بن العاص رضي الله كتاباً قال له: "صف لي البحر وراكبه؛ فإن نفسي تنازعني إليه، فكتب إليه عمرو: إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلق صغير، إن ركن خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول يزداد فيه اليقين قلة، والشك كثرة، هم فيه كدود على عود إن مال غرق وإن نجا برق، فلما قرأه عمر كتب إلى معاوية: لا والذي بعث محمداً بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبدًا، وتالله لمسلمٌ أحب إليّ مما حوت الروم، فإياك أن تعرض لي".

 

أيها المسلمون، وكما يحذر المسلم على دينه ونفسه وأهله وأولاده وعلى المسلمين، عليه أيضاً أن يحذر على بلاده التي باستقرارها استقراره، وباضطرابها اضطرابه، فيحذر الفوضى وترويع الآمنين وتخريب المصالح العامة والخاصة؛ فإن الله لا يصلح عمل المفسدين.

كونوا جميعاً يا بَنيَّ إذا اعترى
خَطْب ولا تتناثروا أفرادا
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت آحادا

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان، علمه البيان، والصلاة والسلام على سيد البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 

أيها المسلمون، لقد فاز بالظفر من أخذ بالحذر، فحصلت له الرغائب وأمن من المعاطب بقدر الله تعالى.

وسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام مليئة بصور النتائج الطيبة لحذر رسول الله عليه الصلاة والسلام.

أما الغافلون عن الحذر فإنهم يجنون الخيبة والندامة، وما ينفع النادم ندمه بعد الفوات.

 

حكي أن أعرابياً أخذ جرو ذئب فرباه بلبن شاة عنده، فقال: إذا ربيته مع الشاء أنس بها فيذب عنها ويكون أشد من الكلب، ولا يعرف طبع أجناسه، فلما قوي وثب على شاته فافترسها، فقال الأعرابي:

بقرتَ شويهتي وفجعت قومي
وأنت لشاتنا إبن ربيبُ
غُذِيت بدّرها ونشأت معْها
فمن أنباك أن أباك ذيبُ؟!
إذا كان الطباع طباع سوء
فلا أدب يفيد ولا أديبُ

 

عباد الله، إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان ذا حذر شديد وفراسة صادقة، ومن ذلك: أنه كان يمنع الموالي البالغين من دخول المدينة حتى تسلم دار الهجرة من خبثهم، ولكن كتب له المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن لديه غلاماً مجوسياً عنده قدرة على عدة صناعات يمكن أن ينتفع به المسلمون في المدينة، فأذن له أن يرسله إلى المدينة -وكأنه قدر سيق له بعد الحذر الشديد- فلم يلبث الخبيث المجوسي أن ظهر عليه الحقد، فقال لعمر يوماً: لأصنعن لك رحى يُتحدث بها، فقال عمَر الملهَم: أوعدني العبد آنفاً، ومرت الأيام وجاء يومه الذي استعد له بعد أن هيأ خنجراً ذا رأسين، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في صلاة الفجر، فلما شرع عمر في الصلاة طعنه أبو لؤلؤة عدة طعنات وطعن معه عند فراره اثني عشر مصلياً مات منهم ستة، ثم طعن نفسه. فتبين حينئذ أن حذر عمر رضي الله عنه كان في محله.

 

عباد الله، أخيراً أقول: لا بد حين الأخذ بالحذر أن لا يوصل ذلك صاحبه إلى الوسوسة وسوء الظنون، فالمسلم يُحمل على السلامة ما لم يتبين منه شيء يُخاف. وأن لا يوصله كذلك إلى ارتكاب شيء محرم أو التقصير في واجب؛ حرصاً على الحذر. وأن لا يوصله أيضاً إلى قطع الصلات التي أمر الإسلام بها بين المسلمين إلا عند التحقق من المفسدة الراجحة التي توصل إلى الضرر يقيناً.

 

هذا وصلوا وسلموا على خير البرية...



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 15 /7 /1432هـ، 17 /6 /2011م.

[2] متفق عليه.

[3] رواه أحمد والبيهقي والطبراني، وهو صحيح.

[4] متفق عليه.

[5] متفق عليه.

[6] متفق عليه.

[7] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحذر من الفرقة
  • الحذر من فتنة الدنيا وغرورها
  • الحذر من الآفات والمهلكات
  • خذوا حذركم
  • الحذر من الإسراف والتبذير (خطبة)
  • موعظة قرآنية عظيمة: {ويحذركم الله نفسه}

مختارات من الشبكة

  • خذوا روحي، خذوا دنياي مني (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خذوا حذركم(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • خذوا جنتكم فقد انطلقت الشياطين (خطبة عيد الفطر المبارك 1446)(مقالة - ملفات خاصة)
  • { خذوا زينتكم عند كل مسجد } {خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا أهل المساجد خذوا زينتكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خذوا عني مناسككم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • (خذوا زينتكم عند كل مسجد)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب