• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صورة من ترابط نهايات السور مع بداية ما بعدها [بين ...
    مصطفى سيد الصرماني
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن الإخلاص
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الاستشفاء بالقرآن (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    بلمسة أمل
    سامي منصور محمد سيف
  •  
    أيهما أصح: ((تعرض الأعمال يوم الاثنين ويوم ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الحسود لا يسود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: ثمرات التوحيد على الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عناية الصحابة رضي الله عنهم بحفظ القرآن وتدوينه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    المسترسل
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    تحريم النفاق الأكبر وهو إظهار الإسلام وإبطان ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    ما ورد في معنى استغفار النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    متى تزداد الطيبة في القلوب؟
    شعيب ناصري
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

العمل والعمال وواجباتهم

العمل والعمال وواجباتهم
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/11/2018 ميلادي - 1/3/1440 هجري

الزيارات: 11839

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العمل والعمال وواجباتهم


الْحَمْدُ للهِ، أَعْظَمَ لِلْمُتَّقِينَ الْعَامِلِينَ أُجُورَهُمْ، وَشَرَحَ بِالْهُدَى وَالْخَيرَاتِ صُدُورَهُمْ، أَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَفَّقَ عِبَادَهُ لِلطَّاعَاتِ وَأَعَانَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ خَيرُ مَنْ عَلَّمَ أَحْكَامَ الدِّينِ وَأَبَانَ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَهْلِ الهُدَى وَالْإِيمَانِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِيمَانٍ وَإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَ الزَّمَانُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزيِدًا. أَمَّا بَعْدُ:


فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالَى - حَقَّ التَّقْوَى، واشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى، واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَنْعَمَ عَلَى بِلَادِنَا بِنِعَمٍ كَثِيرةٍ، عَظِيمَةٍ جَلِيلَةٍ، جَعَلَتْهَا مَحَطَّ أَنْظَارِ الْمَلَايِين مِنَ الرَّاغِبِينَ فِي العَيْشِ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ وُجُودِ الْحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ، وَاسْتِتْبَابِ الْأَمْنِ، وَرَغَدِ الْعَيشِ، وَوَفْرَةِ فُرَصِ الْكَسْبِ وَالْعَمَلِ وَالْإِقَامَةِ. فَالْحَمْدُ اللهِ عَلَى ذَلِكَ.


كُلُّ التَّقْدِيرِ وَالاحْتِرَامِ وَالدُّعَاءِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - لِمَنْ يَفِدُ إِلَى بِلَادِنَا لِلْعَمَلِ وَالْبَحْثِ عَنْ لُقْمَةِ العَيْشِ، وَالْكَسْبِ الطَّيِّبِ، وَالْمَطْعَمِ الْحَلَالِ وِفْقَ الْأَنْظِمَةِ المَشْرُوعَةِ وَالضَّوَاِبطِ الصَّحِيحَةِ، فَبِلَادُ الحَرَمِيْنِ بِلَادٌ مُبَارَكَةٌ آمِنَةٌ، فِيهَا مِنَ الخَيْرَاتِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَكْم مِنْ وَافِدٍ وَفَدَ إِلَى هَذِهِ البِلَادِ وَهُوَ فَقِيرٌ وَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ بِخَيرٍ وَفِيرٍ.


وَإِنَّنَا لَن نَنْسَى أَنَّ هَذِهِ البِلَادَ نَهَضَتْ بِفَضْلِ اللهِ - تَعَالَى - ثُمَّ بِسَوَاعِدِ أَبْنَائِهِا، وَكَذَلِكَ بِخِبْرَاتِ كَثِيرٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيرِهِمْ مِمَّنْ أَفَادُوا بِعُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ، أَوْ بِسَوَاعِدِهِمْ وَعَرَقِ جَبِينِهِمْ، فَقَامُوا بِالْوَاجِبِ الَّذِي عَلَيهِمْ، وَاسْتَوْفَوا الْحَقَّ الَّذِي لَهُمْ.


عِبَادَ اللهِ، لَا يَخْفَى عَلَيكُمْ أَنَّ مِنَ الْأَمَانَةِ الْوَفَاء بِالْعُقُودِ، فَعَلَى صَاحِبِ العَمَلِ أَنْ يَفِيَ بِمَا تَعَاقَدَ عَلَيهِ مَعَ الْعَامِلِ، مَا دَامَتْ عُقُودُهُمَا وَالْتِزاَمَاتُهُمَا مُوَافِقَةً لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَلَا تُخَالِفُ أَنْظِمَةَ الدَّوْلَةِ الْمَرْعِيَّةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1].


فَصَاحِبُ الْعَمَلِ يَلْتَزِمُ بِالْأُجْرَةِ وَنَوْعِ الْعَمَلِ وَمِقْدَارِهِ وَزَمَنِهِ حَسبَ مَا تَمَّ الاتِّفَاقُ عَلَيهِ، وَالعَامِلُ يَلْتَزِمُ بِالْقِيَامِ بِمَا أُوكِلَ إِلَيهِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ يَسْتَطِيعُهُ؛ رَوَى البُخَارِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ...»، وَذَكَرَ مِنْهُمْ: «وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ».


وَالْعَجَبُ - أَيُّهَا الْكِرَامُ - مِنْ أُنَاسٍ لَا يُبَالُونَ مِنْ أَيِّ الْمَالِ أَكَلُوا أَوْ أَطْعَمُوا أَبْنَاءَهُمْ، أَمِنْ كَدِّ الفَقِيرِ وَتَعَبِهِ، أَم مِنْ حَقِّ العَامِلِ وَسَعْيِهِ! لَا يُبَالُونَ فِي أَيِّ أَوْدِيَةِ النَّارِ هَلَكُوا، لِذَا تَرَاهُمْ يَتَطَاوَلُونَ عَلَى مَنْ تَحْتَ أَيْدِيهِم مِنَ الْعَمَالَةِ، فَيَمْنَعُونَ أَصْحَابَ الحُقُوقِ حُقُوقَهُمْ، وَيُحَمِّلُونَهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَيُمَاطِلُونَ فِي أَدَاءِ مَا لَهُمْ مِنْ رَوَاتِبَ وَأَمْوَالٍ، وَرُبَّمَا وَصَلَ الْحَالُ بِبَعْضِهِمْ إِلَى التَّسَلُّطِ عَلَيهِمْ، وَاحْتِقَارِهِمْ، وَسَبِّهِمْ وَشَتْمِهِمْ، بَلْ ضَرْبِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ دُونَ خَوْفٍ مِنَ اللهِ أَوْ مِنَ الْجِهَاتِ الْأَمْنِيَّةِ.


وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيهِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - مَا يَفْعَلُهُ الْبَعْضُ مِنْ بَيْعِ التَّأْشِيرَاتِ عَلَى العُمَّالِ بِمَبَالِغَ بَاهِظَةٍ، وَاسْتِقْدَامِهِمْ وَتَسْرِيحِهِمْ فِي الشَّوَارِعِ والطُّرُقَاتِ، وَمُطَالَبَتِهِمْ بِدَخْلٍ شَهْرِيٍّ، وَلَا يُوَفِّرُ لَهُمْ صَاحِبُ الْعَمَلِ السَّكَنَ الْمُنَاسِبَ، وَلَا أَقَلَّ الْخَدَمَاتِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي يَنُصُّ عَلَيهَا نِظَامُ الْعَمَلِ وَالْعُمَّالِ فِي المَمْلَكَة، وَهَذِهِ أُمُورٌ نَهَتْ عَنْهَا شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ، وَجَرَّمَتْهَا أَنْظِمَةُ الدَّوْلَةِ.


وَقَدْ سُئِلَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْإِفْتَاءِ بِالْمَمْلَكَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَأَجَابَتْ بِمَا يَلِي: بَيْعُ الْفِيَزِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِهَا كَذِبًا، وَمُخَالَفَةً، وَاحْتِيَالًا عَلَى أَنْظِمَةِ الدَّوْلَةِ، وَأَكْلًا لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ...، عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ ثَمَنَ الْفِيَزِ الَّتِي بِعْتَهَا والنِّسَبَ الَّتِي تَأْخُذُهَا مِنَ العُمَّال ِكَسْبٌ مُحَرَّمٌ، يَجِبُ عَلَيكَ التَّخَلُّصُ مِنْهُ وَإِبْرَاءُ ذِمَّتِكَ مِنْهُ، فَمَا حَصَلْتَ عَلَيهِ مِنْ ثَمَنِ الفِيَزِ تُنْفِقُهُ فِي وُجُوهِ الخَيرِ وَالْبِرِّ، وَأَمَّا الْأَمْوَالُ الَّتِي أَخَذْتَهَا مِنَ العُمَّالِ أَنْفُسِهِمْ نِسْبَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيكَ رَدُّهَا إِلَيهِمٍ إِنْ كَانُوا مَوجُودِينَ أَوْ تَيَسَّرَ إِيْصَالُهَا إِلَيهِمْ فِي بَلَدِهِمْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهُمْ أَوْ إِيْصَالُهَا إِلَيهِمْ، فَإِنَّكَ تَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُمٍ. اهـ.


أَيُّهَا النَّاسُ:

إِنَّ الْعَامِلَ إِذَا دَخَلَ الْبِلَادَ بِطَرِيقَةٍ نِظَامِيَّةٍ، وَعَمِلَ مِنْ دُونَ مُخَالَفَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا نِظَامِيَّةٍ، وَدُونَ تَحَايُلٍ وَلَا خِدَاعٍ وَلَا إِضْرَارٍ بِأَحَدٍ، وَقَدْ تَرَكَ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ وَمِنْ يُحِبّ، وَجَاءَ إِلَى بَلَدٍ غَيرِ بَلَدِهِ وَأَجْوَاءٍ لَمْ يَتَعَوَّدْ عَلَيهَا مِنْ قَبْلُ، وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. فَلْيَعْلَمْ: أَنَّ عَمَلَهُ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ، فَخُرُوجُ الْمَرْءِ لِكَسْبِ الْحَلَالِ عِبَادَةٌ يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ - جَلَّ وَعَلَا -، أَلَمْ تَرَ إِلَى الصَّحَابَةِ لَمَّا جَلَسُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا، فَرَأَوا رَجُلًا مُجْتَهِدًا فِي كَسْبِ رِزْقِهِ يَعْمَلُ بِجَلَدٍ وَقُوَّةٍ؛ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ». أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَم.


وَقَالَ - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلَا عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.


قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ وَالْعُلَمَاءُ عَلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ أَنَّهَا إِذَا صَحَّتْ فَفِيهَا النَّجَاةُ وَلَا يَتِمُّ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ: الْإِسْلَامُ الْخَالِصُ عَنِ الْبِدْعَةِ وَالْهَوَى، واَلصِّدْقُ للهِ - تَعَالَى - فِي الْأَعْمَالِ، وَطِيْبُ الْمَطْعَمِ.


أَيُّهَا الْإِخْوَةُ:

وَمَتَى كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، كَالدُّخُولِ إِلَى الْبِلَادِ بِصُورَةٍ غَيرِ نِظَامِيَّةٍ، أَوْ البَقَاءِ فِيهَا بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ الْمَسْمُوحِ بِهَا لِلْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوِ الزِّيَارَةِ، أَوِ الْعَمَلِ أَوِ الْإِقَامَةِ بِطَرِيقَةٍ غَيرِ نِظَامِيَّةٍ أَوِ التَّكَسُّبِ بِالْمُحَرَّمِ شَرْعًا، كُلُّ هَذَا - يَا عِبَادَ اللهِ - لا يجوز، فالعامل ومن شغله آثمون.


وَلَقَدْ نَهَى الْإِسْلَامِ عَنِ الْكَسْبِ الحَرَامِ؛ لِأَنَّه شُؤْمٌ وَبَلَاءٌ عَلَى صَاحِبِهِ، فَبِسَبَبِهِ يَقْسُو الْقَلْبُ، وَيَنْطَفِئُ نُورُ الْإِيمَانِ، وَيَحِلُّ غَضَبُ الجَبَّارِ، وَيَمْنَعُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَيَمْحَقُ الْبَرَكَةِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنَا الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: بِأَنَّهُ سَوْفَ يَأِتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَهَاوَنُونَ فِي قَضِيَّةِ الْكَسْبِ، فلا يُدَقِّقُونَ وَلَا يُحَقِّقُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ، قَالَ: - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.


وَقَالَ - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «فَمَنْ يَأْخُذ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.


قَالَ الغَزَالِيُّ: العِبَادَاتُ كُلُّهَا ضَائِعَةٌ مَعَ أَكْلِ الحَرَامِ، وَإِنَّ أَكْلَ الْحَلَالِ هُوَ أَسَاسُ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا، وَقَالَ: الْعِبَادَةُ مَعَ أَكْلِ الحَرَامِ كَالْبِنَاءِ عَلَى أَمْوَاجِ البِحَارِ.


نَسْأَلُ اللهَ الكَرِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يُنْزِلَ عَلَينَا بَرَكَةً مِنْ عِنْدِهِ تُسْعِدُنَا فِي دُنْيَانَا وأُخْرَانَا إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيهِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.


الخُطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مُحَمِّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَاعْلَمُوا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - أَنَّ مِنَ الْأَنْظِمَةِ عَظِيمَةِ النَّفْعِ: الْأَنْظِمَةُ الَّتِي وَضَعَتْهَا الْجِهَاتُ الْمُخْتَصَّةُ لِتَنْظِيمِ الاسْتِقْدَامِ مِنْ خَارِجِ الْبِلَادِ وَتَجْرِيمِ التَّحَايُلِ عَلَى ذَلِكَ، أَوِ التَّسَتُّرِ عَلَى العَمَالَةِ الْمُتَخَلِّفَةِ الْمُخَالِفَةِ لَهَا وَالتَّعَامُلِ مَعَهَا، وَلَا يُنْكِرُ نَفْعَ هَذِهِ الْأَنْظِمَةِ وَعِظَمَ الْمَصَالِحِ الَّتِي تُحَقِّقُهَا إِلَّا صَاحِبُ هَوَى، وَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَينْا جَمِيعًا هُوَ التَّعَاوُنُ مَعَهَا بِتَطْبِيقِنَا نَحْنُ، وَذَلِكَ بِعَدَمِ اسْتِقْدَامِ العُمَّالِ ثُمَّ تَسْرِيحِهِمْ يَعْمَلُونَ حَيثُ شَاءُوا مُقَابِلَ مَبْلَغٍ مَالِيٍّ، أَوْ تَشْغِيلِ الْعَمَالَةِ السَّائِبَةِ فِي البُيُوتِ وَالْمَحِلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ وَالتَّسَتُّرِ عَلَيهِمْ أَوْ الْمُسَاعَدَةِ عَلَى تَنَقُّلِهِمْ وَتَهْرِيبِهِمْ، بلِ الْوَاجِبُ التَّبْلِيغُ عَنْهُمْ.


وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنَ الظُّلْمِ أَوِ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِ أَوِ الْعُدْوَانِ عَلَيهِ، فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ، وَاسْمَعْ مَا قَالَتْهُ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْإِفْتَاءِ بِرِئَاسَةِ الشَّيخِ ابْنِ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ -، قَالَتِ اللَّجْنَةُ: لَا يَجُوزُ التَّسَتُّرُ عَلَى العَمَالَةِ السَّائِبَةِ وَالْمُتَخَلِّفَةِ وَالهَارِبَةِ مِنْ كُفَلَائِهِمْ، وَلَا الْبَيعُ أَوِ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ أَنْظِمَةِ الدَّوْلَةِ؛ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِعَانَتِهِمْ عَلَى خِيَانَةِ الدَّوْلَةِ الَّتِي قَدِمُوا لَهَا، وَكَثْرَةُ الْعَمَالَةِ السَّائِبَةِ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى كَثْرَةِ الْفَسَادِ وَالْفَوْضَى وَتَشْجِيعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَحِرْمَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعَمَلُ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيهِ فِي كَسْبِ رِزْقِهِ. اهـ


وَقَدْ عَلِمَ الْجَمِيعُ أَنَّ فِي مُخَالَفَةِ أَنْظِمَةِ الْإِقاَمَةِ وَالْعَمَلِ مَفَاسِدَ كَثِيرَةً وَمُتَنَوِّعَةً، فمِنْهَا مَفَاسِدُ أَمْنِيَّةٌ، وَأَخْلَاقِيَّةٌ، وَاجْتِمَاعِيَّةٌ، وَاقْتِصَادِيَّةٌ، وَصِحِّيَّةٌ وَغِيرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَكَثِيرٌ.


فَمَا الَّذِي يَضِيرُ الْكَفِيلَ لَوِ الْتَزَمَ هُوَ وَمَكْفُولَهُ بِالْأَنْظِمَةِ الْمُحَدَّدَةِ وَوِفْقِ الْعُقُودِ وَالْعُهُودِ الَّتِي أَبْرَمُوهَا فِيمَا بَينَهُمْ وَمَعَ غَيرِهِمْ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يَجْنُونَ مِنَ الثِّمَارِ هُوَ الْبَرَكَةُ فِي الرِّزْقِ، وَالسَّلَامَةُ مِنَ المَضَارِ، وَرَاحَةُ القَلْبِ، وَطُمَأْنِينَةُ النَّفْسِ، وَالتَّوْفِيقُ فِي الْأُمُورِ.


نَسْأَلُ اللهَ - تَعَالَى - أَنْ يُوَسِّعَ لَنَا فِي أَرْزَاقِنَا، وَأَنْ يُبَارِكَ لَنَا فِي أَهْلِينَا وَأَمْوَالِنَا وَأَوْلَادِنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مُبَارَكِينَ أيْنَمَا كُنَّا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.


عِبَادَ اللهِ: فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلاَ أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».


فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ صَحَابَةِ رَسُولِكَ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تبِعَهُمْ بإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العمل بما تعلم
  • كلمة عن أهمية العمل
  • أولويات العبادة والعمل
  • وجوب العمل بالقرآن العظيم
  • من صور الاتجار بالبشر (1) هضم حقوق العمال واستغلالهم (خطبة)
  • عاطلون عن العمل.. من نوع آخر
  • حقوق العمال والتحذير من ظلمهم

مختارات من الشبكة

  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل والعمال : حقوق وواجبات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل والعمال في ضوء الإسلام(رسالة علمية - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • أهمية العمل وضرورته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المواظبة على العمل الصالح (درس)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإسلام كفل لغير المسلمين حق العمل والكسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الجزاء من جنس العمل (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/4/1447هـ - الساعة: 10:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب