• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

أعمال وصفات في الأمة هي من النبوة

أعمال وصفات في الأمة هي من النبوة
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2018 ميلادي - 19/2/1440 هجري

الزيارات: 15565

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أعمال وصفات في الأمة هي من النبوة


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

قال الله جل جلاله في محكم آياته: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90].

 

فعلى المؤمن الاقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، في جميع أمورهم وشؤونهم وصفاتهم وأخلاقهم، على قدر الوسع والطاقة، وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم بعض هذه الأمور، وجعلها من النبوة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("الْهَدْيُ الصَّالِحَ وَالسَّمْتُ الصَّالِحَ")، ("وَالتُّؤَدَةُ وَالِاقْتِصَادُ، جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ"). (د) (4776)، (ت) (2010)، (خد) (791)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3010)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (1696).

 

(إِنّ الهَدْيَ الصَّالح)، أَي: الطَّرِيقَة الصَّالِحَة،... وهديُ الرجل حالهُ وسيرته، (والسمت الصَّالح)، أَي: الطَّرِيق المنقاد، أَي: حُسْن الْهَيْئَة والمنظر، و (التؤدة) والتأني والتثبت وترك العجلة، (والاقتصاد)، أَي: سلوك الْقَصْد فِي الْأُمُور وَالدُّخُول فِيهَا بِرِفق، وعلى سبيل تمكن إدامته، والتَّوَسُّط فِي الْأُمُور والتحرز عَن طرفِي الافراط والتفريط، -وسطية، هذه- (جُزْء من أربعةٍ وَعشْرين جزءاً)، وَفِي رِوَايَة: (أَكثر)، وَفِي رواية أُخْرَى: (أقلَّ).


(من النُّبُوَّة)، أَي: هَذِه الْخِصَال منحها الله -سبحانه و- تَعَالَى أَنْبيَاءَه -عليهم الصلاة والسلام- فَهِيَ من شمائلهم وفضائلهم فاقتدوا بهم فِيهَا؛ لَا أَن النُّبُوَّة تتجزأ وَلَا أَن جَامعهَا يصير نَبيا. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 304، 459)، فيض القدير (2/ 402)، (3/ 277).

 

والمعنى: [هذه الخصال من شمائل أهل النبوة، وجزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم فيها، وتابعوهم عليها؛ إذ ليس معناه؛ أن النبوة تُجَزّأ، ولا أن من جمع هذه الخلال صار فيه جزء من النبوة؛ لأنها غير مكتسبة، -وإنما هي مكرمة من الله لبعض عباده، فالنبوة ليست لكل أحد لكن لمن شاء سبحانه،- أو المراد أن هذه الخلال -والصفات التؤدة وحسن السمت والاقتصاد كل هذه- مما جاءت به النبوة، وَدعا إليها الأنبياء، أو أن من جمعها ألبسه الله لباس التقوى، الذي ألبسه الأنبياء، فكأنها جزء منها]. فيض القدير (4/ 145). وانظر طرح التثريب في شرح التقريب، تحقيق عبد القادر محمد علي (8/ 202).

 

وقال الشيخ العباد حفظه الله تعالى وأمد في عمره بالعمل الصالح: [أي: أن هذه الخصال من الأخلاق الكريمة، التي هي من أخلاق وصفات الأنبياء، وآداب الأنبياء، وأتْباعُ الأنبياءِ -نسأل الله أن نكون منهم- مطلوبٌ منهم أن يقتدوا بالأنبياء، وأن يأخذوا بالصفات الكريمة التي تأتي عن الأنبياء، وكلُّ صفاتِ الأنبياء كريمة، وكلُّ ما يأتي عنهم فهو كريم، ولكنَّ المقصود أنهم يتبعونهم، ويسيرون على منهاجهم ومنوالهم، ويقتدون بهم في أخلاقهم وأفعالهم، وسمتهم وهديهم ووقارهم، عليهم الصلاة والسلام، فالهدي الصالح: هو الطريقة الصالحة]. شرح سنن أبي داود للعباد.

 

ومما يحدث لهذه الأمة؛ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من بعده من النبوة التي بقيت الرؤيا الصالحة، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. (يونس: 64) قَالَ -عليه الصلاة والسلام-: ("هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ؛ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ، أَوْ تُرَى لَهُ"). (ت) (2275)، (جة) (3898)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3527)، الصَّحِيحَة تحت حديث: (1786).

 

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ قَدِ انْقَطَعَتْ، فلَا رَسُولَ بَعْدِي وَلَا نَبِيَّ")، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، -ما دام انتهت النبوة والرسالة ومات النبي صلى الله عليه وسلم فمن لنا بعدك يا رسول الله؟ فشق ذلك على الناس،- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("وَلَكِنِ الْمُبَشِّرَاتُ") قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ؟) قَالَ: ("الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ أَوْ تُرَى لَهُ")، ("وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ"). (خ) (6582)، (6589)، (م) (2263)، (ت) (2272)، (حم) (25021).

 

[(إن الرسالة والنبوة... قد انقطعت)، أي: كلُّ منهما انقطع، (فلا رسول بعدي) يبعث إلى الناس بشرع جديد، فخرج عيسى عليه السلام؛ -لأنه لا يأتي بشرع جديد بل يكون تابعا لمحمد صلى الله عليهما وسلم.

 

(ولا نبيٌّ) يوحى إليه ليعمل لنفسه، قال أنس راوي الحديث: لما قال ذلك؛ شق على المسلمين فقال: (ولكن) الذي لا ينقطع هو (المبشرات) بكسر المعجمة، فقالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: ("الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ أَوْ تُرَى لَهُ") (رؤيا الرجل) يعني الإنسان رجلاً أو غيره -أو امرأة، وهو بصفته أن يكون مسلماً، يراها- (المسلم في منامه). وفي رواية بدل المسلم: -الرجل- "الصالح".

 

("وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ")، أي: خصلة من خصال الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- التي بها يعلمون الوحي، -والرؤيا الصالحة- جزء من ستة وأربعين جزءًا وأقل وأكثر، -وثبت ذلك في الروايات،- وجمع باختلاف قرب الأشخاص من أخلاق الحضرة النبوية، -وكلما كان العبد قريبا من هدي النبوة كانت رؤياه لا تكاد تخطئ، وإذا ابتعد وهو رجل صالح وابتعد عن هدي النبوة شيئًا، فرؤياه قد تكون أقل،- وهذه قاعدة لا يحتاج في إثباتها إلى شيء لانعقاد الإجماع عليها،...

 

وأما عيسى عليه الصلاة والسلام؛ فقد أجمعوا على نزوله نبيًّا؛ لكنَّه بشريعة نبينا صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم...

ومعنى [(الرؤيا الصالحة) -معناها- الحسنة، أو -الرؤيا- الصحيحة المطابقة للواقع، يعني لم يبق من أقسام المبشرات من النبوة في زمني ولا بعدي؛ -أي زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده،- إلا قِسمُ الرؤيا الصالحة، وهذا -الكلام- قاله في مرض موته؛ -عليه الصلاة والسلام- لما كشف الستارةَ والناس صفوف خلف أبي بكر.

 

قال في كتاب المطامح [1]: ذكر لهم ما ذكر من أمر المبشرات؛ لأن انحسام -أي قطع- السبل -والطرق- الظاهرة إلى الغيب قد آن بموته أن تذهب، -العلم بالغيب سيذهب بموت النبي صلى الله عليه وسلم،- فأخبرهم ببقاء الرسل الباطنة الغيبية، وهي الرؤيا الواردة عن الله إلى غيب الأسرار، وسماها جزءًا من النبوة لذلك، والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب، وإلا فمن الرؤيا ما تكون منذرةً -لكثير من العباد-، و -قد تكون- غيرَ صادقة، يريها الله تعالى للمؤمن لطفاً منه به؛ ليستعدَّ لما سيقع قبل وقوعه]. فيض القدير (2/ 341)، (5/ 293).

 

وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ الْعُقَيْلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ")، ("وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ")، -فالعبد المؤمن إذا رأى رؤيا فهي على رجل طائر،- ("مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا")، ("صَاحِبُهَا")، (فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ").

 

وفي رواية: ("الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ")، ("وَلَا تُحَدِّثُوا بِهَا إِلَّا عَالِمًا أَوْ نَاصِحًا") ("أَوْ حَبِيبًا"). (خ) (6587)، (م) (2263)، (ت) (2278)، (ت) (2279)، (د) (5020)، (جة) (3914)، (حم) (16240)، (16227)، (16228)، وقال الأرناؤوط: حسن لغيره، انظر الصَّحِيحَة: (120).

 

والرؤيا إذا رآها العبد؛ (وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها)، أي: هي لا استقرار لها ما لم تعبر، ... شبه الرؤيا بطائر سريع الطيران، علق على رجله شيء يسقط بأدنى حركة، -انظر إلى التشبيه النبوي،- فالرؤيا مستقرة على ما يسوقه القدر إليه من التعبير، (فإذا تحدث بها") -أخبر بالرؤيا، وكانت في حكم الواقع- ("سقطت)، أي: إذا كانت في حكم الواقع؛ ألهم من يتحدث بها بتأويلها على ما قُدِّر، -أي في قدر الله عز وجل، ألهم إلهاما من الله- فتقع سريعا، كما أن الطائر ينقض سريعاً، (ولا تحدث بها إلا لبيباً)، أي: عاقلاً عارفاً بالتعبير؛ لأنه إنما يخبر بحقيقة تفسيرها بأقرب ما يعلم منها، وقد يكون في تفسيره بشرى لك أو موعظة، -ولا تحدث بها إلا لبيبا،- (أو) حدث بها (حبيبا)؛ لأنه لا يفسرها لك إلا بما تحبه... -الرؤيا لا تحدث بها إلا لبيباً أو حبيباً، والحبيب كالوالدين، والصديق الصاحب الذي يخاف عليك، لا يأخذك بالمزاح وتأخذ منه ألفاظه تعبيراً للرؤيا، لا. (أو ناصحاً)، أَي: إنْسَانا مَعْرُوفا بالنصح، (أَو عَالماً) -أي عالم عنده علمٌ- بتأويلها. انظر فيض القدير (4/ 12) التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 286).

 

وفي آخر الزمان تكثر الرؤى الصالحة الصادقة من المؤمنين والمؤمنات، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فِي آخِرِ الزَّمَانِ، لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا، أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا"). (ت) (2291)، (خ) (6614)، (م) 6- (2263).

 

أَيْ: إِذَا اِقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ، وَقُبِضَ أَكْثَرُ الْعِلْم، وَدَرَسَتْ -وانتهت معالمه، أي: مَعَالِمُ الدِّيَانَةِ بِالْهَرْجِ وَالْفِتْنَة، فَكَانَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ الْفَتْرَة، مُحْتَاجِينَ إِلَى مُذَكِّرٍ، وَمُجَدِّدٍ -لهم- لِمَا دَرَسَ مِنْ الدِّين، كَمَا كَانَتْ الْأُمَمُ تُذَكَّرُ بِالْأَنْبِيَاءِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ نَبِيُّنَا خَاتَمَ الْأَنْبِيَاء، وَصَارَ الزَّمَانُ الْمَذْكُورُ يُشْبِهُ زَمَانَ الْفَتْرَة، عُوِّضُوا بِمَا مُنِعُوا مِنْ النُّبُوَّةِ بَعْدَهُ بِالرُّؤْيَا الصَّادِقَة، الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ النُّبُوَّةِ الْآتِيَةِ بِالتَّبْشِيرِ -أي بالبشارة- وَالْإِنْذَار. (فتح).

 

(وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا، أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا)، أَيْ: أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا -مع الناس في الخارج، والرؤيا رؤياه لا تكاد تخيب،- هُوَ أَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا. تحفة الأحوذي (6/ 57).

 

وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ("الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ؛ مِنْهَا أهاويل الشيطان ليحزن بن آدَمَ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ"). (جة) (3907)، الاستذكار (8/ 459).

 

[(الرؤيا ثلاثة منها أهاويل) -جَمْع أَهْوَال، وهُوَ جَمْعُ هَوْلٍ، كَأَقَاوِيل، جَمْعُ أَقْوال، جَمْعُ قَوْل. حاشية السندي على ابن ماجه (7/ 282). وهو الشيء المهول والمخيف والمحزن.

 

أهاويل (من الشيطان ليحزن ابن آدم)، ولا حقيقة لها في نفس الأمر، -هذا نوع من أنواع الرؤيا الثلاثة، لا حقيقة له في نفس الأمر، -أَيْ: بِأَنْ يُكَدِّرَ عَلَيْهِ وَقْتَهُ، فَيُرِيَهُ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ قُطِعَ رَأسُهُ مَثَلًا. تحفة الأحوذي (6/ 57)- يرى رأسه قد قطع، هذا من تهويل الشيطان لا تحدث به أحداً.

 

(ومنها ما يَهُمّ به الرجل في يقظته فيراه في منامه)، -من كثرة تفكيره في حال اليقظة تأتيه هذه الأفكار في المنام،- قال القرطبي: ويدخل فيه ما يلازمه في يقظته من الأعمال والعلوم والأقوال، وما يقوله الأطباء؛ من أن الرؤيا من خلط غالب على الرائي، أن ينام مثلاً ممتلئ المعدة حتى التخمة فيرى ما يرى، أو ينام جائعاً شديد الجوع، فماذا سيرى؟ سيرى الطعام والشراب وما شابه ذلك، هذه لا اعتبار لها، وهي ما يهم الرجل به في يقظته فيراه في منامه.

 

(ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة)، قال الحكيم: أصل الرؤيا حقٌّ جاء من عند الحقِّ المبين، يخبرنا عن أنباء الغيب، وهي بشارة أو نذارة، أو معاينة، وكانت عامّة أمور الأولين بها، -أي قبل الإسلام، أمورهم كانت قائمة على الرؤيا،- ثم ضعفت في هذه الأمة؛ لعظيم ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي، ولما فيها من التصديق، وأهلِ الإلهام واليقين، فاستغنوا بها عن الرؤيا، والمؤمن محسود، ولع به الشيطان لشدة عداوته، فهو يكبده ويحزنه من كل وجه، ويلبّس عليه، فإذا رأى -المؤمن- رؤيا صادقة، خلطها ليفسد عليه بشراه، أو نذارته، أو معاينته، ونفسه دون الشيطان، فيلبس عليه بما اهتم به في يقظته، فهذان الصنفان ليسا من أنباء الغيب، والصنف الثالث هي الرؤيا الصادقة التي هي من أجزاء النبوة]. فيض القدير (4/ 47).

 

[وَالرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَإِنْ كَانَتْ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، فَهِيَ بِاعْتِبَارِ صِدْقِهَ؛ -لأن النبوة حق وصدق، فمن رأى في المنام شيئًا وجاء حقاً وصدقاً فوافق النبوة في الصدق فهي باعتبار صدقها- لَا غَيْرُ، وَإِلَّا -كما يقول ابن حجر- لَسَاغَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُسَمَّى نَبِيًّا، -والذي تقع رؤياه كما رأى، ويراها في الواقع كما رأى لا يكون نبيًّا- وَلَيْسَ كَذَلِكَ] (الفتح).

 

وقد [كانت مدة الرؤيا -للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه جبريل بالوحي، كان يرى في المنام رؤى تأتي في الصباح مثل فلق الصبح، يعني تفسر كما رآها صلى الله عليه وسلم،- ستةَ أشهر فيما حكاه البيهقي وغيره، وحينئذٍ يكون ابتداء النبوة بالرؤيا -قد- حصل في شهر ربيع، وهو شهر مولده عليه الصلاة والسلام، وبهذا يعلم كونها جزءً من ستة وأربعين جزءً من النبوة، إذا كان مدة الرؤيا ستة أشهر، ومدةُ النبوة ثلاثًا وعشرين سنة، الستة الأشهر نصف سنة، والثلاث والعشرين سنة ستة وأربعة نصف، فتكون الرؤيا جزءً من ستة وأربعين جزءً]. التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (ص: 29).

 

قال العباد: فقوله صلى الله عليه وسلم: [(إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة). يعني: أن أمور الغيب لا تعرف إلا عن طريق النبوة، ولكن الرؤيا الصالحة هي من الأمور التي يمكن أن يُعرف بها شيءٌ مغيب مستقبل، يراه المرء فتعبر رؤياه، ثم تقع طبقاً لما رآه الرائي...

 

... لكن يجب أن يفهم أنها لا تؤخذ منها الأحكام الشرعية، -حكم شرعي لما عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولما جاء به ديننا لا يؤخذ من الرؤى،- وإنما هي فقط للاستئناس، -تبشير واستئناس،- لذا لا ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه بالرؤى]. شرح سنن أبي داود/ للعباد.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

وهذه أخلاق النبوة، وهذا ما بقي من النبوة في هذه الأمة الرؤيا الصالحة، وأيضا ما ثبت عن أَبي مَسْعُودٍ عُقْبَةُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ؛ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ». (خ) (3483)، وفي وراية: "إن مما أدرك الناسَ من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

 

[(إن مما أدرك الناس)، أي: الجاهلية، ... (من كلام النبوة الأولى)، أي: مما اتفق عليه شرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأنه جاء في أولاهما -أي أولى النبوة- ثم تتابعت بقيته عليه، ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم: النبوة- الأولى، أي: التي قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، فالحياء لم يزل أمره ثابتاً، واستعماله واجباً، منذ زمان النبوة الأولى، وما من نبي إلا وقد حث عليه، وندب إليه، وافهم بإضافة الكلام إلى النبوة؛ أن هذا من نتائج الوحي، وأن الحياء مأمور به في جميع الشرائع.

 

إذن ماذا من كلام النبوة الأولى؟ قال: (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)، فإنك مجزي به، فهو أمر تهديد لتاركه... فعدم الحياء يجعل الإنسان يصنع ما شاء من المخالفات، ومن الوقوع في المعاصي والذنوب والخطايا.

 

وفيه إشعار بأن الذي يكف الإنسان ويردعه عن مواقعة الإساءة والسوء؛ هو الحياء، حياء من الله، وحياء من النفس، وحياء من الناس، الحياء من الله سبحانه وتعالى أقوى من الأمور الأخرى، لكن بعض الناس لا يستحي من الله، وجاء في بعض الأحاديث؛ (استحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح في قومك)، فالرجل الصالح لا تفعل أمامه المنكرات، بعض الذين يشربون الدخان إذا رأوا عالماً أو داعياً أو صالحاً، لا يشرب أمامه، يستحي منه، فأنت استحيِ من الله يا عبد الله، [فإذا رفضه وخلع ربقته فهو كالمأمور بارتكاب كل ضلالة، وتعاطي كل سيئة]. فيض القدير (2/ 540).

 

فالحياء يردع الإنسان عن أشياء كثيرة، فمن أمور النبوة، وأخلاق الأنبياء وصفاتهم المخصوصة عليهم الصلاة والسلام؛ الْهَدْيُ الصَّالِحَ، وَالسَّمْتُ الصَّالِحَ، وَالتُّؤَدَةُ والتأني، وَالِاقْتِصَادُ والتوسط وعدم التطرف، والرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له، والحياء، فاتصِفوا يا عباد الله بصفات الأنبياء، وتخلقوا بأخلاقهم، واهتدوا بهديهم خصوصا هدي نبينا محمد الذي صلى عليه الله في كتابه وصلت عليه ملائكته، وأمر المؤمنين بالصلاة عليه فقال جل جلاله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، وأكرم نزلنا في ديننا ودنيانا يا رب العالمين.

اللهم فك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، ونفس كرب المكروبين، وفرج هم المهمومين، وارفع الظلم عن المظلومين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] (مطامح الإفهام في شرح الأحكام) للقاضي: عياض بن موسى اليحصبي، المتوفى: سنة: (544هـ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علي رضي الله عنه في بيت النبوة
  • أسس الدعوة في أول عصر النبوة
  • الحقيقة العلمية في منهج النبوة
  • تفسير آية: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ...)
  • لحظات وكليمات من حياة النبوة
  • دعاة على منهاج النبوة
  • على منهاج النبوة
  • شبهة: الإسلام حرم المرأة من النبوة
  • يوم في بيت النبوة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • نيات خالصات بلا أعمال خير من أعمال بلا نيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (22) الأخيرة: أعمال أهل الجنة وصفاتهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العمرة وأعمال الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السرية في العمل(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلب والجوارح .. علاقة متبادلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث أبي ذر: عرضت علي أعمال أمتي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الليلة الحادية والعشرون: (أعمال يسيرة وأجور عظيمة) (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الليلة العشرون: (أعمال يسيرة وأجور عظيمة) (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أعمال مستحبة قبل انتهاء رمضان(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب