• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطبة: الشتاء موسم العبادة والصدقة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أمنيات في يوم الحسرات (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

خطر الإشاعة (خطبة)

خطر الإشاعة (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/10/2018 ميلادي - 14/2/1440 هجري

الزيارات: 87369

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطر الإشاعة

 

الْحَمْدُ للَهِ الَّذِي مَدَحَ عِبَادَهَ الصَّادِقِينَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَأَمَرَنَا بِأَنْ نَكُونَ مَعَهُمْ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119] وَأَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللهِ حَقِّ جِهَادِهِ، وَتَرَكَنَا عَلَى الْبَيْضاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إلّا هَالِكٌ، صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَرَاقِبُوهُ سُبْحَانَه مُرَاقَبَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ رَبَّهُ يَسْمَعُهُ ويَرَاهُ.

أَيُّهَا النَّاسُ: انْتَشَرَ خَبَرٌ بَيْنَ أَوْسَاطِ أهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ نِساءَهُ، فَسَمِعَ الْفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْه تِلْكَ الْمَقَالَةَ، فَجَاءَ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ النَّاسَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْهَمَهُ: أَطَلَّقْتَ نِساءَكَ؟ فَقَالَ: «لا»، فَقَامَ عُمَرُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَادَى بِأعْلَى صَوْتِهِ: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نِساءَهُ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الْكَلِمَةَ لَهَا أثَرُهَا وَمَفْعُولُهَا، إِذَا مَا صَدَرَتْ عَبْرَ أَيِّ وَسِيلَةٍ مِنَ الْوَسَائِلِ، فِي خُطْبَةٍ كَانَتْ، أَوْ مُحَاضَرَةٍ أَوْ مَقَالٍ فِي صَحِيفَةٍ، أَوْ تَغْرِيدَةٍ فِي أَيِّ وَسِيلَةٍ مِنْ وَسَائِلِ الإعْلاَمِ وَالتَّوَاصُلِ الْحَديثِ. وَتُعْتَبَرُ الشَّائِعَاتُ مِنْ أَكْبَرِ الْحَمَلَاتِ التَّرْوِيجِيَّةِ لِلْأخْبَارِ الْكَاذِبَةِ وَالاتِّهَامَاتِ الْبَاطِلَةِ ضِدَّ الأَبرِياءِ، تَصِلُ لِلْكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ مِنْ مَصَادِرَ مَجْهُولَةِ الْهُوِيَّةِ تَحْمِلُ أَخبَارًا زائِفَةً لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْوَاقِعِ شَيْءٌ، وَهِي فِي الْأَصْلِ بُهْتَانٌ وَكَلاَمٌ فِي الْبَاطِلِ، يُرَوِّجُهَا سُفهاءٌ حاقِدِونَ بِدَوَافِعَ عُدْوَانِيَّةٍ أَوِ انْتِقامِيَّةٍ.

 

وَتُعْتَبَرُ الشَّائِعَاتُ مِنْ أَخْطَرِ الْأسْلِحَةِ الْمُدَمِّرَةِ لِلْمُجْتَمَعَاتِ وَالْأَشْخَاصِ، فَكَمْ قَتَلَتِ الْإشاعَةُ مِنْ أَبرِيَاءَ، وَحَطَّمَتْ مِنْ عُظمَاءَ، وَتَسَبَّبَتْ فِي جَرَائِمَ، وَقَطَعَتْ مِنْ عَلاَقَاتٍ بَيْنَ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ الْوَاحِدَةِ، وَكَمْ هَزَمَتِ الْإشاعَةُ مِنْ جُيوشٍ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ!

 

إِنَّ الْمُسْلِمَ الْعَاقِلَ يَجِبُ عَلَيهِ أَنْ يَتَثَبَّتَ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ إِذَا سَمِعَهَا وَيَتَأَكَّدَ مِنْ صِحَّتِهَا قَبْلَ نَشْرِهَا، وأَنْ يَزِنَ الْكَلاَمَ بِمِيزَانِ الْعَقْلِ الصَّحِيحِ السَّلِيمِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ وَيُذِيعَهُ لَا أَنْ يُسَارِعَ فِي نَشْرِهِ بَيْنَ الْعَالَمِينَ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ نَشْرَ الْأخْبَارِ الْكَاذِبَةِ وَإذَاعَتِهَا مِمَّا جَاءَ فِيهِ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ؛ فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَه وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، وَيَقُولُ: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾، وَقَالَ جَلَّ اسْمُهُ: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. وثَبَتَ عَنْه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ- أَنَّ عُقُوبَةَ مَنْ يَكْذِبُ الْكَذْبَةَ فَتَنْتَشِرُ فِي الآفَاقِ بِأَنَّه يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ". ويَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيصْمُتْ"، وأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ".

 

وَالسِّيرَةُ الْعَطِرَةُ لِرَسُولِ الْهُدى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أُنْمُوذَجٌ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ نَمَاذِجَ حَيَّةً لِتَارِيخِ الشَّائِعَاتِ، وَالْمَوْقِفَ السَّلِيمَ مِنْهَا؛ فَقَدْ رُمِيَتْ دَعْوَتُهُ الْمُبَارَكَةُ بِالشَّائِعَاتِ مُنْذُ بُزُوغِهَا: فَرُمِيَ بِالسِّحْرِ وَالْجُنُونِ وَالْكذبِ وَالْكِهَانَةِ، وَتَفَنَّنَ الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فِي صُنْعِ الأَرَاجِيفِ الْكَاذِبَةِ، وَالاِتِّهَامَاتِ الْبَاطِلَةِ ضِدَّ دَعْوَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. وَلَعَلَّ مِنْ أَشْهَرِهَا مَا حَصَلَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ عِنْدَمَا صَرَخَ الشَّيْطَانُ (أَنَّ محمداً قُتِلَ)، فَسَرَتْ هَذِهِ الشَّائِعَةُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فَفَتَّتْ فِي عَضُدِهِمْ وَأَوْهَتْ قُوَّتَهُمْ وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ.

 

وَفِي قِصَّةِ الإفْكِ؛ تِلْكَ الْحادِثَةُ الَّتِي كَشَفَتْ عَنْ شَنَاعَةِ الشَّائِعَاتِ، وَهِيَ تَتَنَاوَلُ بَيْتَ النُّبُوَّةِ الطَّاهِرَ، وَتَتَعَرَّضُ لِعِرْضِ أَكْرَمِ الْخَلْقِ عَلَى اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَعِرْضِ الصِّدِّيقِ وَالصِّدِّيقَةِ وَصَفْوَانِ بْنِ الْمُعَطَّلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَتَشْغَلُ هَذِهِ الشَّائِعَةُ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ شَهْرًا كَامِلاً، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ بَراءةَ عَائِشَةَ مِنَ السَّمَاءِ قُرْآنًا يُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

 

وَفِي زَمَنِ عُثْمانَ أَشَاعَ عَنْه أَعَدَاءُ الإِسْلامِ إشاعَاتٍ تَتَّهِمُهُ بِالظُّلْمِ وَالأَثَرَةِ وَالْخُرُوجِ عَنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَحَقدَ عَلَيه مَنْ حَقدَ، وَتَظَاهَرُوا عَلَيه فِي الْمَدِينَةِ وَحَاصَرُوهُ فِي دَارِهِ ثُمَّ قَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللهِ وَرَضِيَ عَنْه..

 

ثُمَّ كَانَ لِلشَّائِعَاتِ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي الْفِتَنِ الَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَ قَتْلِهِ، وَسُفِكَ بِسَبَبِهَا كَثِيرٌ مِنَ الدِّماءِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَلَا تَزَالُ الشَّائِعَاتُ مَوْجُودَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ؛ تَفْعَلُ فِعْلَهَا، وَتَنْفُثُ سُمُومَهَا، فَكَمْ كُذِّبَ مِنْ صَادِقٍ! وَخُوِّنَ مِنْ أَمينٍ! وَاتُّهِمَ مِنْ بَرِيءٍ! كَمْ مِنْ إشاعَةٍ هَدَمَتْ أُسَرَا وَخَرَّبَتْ بُيُوتًا، وَفَرَّقَتْ صَدَاقَاتٍ وَقَطَّعَتْ عَلاَقَاتٍ، وَتَسَبَّبَتْ فِي طَلاَقٍ وَمُشْكِلَاتٍ!!. كَمْ مِنْ إشاعَاتٍ ضَيَّعَتْ أَوْقَاتًا وَدَمَّرَتْ أَمْوَالاً وَطَاقَاتٍ، وَفَكَّكَتْ مُجْتَمَعَاتٍ!!. كَمْ مِنْ إشاعَاتٍ حَطَّمَتْ عُظمَاءَ وَتَسَبَّبَتْ فِي تَثْبِيتِ تُهَمٍ بَاطِلَةٍ فِي حَقِّ أُناسٍ أَبرياء، وَأَقْلَقَتْ أَشْخَاصًا صَالِحُينَ مِنْ عُلَمَاء وَأَصفِياء، وَأَثَارَتْ فِتَنًا وَبَلايَا وَأَشْعَلَتْ حُروبًا وَرَزَايَا.

 

وَأَعْظَمُ الْإشاعَاتِ جُرْمًا -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- مَا كَانَ فِيه انْتِهاكٌ لِحُرْمَةِ مُسْلِمٍ أَوْ تَسَبَّبَ فِي تَرْوِيعِهِ وَعَدَمِ اسْتِقْرارِهِ أَوْ بَثِّ لأَخْبَارِهِ الْخَاصَّةِ وَأَسْرَارِهِ أَوِ اسْتِهْدافٍ مُبَاشِرٍ لِشَخْصِهِ، فَكُلُّ هَذَا إِجْرَامٌ كَبِيرٌ وَخُبثٌ عَظِيمٌ وَنَارٌ حارِقَةٌ تُفْسِدُ الْبِلادَ وَالْعِبَادَ وَتَقْضِي عَلَى الْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ. وَالْإِنْسانُ لَا يَخْسَرُ بِالسُّكُوتِ شَيئًا، كَمَا كَانَ يَخْسَرُ حِينَ يَخُوضُ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ أَوْ يَتَدَخَّلُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَالسَّلاَمَةُ لَا يَعدِلُهَا شَيْءٌ.

 

أَيُّهَا السَّادَةُ: وَتَتَطَوَّرُ الشَّائِعَاتُ بِتَطَوُّرِ العُصُورِ، وَيُمَثِّلُ عَصْرُنَا الْحاضِرُ عَصْرًا ذَهبياً لِرَوَاجِ الشَّائِعَاتِ الْمُغْرِضَةِ، وَمَا ذَاكَ إلّا لِتَطَوُّرِ التّقْنِيَّاتِ، وَكَثْرَةِ وَسَائِلِ الْاِتِّصَالَاتِ، الَّتِي مَثَّلَتِ الْعَالَمَ قَرْيَةً كَوْنِيَّةً وَاحِدَةً، فَآلاَفُ الْوَسَائِلِ الإِعلاميَّةِ، وَالْقَنَوَاتِ الْفَضَائِيَّةِ، وَالشَّبَكَاتِ الْمَعْلُومَاتِيَّةِ تَتَوَلَّى كِبَرَ نَشْرِ الشَّائِعَاتِ الْمُغْرِضَةِ، وَالْحَمَلَاتِ الإِعلاميةِ الْمَحْمُومَةِ، فِي صُورَةٍ مِنْ أَبْشَعِ صُورِ الْإِرْهَابِ النَّفْسِيِّ وَالتَّحْطِيمِ الْمَعْنَوِيِّ لَهُ دَوَافِعُهُ الْمُشِينَةُ، وَأَغْرَاضُهُ الْمَشْبُوهَةُ ضِدَّ عَقِيدَةِ الْأُمَّةِ وَمُثُلِهَا وَثَوَابِتِهَا وَقِيَمِهَا، إِنَّ لِهَذِهِ الشَّائِعَاتِ أَضْرَارًا لَا يُسْتَهَانُ بِهَا، وَمِنْ أَضْرَارِهَا: تَفْرِيقُ الصَّفِّ الْوَاحِدِ، وَإِضْعافُ الرَّأْيِ الْمُجْتَمِعِ، وَبَلْبَلَةِ النَّاسِ بَيْنَ مُصَدَّقٍ ومُكذِّبٍ، وَمُتَرَدِّدٍ مُتَحَيِّرٍ فَيَغْدُو مِنْ أَجْلِهَا الْمُجْتَمَعُ فِرَقًا وَأحْزَابًا، وأعداءً وأحباباً.

 

وَمِنْ أَضْرَارِهَا الْوَقِيعَةُ فِي أُناسٍ وَتَشْوِيهُ سُمْعَتِهِمْ، وَهَضْمُ الْجُهُودِ وَرَفْعُ أَقْوَامٍ لَا يَسْتَحِقُّونَ الرِّفْعَةَ، وَخَفْضُ آخرِينَ حَقُّهُمُ الرِّفْعَةُ. وَمِنْ أَضْرَارِهَا استحلالُ أَعراضِ الآخرِينَ مِنَ الْأُمراءِ أَوِ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْوجهاءِ أَوْ حَتَّى مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ. اللَّهُمَّ طِهِّرْ أَلْسِنَتَنَا وَأَيْدِينَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَاحْفَظْنَا مِنْ كُلِّ زَلَلٍ، وَتُبْ عَلَينَا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.. قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَه.. أَمَّا بَعْدُ:

إِنَّ مِنْ أُوْلَى الْخُطوَاتِ فِي مُوَاجَهَةِ حَرْبِ الشَّائِعَاتِ: تَرْبِيَةُ النُّفُوسِ عَلَى الْخَوْفِ مِنَ اللهِ، وَالتَّثَبُّتُ فِي الْأُمُورِ، وَتَعْمِيقُ الْإيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى، وَمُرَاقَبَتُهُ، وَالْخَوْفُ مِنْه، مَعَ رَبْطِ ذَلِكَ بِمَسْؤُولِيَّةِ الْكَلِمَةِ، وَخُطُورَةِ تَدَاوُلِ الْحَديثِ وَنَقْلِهِ، فَمَنْ خَافَ اللهَ تَثَبَّتَ، وَمَنْ خَافَ اللهَ تَحَرَّى. "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ". بِالْإضافَةِ إِلَى أَنَّ اخْتِلاَقَ الشَّائِعَاتِ وَالْسَّعْيَ فِي نَشْرِهَا عَمَلٌ إِجْرَامِيٌّ يُعَاقِبُ عَلَيهَا النِّظَامُ عِقَابًا شَدِيدًا.

 

فَالْمُسْلِمُ لَا يَنبغِي أَنْ يَكُونَ أُذُنًا لِكُلِّ نَاعِقٍ، بَلْ عَلَيهِ التَّحَقُّقُ وَالتَّبَيُّنُ، وَطَلَبُ الْبَرَاهِينِ الْوَاقِعِيَّةِ، والأدلةِ الْمَوْضُوعِيَّةِ، وَالشّوَاهِدِ الْعَمَلِيَّةِ، وَأنَّ يُحْسِنَ الظَّنَّ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَبِذَلِكَ يَسُدُّ الطَّرِيقَ أَمَامَ الأَدعِياءِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ خَلْفَ السُّتُورِ، وَيَلُوكُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كُلَّ قَوْلٍ وَزُورٍ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مَا تَتَعَرَّضُ لَهُ بِلادُنَا هَذِهِ الْأيَّامِ مِنْ هَجْمَةٍ إعلاميةٍ كَبِيرَةٍ مُنَظَّمَةٍ وَشَرِسَةٍ، لَهُوَ أقْرَبُ مِثَالٍ عَلَى حَديثِنَا الْيَوْم؛ حَيْثُ تَكَالَبَتْ وَسَائِلُ الْإعْلاَمِ الْإِقْلِيمِيَّةِ وَالْعَالَمِيَّةِ بِشَتَّى أَنْوَاعِهَا، وَاِخْتِلاَفِ تَوَجُّهَاتِهَا وَمَنَاهِجِهَا، وَبِشَكْلٍ مُلْفِتٍ، إنَّهَا مُؤَامَرَةٌ عَلَى بِلادِنَا لِتَفْكِيكِهَا وَلِزَرْعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَ أهْلِهَا، وَلِنَزْعِ الثِّقَةِ بَيْنَ الْمُوَاطِنِ وَدَوْلَتِهِ، إِنَّهَا مُؤامرةٌ مَحْبُوكَةٌ وَمَكِيدَةٌ مُدَبَّرَةٌ وَخِطَّةٌ مَقْصُودَةٌ.

 

إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَينَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الظُّروفِ أَنْ نَقِفَ صَفًّا مَعَ مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَنَا، وَأَنْ نُحَذِّرَ الْإعْلاَمَ الْمُغْرِضَ، وَنَكُونَ وَاعينَ وَمُدْرِكِينَ لِمَا يُرَادُ لِبِلادِنَا، وَأَنْ لَا نَكُونَ أبْوَاقًا تُرَدِّدُ مَا يَقُولُهُ الْمُغْرِضُونَ، وَلَا نَبْتَلِعَ السُّمُومَ الَّتِي يُلْقِيهَا الْحاقِدُونَ، وَأَنْ نَتَوَجَّهَ إِلَى رَبِّنَا بِالدُّعَاءِ أَنْ يَحْفَظَ دِينَنَا وَأَنْ يُتِمَّ أَمْنَنَا وَأَنْ يُصْلِحَ وُلاَةَ أَمْرِنَا.

 

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْ أَمْنَنَا وَاحْرُسْ بِلَادَنَا وَاكْفِنَا شَرَّ الْأَشْرَارِ وَكَيْدَ الْفُجَّارِ، وَاحْمِنَا مِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَا قَوِيُّ يَا جَبَّارُ.

 

اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَتْلِ وَالتَّرْوِيعِ، وَرَامَ الْإِفْسَادَ فِي بِلَادِهِمْ، وَالتَّخْرِيبَ فِي أَوْسَاطِهِمْ فَاهْتِكْ سِتْرَهُ، وَاكْشِفْ أَمْرَهُ، وَاكْفِ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُ; إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

اللَّهُمَّ اهْدِ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ شَبَابَهُمْ وَشَيْبَتَهُمْ، وَرِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ

 

اللهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْبًا عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإشاعة
  • الإشاعة: الخطر والمواجهة؟؟!
  • الإشاعة (التعريف والخطر والتاريخ والسمات)
  • الإشاعة (الأنواع والمكونات والانتشار)
  • الإشاعة من أسلحة الدعاية والإعلان
  • خطورة الإشاعة في القرآن والسنة والتأريخ، والتعامل الشرعي معها
  • خطر الإشاعة على المجتمع والحذر منها
  • الإشاعة أخطبوط مسرحها العقول الجاهلة (خطبة)
  • الإشاعة الكاذبة وكيف يتقبلها المخذولون؟!

مختارات من الشبكة

  • النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر التبرج: رسالة للأولياء والتجار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قد أفلح من تزكى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجارة العلماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشتاء موسم العبادة والصدقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمنيات في يوم الحسرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجتنا إلى الصلاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/7/1447هـ - الساعة: 9:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب