• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

حب الأوطان مغروس في الوجدان (خطبة)

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/4/2018 ميلادي - 17/7/1439 هجري

الزيارات: 54599

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حب الأوطان مغروس في الوجدان


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾. (آل عمران: 102)

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾. (النساء: 1)

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾. (الأحزاب: 70- 71)

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

بعض الناس يغالي في حب وطنه، ويتجاوز الحدود في حب أرضه، وبعضهم يقصر تجاه حبه للوطن، ويتهاون في حبه للأرض، وكلاهما طرفان مذمومان، وخير الأمور أوساطها، فحب الأوطان مغروس في الوجدان، يشترك فيه الإنسان والطير والحيوان، وأهل الإيمان وأهل الشرك والكفران، هذه طبيعة المخلوقات، وقد جبلت عليها الكائنات.

ففي هذه الدنيا قد تجد أرضا بلا دين، وقد تجد وطنا بلا إيمان! لكن لا تجد دينا بلا أرض، ولا إيمان بلا وطن.

 

فالمعمورة التي نعيش عليها فيها بقاعٌ كثيرةٌ يوجد فيها من لا يعبد الله سبحانه، من ملحد أو وثني ونحو ذلك. ولا يوجد مؤمنٌ أو موحدٌ إلا وهو يعيش على أرض، ويؤويه وطن.

 

لذلك كان المؤمنُ؛ صادقُ الإيمان يجدُ صُعُوبَةً في فُقْدَانِ الْوَطَنِ، وَالْمُهَجّرُ من وطنه يجد الحَنِينَ إلى بلده وأرضه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ)، -والحزورة كان سوق مكة في الجاهلية، وأدخل في المسجد الحرام- فَقَالَ -عليه الصلاة والسلام يخاطب مكة-:

("وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ"). (ت) (3925)، (حم) (18739).

وفي رواية: ("وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ، مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ"). (ت) (3926)، انظر صَحِيح الْجَامِع (5536)، المشكاة (2724).

-(الْحَزْوَرَةُ): عَلَى وَزْنِ قَسْوَرَةٍ؛ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَبَعْضُ النَّاسِ يُشَدِّدُ الْوَاوَ وَيَفْتَحُ الزَّايَ، كَانَ سُوقَ مَكَّةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ أُدْخِلَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ-.

فمن الأمور الفطرية الجبلية التي تشترك فيها الكائنات، حبُّ الأوطان، فهو مغروس في الوجدان، فالوطن: هو المنزل الذي تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحلّه، والجمع: أَوْطان.

 

إن الله سبحانه وتعالى، ولحِكمةٍ أرادها يبتلى عباده بأنواعٍ كثيرةٍ من الابتلاءات، ومنها الابتلاء بالأوطان، إمّا تحصيلاً أو فقدًا، وجودًا أو عدمًا، فهناك الـمُهَجَّرون من أراضيهم، واللاجئون بأنواعهم، والمنفيّون عن أوطانهم، وهنالك المتنعِّمون بأوطانهم، المواطنون في بلادهم، المقيمون في أرضهم.

 

يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾. (الأنبياء: 35)

ويقول الله جل جلاله عن بني إسرائيل: ﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾. (الأعراف: 168).

فنعمة الوطن من النعم التي تستحقُّ الشكر من المتنعِّمين، ومن فاقديها تستوجب الصبر.

 

ثم ميَّز الله سبحانه وتعالى هذه الأمّة بالوسطية، واختصَّها بالعدل والإنصاف، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾. (البقرة: 143)

 

فلا بد من الإنصاف والاعتدال والوسطية، في التعامل مع لفظة الوطنية وعبارتها؛ فمن الناس من يعتبرها لفظةً جاهليةً مطلقًا، ويحكم عليها بأنها لا يمكن قبولها بأيّ حال من الأحوال، ومنهم من يعتبرها شعارًا يميّز به بين الخلائق، ويُنزلها منزلةَ الموازينِ الشرعية، وربّما رفعها فأصبحت صفة لازمة لمن أريد منه تحقيق أمر من الدين أو الدنيا.

والحقيقة أن (كلا طرفي قصد الأمور ذميم)، والوسطية والاعتدال المبنيُّ على العدل والإنصاف، وإعطاءُ كل ذي حقٍّ حقَّه أن يقال:

إنّ عبارةَ الوطنية لا يمكن أن ننظر إليها بعين الاتّهامِ وصفة الجاهلية مطلقًا، كما أننا لا يمكن لنا أن نعتبرَها فيصلاً ولا شعارًا يُوالَى ويُعادى عليه بإطلاق.

بل الوسط فيها أن ننظر إليها بعين الاعتدال، ومراعاةِ ماذا يريد بها مستخدمها، وإلى ماذا تؤول الأمور عند ذكرها واستعمالها.

 

فالوسطية الاعتماد على أمرين فيها:

1) ماذا يقصد قائلُها ومستخدمها، وما هو مراده منها.

2) مآلاتُ هذا الاستخدام ونتائجُه وآثاره.

 

ولا يجيزُ لنا الدين الإسلامي أن تكون الوطنيةُ على حساب الدين، ولا تُقدَّم عليه بحال من الأحوال البشرية.

فقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين ﴾. (الأعراف: 128).

 

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى لفظ (الأرض) في كتابه القرآن الكريم أكثر من أربعمائة مرة، فبيّن لنا سبحانه وتعالى أنه خلقها وفطرها سبحانه، وأحياها ومدّها، ودحاها وشقّها وفرشها، وجعلها مستقرًّا وبساطًا، وقرارًا وكفاتًا، ومهادًا وذلولاً، وأنّه سبحانه وتعالى يملكها ويورثها من يشاء من خلقه، ومن عباده الصالحين.

وفي خمس آيات منها فقط نُسبت إلى الله سبحانه وتعالى بالإضافة، يقول الله العليم الخبير سبحانه: ﴿ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ﴾. (النساء: 97)،

ويقول سبحانه: ﴿ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ﴾. (الزمر: 10)،

وعن ناقة صالح عليه الصلاة والسلام قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ﴾. (الأعراف: 73)،

وقال الله سبحانه: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴾. (العنكبوت: 56)

ويُلاحظ أن من هذه الآيات الحكيمات وصفت الأرض فيها بأنها واسعة، ومنها ما فيه معنى السعة للأرض، وعدم التضييق فيها على أحد من الناس.

 

فالأرض أرض الله تعالى، والوطن هو هذه الأرض التي هي لله سبحانه وتعالى ومن مُلْكِه، ويورثها سبحانه من يشاء من عباده، متى ما شاء سبحانه، فلا ينبغي لمؤمن أن يغاليَ في الافتخار بالأرض والوطن، فهما لله سبحانه وتعالى أصلاً، وأن يُمكِّن عباد الله سبحانه من وراثتها والاشتراك فيها معه، وأن يُراعيَ حقّهم أي حق الناس الآخرين في ذلك.

 

عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: (يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟) قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». (خ) (2810)، (م) 149- (1904).

 

إن هذا الحديث برواياته يُعدّ أصلاً من الأصول الشرعية التي ينبغي علينا الرجوع إليها عند الدفاع عن الأراضي والأوطان، فمن ذلك ما يكون مجرد دفاع عن الوطن فقط، ومنه ما يكون حميّة أو غضبًا، أو لتحصيل غنيمة عاجلة أو آجلة.

 

والأصل الشرعي هنا الذي يقوم عليه الدين الإسلامي هو الدفاع عن الأوطان، كما دافع النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة، وكما دافع الصحابة رضوان الله تعالى عنهم والمسلمون من بعدهم عن ديارهم وثغورهم؛ حمايةً لدين الله تعالى، وإعلاءً لكلمة الله تعالى وحده، وهذا ما يحقُّ وصفه بأنه في سبيل الله تعالى، كما هو منطوق الحديث ومفهومه، والله تعالى أعلم.

 

وقد حكم الشرع على من قاتل أو دافع عمّا يملكه من أرض، أو مال أو عقار أو ما شابه ذلك، فقتل فهو شهيد عند الله سبحانه وتعالى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». (خ) (2480)، (م) 226- (141).

وفي رواية: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ مَظْلُومًا فَلَهُ الْجَنَّةُ". (س) (4086).

وفي رواية: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ". (س) (4096)، (حم) (2780)، (طب) (6454)، صحيح الجامع (6447)، صحيح الترغيب (1413).

وَعَنْ مُخَارِقِ بْنِ سَلِيمٍ رضي الله عنه قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْرِقَنِي، أَوْ يَأخُذَ مِنِّي مَالِي؟!) قَالَ: ("لَا تُعْطِهِ مَالَكَ")، وفي رواية:

("ذَكِّرْهُ بِاللهِ")، قَالَ: (أَرَأَيْتَ إِنْ ذَكَّرْتُهُ بِاللهِ فَلَمْ يَنْتَهِ؟!) قَالَ:

("فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ"). قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلِي أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟!) قَالَ:

("فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِالسُّلْطَانِ")، قَالَ: (فَإِنْ نَأَى السُّلْطَانُ عَنِّي؟!) -مراكز الشرطة بعيدة، وهذا يريد أن يأخذ ماله- قَالَ:

("قَاتِلْ دُونَ مَالِكَ")، قَالَ: (أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟) قَالَ:

("فَأَنْتَ شَهِيدٌ")، قَالَ: (أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟) قَالَ:

("هُوَ فِي النَّارِ"). الحديث بزوائه: (م) 225- (140)، (س) (4081)، (4082)، (حم) (8709)، (22566)، (22567)، حسنه الألباني في الإرواء: (2446)، صَحِيح الْجَامِع: (4293)، أحكام الجنائز: (41).

 

وإن من الأموال التي يُدافع عنها المرء المسلمُ بشدة أرضَه ووطنَه، كما يدلُّ عليه هذا الحديث الأخير، وإن قُتِل دفاعًا عنها فهو شهيد عند الله، إن شاء الله تعالى، فكيف لو كان مع هذا احتسابُه الأجرَ في هذا الدفاع والمقاتلة عن بلاد المسلمين وعوراتهم؟! وحمايةَ بيضتِهم وصيانةَ مقدساتهم.

 

وهنا تنبيه:

يتداول كثير من الكتاب والخطباء حديثًا مكذوبًا، وإلى النبي صلى الله عليه وسلم منسوب، أنه قال: (حب الوطن من الإيمان). وهذا الكلام غير صحيح، لأن حب الوطن أيضا عند الكفار، فهل هذا يدل على إيمانهم؟ حب الوطن عند الحيوانات وما شابه ذلك، وهذا مجبول بالفطرة، أما حب الوطن إن قصد به الجنة فهذا هو الوطن الحقيقي الذي خرجنا منه منذ أن أُخرِج آدم عليه الصلاة والسلام بذريته، ثم نعود إليه إن شاء الله سبحانه وتعالى.

 

وقد حكم بعدم صحته ولا نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم: السيوطي (المتوفى: 911هـ) في (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة) (ص: 108)، رقم: (190)، قال: لم أقف عليه.

ومحمد بن محمد درويش، أبو عبد الرحمن الحوت الشافعي (المتوفى: 1277هـ) في (أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب): (ص: 123)، رقم: (551)، قال: موضوع.

الموضوعات للصغاني (ص: 53)، رقم: (81).

السلسة الضعيفة للألباني (1/ 110)، رقم (36): (موضوع).

 

وقال الألباني رحمه الله بعد أن ضعّف هذا الحديث وحكم عليه بالوضع: [ومعناه غير مستقيم؛ إذ إنّ حبَّ الوطنِ كحبِّ النفسِ و -حبِّ- المالِ ونحوه، كلُّ ذلك غريزيٌّ في الإنسان، لا يمدح بحبه، ولا هو من لوازم الإيمان، ألا ترى أنّ الناسَ كلَّهم مشتركون في هذا الحبِّ لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم؟!]. وانظر: العجلوني: كشف الخفاء (1/ 345- 346)، فإنه أطال النفس في مناقشة هذا الحديث.

 

وهذه لطائفُ في الحنين إلى الأوطان، ذكرت في التاريخ:

قال الأصمعيُّ رحمه الله تعالى: (قالت -حكماء- الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل تحن إلى أوطانها، وإنْ -كان- عهدُها بعيدًا، والطيرُ إلى وَكْرِه، وإن كان موضعُه مجدبًا، والإنسانُ إلى وطنه، وإن كان غيرُه أكثرَ له نفعًا).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: (سمعتُ أعرابيًا يقول: إذا أردت أن تعرف الرجلَ؛ فانظر كيف تحنُّنه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكاؤُه إلى ما مضى من زمانه). انظر: العجلوني: كشف الخفاء (1/ 347) نقلاً عن المجالسة للدينوري.

 

[عن سليمان بن عياش قال: قالت أُنيسة لزوجها؛ جبهاءَ الأشجعي: (لو هاجرت إلى المدينة، وبعت إبلك، وافترضت في العضاء، كان خيراً لك)، قال: (أفعل)، (فأقبل غادياً بإبله، حتى إذا كان بحرة واقم -قريبا من المدينة-، من شرقي المدينة، شرعها بحوض واقم يسقيها، -يسقي إبله من الحوض،- فحنَّت ناقة منها، ثم نزعت، -أي فرّت وهربت- وتبعتها الإبل ففاتته)، -ورجعت إلى موطنها،- فقال جبهاء لزوجته: (هذه الإبل لا تعقل تحنّ إلى أوطانها، ونحن أولى بالحنين منها، أنت طالق إن لم ترجعي!) فقالت: (فعل الله بك وفعل)، فردها،...

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه: (من سعادة الرجل خمس: أن تكون زوجتُه موافقةً، وأولادُه أبراراً، وإخوانه أتقياءً، وجيرانُه صالحين، ورِزْقُه في بلدِه).

 

وعن الأصمعي قال: سمعت أعرابياً يقول: (شرُّ المال ما لا يُنفق، وشرُّ الإخوان الخاذلُ في الشدائد، وشرُّ السلاطين -شرُّ الحكام- من يخافُه البريء، وشرُّ البلاد ما ليس فيه خصبُ ولا أمن]. المنازل والديار لأسامة بن منقذ، (المتوفى: 584هـ).

 

وقد قيل شعرًا:

نقل فؤادك حيثُ شئتَ من الهوى
ما الحبّ إلاّ للحبيب الأولِ
كم منزلٍ يألفه الفتى
وحنينه أبدًا لأول منزلِ

انظر: ابن قيّم الجوزية: مفتاح دار السعادة (1/ 11).

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، لي ولكم.

 

الخطبة الأخيرة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة مهداة، للعالمين كافة، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واتبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد؛

فالوطن الحقيقي للمسلم هو هناك في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ لأن آدم عليه السلام أخرج من وطنه الأول؛ الجنة، فهو ومن آمن من ذريته في شوق شديد إلى وطنهم الأول، الجنة.

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: [إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ غُرَبَاءُ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارِ مَقَامٍ، وَلَا هِيَ الدَّارُ الَّتِي خُلِقُوا لَهَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "كُنْ في الدُّنْيا كَأَنّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ القبُورِ". (خ) (6416)، (ت) (2333)، واللفظ له.

 

وَهَكَذَا هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ -أي الإنسان- أُمِرَ أَنْ يُطَالِعَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، وَيَعْرِفَهُ -بذلك- حَقَّ الْمَعْرِفَةِ، -يقول ابن القيم:- وَلِي مِنْ أَبْيَاتٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى، -وقال فيها:

وَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا
مَنَازِلُكَ الْأُولَى وَفِيهَا الْمُخَيَّمُ
وَلَكِنَّنَا سَبْيُ الْعَدُوِّ فَهَلْ تَرَى
نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلَّمُ
وَأَيُّ اغْتِرَابٍ فَوْقَ غُرْبَتِنَا الَّتِي
لَهَا أَضْحَتِ الْأَعَدَاءُ فِينَا تَحَكَّمُ
وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا نَأَى
وَشَطَّتْ بِهِ أَوْطَانُهُ لَيْسَ يَنْعَمُ
فَمِنْ أَجْلِ ذَا لَا يَنْعَمُ الْعَبْدُ سَاعَةً
مِنَ الْعُمْرِ إِلَّا بَعْدَ مَا يَتَأَلَّمُ

 

وَكَيْفَ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ غَرِيبًا، وَهُوَ عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ، لَا يَحِلُّ عَنْ رَاحِلَتِهِ إِلَّا بَيْنَ أَهْلِ الْقُبُورِ؟]. (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين) لابن القيم (3/ 190).

[وقال على بن أبى طالب رضى الله عنه: (إن الدنيا قد ترحَّلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحّلت مقبلة، ولكلّ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل)]. إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 71).

 

نسأل الله أن نكون ممن قال الله فيهم: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ* وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ ﴾ -أي أرض الجنة- ﴿ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾. (الزمر: 73- 74).

 

ألا وصلوا وسلموا على الهادي البشير، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم فكّ أسر المأسورين، وسجن المسجونين، واقض الدين عن المدينين، ونفّس كرب المكروبين، وفرج هم المهمومين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شافيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يا رب العالمين.

 

وأقم الصلاة؛ ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ﴾. (العنكبوت: 45).

يراجع ما كتب في هذا الموضوع: (مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية)، د. عبد الرحمن بن جميل بن عبد الرحمن قصاص؛ أستاذ مساعد بقسم الدعوة والثقافة الإسلامية-كلية الدعوة وأصول الدين- جامعة أمّ القرى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ليس بالتقنية وحدها تأمن الأوطان
  • حب الأوطان وواجب الإصلاح
  • البيان في محبة الأوطان
  • الحنين إلى الأوطان (1)
  • الحنين إلى الأوطان (2)
  • الحنين إلى الأوطان (3)
  • أثر حب الأوطان في سعادة الإنسان
  • الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان

مختارات من الشبكة

  • بالحب في الله نتجاوز الأزمات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • "حب بحب" حب الأمة لحاكمها المسلم "مسؤوليات الأمة تجاه الحاكم"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • كلمات الحب في حياة الحبيب عليه الصلاة والسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحب الشرعي وعيد الحب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكة حبنا الساكن في الوجدان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اختناق الحب بالحب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ما الحب في عيد الحب(مقالة - ملفات خاصة)
  • اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك (تصميم)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( الحب في الله وحب الأنصار )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أردتُ معرفة الحب، فحرمني أبي من الحب(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب