• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أدب التثبت في الأخبار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    المحافظة على المال العام (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    بيع الصوف على ظهر الحيوان
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    تفسير سورة الهمزة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    جملة مما فيه نوع إلحاد في أسماء الله
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    محاسن الألطاف الربانية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    النجش في البيع
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    الصلاة.. راحة القلوب ومفتاح الفلاح (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل ...
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    أبو بكر الصديق بين الوحي والعقل
    إبراهيم بن سعد العامر
  •  
    خطبة: فضل القرآن وطرائق تفسيره
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    ذلك جزاء المحسنين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: فصاحته وحسن ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    إرشاد القرآن إلى حفظ الأيمان (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

خطبة: وكذلك جعلناكم أمة وسطا

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/3/2018 ميلادي - 6/7/1439 هجري

الزيارات: 24553

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً


أَمَّا بَعدُ، فَـ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ".


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، ثَمَّةَ مُصطَلَحٌ جَمِيلٌ وَمَبدَأٌ جَلِيلٌ، يَدَّعِيهِ كُلُّ أَحَدٍ لِنَفسِهِ وَيَتَمَدَّحُ بِهِ، وَيُحَاوِلُ أَن يَلبَسَهُ وَيَفخَرَ بِهِ، ثم لا يَكتَفِي بِذَلِكَ حَتَّى يُضفِيَهُ عَلَى مَن شَاءَ وَيَنزِعَهُ عَمَّن أَرَادَ، أَلا وَهُوَ الوَسَطِيَّةُ.


وَاليَومَ وَالأُمَّةُ يَتَقَصَّدُهَا الأَعدَاءُ بِحُرُوبٍ فِكرِيَّةٍ تَقلِبُ المَوَازِينَ، فَتَنقَلِبُ لَدَى كَثِيرِينَ حَتى مِنَ المُتَمَسِّكِينَ، ويَخِفُّ التَّدَيُّنُ وَتَضعُفُ الاستِقَامَةُ، وَيَكثُرُ التَّلَفُّتُ وَالتفَلُّتُ عَلَى مُستَوَى المُجتَمَعَاتِ وَالأَفرَادِ، فَإِنَّ الفَسَقَةَ يَفرَحُونَ بِهَذَا التَّفَلُّتِ وَالانحِلالِ، وَتَسُرُّهُم تِلكَ الغَفوَةُ بَعدَ الصَّحوَةِ، وَيَكثُرُ نِقَاشُهُم فِيمَا عَلَيهِ الأُمَّةُ مِن تَمَسُّكٍ بِدِينِهَا وَاستِقَامَةٍ عَلَى أَمرِ رَبِّهَا، حَتَّى يُدَّعَى أَنَّ ذَلِكَ التَّمَسُّكَ إِنَّما كَانَ غُلُوًّا وَشَطَطًا، وَتَنَطُّعًا وَتَشَدُّدًا. وَيَذهَبُ كُلُّ مَن هَبَّ وَدَبَّ لِيُفَسِّرَ الوَسَطِيَّةَ عَلَى مَا تَشتَهِيهِ نَفسُهُ أَو يُوَافِقُ مِزَاجَهُ، وَيَكثُرُ الخَلطُ وَاللَّتُّ وَالعَجنُ، وَيُستَحدَثُ لِلوَسَطِيَّةِ مَعانيَ جَدِيدَةً، تُفَرَّغُ فِيهَا مِن حَقِيقَتِهَا، وَتُنتَزَعُ مِن جُذُورِهَا، وَيُسَارُ بها في غَيرِ مَا أَرَادَهُ مَن وَصَفَ بها عِبادَهُ، فَيَرَاهَا بَعضُهُم في التَّسَاهُلِ وَالتَّنَازُلِ بِاسمِ التَّسَامُحِ، وَيَرَاهَا قَومٌ في الانفِتَاحِ عَلَى العَالَمِ وَالدِّيَانَاتِ الأُخرَى بِلا حُدُودٍ، وَيَرَاهَا آخَرُونَ في التَّوَسُّطِ بَينَ أَمرَينِ حَسَنٍ وَسَيِّئٍ دُونَ تَشَدُّدٍ، وَيَرَاهَا آخَرُونَ في التَّيسِيرِ المَفتُوحِ بِلا ضَابِطٍ، وَاختِيَارِ مَا تَرغَبُهُ النَّفسُ بِلا رَادِعٍ، وَيَنسَى أُولَئِكَ أَنَّ اللهَ الَّذِي أَثنَى عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ بِأَنَّهَا أُمَّةٌ وَسَطٌ، قَد أَنزَلَ في كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا يُحَدِّدُ مَفهُومَ الوَسَطِيَّةِ وَيُوَضِّحُ حُدُودَهُ وَيُبرِزُ مَعَالِمَهُ، وَمَا زَالَ المُسلِمُونَ في عَامَّةِ عُصُورِهِم وَبُلدَانِهِم، يَأتَمِرُونَ بِأَمرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَيَنتَهُونَ عَمَّا نَهَى اللهُ عَنهُ وَرَسُولُهُ، وَيَرَونَ أَكرَمَهُم عِندَ اللهِ أَتقَاهُم لَهُ، وَخَيرَهُم أَشَدَّهُم مِنهُ خَوفًا، وَأَعدَلَهُم أَكثَرَهُم طَاعَةً لَهُ وَثَبَاتًا عَلَى صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: " وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " وَقَالَ - تَعَالى -: " كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ " وَقَالَ – تَعَالى –: " فَاتَّقُوا اللهَ مَا استَطَعتُم " وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: " لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إِلاَّ وُسعَهَا " وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: " وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ " وَقَالَ – تَعَالى -: " لَيسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى المَرضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ " وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا -: " قُلِ ادعُوا اللهَ أَوِ ادعُوا الرَّحمَنَ أَيًّا مَا تَدعُوا فَلَهُ الأَسمَاءُ الحُسنى وَلا تَجهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بها وَابتَغِ بَينَ ذَلِكَ سَبِيلاً " وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ -: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لم يُسرِفُوا وَلم يَقتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَامًا " وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: " وَلا تَجعَلْ يَدَكَ مَغلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلَا تَبسُطْهَا كُلَّ البَسطِ فَتَقعُدَ مَلُومًا مَحسُورًا " وَقَالَ - تَعَالى -: " وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ " وَقَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " فَإِذَا نَهَيتُكُم عَن شَيءٍ فَاجتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرتُكُم بِأَمرٍ فَأتُوا مِنهُ مَا استَطَعتُم " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الدِّينَ يُسرٌ، وَلَن يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا، وَاستَعِينُوا بِالغُدوَةِ وَالرَّوحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلجَةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَرَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ عَن عَبدِالرَّحمنِ بنِ شِبلٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: " اِقرَؤُوا القُرآنَ وَلا تَغلُوا فِيهِ وَلا تَجفُوا عَنهُ، وَلا تَأكُلُوا بِهِ وَلا تَستَكثِرُوا بِهِ " وَعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " صَلِّ قَائِمًا، فَإِن لم تَستَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِن لم تَستَطِعْ فَعَلَى جَنبٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَعَن أَنَسٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُفطِرُ مِنَ الشَّهرِ حَتَّى يُظَنَّ أَنْ لا يَصُومُ مِنهُ، وَيَصُومُ حَتَّى يُظَّنَّ أَنْ لا يُفطِرُ مِنهُ شَيئًا، وَكَانَ لا تَشَاءُ أَن تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيتَهُ، وَلا نِائِمًا إِلاَّ رَأَيتَهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " لِيُصَلِّ أَحَدُكُم نَشَاطَهُ، وَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقعُدْ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَفي البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ عَن أُمِّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا – أَنَّهَا قَالَت: " ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - بَينَ أَمرَينِ أَحَدُهُمَا أَيسَرُ مِنَ الآخَرِ، إِلاَّ اختَارَ أَيسَرَهُمَا ؛ مَا لم يَكُنْ إِثمًا. فَإِن كَانَ إِثمًا كَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنهُ. هَذِهِ بَعضُ مَعَالِمِ الوَسَطِيَّةِ الَّتي يُرِيدُهَا اللهُ - تَعَالى - وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمِ - فَهِيَ حَقٌّ بَينَ بَاطِلَينِ، وَخَيرٌ بَينَ شَرَّينٍ، وَوَسَطٌ عَدلٌ بَينَ طَرَفَينِ ذَمِيمَينِ مُتَنَاقِضَينِ، الوَسَطِيَّةُ في الإِسلامِ أَن يَستَغِلَّ المَرءُ كُلَّ لَحظَةٍ في عُمُرِهِ لِلتَّقَرُّبِ إِلى رَبِّهِ، مَتَّقِيًّا رَبَّهُ مَا استَطَاعَ، غَيرَ مُكَلِّفٍ نَفسَهُ مَا لا تُطِيقُ، الوَسَطِيَّةُ أَن يَجتَنِبَ المُسلِمُ الإِثمَ وَإِن دَعَتهُ إِلَيهِ نَفسُهُ لأَنَّهُ الأَيسَرُ في نَظَرِهِ وَالأَسهَلُ، هَذِهِ هِيَ الوَسَطِيَّةُ الشَّرعِيَّةُ، لا مَا يُدعَى إِلَيهِ اليَومَ وَيَظُنُّ بَعضُ الجُهَّالِ أَنَّهُ الحَقُّ، مِن أَن يَتَوَسَّطَ المُسلِمُ بَينَ الطَّرَفَينِ في كُلِّ مُختَلَفٍ فَيهِ مِنَ الأُمُورِ، أَو أَن يَتَّخِذَ مَوقِعًا لَهُ بَينَ المُسلِمِينَ وَالكُفَّارِ، وَمَنهَجًا لا هُوَ فِيهِ لِلأَبرَارِ وَلا إِلى الفُجَّارِ، أَو يَسلُكَ طَرِيقًا بَينَ المُؤمِنِينَ المُستَقِيمِينَ وَالفَسَقَةِ المُتَفَلِّتِينَ، إِنَّ الوَسَطِيَّةَ بِهَذِهِ الصِّفَّةِ المُشَوَّهَةِ، وَعَلَى تِلكَ الهَيئَةِ العَوجَاءِ، قَد ذَكَرَهَا اللهُ - سُبحَانَهُ - في كِتَابِهِ، وَلَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الذَّمِّ لِلمُنَافِقِينَ، قَالَ – تَعَالى -: " مُذَبذَبِينَ بَينَ ذَلِكَ لا إِلى هَؤُلاءِ وَلا إِلى هَؤُلاءِ وَمَن يُضلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأمَنُوكُم وَيَأمَنُوا قَومَهُم كُلَّ مَا رُدُّوا إِلى الفِتنَةِ أُركِسُوا فِيهَا " فَالمُنَافِقُونَ وَسَطٌ بَينَ المُؤمِنِينَ وَالكَافِرِينَ، لَكِنَّ وَسَطِيَّتَهُمُ ضَالَّةٌ، وَهُم بِهَا ضَائِعُونَ غَيرُ مُهتَدِينَ، لأَنَّهُم يُرِيدُونَ بِهَا أَلاَّ يَخسَرُوا أَحَدَ الطَّرَفَينِ وَلَو عَلَى حِسَابِ الدِّينِ، وَيَزعُمُونَ أَنَّهُم وَسَطٌ بَينَ الأَمرَينِ وَالفَرِيقَينِ، فَأَخبَرَ اللهُ – تَعَالى - عَنهُم أَنَّهُم في فِتنَةٍ وَضَلالٍ، فَمَا أَحرَى المُسلِمِينَ أَن يَنتَبِهُوا إِلى أَنَّهُم قَد أُمِرُوا في كُلِّ رَكعَةٍ مِن صَلاتِهِم أَن يَسأَلُوا رَبَّهُمُ الثَّبَاتَ عَلَى الوَسَطِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ، بِسُؤَالِ الهِدَايَةِ إِلى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، صِرَاطِ المُنعَمِ عَلَيهِم مِن خِيَارِ الأُمَمِ وَعُدُولِهَا، مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَاجتِنَابِ سُبُلِ الغَالِينَ كَاليَهُودِ وَالجَافِينَ كَالنَّصَارَى، قَالَ – سُبحَانَهُ -: " اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِم وَلا الضَّالِّينَ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَكُنْ عَلَى الوَسَطِيَّةِ الحَقَّةِ، بِتُوَسُّطِنَا في الدِّينِ وَاعتِدَالِنَا، فَالدِّينُ الحَقُّ وَاحِدٌ، وَالقِبلَةُ وَاحِدَةٌ، وَاللهُ لا يُضِيعُ إِيمَانَ المُؤمِنِينَ وَثَبَاتَهُم عَلَى الحَقِّ المُبِينِ، وَلَيسَ تَنَازُلُ المُسلِمِينَ عَن شَيءٍ مِن دِينِهِم مُجَامَلَةً لِلكُفَّارِ مِنَ اليَهُودِ أَوِ النَّصَارَى بِمُقَرِّبٍ لَهُم مِن أُولَئِكَ الأَنجَاسِ، أَو جَالِبٍ لِشَفَقَتِهِم عَلَيهِم أَو مُذهِبٍ لِعَدَاوَتِهِم وَحِقدِهِم، فَهُم عَدُوٌّ لا يَرضَونَ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ عَلَى مَن خَرَجَ مِن دِينِهِ وَاتَّبَعَ مِلَّتَهُم " وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدًا وَمَا جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتي كُنتَ عَلَيهَا إِلاَّ لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيهِ وَإِنْ كَانَت لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * قَد نَرَى تَقَلُّبَ وَجهِكَ في السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبلَةً تَرضَاهَا فَوَلِّ وَجهَكَ شَطرَ المَسجِدِ الحَرَامِ وَحَيثُ مَا كُنتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِم وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعمَلُونَ * وَلَئِن أَتَيتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبلَتَهُم وَمَا بَعضُهُم بِتَابِعٍ قِبلَةَ بَعضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهوَاءَهُم مِن بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ".

****


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاسلُكُوا طَرِيقَ الحَقِّ وَتَمَسَّكُوا بِالدِّينِ، وَلا تَغتَرُّوا بِكَثرَةِ الهَالِكِينَ "قُلْ لا يَستَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولي الأَلبَابِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ".


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَشهَدُ العَالَمُ اليَومَ هُجُومًا عَنِيفًا عَلَى التَّشَدُّدِ وَالتَّطَرُّفِ، وَحَربًا إِعلامِيَّةً شَعوَاءَ عَلَى الغُلُوِّ، وَلَكِنَّ المُتَأَمِّلَ يَرَى أَنَّ هَذِهِ الحَربَ العَنِيفَةَ، لم تَكُنْ لِمَقَاصِدَ شَرِيفَةٍ، وَأَنَّهَا اتَّجَهَت إِلى نَسفِ الدِّينِ، وَتَنحِيَةِ الشَّرِيعَةِ عَنِ دُنيَا المُسلِمِينَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ المُتَطَرِّفَ المُتَشَدِّدَ في عُرفِ العَالَمِ اليَومَ، إِنَّمَا هُوَ المُستَقِيمُ عَلَى أَمرِ اللهِ، الحَافِظُ لِحُدُودِ اللهِ، المُتَّبِعُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ، فَهَذَا عِندَهُم هُوَ الخَارِجُ عَنِ الوَسَطِيَّةِ، وَأَمَّا الوَسَطِيَّةُ الَّتِي يُرِيدُونَهَا وَيُسَوِّقُون لَهَا، فَهِيَ في الحَقِيقَةُ وَسَطِيَّةُ المُنَافِقِينَ، الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأخُذُوا مِنَ الخَيرِ جُزءًا وَمِنَ الشَّرِّ جُزءًا، وَأَن يَقِفُوا وَسَطًا بَينَ الطَّاعَةِ وَالمَعصِيَةِ، ثم يَمِيلُوا مَعَ تَقَلُّبِ الأَحوَالِ إِلى مَا يَجِدُونَ مَصَالِحَهُم الدُّنيَوِيَّةَ فِيهِ. وَلَو كَانَ أُولَئِكَ صَادِقِينَ في ابتِغَاءِ الوَسَطِيَّةِ لَمَا تَجَاهَلُوا مَا يَحصُلُ مِنَ الكُفَّارِ مِن تَطَرُّفٍ وَظُلمٍ في تَعَامُلِهِم مَعَ المُسلِمِينَ، مِن قَتلٍ وَإِفسَادٍ، وَهَدمٍ لِلمَسَاكِنِ وَتَخرِيبٍ لِلبِلادِ، وَفَرضٍ لِلأَفكَارِ الهَدَّامَةِ بِالقُوَّةِ، وَجَبرٍ لِلمُجتَمَعِ الدَّولِيِّ عَلَى أَن يَتَّبِعَ سَبِيلَ المَغضُوبِ عَلَيهِم وَالضَّالِّينَ في كُلِّ شُؤُونِ حَيَاتِهِم، حتى فِيمَا يُخَالِفُ الفِطرَةَ الإِنسَانِيَّةَ السَّوِيَّةَ، وَيَهدِمُ الأَخلاقَ الفَاضِلَةَ الزَّكِيَّةَ، فَهُم يَغُضُّونَ الطَّرفَ عَن كُلِّ هَذَا الشَّرِّ، وَيَدعُونَ إِلى التَّفرِيطِ وَالتَّسَاهُلِ وَالانحِلالِ، وَالمَيلِ العَظِيمِ عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَعتَزَّ بِدِينِنا، وَلْنَستَقِمْ عَلَيهِ كَمَا أَرَادَ رَبُّنَا لَنَا، لا كَمَا تُرِيدُهُ نُفُوسُنَا، أَو يُرِيدُهُ لَنَا عَدُوُّنَا، فَهَذِهِ هِيَ الوَسَطِيَّةُ الحَقَّةُ، قال – تَعَالى -: "فَاستَقِمْ كَمَا أُمِرتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلا تَركَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِن دُونِ اللهِ مِن أَولِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكرَى لِلذَّاكِرِينَ. وَاصبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وكذلك جعلناكم أمة وسطا (خطبة)
  • أمة القيادة "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"
  • {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}
  • خطبة: أمة قادتها مشاعل

مختارات من الشبكة

  • وجعلت قرة عيني في الصلاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مولد أمة وحضارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة التوحيد بين الواقع والمأمول(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أدب التثبت في الأخبار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المحافظة على المال العام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاسن الألطاف الربانية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصلاة.. راحة القلوب ومفتاح الفلاح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل وغنائم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل القرآن وطرائق تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/5/1447هـ - الساعة: 16:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب