• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير العلمي: كيف ...
    محمد نواف الضعيفي
  •  
    أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    الله لطيف بعباده
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لطائف من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
    سائد بن جمال دياربكرلي
  •  
    فصل آخر: في معنى قوله تعالى: {فإذا سويته ونفخت ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    علة حديث: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التذكير بأيام الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التسبيح سبب للحصول على ألف حسنة في لحظات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    حين يتجلى لطف الله
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: الحذر من الظلم
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    التوحيد بين الواقع والمأمول (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حين يستحي القلب يرضى الرب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    البعثة المحمدية وحال الناس قبلها
    عبدالقادر دغوتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

فن إدخال السرور على الناس (1)

أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/10/2017 ميلادي - 2/2/1439 هجري

الزيارات: 165181

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فن إدخال السرور على الناس (1)

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71] أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها، وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النَّارِ.

عبادَ اللهِ: اتقوا اللهَ تعالى وأطيعُوه، وجَدِّدُوا عَزمَكُم على العَملِ الصَّالحِ والتقوَى، فإنها هِي النَّجاةُ مِن المخَاوفِ والبلاءِ،قالَ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].


حَدِيثُنَا الْيَوْمَ - أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ - عَنِ الصَّدَقَةِ، وَلَكِنَّه لَيْسَ حَديثًا عَنْ مُجَرَّدِ إعْطَاءِ الْمَالِ أَوْ الطَّعَامِ، وَبَذْلِهَا لِلْمُسْلِمِينَ - وَإِنْ كَانَتِ الصَّدَقَاتُ خَيْرًا وَبُرْهان, وَأَجْرًا وَفَضْلاً عِنْدَ الْوَاحِدِ الدَّيَّانِ- لَكِنَّنَا سَنشيرُ إِلَى صَدَقَةٍ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ، صَدَقَةٍ يَسْتَطِيعُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا، وَيَقْوَى عَلَى بَذْلِهَا الْكَثِيرُ، إِنَّه.. فَنُّ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قُلُوبِ النَّاسِ، إِنَّه إِسْعادُ النُّفُوسِ وَإدْخَالُ الْبِشْرِ إِلَيهَا، وَرَسْمُ الْبَسمَةِ عَلَى الْوُجُوهِ، وَصُنْعُ الْبَهْجَةِ فِي النُّفُوسِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْأنقِياءُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ, وَالْأصْفياءُ مِنْهُمْ، وَلَا تَسْتَطِيعُهُ إلَّا النُّفُوسُ الْكَبِيرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَلَا يَقْوَى عَلَيهِ إلَّا الْكِبَارُ حَقًّا.

 

عِبَادَ اللَّهِ: يَقَعُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي خَطَأٍ كَبِيرٍ, حِينَ يُقْصِرُونَ الْعِبَادَةَ عَلَى الشَّعَائِرِ التَّعَبُّدِيَّةِ, وَيَحْصُرُونَهَا فِي الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ, مَعَ عِظَمِ مَكَانَتِهَا وَمَنْزِلَتِهَا فِي دِينِ اللَّهِ، وَيُفَوِّتُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ خَيْرًا كَثِيرًا وَفَضْلاً عَظِيمًا, حِينَ يَحْصُرُونَ طَاعَةَ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، فَهُنَاكَ الْكَثِيرُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ مِنْ خِلَالِهَا الْمُسْلِمُ, مَنْزِلَةً عَظِيمَةً عِنْدَ اللهِ، وَيَنَالَ بِفِعْلِهَا الْأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالْمَثُوبَةَ الْكُبْرَى.

 

لَعَلَّ مِنْ أَبْرزِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ وَأَكْثَرِهَا مَثُوبَةً وَمَنْزِلَةً وَمَكَانَةً عِنْدَ اللهِ "إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ". رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعْمالِ إلى الله عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ على مُسْلِمٍ، تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنهُ دَيْناً، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعاً، ولأَنْ أَمْشي مَعَ أخٍ في حَاجَة؛ أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجِدِ -يعني مَسجدَ المدينَةِ- شَهْراً»، رواهُ الأصْبَهَانِيُّ، وحسَّنَهُ الألبانيُّ.

 

وَفِي رِوايَةٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً»، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ" وَحَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ.

وَلَعَلَّ مَا سَبَقَ هُوَ السَّبَبُ فِي جَوَابِ الْإمَامِ مَالَكٍ حِينَ سَأَلَهُ سَائِلٌ فَقَالَ:"أَيُّ الْأَعْمَالِ تُحِبُّ؟" فَكَانَ الْجَوَابُ:"إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا نَذَرْتُ نَفْسِي أَنْ أُفَرِّجَ كُرُباتِ الْمُسْلِمِينَ".

إِنَّ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى النَّاسِ قِيمَةٌ عَالِيَةٌ مِنْ قِيَمِ هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ،وقد رَتَّبَ عَلَيهِ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ أَعْظَمَ الْجَزَاءِ وأَوْفَرَهُ.

 

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ الْأَعْمَالَ الَّتِي تُدْخِلُ السُّرُورَ عَلَى النَّاسِ لَا يُمْكِنُ إِحْصَاؤُهَا أَوْ عَدُّهَا أَوْ إِجْمَالُهَا، وَلَعَلَّنَا نَذْكُرُ شَيئاً يَسِيرًا مِنْهَا:

فَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ دَائِمَ الْبِشْرِ، خَافِضَ الْجَنَاحِ، كَثِيرَ التَّوَدُّدِ لِعِبَادِ اللَّهِ، يُحَاوِلُ مَا اسْتَطَاعَ التَّخْفِيفَ عَنْ إِخْوَانِهِ, آثَارَ أَعْبَاءِ الْحَيَاةِ وصُعُوبَاتِهَا وَتَقَلُّبَاتِهَا، فَيَسُدُّ جَوْعَةَ هذا،وَيَقْضِي دَيْنَ ذَاكَ، وَيَسْعَى عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ هُنَا وهُنَاكَ -هَذَا إِنْ كَانَ يَمْلِكُ الْمَالَ-، أَوْ يَسْعَى لَدَى الْمُوسِرِينَ فِي ذَلِكَ, وَيُوَاسِي الْمَرِيضَ وَيَزُورُهُ وَيُقَدِّمُ لَهُ الدُّعَاءَ وَيُذَكِّرُهُ بِالأَجْرِ وَالْعَاقِبَةِ الْحَسَنَةِ, وَيُبَشِّرُهُ بشِفَائِهِ تَفَاؤُلاً بِإِذْنِ اللهِ، وَيُدْخِلُ السُّرُورَ إِلَى قَلْبِ كُلِّ مَهْمُومٍ وَمَكْرُوبٍ وَمَحْزُونٍ.

 

وَمِنْ صُورِ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى الآخرينَ: الاِبْتِسَامَةُ فِي وُجُوهِهِم؛ فَهِيَ شِعَارٌ مِنْ شَعَائِرِ الْأنبياءِ، وَسُنَّةٌ مِنْ سُننِ الْمُرْسَلِينَ، وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلُغَةٌ سَامِيَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْحَضَارةِ الْبَشَرِيَّةِ، إِنَّ خَيْرَ مَنْ مَشَى عَلَى هَذَا الْكَوْكَبِ، وَأَجْمَلَ مَنْ نَظَرَتْ إِلَيهِ الْأَعْيُنُ، وَأَلْيَنَ مَنْ صَافَحَتْهُ الْأَكُفُّ، كَانَ أَكْثَرَ النَّاسِ تَبَسُّمًا، قَالَ عَنْه مَنْ رَآهُ:"مَا رَأَيْتُ أحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْبَجَلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْه:"مَا رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي".


وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْبَسمَةَ عَمَلاً جَلِيلاً نُؤْجَرُ عَلَيهِ، فَقَالَ -كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ -:«تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ»، وَالاِبْتِسَامَةُ لَا تُنَافِي الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ؛ فَهَذَا أَيوبُ السِّخْتِيانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كَانَ بَكَّاءًا فِي اللَّيْلِ صَوَّاماً فِي النَّهَارِ، عابداً زاهداً, قَالَ عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ:(مَا رَأَيْتُ أحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا فِي وُجُوهِ الرِّجَالِ مِنْ أَيوبَ السِّخْتِيانِيِّ). وَلَيْسَ بِالضَّرُورَةِ أَنْ تَكُونَ خَالِيًا مِنَ الْأَزَمَاتِ وَالْمَشَاكِلِ حَتَّى تَبْتَسِمَ؛ بَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَسِمُ دَوْمًا مَعَ كَوْنِ الْأحْزَانِ كَانَتْ تُلاحِقُهُ مِنْ مَوْقِفٍ لِآخَرَ.

 

وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّرُورِ: الْهَدِيَّةُ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْهَدِيَّةِ! تِلْكَ الْوَسِيلَةُ الَّتِي لَهَا الْأثَرُ الْكَبِيرُ فِي اسْتِجْلاَبِ الْمَحَبَّةِ وَإِثْبَاتِ الْمَوَدَّةِ وإِذْهَابِ الضَّغَائِنِ وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ؛ وَلِذَلِكَ فَقَدْ قَبِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ، وَمَنَحَهَا، وَأَقَرَّهَا، وَأَخَذَهَا مِنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ بَلْ حَثَّ عَلَيهَا بِقولِهِ: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"أخرَجَهُ البخَارِيُّ فىِ "الأدبِ الْمُفْرَدِ".

 

تَأَمَّلُوا مَعِي هَذه الْقِصَّةَ، جِيءَ إِلَيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِثَوْبٍ لَهُ أَعْلامُ -يَعْنِي فِيه خُطُوطٌ- فَقَالَ عَليهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ:"أَيْنَ أُمُّ خَالِدٍ؟" يا تُرَى مَنْ هِيَ أُمُّ خَالِدٍ يا عِبَادَ اللَّهِ؟ إِنَّهَا طِفْلَةٌ صَغِيرَةٌ لِأَبِي العاصِ، كَانَتْ قَدْ وُلِدَتْ فِي الْحَبَشَةِ قَالَ: أَيْنَ أُمُّ خَالِدٍ؟ فَجِيءَ بِالصَّبِيَّةِ إِلَيهِ، فَجَعَلَ يُلْبِسُهَا الثَّوْبَ بِيَدِهِ، وَهِي تَنَظُرُ إِلَى أَعْلاَمِهِ وَإِلَى الثَّوْبِ فَرِحَةً مُسْتَبْشِرَةً مَسْرُورَةً، ثُمَّ لَمَّا لَفَّ عَلَيهَا الثَّوْبَ جَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى أَعْلاَمِ الثَّوْبِ -يَعْنِي إِلَى الْخُطُوطِ الْمُلَوَّنَةِ فِيهِ- وَيَقُولُ:«سَنَهْ سَنَهْ» وَهِيَ بِالحَبَشِيَّةِ: حَسَنَةٌ حَسَنَةٌ.

 

وَمِنْ صُورِ إدْخَالِ الْبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ لَدَى الآخرينَ أيضاً: السَّلامُ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» أَخْرَجَهُ الْإمَامُ مُسْلِمٌ. وَإفْشَاءُ السَّلامِ فِي الْإِسْلامِ لَيْسَ تَقْلِيدًا اجْتِمَاعِيًّا, أَوْ عُرْفًا قَبَلِيًّا, يَتَغَيَّرُ وَيَتَطَوَّرُ تَبَعًا لِلْبِيئَةِ وَالْعَصْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ أدَبٌ ثَابِتٌ وَمُحَدَّدٌ، فَعَوِّدْ نَفْسَكَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَا تَعْرِفُ، سَواءٌ كَانُوا صِغَارًا أَمْ كِبَارًا، فَفِي الْحَديثِ:أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ صُورِ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى النَّاسِ: السَّمَاحَةُ وَاللِّينُ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الآخَرِينَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ التّجَارِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رواه البُخَاريُّ.

وَمِنْ ذَلِكَ: الْإِصْلاحُ بَيْنَ المتخَاصِمَيْنِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]، رَوَى أبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ»، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ».

 

وَمَهْمَا قُلْنَا مِنْ كَلِمَاتٍ لِإِبْرَازِ قِيمَةِ هَذَا الْعَمَلِ فِي مِيزَانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّنَا لَنْ نَستَطِيعَ! كَيْفَ وَقَدْ رَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَتَتَحَقَّقُ هَذِهِ السُّنَّةُ بِالْإِصْلاحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، سَواءٌ كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ وَزَوْجَتِهِ، أَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ، أَوْ بَيْنَ أَخٍ وَأَخِيهِ، أَوْ بَيْنَ صَدِيقٍ فِي الْعَمَلِ وَزَمِيلِهِ، أَوْ بَيْنَ جَارٍ وَجَارِهِ؛ بَلْ تَتَحَقَّقُ بِإِصْلاحٍ لِمُشَادَّةٍ فِي الطَّرِيقِ بَيْنَ اثْنَيْنٍ لَا تَعْرِفُهُمَا.

 

نَسْأَلُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنَا مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

بَارَكَ اللهُ لي ولكم.....

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَسْبَغَ عَلَينَا مِنْ نَعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيهِ وَعَلَى سَائِرِ الأَنبيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ... وَمِنْ صُوَرِ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى الآخَرِينَ: التَّسَابُقُ فِي تَبْشِيرِ الْمُسْلِمِ بِالْخَبَرِ السَّارِّ وَالْأَمْرِ الْمُفْرِحِ، وَهُوَ أدَبٌ مِنَ الْآدابِ الْإِسْلامِيَّةِ الْعَظِيمَةِ.

 

تَأَمَّلُوا مَعِي ذَلِكَ الصَّحَابِيَّ الَّذِي أَسْرَعَ بِكُلِّ قُوَّتِهِ لِيُبَشِّرَ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُمْ، وَصَدْرُهُ يَمْتَلِئُ حُبًّا وَفَرَحًا وَسَعَادَةً وَسُرُورًا، حَتَّى إِنَّه لَمْ يَنْتَظِرْ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِمْ، بَلْ بَدَأَ يُنَادِيهِمْ مِنْ بَعيدٍ مِنْ عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأعْلَى صَوْتِهِ:يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ. يَقُولُ كَعْبٌ:"فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْنَا". يَقُولُ كَعْبٌ:"فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ"..إِنَّ ذَلِكَ الصَّحَابِيَّ الْمُنَادِي وَالَّذِي قَامَ يُهَنِّئُهُ لَهُما مِنَ الْمُتَصَدِّقِينَ بِإِسْعادِ النَّاسِ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ إِرْهَاقِ أَنَفُسِهِمْ.

 

فَجُودُوا يا رعاكم الله لِإِخْوَانِكُمْ بِأَنْوَاعِ الْبِشْرِ وَالسُّرُورِ، واهْنَؤوا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْوَاعِ الْأَجْرِ وَالْحُبُورِ. وَلِلْحَديثِ صِلَةٌ فِي خُطْبَةٍ قَادِمَةٍ إِنْ شَاءَ اللهُ.

مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ:

هُوَ سَيِّدُ الثَّقَلَيْنِ أَوَّلُ شَافِعٍ
وَبِهَدْيِهِ تَغْدُوا الْحَيَاةُ نَعِيمَا
يا مَنْ تُحِبُّونَ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا
صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

اللَّهُمَّ صِلِّ.....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( نفع الناس - إدخال السرور على المسلم - تفريج كربه - إطعامه - تأمينه )
  • الهدية وإدخال السرور على المسلم
  • كيف تدخل السرور على والديك؟
  • ربات الخدور أولى بالسرور
  • فن إدخال السرور على الناس (2)
  • إدخال السرور على المسلمين
  • خطبة إدخال السرور على المسلم

مختارات من الشبكة

  • فن المعاملات أو الإتيكيت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إدخال اللوح المحفوظ واسطة بين جبريل ورب العزة في الإجازات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أضواء على كلمة الفن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تصنيف الفنون الإسلامية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الفن للفن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة ألفية الآثاري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • خصائص فن الزخرفة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة فنون الأفنان في عيون علوم القرآن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفن وفلسفة التربية: فن الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فن إسلامي.. أم فن مسلمين؟(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/5/1447هـ - الساعة: 10:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب