• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أيها الإنسان إياك والعجلة فإنها من الشيطان وعليك بالتؤدة فإنها من الرحمن

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/5/2017 ميلادي - 28/8/1438 هجري

الزيارات: 38802

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيها الإنسان، إياك والعَجَلَة فإنها من الشيطان

وعليك بالتؤدة فإنها من الرحمن


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

عباد الله؛ أيها الإنسان إياك والعجلة فإنها من الشيطان، وعليك بالتؤدة فإنها من الرحمن، الاستعجال في أمور الدنيا يا عباد الله لا يورث إلا الندم، ولا يأتي الإنسان بنتيجته التي يريدها ويحبها ويرضاها، لأن التعجل في أمور الدنيا والعجلة إليها دون تريث وتمهل تؤدي بالإنسان إلى الندم مهما كان هذا الهدف الذي تريده، فلو تأنيت فيه جاءك على ما تحبه وترضاه.

 

لذلك هذه العجلة التي لا يحبها الله عز وجل وهي من الشيطان استعجلها المجرمون، واللاهون، واستعجلها المستهترون، فماذا فعلوا؟ استعجلوا عذاب الله واستهتروا برسل الله، لذلك هذا الإنسان هكذا خلقه الله، قَالَ تَعَالَى: ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ﴾ [الأنبياء: 37]، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11].

 

والعجيب أنهم عندما يطلبون من أنبيائهم أو من الدعاة أو العلماء أو أو...

هؤلاء المجرمون عندما يطلبون العذاب، يقول الله عز وجل: ﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾[الشعراء: 204]، وقال سبحانه: ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [الحج: 47]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ * أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ [يونس: 50، 51].

 

طلبوا العذاب من الله، وطلبوا العذاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعجلوا أن يحوِّل جبلَ الصفا أو المروة إلى ذهب، وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأتي بسلّم ومعراج ليرقى في السماء ويأتيهم بكتاب، وطلبوا منه أن يكون ملكا من الملوك، وتجري الأنهار من تحته، وتكون عنده الأشجار والثمار والقصور، استعجلوا هذا في الدنيا يا عباد الله! قال عليه الصلاة والسلام ممتثلا أمر الله سبحانه: ﴿ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ * قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 57، 58].

 

بعد هذه المقدمة من هذه الآيات والنصوص، يجب علينا -نحن المسلمين- ألا نتشبه بالمجرمين في استعجال ما يكون شرًّا ووبالاً علينا، لا نستعجله، بل نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله.

 

فبعض الناس اليوم يتمنى الشرَّ، ويتمنَّى الحرب والضيق والشدة على الأمّة:

إمَّا لأنَّه واقعٌ في شدّةٍ وكربٍ وضيق، وإمَّا لأنَّه يستفيد من كرب الأمة وضيقها، وله فيها منافع شتى، ومآرب أخرى، فيستعجل الشرور والحروب عليها، على هذه الأمة.

إنّ العجلة في أمور الدنيا خلق مذموم، يورث الندم والتأسف، كما استعجل ابن آدم الأول، فقتل أخاه طلبا للجاه والوجاهة، فأصبح من الخاسرين، فأصبح من النادمين.

 

وبعض الناس من شدَّة فقره يستعجل الرزق؛ بسبب تراكم الديون عليه، وكثرة عياله، وكثرة طلبة الجامعات والمدارس، فيستعجل الرزق بالطرق الحرام؛ بالربا والسرقة والغش، وما شابه ذلك!!

لا يا عبد الله، ستندم بعد ذلك على فعلك هذا، وكثير ممن طرق هذه الطرق المحرمة عضَّ أصابعَ النَّدم بعد فوات الأوان. ولكن باب التوبة مفتوح.

 

وكذلك بعض الناس من شدة ألمه ومرضه، وشدة وجعه، يستعجل الشفاء والصحة، فيتوجه ويستخدم المحرمات من المخدرات والمسكنات التي لا يصفها له طبيب، أو إذا كان مبتلى بسحر أو مسٍّ ونحوه يتوجه إلى الشعوذة وإلى الحجب، وإلى ما يخرج الإنسان عن دينه...

وبعضهم ومن شدة ما هو فيه من حصارٍ وظلمٍ يستعجل النصرَ والعدل والإنصاف، فيتوجه إلى التهوُّر وتكون النتيجة الندم.

 

الرزق يا عبد الله؛ أين الرزق؟ الرزق في السماء، فخذ بأسبابه، وتوكل على الله، وعليك بالدعاء.

والصحة والعافية عند الشافي الذي لا شافي إلا هو، فخذ بأسباب الشفاء وتوكل على الله، وعليك بالدعاء.

 

ومن أين يأتي الفرج والنصر؟ ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126]، ورحم الله من قال: (من تعجل الشيء قبل أوانه: عوقب بحرمانه)، فنحن في فلسطين، حرمنا النصر عشرات السنين، فاستعجلناه ولم نأخذ الأهبة التي نحن مأمورون بأخذها، فعوقبنا بنكسات، ونكبات، ووو...

 

فلا بد من الأخذ بالأسباب، والتوكل على الله سبحانه وتعالى، الذي بيده ملكوت كل شيء، وبيده مقاليد السموات والأرض، وعدم الاستعجال، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "التَّأَنِّي مِنَ اللهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ". [1] (التَّأَنِّي مِنَ اللهِ) [(التأني) أي التثبت في الأمور، وفعلُها رصينةً محكمة، (من الله) أي من الصفات التي يحبها الله سبحانه وتعالى من عبده، ويجبله عليها. (والعجلة) في أمور الدنيا الطيش والخفّة والحدّة.

 

(من الشيطان)؛ أي من الأوصاف التي يحبها الشيطان من العبد، ويقوده إليها؛ لأنها تمنعه من التثبت والوقار والحلم، وتوجب وضع الشيء في غير محله، وتجلب الشرور، وتمنع الخيور، وهي متولدة بين خلقين مذمومين؛ التفريط والاستعجال، قبل الوقت. أفاده ابن القيم]. [2]

فلا بد من التريث في - جميع أمور دنيانا، والتمهُّل والنظر قبل الإقدام على عمل قد يؤدي إلى الندم.

 

ومن الصفات المحبوبة عند الله والأخلاق الحسنة الحلم والأناة عَنْ زَارِعٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ)، -جماعة ووفد قدموا المدينة- (جَعَلْنَا نَتَبَادَرُ) -(بادر الشيءَ): عجل إليه واستبق وسارع-. (مِنْ رَوَاحِلِنَا فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم). [3]، -فلم يصبروا حتى يربطوا الرواحل، لم يصبروا بعد أن رأوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسوا ملابسهم اللائقة، بل لاقوه بملابس السفر.

 

(وَلَمْ نَلْبَسْ إِلَّا ثِيَابَ سَفَرِنَا). [4]، (وَانْتَظَرَ الْمُنْذِرُ الْأَشَجُّ رضي الله عنه). [5]، -(الأشج العَصَرِيّ): اسمه المنذر بن عائذ العبدي، المعروف بأشج عبد القيس، كان سيد قومه، وقد رجع مع قومه بعد وفادته على النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه -رجع- إلى البحرين، ثم نزل البصرة بعد ذلك، ومات بها. [6]

 

فهذا السيد ماذا فعل؟ هم يجرون يقَبِّلُون يدَ النبي صلى الله عليه وسلم، هو ماذا يفعل؟-

(فَعَقَلَ رَكَائِبَ أَصْحَابِهِ وَبَعِيرَهُ). [7]

(ثُمَّ أَتَى عَيْبَتَهُ، فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ). [8] -(العيبة) -حقيبة السفر، أَيْ: مُسْتَوْدَعُ الثِّيَابِ. [9]- وقد رجع إليها بتمهُّل وأناة، كلُّ ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يراه، قال:- (-وَذَلِكَ بِعَيْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) -ينظر إليه تأخُّرَه عنهم أمام النبي صلى الله عليه وسلم.

 

(ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ). [10]

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ"). [11]، -هذه الصفات ما كانت موجودة في المسارعين والمستعجلين، فيه هو.

 

قَالَ: (مَا هُمَا؟) [12]

قَالَ: ("الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ"). [13]

وفي رواية: ("الْحِلْمُ وَالْحَيَاءُ"). [14]

فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا؟!) -يعني من كسبي واجتهادي؟- (أَمْ اللهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟!) -أي هكذا خلقني الله عز وجل بهاتين الصفتين.-

 

قَالَ: "بَلْ اللهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا"، فَقَالَ: (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا). [15]

الحلم والحياء، والحلم والأناة، صفتان يحبها الله، فتخلقوا يا عباد الله بالحلم والحياء والأناة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد؛

أما أمور الآخرة؛ العبادة والتوحيد والأخلاق الحسنة، والطاعات، هذه تحتاج إلى مسارعة إليها، لا مسابقة ومسارعة فيها، يعني تذهب إلي فعلها مباشرة وبسرعة، وتفعلها لكن في فعلك لها في أدائها تحتاج إلى الأناة، لا تصلِّ بسرعة، لكن اذهب إلى المسجد، وحضِّر نفسك بسرعة، لذلك قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون:70- 60]، فمن كانوا كذلك بهذه الصفات، وصفهم ربهم بوصفين؛ السرعة والمسابقة في الطاعات، فقال: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]، مسابقة ومسارعة إلى الخير.

 

واستعجل موسى عليه السلام للقاء ربه سبحانه، فقَالَ له ربه: ﴿ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 83، 84].

يستعجل ويسابق غيره في رضا الله سبحانه وتعالى، فعجل لرضى الله جل جلاله.

 

وأمر سبحانه وتعالى بالمسارعة إلى الخيرات والطاعات التي فيها مغفرة الذنوب، وإلى جنات عدن عند علام الغيوب، فقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ وسارعوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133- 136].

هذه هي صفاتهم التي يستعجلون بها إلى الله سبحانه وتعالى.

 

مسارعة وسارعوا، ومسابقة أيضا وسابقوا إلى الخيرات، وأمر بالمسابقة إلى ما عند الله سبحانه، فقال: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21].

وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 10– 14].

 

ومدح الله سبحانه وتعالى السابقين بالخيرات والطاعات، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32].

فلا تتأخرْ أخي المسلم عن عمل خير؛ توفرت لديك فرصته، وتيسرتْ إليك أسبابه، سارعْ إلى عمله، ولا تتوانَ عن أدائه.

فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ". [16]

 

[(التُّؤَدة)... التأني -والتمهُّل- (في كلِّ شيء) يريد من أعمال الدنيا، -فكلُّ خير من الدنيا يحتاج إلى تؤدة- (خير) أي حسنة محمودة بدليل قوله: (إلا في عمل الآخرة)، -فالتؤدة فيها- فإنها غير محمودة؛ -كأن يقال لمتكاسل: صلِّ، فيسوِّف ويقول: طيب، ليس الآن، بعدين، فهذا التأخير ليس في محلِّه، التؤدة هنا يا عبد الله غير محمودة-؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148].


ونحوه قال الطيبي -رحمه الله-: معناه أن الأمور الدنيوية لا يعلم -هذا العبد- أنها محمودة العواقب حتى يتعجّل بها، أو مذمومة حتى يتأخر عنها، بخلاف الأمور الأخروية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ ﴾ [آل عمران: 133]، -ولقوله تعالى:- ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾. [البقرة: 148]]. [17]

[قَالَ الْغَزَالِيُّ -رحمه الله:- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ﴾. [البقرة: 268]: (يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ إِذَا تَحَرَّكَتْ لَهُ دَاعِيَةُ الْبَذْلِ؛ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ؛ -بمجرد أن تصير عندك نية للعطاء لا تتوقف-؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَعِدُهُ الْفَقْرَ وَيُخَوِّفُهُ وَيَصُدُّهُ عَنْهُ).


كَانَ -أحد الصالحين- أَبُو الْحَسَنِ الْفَرْشَخِيُّ فِي الْخَلَاءِ، -صحراء أو مكان بعيد، أو مكان قضاء الحاجة- فَدَعَا تِلْمِيذًا لَهُ، فَقَالَ: (انْزِعْ عَنِّي الْقَمِيصَ -أي القميص الذي يلبسه- وَادْفَعْهُ إِلَى فُلَانٍ). فَقَالَ: (هَلَّا صَبَرْتَ حَتَّى تَخْرُجَ). قَالَ: (خَطَرَ لِي بَذْلَهُ وَلَا آمَنُ عَلَى نَفْسِي أَنْ تَتَغَيَّرَ)]. [18]، جاء على بالي وخاطري أن أتصدق به، فلم ينتظر.

﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾ [الصافات: 61].

 

وليتسابق المتسابقون، وليسارع المسارعون، لا تستعجلوا الدنيا! فلن تفارقوها حتى تستكملوا ما كتب الله لكم فيها، دون أي نقص، فقد ضمن الله سبحانه وتعالى ذلكم لكم، أما الآخرة فسارعوا إليها، وتسابقوا فيما يقربكم إلى ما فيها يسرُّكم، ولا تتقاعسوا ولا تتكاسلوا فتتفاجؤون بما يسوؤكم ويضركم.

 

إخواني! هذا شهر رمضان قد أقبل بالخيرات والرحمات، فاستعدوا له بالعبادات والطاعات، لا تسوِّفوا، أسرعوا إلى عمل الخير في رمضان، واجتنبوا المنكرات والملذَّاتِ المحرَّمات، ولا تضيِّعوا هذه النفحات بالانشغال بالمسلسلات والأفلام والتمثيليات، وسائر الملهيات، سارعوا إلى طاعة ربكم بتلاوة كتابه، وإحياء الليل بذكره، والنهار بتفقد عياله من الفقراء والمساكين والأرامل والمحتاجين.

 

ألا وصلوا وسلموا على رسولنا الكريم كما أمرنا رب العالمين: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يارب العالمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فَرَّجته، ولا دَينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يارب العالمين.

اللهم وفقنا لرضاك، اللهم اجعل الجنة مأوانا يارب العالمين، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك ومن النار، برحمتك يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا.

وأقم الصلاة؛ ﴿... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] (يع) 4256، (هب) 4058، (ت) 2012، صَحِيح الْجَامِع: 3011، الصَّحِيحَة: 1795.

[2] التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 112) بتصرف.

[3] (د) 5225.

[4] (حب) 7203، (يع) 6849، انظر صحيح موارد الظمآن: 1168.

[5] (د) 5225.

[6] انظر (صحيح ابن حبان بتحقيق الأرناءوط) (16/ 180).

[7](حب) 7203، (يع) 6849.

[8] (د) 5225.

[9] عون المعبود (11/ 262).

[10] (حب) 7203، (يع) 6849، (د) 5225.

[11] (م) 25- (17)، (د) 5225.

[12] (حب) 7203، (يع) 6849.

[13] (م) 25- (17)، (د) 5225، (ت) 2011.

[14] (خد) 584، (جة) 4188، (حم) 17862.

[15] (د) 5225، (جة) 4187، (حم) 17862، انظر المشكاة (4688/ التحقيق الثاني)، صحيح الأدب المفرد: 455.

[16] (د) 4810، (ك) 213، صَحِيح الْجَامِع: 3009، الصَّحِيحَة: 1794.

[17] التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 111) بتصرف.

[18] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3164).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العجلة
  • الأناة: التأنِّي من الله والعجلة من الشيطان
  • لماذا يا أيها الإنسان؟
  • أفق أيها الإنسان

مختارات من الشبكة

  • ظلم الإنسان لأخيه الإنسان(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أنت أيها الإنسان؟ (2) بداية خلق الإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)
  • الإنسان ذئب الإنسان خصوصًا في هذا الزمان...(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • ما جاء في بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما يفعل الإنسان بالإنسان؟ (بطاقة أدبية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أصل الإنسان ونظرية الصدفة في فكر علي عزت بيجوفيتش(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب