• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    لطائف من القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    تفسير قوله تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    من أخطاء المصلين (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    بركة التحصين النبوي عند الجماع
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: تجرده صلى الله ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صفة المحبة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عندما تصاب بخيبة الأمل
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

موعظة لإحياء القلوب

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/3/2017 ميلادي - 3/7/1438 هجري

الزيارات: 206215

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موعظة لإحياء القلوب

 

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلاَمُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


عِبَادَ اللهِ... أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، حَيْثُ أَمَرَنَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ فَقَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] وجَعَلَ الضَّمَانَ النَّفْسِيَّ والْمَعِيشِيَّ فِي التَّقْوَى، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3] وَأَعْطَانَا الضَّمَانَ لِأَوْلَادِنَا مِنْ بَعْدِنَا فِي التَّقْوَى وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ؛ فَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]..


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ بِيَدِ اللهِ تَعَالَى يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، فَمَنْ شَاءَ اللهُ أَقَامَ قَلْبَهُ وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَهُ، قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: "يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ دُعَاءَكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ!! قَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ». فَتَلَا مُعَاذٌ: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران: 8] أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.


وَكَانَ مِنْ قَسَمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقْسِمَ بِرَبِّهِ، أَكَثْرُ مَا كَانَ يَقُولُ: "لَا... وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ" كَانَ يُقْسِمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ بِهَذَا الْقَسَمِ الَّذِي يُذَكِّرُ بِهِ أُمَّتَهُ، بِأَنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ إِنَّمَا مُلِئَتْ إِيمَانًا بِفَضْلِ اللهِ وَمِنَّتِهِ...


وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِذَنْبِهِ فِي أَيِّ لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِ سَيِّئَاتِ الأَعْمَالِ وَشُرُورِ الأَنْفُسِ، فَالَّذِي يَمْلِكُ أَنْ يُعْطِي قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَمْنَعَ؛ وَلِهَذَا حَذَّرَ اللهُ مِنْ تَحَوُّلَاتِ الْقُلُوبِ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]. فَهَلَّا فَطِنَ الْمُسْلِمُ وَاسْتَجَابَ وَأَذْعَنَ وَأَطَاعَ لِهذا النِدَاءِ؟!!


عِبَادَ اللَّهِ... لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَيِّدُ الْبَشَرِ وَخَيْرُ الْخَلْقِ وَهُوَ الْمَعْصُومُ، وَلَهُ الْجَنَّةُ مَضْمُونَةٌ، كَانَ يَهْتَمُّ بِإِصْلاحِ الْقَلْبِ غَايَةَ الاهْتِمَامِ وَيَعْتَنِي بِهِ تَمَامَ الْعِنَايَةِ، فقد صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا".."اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ"..


"اللَّهُمَّ نَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ".."اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا".

كَمَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِيَ أُمَّتَهُ بِالْمُبَادَرَةِ قَبْلَ انْقِلابِ الْقُلُوبِ وَيَقُولُ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. فَهُوَ فِي صَبَاحِهِ مُؤْمِنٌ وَإِذَا بِهِ فِي مَسَائِهِ كَافِرٌ، بَاعَ الدِّينَ كُلَّهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ.


وَما كَانَ هَذَا الاهْتِمَامُ الْكَبِيرُ بِالْقَلْبِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِأَنَّه يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَى الصُّوَرِ والأَمْوَالِ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى الْقُلُوبِ والأَعْمَالِ؛ وَكَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


نَعَمْ - يَا عِبَادَ اللهِ - إِنَّ الْقَلْبَ هُوَ الأَصْلُ وَعَلَيْهِ الْمَدَارُ؛ قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: "ثُمَّ الْقَلْبُ هُوَ الْأَصْلُ فَإِذَا كَانَ فِيهِ مَعْرِفَةٌ وَإِرَادَةٌ سَرَى ذَلِكَ إلَى الْبَدَنِ بِالضَّرُورَةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَلَّفَ الْبَدَنُ عَمَّا يُرِيدُهُ الْقَلْبُ".


وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ". فَمَنْ أَرَادَ اسْتِقَامَةَ أَمْرِهِ وَصَلَاحَ حَالِهِ فَلْيَعْمَلْ عَلَى صَلَاحِ قَلْبِهِ، وَلْيَحْرِصْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَشَدِيدِ عِقَابِهِ، فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ تُسَوِّدُ الْقَلْبَ، وَتُوهِنُ الإِيمَانَ، وَأَيُّ ذَنْبٍ ارْتَكَبَهُ الإِنْسَانُ صَارَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ؛ فَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ،حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَإِذَا رَأَيْتَ قَلْبَكَ يَتَغَيَّرُ، وَأَصَبْحَ مَا كَانَ يَعْرِفُهُ مُنْكَرًا، وَمَا كَانَ يُنْكِرُهُ مَعْرُوفًا: فَاحْذَرْ أَنْ تُصِيبَهُ الْفِتْنَةُ، أَوْ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، يَقُولُ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: دَخَلَنا عَلَى حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَلَنا: أَوْصِنَا يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: "أَمَا جَاءَكَ الْيَقِينُ؟" قَالَ: بَلَى وَرَبِّي، قَالَ: "فَإنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ: أَنْ تَعْرِفَ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَأَنْ تُنْكِرَ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ فَإنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ" أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

 

فَإِذَا أَنْكَرْتَ الصَّدَقَةَ الَّتِي كُنْتَ تُعْطِيهَا، وَتَأَخَّرْتَ عَنِ الصَّلاَةِ الَّتِي كُنْتَ تُسَارِعُ إِلَيْهَا، وَحُرِمْتَ الرِّفْقَ الَّذِي كُنْتَ تَتَحَلَّى بِهِ، وَقَطَعْتَ الرَّحِمَ الَّتِي كُنْتَ تَصِلُهَا.. إِذَا حَصَلَ لِقَلْبِكَ هَذَا.. فَاحْذَرْ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَاحْذَرْ مِنْ تَقَلُّبِ الْقُلُوبِ، وَاحْذَرْ مِنْ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ قَلْبِكَ.


أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِيمَا سَمِعْنَا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

♦ ♦ ♦

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ:

اعْلَمُوا - يَا عِبَادَ اللهِ - أَنَّ اللهَ ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَنَّ عِبَادَهُ يُكْثِرُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8] وَضَرَبَ اللَّهُ لَنَا مَثَلًا بِقَوْمِ مُوسى الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ، ضَرَبَ الْمَثَلَ فِي انْقِلابِ الْقُلُوبِ، وَلَيْسَ انْقِلابُ قَلْبٍ وَاحِدٍ، إِنَّمَا هِيَ أُمَّةٌ كَامِلَةٌ مُجْتَمِعَةٌ، تَقَلُّبٌ رَهِيبٌ، يَقُولُ اللهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [الصف: 5] فَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّبَبَ فِي هَذَا الانْقِلابِ هُوَ الإِدْمَانُ عَلَى الْمَعَاصِي، فَكَانَ الْعِقَابُ مَصِيرَهُمْ، فَحَذَّرَنَا اللهُ مِنْ صَنِيعِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ أَوَّلَ طَرِيقٍ لإِصْلَاحِ الْقَلْبِ هُوَ اسْتِحْقَارُ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا، وَطَلَبِ الآخِرَةِ وَدَرَجَاتِهَا وَنَعِيمِهِا؛ فَالدُّنْيَا مَهْمَا طَالَتْ فَلابُدَّ مِنْ تَرْكِهَا، فنَعِيمُهَا فَانٍ وَلَيْسَ بِبَاقٍ، وَإِنَّ لَحْظَةً وَاحِدَةً فَي جَهَنَّمَ لَكَفِيلَةٌ بَأَنْ تُنْسِي صَاحِبَ الدُّنْيَا دُنْيَاهُ وَصَاحِبَ اللَّهْوِ لَهْوَهُ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.


فَبِغَمْسَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّارِ نَسِي الدُّنْيَا وَنَعِيمَهَا، فِيَا لَهَا مِنْ لَحَظَاتٍ عَصِيبَةٍ، وَيا لَهُ مِنْ يَوْمٍ يَشِيبُ فِيهِ الْوِلْدَانُ، يَوْمَ يُنَادَى عَلَى الْعَبْدِ فَيَعْرِفُ سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجِنَانِ أَوِ النِّيَرانِ.


عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّ الْجَنَّةَ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأرْضِ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُتَّقِينَ، فَيَا حَسْرَةَ وَخَيْبَةَ مَنْ لَمْ يَجِدْ لِنَفْسِهِ فِيهَا مَوْضِعًا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَلْبَهُ يَشْتَاقُ إِلَى الْجَنَّةِ فَلْيَحْذَرِ النَّارَ وَلَهِيبَهَا وَجَهَنَّمَ وَحَرَّهَا؛ وَهَذَا مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ صَلاَحِ الْقُلُوبِ أَيْضًا، فاعْرِضْ قَلْبَكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَى هَذِهِ الْمَوَاعِظِ؛ نسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِقُلُوبٍ خَاشِعَةٍ، وَبِنُفُوسٍ حَيَّةٍ مُخْبِتَةٍ.


ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.


اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قلوبنا نُورًا وفي أسماعنا نورا وفي أبصارنا نورا...

اللَّهُمَّ إِنِّا نعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ومن عين لا تدمع ومن دعاء لا يسمع...

اللَّهُمَّ آتِ نفوسنا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا...

اللهمَّ انْصُرْ المُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ، اللهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُمْ وارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَسَدِّدْ رَمْيَهُمْ وَبَارِكْ فِي جُهُودِهِمْ...

اللهمَّ وَفِّقْ ولاةَ أمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَواصِيهِمْ لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، اللهمَّ أَصْلحْ لَهُمْ بِطَانَتَهُمْ يِا ذَا الجَلالِ والإِكْرامِ...

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إحياء القلوب بترك الذنوب
  • إحياء القلوب بتوحيد الله تعالى
  • خطبة عن: "أولئك كالأنعام بل هم أضل"
  • موعظة بعنوان: فضل المخبتين
  • تآلف القلوب
  • هل من متعظ معتبر؟ {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
  • اختلاف الصفوف وتفرق القلوب
  • تذكير وموعظة
  • بين كسب القلوب وكسرها خيط رفيع.. فاحذر!
  • أعمال القلوب وأمراضها
  • خطبة فيها موعظة
  • الأسلوب الطيب بوابة العبور إلى القلوب (خطبة)
  • الأخت بين صخر وقلوب كالصخر

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موعظة الإمام مالك بن أنس للخليفة هارون الرشيد رحمهما الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موعظة وذكرى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • وقفات تربوية مع سورة العاديات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الرابع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قصص أنطونس السائح ومواعظه: (3) صاحب الكرم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (28) «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة...» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الثالث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/5/1447هـ - الساعة: 20:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب