• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

حق الله تعالى على عباده (1)

حق الله تعالى على عباده (خطبة)
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/12/2016 ميلادي - 17/3/1438 هجري

الزيارات: 137925

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام حقوق وواجبات

حق الله تعالى على عباده (1)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. ثم أما بعد:

إخوتي الكرام؛ بعد هذه الجولة المباركة التي قضيناها مع الأخلاق المحمودة والمذمومة، نفتتح اليوم إن شاء الله تعالى سلسلة أخرى لا تقل أهمية عما كنا نتحدث عنه فيما مضى من الخطب، عنوانها: "الإسلام حقوق وواجبات". نتعرّف من خلالها على أهم الحقوق الإسلامية؛ التي أوجبها الإسلام على أتباعه، حماية لهم من المساوئ والمكاره، وتحقيقاً لمصالحهم في العاجل والآجل.. حقوق تضبط العلاقة بين العبد وخالقه ودينه، وأقاربه ومجتمعه وبيئته والناس أجمعين.. بأدائها والوفاء بها يكون الفوز والفلاح، والنجاة والهناء.. وبتحقيقها يفوز العبد بالخيرات، وينجو من التبعات.. حقوق يجب أن تُعرَفَ وتُحفظَ وتُصان، فعلى أساسها تقوم الحياة ويكونُ الحسابُ والجزاء.

 

♦ مفهوم الحقوق في الإسلام:

الحق: هو الشيء الثابت الذي لا يسوغ إنكاره.

والحق: خلاف الباطل.

 

والحقوق الإسلامية: هي تلك الحقوق التي نصّ الشرع على وجوب أدائها وعدم الإخلال بها، لما يترتب على أدائها من مصالح دينية ودنيوية، وعلى الإخلال بها من مفاسد دينية ودنيوية.. سواء أكان الحق مُسْتحَقا بمقتضى العبودية، أو النبوة، أو القرابة، أو العلاقة التي تربط المرْء بغيره.

 

وإنّ أعظمَ الحقوق وأوْلاها بالتقديم وأجْدَرَها بالذكر: حق الله رب العالمين..

حق الله الخالق البارئ المصور، الذي خلق فسوى والذي قدّرَ فهدى. حق الله العظيم المالك المدبر لجميع الأمور، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.

 

حق الله الملك الحق المبين الحي القيوم، الذي قامت السماوات والأرض بأمره، وخضع كل شيء لسلطانه وقهره... ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الزمر: 62، 63].

 

حق الله الذي أوجدك من العدم، ورَبّاك بالنعم، وأنت في بطن أمك في ظلمات ثلاث، ثم أخرَجك إلى هذه الدنيا كاملَ الأعضاء سليمَ الحواس... ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].

 

فأعظم الحقوق قدرا وأجلها مكانة: حق الله على عباده. ويتلخّصُ هذا الحق في القيام بعبادة الله والبُعد عن الإشراك به، كما قال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [النساء: 36]. وقال جل في علاه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22].

 

وفي الصحيحين عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذ؛ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ؟». قلتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ! قالَ: «فإنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ: أَنْ لا يُعَذبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». فقلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَفلا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: «لا تُبَشِّرْهُمْ فيَتَّكِلوا».

 

"حق الله على العباد: أن يعبدوه". حَقّ وَاجبٌ على كل إنسان أن يعبد الله وحده، أن يكون عبدا لله في كل زمان وفي كل مكان، وهذا ليس أمراً اختياريا، ولا نافلة، ولا تبرّعاً، ولا مِنَّة على الله، بل هو حق عليك، لازم متحتم عليك، دَيْنٌ في عنقك، واجب في ذمتك، أنْ تكون عبدا لله.. فهذا أمر إلهي، وفرض رباني، وحق سماوي عليك أيها الانسان.

 

فالعبادة هي حق الله تعالى على العباد؛ فمن أجلها خلقَ الله الثقلين، كما قال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

 

ومن أجلها أرسل الله الرّسلَ وأنزل الكتب، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

والعبادة في الشرع: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.

 

والعبادة في الإسلام: شاملة لحياة المسلم كلها؛ زمانًا ومكانًا وحالا، فالعبادة شاملة لكل حركات الإنسان وسكناته، في أي مكان، وفي أي زمان، وعلى أي حال... وقد قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]. فحياة العبد كلها دائرة بين أمرٍ ونهي، ومعصية، ومصيبة ونعمة؛ فأما حق الله عليك في الأمر فأَنْ تلتزم به، وأما حقه عليك في النهي فأَنْ تجتنبه، وأما حقه عليك في المعصية فأنْ تتوب منها، وأما حقه عليك في المصيبة فأَنْ تصبر عليها، وأما حقه عليك في النعمة فأَنْ تشكره عليها..

 

العبودية لله: هي الغاية من خلق الإنسان على وجه هذه البسيطة؛ فإن الله عز وجل ما خلقك عبثاً، ولا تركك همَلا.. ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115، 116]. بل خلقك الله لحكمة، وأوجدك لغاية؛ أن تعبده وتنقاد لحكمه وتستجيبَ لأمره، ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. هذه هي الحكمة من خلقك، وهذه هي الغاية من وجودك؛ أن تعْمُرَ هذه الأرض بطاعة الله، وأن تقضيَ هذه الحياة في عبادة الله. ﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 57، 58]. فالرزق مكفول، والعمر محدود، والإمكانات متوفرة، والمنهج واضح، والطريق مستقيم، وأنت مأمورٌ أن تسير على هذا المنهج، وأن تواصل السير على هذا الطريق المستقيم، وألا تلتف أو تنحرف؛ فإن من انحرف عن هدي الله وزاغ عن طريقه، كان مصيرُه هلاكا ودماراً في الدنيا، وعذاباً وبَوَاراً في النار: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

 

العبادة حق لازم على العبد حتى يموت؛ وتلك حال العبد مع ربه تبارك وتعالى، لا يَخلُ وقتٌ من أوقاته، ولا حال من أحواله، إلا وتتمثل فيه عبودية لله تعالى، وقد قال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]. وقال عز وجل: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].

 

وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ".

 

العبودية لله: أشرفُ المقامات، وأعلى المراتب، شرُفتْ بها ملائكة الله، كما قال الله عنهم: ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19، 20].

 

وشرُفَ بها الأنبياء والمرسلون، كما قال عنهم رب العالمين: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173]. وقال عز وجل: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45].

 

وأفضلُ الرّسل وأشرفُ الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شرّفه ربه بوصف العبودية في مقام التكريم والتشريف، فقال عنه في مقام الإسراء والمعراج: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ﴾ [الإسراء: 1]. وقال عنه في مقام نزول القرآن: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].

 

فبالعبادة تسمو الرّتب، وبالعبادة يترقى العبد في مدارج السالكين، ويلتحق بعباد الله المُنَعّمِين: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

 

وبالعبادة تكون النجاة ويكون الفلاح، وتنال الجنة، وتكون النجاة من النار؛ قال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14].

 

♦ التوحيد أساس العبادة:

إخوتي الكرام؛ حق الله على عباده: "أن لا يشركوا به شيئا". أنْ يوحدوه ويُفردوه بالعبادة، وأن يعتقدوا بيقين وجزم أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له في عبادته، ولا شريك له في ملكه وخلقه وتدبيره، ولا نظير له ولا مثيلَ ولا شبيهَ في أسمائِهِ وصفاتِهِ. ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4].

 

فالتوحيد أساس العبادة؛ به أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، فما من نبيّ إلا وقد أمره الله تعالى أن يدعوَ قومه إلى أن يوحدوا الله ويعبدوه ولا يشركوا به شيئاً. ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

 

والتوحيد: هو أولُ الدين وآخرُه، وظاهرُه وباطنه، وذروةُ سنامِه وقطبُ رَحاه، قامت عليه الأدلة، ونادت عليه الشواهد، وأوضحته الآيات، وأثبتته البراهين، نُصِبَتْ عليه القبلة، وأسِّسَتْ عليه المِلة، ووجبتْ به الذمة، وعُصِمت به الأنفس، وانفصلتْ به دار الكفر عن دار الإسلام، وانقسمَ به الناس إلى سعيد وشقي، ومهتدٍ وغويّ.

 

روى الترمذي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُ الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».

 

توحيد الله، وإسلام الوجه لله، وإفراده بالعبادة يَرتقي بالمؤمن في خُلُقه وتفكيره، ويُنقذه من زيغ القلوب وانحراف الأهواء وظلمات الجهل وأوهام الخرافة، يُنقذه من المحتالين والدجالين وأحبار السوء ورُهبانِه، ممن يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً...

 

فلا يرتفع عن النفوس الشقاء، ولا يزول عن العقول الاضطراب، ولا ينزاح عن الصدور القلق والحرج إلا حين توقن البصائرُ وتسلِّم العقول بأنه سبحانه هو الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، له الملك كله، وبيده الأمر كله، وإليه يُرجَع الأمر كله، ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112].

 

بالتوحيد يَخرجُ قلبُ العبدِ من ظلمات الشرك وجهالاته إلى نور الإيمان بالله وتوحيده.. يَخرُجُ من التيه والحَيْرَةِ والضلال والشرود، إلى المعرفة واليقين والطمأنينة والرضا والهداية.. يَخرُج من العبودية المذلة لأرباب متفرقين، إلى العبودية الموحِّدة لرب العالمين.. ففي الإنسان حاجة وفقر وضعف، وهو بين حالين لا ثالث لهما: إما أن يتوجه بعبادته وخضوعه وانكساره لله الواحد القهار، فيكون موحداً مطيعاً مطمئناً سعيداً.. وإما أن يكون خاضعاً أسيراً ذليلاً لمعبودات باطلة من الآلهة الكثيرة من الأصنام والأوثان، والهوى والشهوة، والمال والملذات، وكل ما تعلقَ به فتجاوزَ به حَدّه من مَحبوب أو متبوع أو مُطاع.. قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 39، 40].

 

فالله إلهنا وخالقنا ومالكنا؛ واحد في عبادته، واحد في ملكه وتدبيره، لا شريك له ولا ندّ ولا شبيه ولا مثيل في السماوات ولا في الأرض، ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 11، 12].

 

فإذا نزلت بك الشدائد، وأحاطت بك الخطوب والمكائد، فالله مَلاذك، والله مَعاذك، والله حَسبُك ومُجيرُك.. ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 14 - 18].

 

إذا نزلت بك المصائب وأحاطت بك الشدائد، فاصدَعْ وتضرّعْ إلى الله بصالح الدعوات، فلا مُغيثَ ولا مُجيرَ سواه، ولا إله غيرُه، ولا مُجيبَ عداه.. ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾[النمل: 62].

 

فكيف يَعبد الله حق عبادته مَن ترَك سؤاله، ودُعاءَه، وخوفه ورجاءَه، وقصَدَ بذبْحه ونذره من لا يملك لنفسه - فضلاً عن غيره - ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، من ميت رميم في التراب، أو حجر أو شجر أو جانّ...؟!

 

أم كيف يؤدي حق ربه عليه مَن لا يعرف الله إلا في أوقات قليلة، وأزمنة ضئيلة، وأيام معيّنة، وليال مخصصة... وبقية العمر لعِبٌ ولَهْوٌ وغفلة وسُباتٌ وشهوة...؟!

 

أم كيف يؤدي حق الله من نسي ربه، وأطاع شيطانه، واتبع هواه، وشغلته دنياه عن أخراه...؟!

فاتقوا الله عباد الله! وأدوا الحق الذي أوجبه الله عليكم، وسلوا الله العون والسداد والتوفيق والرشاد.

 

نسأل الله تعالى أن يعيننا على أداء حقه، ويوفقنا لعبادته وتوحيده.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ونور قلوبنا وعقولنا بتوحيدك، واعصمنا من الشرك، وأبعدنا عن سبيل المشركين، يا رب العالمين.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّهْ إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا مولانا من الراشدين..

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين أجمعين.. يا رب العالمين.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق الله على العباد
  • حق الله على عباده
  • شرح حديث: ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟
  • حق الله
  • حق الله تعالى على عباده (2)
  • حق الله تعالى (خطبة)
  • حق الله تعالى (1)
  • حق الله تعالى (2)

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التطبيقات الفقهية لقاعدة إذا اجتمع حق الله وحق العبد..(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • خلق النبي مع أهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب