• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
  •  
    خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

خطبة الاعتزاز بالإسلام (2)

أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2016 ميلادي - 28/2/1438 هجري

الزيارات: 20953

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة الاعتزاز بالإسلام (2)

 

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَى الْإِنْسَانِيَّةِ بِرِسَالَةِ الْإِسْلامِ، وَاخْتَصَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِدَعْوَةِ خَيْرِ الْأَنَامِ، وَأَوْضَحَ لَنَا الصِّرَاطَ الْمُوْصِلَ إِلَى دَارِ السَّلامِ.


وَصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلَى الْمُعَلِّمِ الْأَكْمَلِ، وَالنَّبِيِّ الْأَعْظَمِ، وَالْقَائِدِ الْأعْلَى، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ، مَا دَامَتِ اللَّيَالِي وَالْأيَّامُ... أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَالْزَمُوا طَاعَتَهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَفَاخِرُوا بِالاِنْتِسَابِ إِلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَفِيهِ ذِكْرُكُمْ وَفَخْرُكُمْ وَعِزَّتُكُمْ.. ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾.

دَعَوْتُكَ رَبِّ وَمَنْ لِي سِوَاكَا
فِيَا رَبِّ حَقِّقْ دُعَا مَنْ دَعَاكَا
دَعَوْتُكَ وَالْقَلْبُ فِي فَرْحَةٍ
يُنَاجِيكَ يَا خَالِقِي فِي عُلَاكَا
وَأَنْتَ الْبَصِيرُ وَأَنْتَ الْعَلِيمُ
بِحَالِي وَنُورُ الْحِجَا مِنْ ضِيَاكَا
أَنَا مُسْلِمٌ قَدْ شَرِبْتُ الْأَمَانَ
وَذُقْتُ النَّعِيمَ الَّذِي فِي رُبَاكَا
وَعَدْلُكَ يَا رَبُّ فَاقَ الْوُجُودَ
فَلَا تَحْرِمَنَّ كُلَّ عَبْدٍ رَجَاكَا
دَعَوْتُكَ أَرْجُو فَسِيحَ الْجِنَانِ
وَمِنْ شِدَّةِ النَّارِ أَرْجُو فِكَاكَا

 

عِبادَ اللهِ... كُنَّا فِي الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ فِي حَدِيثٍ حَوْلَ بَعْضِ مَظَاهِرِ عَظَمَةِ هَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ، وَهَا قَدْ حَدَا بِنَا الشَّوْقُ لِنُكْمِلَ الْحَدِيثَ عَنْهَا، فَنَقُولُ وَبِاللهِ الْعَوْنُ وَالتَّوْفِيقُ..

مِنْ مَزَايَا هَذَا الدِّينِ انْتِفَاءُ الْوَسَائِطِ بَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، فَلَا كِهَانَةَ وَلَا وَسَاطَةَ وَلَا شُفَعَاءَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَكَشْفِ الْمُلِمَّاتِ وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ، بَلْ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ سُبْحَانَهُ مُبَاشَرَةً وَدُونَ حَاجَةٍ لِأَحَدٍ كَيْ يَشْفَعَ لَهُ أَوْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ إِلَى اللهِ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي بَعْضِ الدِّيَانَاتِ الْأُخْرَى، وَكَمَا هُوَ الْحَالُ أَيْضًا عِنْدَ بَعْضٍ مِمَّنْ يَنْتَسِبُونَ لِلْإِسْلامِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مِمَّنْ يَتَحَكَّمُونَ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ بِاحْتِكَارِ الْعِبَادَةِ.


نَعَمْ.. لَيْسَ فِي الْإِسْلامِ وَسَائِطُ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْوَسِيطُ مَلَكًا مُقَرَّبًا أَوْ رَسُولاً مُرْسَلاً، تَأَمَّلْ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60] وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الصِّلَةَ الْمُطْلَقَةَ بِالْخَالِقِ سُبْحَانَهُ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى مَخْلُوقٍ لَهَا أَثَرٌ عَمِيقٌ فِي النَّفْسِ؛ حَيْثُ إِنَّ هَذَا الْمَخْلُوقَ الضَّعِيفَ يَسْتَمِدُّ قُوَّتَهُ وَعِزَّتَهُ مِنَ اللهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، وَيَشْعُرُ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ بِرَحْمَةِ اللهِ وَكَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ.


إِخْوَةَ الْإِسْلامِ... وَمِنْ مَزَايَا هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ أَنَّ مَنْ تَلَبَّسَ بِأَعْظَمِ الذُّنُوبِ، وَارْتَكَبَ أَشَدَّ الْجَرَائِمِ، وَاقْتَرَفَ أَشَدَّ الْمُوبِقَاتِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتُوبَ وَيَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ فَمَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطْلُبَ الصَّفْحَ مِنَ اللهِ، وَيَفْتَحَ صَفْحَةَ الصِّدْقِ مَعَ الْكَرِيمِ التَّوَّابِ، وَيَعْقِدَ الْعَزْمَ عَلَى تَرْكِ الْمَعَاصِي والآثَامِ، وَعَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى تِلْكَ الْأَيَّامِ الْخَوَالِي.


وَعَلَيْهِ كَذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَظَالِمِ وَأَنْ يَرُدَّ الْحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا، وَيَضْرَعَ إِلَى اللهِ بِالتَّوْبَةِ وَطَلَبِ الْغُفْرَانِ. وَهُوَ بِهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِجْرَاءَاتٍ أَوْ مُعَامَلَاتٍ لَدَى جِهَاتٍ قَضَائِيَّةٍ أَوْ مَدَنِيَّةٍ أَوْ أَمْنِيَّةٍ، وَلَا إِلَى مُوَافَقَةِ عَالِمٍ أَوْ رَاهِبٍ أَوْ قِدِّيسٍ أَوْ مَرْجِعٍ، بَلْ هُوَ سَهْلٌ مَيْسُورٌ؛ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَتُوبَ وَيَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ وَلَوْ فِي قَلْبِ الصَحْرَاءِ أَوْ فِي قَاعِ الْبِحَارِ الظَّلْمَاءِ.


إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ- لَمَّا سَأَلَ عَنِ التَّوْبَةِ قَالَ لَهُ الْعَالِمُ: "وَيْحَكَ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟" نَعَمْ.. مَنِ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَرَبُّكُمُ الَّذِي قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: "يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً" رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ.


نَعَمْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى رَجُلِ دِينٍ يَسْتَصْدِرُ مِنْهُ صَكَّ غُفْرَانٍ كَمَا فِي الْمَسِيحِيَّةِ؛ إِذْ إِنَّ الْمُتَّبَعَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَمْثُلَ الْمُذْنِبُ أَمَامَ الْقِسِّيسِ وَيَعْتَرِفَ بِكُلِّ ذُنُوبِهِ وَآثَامِهِ، طَالِبًا مِنْهُ الصَّفْحَ وَالْغُفْرَانَ، وَحِينَئِذٍ يُمْنَحُ وَثِيقَةً خَطِّيَّةً تُؤَكِّدُ الْغُفْرَانَ لَهُ مِنَ الْكَنِيسَةِ، مُقَابِلَ مَبْلَغًا مِنْ مَالِهِ؛ حَتَّى صَارَ الثَّرَاءُ فِي الْكَنَائِسِ ثَرَاءً فَاحِشًا مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ؛ مِمَّا دَفَعَ بالنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّمَرُّدِ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي تَسْتَحِلُّ أَمْوَالَهُمْ بِلَا حَقٍّ. فَحَمْدًا لَكَ اللَّهُمَّ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلامِ.


عِبَادَ اللهِ ... وَمِنْ مَزَايَا هَذَا الدِّينِ أَنَّ الْعِبَادَةَ مُحَرَّرَةٌ مِنْ قَيْدِ الْمَكَانِ، فَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَعَبَّدَ اللهَ فِي أَيِّ مَكَانٍ، وَفِي أَيِّ بُقْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، أَوْ فِي عُبَابِ الْبَحْرِ، أَوْ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ، يَسْتَطِيعُ بِمُفْرَدِهِ أَنْ يَتَّصِلَ بِرَبِّهِ، بَلَا حَاجَةٍ لِوُجُودِ شَخْصٍ مُقَدَّسٍ أَوْ بُقْعَةٍ مُقَدَّسَةٍ يُؤَدِّي فِيهَا عِبَادَتَهُ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 115]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ كَانَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَأَيُّ دِيَانَةٍ أُخْرَى أَبَاحَتْ لِأَتْبَاعِهَا أَنْ يَتَعَبَّدُوا خَارِجَ الأَدْيِرَةِ والْكَنَائِسِ فَضَلاً عَنْ أَنْ يُكْتَبَ لَهُمْ أَجْرٌ بِذَلِكَ.


أُمَّةَ الْإِسْلامِ... أَلَا وَإِنَّ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْإِسْلامَ قَدْ أَمَرَ بِكُلِّ خَيْرٍ وَنَهَى عَنْ كُلِّ شَرٍّ، وَأَمَرَ بِسَائِرِ الْآدَابِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ؛ كالصِّدْقِ وَالْحِلْمِ وَالرِّفْقِ وَالتَّوَاضُعِ، وَالْحَيَاءِ وَالْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ وَالشَّجَاعَةِ، وَالصَّبْرِ وَالْقَنَاعَةِ وَالْعِفَّةِ، وَالْأمَانَةِ وَالشُّكْرِ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ.


وَأَمَرَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ وَالْإحْسَانِ إِلَى الْجَارِ، وَحِفْظِ مَالِ الْيَتِيمِ وَرِعَايَتِهِ، وَرَحْمَةِ الصَّغِيرِ وَاحْتِرَامِ الْكَبِيرِ وَالرِّفْقِ بِالْخَدَمِ وَالْحَيَوَانَاتِ، وَإمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ، وَنَصِيحَةِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَقَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، وإِنْظَارِ الْمُعْسِرِ ... وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ الْقِيَمِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي دَعَا إِلَيْهَا الْإِسْلامُ وَحَثَّ عَلَيْهَا؛


عِبَادَ اللهِ... وَمِنْ مَظَاهِرِ عِزَّةِ هَذَا الدِّينِ: تَقْدِيرُهُ لِلْعِلْمِ؛ فَلِلْعِلْمِ فِي الْإِسْلامِ مَكَانَةٌ سَامِيَةٌ، وَيَكْفِي دَلالَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ كَلِمَةٍ نَزَلَتْ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هِي قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ اِقْرَأْ ﴾. وَعِنْدَ إِحْصَاءِ عَدَدِ الْمَرَّاتِ الَّتِي جَاءَتْ فِيهَا كَلِمَةُ (الْعِلْمِ) بِمُشْتَقَّاتِهَا الْمُخْتَلِفَةِ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى نَجِدُ أَنَّهَا - وَبِلَا مُبَالَغَةٍ- تَزِيدُ عَنْ سَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مَرَّةً. اللهُ أكْبَرُ... دِيْنٌ يَحْتَرِمُ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ وَيُجِلُّهُمْ.


بل َقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْرَ مُتَوَقِّفاً عَلَى الْعِلْمِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"، بَلْ وَجَعَلَهُ الطَّرِيقَ الْمُوصِلَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ: "وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ". رَوَاهُ الْإمَامُ مُسْلِمٌ.


وَلَمْ يَقِفْ هَذَا الدِّينُ الْعَظِيمُ أَبَدًا عَائِقًا فِي طَرِيقِ الطَّالِبِينَ لِلْعِلْمِ، سَواءٌ فِي الْجَانِبِ النَّظَرِيِّ أَوْ فِي الْجَانِبِ الْعَمَلِيِّ التَّطْبِيقِيِّ؛ فَقَدْ دَعَا إِلَى تَعَلُّمِ سَائِرِ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ عَلَى اخْتِلاَفِ دَرَاجَاتِهَا، فَأَفْضَلُهَا عِلْمُ الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ عِلْمُ الطِّبِّ، ثُمَّ بَقِيَّةُ الْعُلُومِ الَّتِي تَنْفَعُ النَّاسَ فِي مَعَايِشِهِمْ. وَكَانَ لِهَذَا التَّشْجِيعِ وَالتَّقْدِيرِ لِلْعِلْمِ والْعُلَمَاءِ أَكْبَرُ أَثَرٍ فِي نَهْضَةِ الْأُمَّةِ وَحَضَارَتِهَا؛ وَلِهَذَا نَجِدُ الْفَرْقَ شَاسِعًا بَيْنَ مَوْقِفِ الْإِسْلامِ مِنَ الْعِلْمِ - وَخَاصَّةً الْعُلُومِ التَّجْرِيبِيَّةِ- وَبَيْنَ مَوْقِفِ الْكَنِيسَةِ مِنْ ذَلِكَ، لاَ سِيَّمَا مَا كَانَ فِي أُورُبَّا قَبْلَ الثَّوْرَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ، فَلَقَدْ سَيْطَرَتِ الْكَنِيسَةُ وَرِجَالاتُهَا عَلَى عُقُولِ النَّاسِ وَتَفْكِيرِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ كُلَّ مُحَاوَلَاتِ التَّحَرُّرِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، فَكَانَتِ الْكَنِيسَةُ فِي عُصُورِ ظَلامِهِمْ شَدِيدَةَ الْقَسْوَةِ عَلَى الْعُلَمَاءِ، وتَقْمَعُ كُلَّ مُحَاوَلَةٍ لِلْاِبْتِكَارِ وَالْاِخْتِرَاعِ وَالْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ، بَلْ وَحَكَمَتْ بِالْكُفْرِ عَلَى أَصْحَابِ الْعُلُومِ والنَّظَرِيَّاتِ، بَلْ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا حَرَّقَتْ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَشَرَاتِ الأُلُوفِ، وَحَبَسَتْ وَشَرَّدَتْ أَضْعَافَ أَضْعَافِهِمِ، وِمِئَاتُ الأُلُوفِ يُسَاقُونَ مُكَبَّلِينَ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ، وَذَنْبُهُمْ وَجَرِيمَتُهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ عُقُولٍ وَطَالِبِي عُلُومٍ وَمُحْدِثِي نَظَرِيَّاتٍ وَفُنُونٍ؛ كُلُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ أَنْ تَظَلَّ لَهَا السَّيْطَرَةُ الْكَامِلَةُ عَلَى الشُّعُوبِ، وَقِيَادَةِ النَّاسِ. وَمَا أَنْ لَاحَتْ تَبَاشِيرُ النَّهْضَةِ الْفِكْرِيَّةِ بَعْدَ هَذَا الاضْطِهَادِ حَتَّى نَتَجَ عَنْ ذَلِكَ ثَوْرَةٌ عَارِمَةٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ، أَوْدَتْ بِمُسْتَقْبَلِهَا وَبِحَيَاةِ رِجَالِهَا.


عِبَادَ اللهِ... إِنَّ دَلائِلَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ تُثْبِتُ أَنَّ أفْضَلَ نِعْمَةٍ عَلَى الْإِنْسانِ هِي هِدَايَتُهُ لِلْإِسْلامِ، وَهِي مَنْبَعُ كُلِّ خَيْرٍ، وَأَصْلُ كُلِّ سَعَادَةٍ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ النِّعْمَةُ الْعُظْمَى الَّتِي رِضيَهَا اللهُ لَنَا وَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا وَامْتَنَّ بِهَا عَلَيْنَا فَقَالَ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفعَنَا بِمَا فيهِ مِنَ الآياتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، الَّذِي بَعَثَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ... أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ.. واعْلَمُوا أَنَّ اعْتِزَازَ الْمُسْلِمِ بِدِينِهِ الَّذِي يَحْمِلُهُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ يَدْعُوهُ إِلَى إِعْلاَءِ هَذَا الدِّينِ والتَّمَسُّكِ بِهِ، والْمُفَاخَرَةِ بِهِ عَلَى الْمَلَإِ... يَدْعُوهُ لِأَنْ يَزْدَادَ تَمَسُّكًا بِهِ تَعْظِيماً للهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ.


يَدْعُوهُ لِأَنْ يَفْرَحَ بِنِعْمَةِ الْإِسْلامِ وَيَزْهُوَ بِهَا ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58] فَهَذَا هُوَ الْفَرَحُ الْحَقِيقِيُّ، الْفَرَحُ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَأَيُّ فَضْلٍ وَأَيُّ رَحْمَةٍ أَعْظَمُ مِنَ الإِسْلاَمِ؟!.


يَدْعُوهُ لِأَنْ يَشْكُرَ اللهَ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى الْهِدَايَةِ لِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ، وَعَلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ الْكُبْرَى وَالْمِنَّةِ الْعُظْمَى مِنْ لَدُنْهُ سُبْحَانَهُ الْكَرِيمِ... يَدْعُوهُ لِأَنْ يَسْعَى بِمَا يَسْتَطِيعُ لِنَشْرِ هَذَا الدِّينِ الْعَالَمِيِّ بِمَا يَسْتَطِيعُ مِنْ جُهْدٍ وفِكْرٍ وَمَالٍ؛ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ أَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِالإِسْلاَمِ، وَلَهُ الْحَمْدُ أَنْ فَضَّلَنَا عَلَى سَائِرِ الأَكْوَانِ واصْطَفَانَا بِالإِيْمَانِ


اللَّهُمَّ يَا مَنْ أَمَرْتَنَا بِالدُّعَاءِ وَوَعَدْتَنَا بِالْإِجَابَةِ، اصْرِفْ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَرٍّ وَبَلاءٍ وَفِتْنَةٍ، وَأَيِّدْهَا بِالْحَقِّ وَأَيِّدِ الْحَقَّ بِهَا، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ مَنْ وَلَّيْتَهُ أُمُورَنَا، وَقَرِّبْ إِلَيْهِ بِطَانَةَ الْخَيْرِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، اُذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة الاعتزاز بالإسلام (1)
  • فوائد متعددة
  • شرح المقصود بالإسلام

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أفشوا السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة إنكار البعث (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: الشهود يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب