• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

العدل بين الزوجات

العدل بين الزوجات
جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/10/2016 ميلادي - 16/1/1438 هجري

الزيارات: 116128

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العدل بين الزوجات


• وجوب العدل بين الزوجات.

• حال السلف في العدل بين الزوجات.

• كيف يكون العدل بين الزوجات؟

• العدل في الميل القلبي (محبة القلب).


العدل بين الزوجات

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد[1]:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة[2].


عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فهي وصية الله للأوَّلين والآخرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].


أيها المسلمون:

أوجب الله العدل في كلِّ شيء، ونهى عن الظلم في كلِّ شيء، ويتأكد ذلك في حق العلاقات التي تقوم عليها المجتمعات الإسلاميَّة؛ كالعدل بين الأولاد، والعدل بين الزوجات، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3].


وقال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 129].

فالآيتان تدلَّان دلالة صريحة على وجوب العدل بين الزوجات، وجاءت السنَّة بذلك.


فقد جاء الوعيد الشديد في حقِّ مَن مال مع إحدى زوجتيه، أو فضَّلها على الأخرى، روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقُّه مائلٌ))[3].


ففي هذا الحديث دليل على أنَّه يجب على الزوج التسوية بين الزوجات، ويحرم عليه الميل إلى إحداهنَّ، فمَن مال إلى إحدى زوجاته، جاء يوم القيامة وشقه مائل، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لحديث.


والجزاء من جِنس العمل؛ فلما لم يعدل، أو حاد عن الحقِّ، والجور هو الميل، كان عذابه بأن يجيء يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وأحدُ شقيه مائل[4].


وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهنَّ خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها[5].


قال الخطابي في معالم السنن: "وفي هذا الحديث أن القَسْم قد يكون بالنَّهار، كما يكون بالليل"[6]، إلا أن عماد القَسْم هو الليل؛ لأنه مأوى الإنسان إلى منزله، وفيه يَسكن إلى أهله، وينام على فراشه، والنهار للمعاش والاشتغال، والنهار يتبع الليل، فيدخل في القسم تبعًا.


قالت عائشة رضي الله عنها: "قُبِض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي"[7]، وإنما قُبض نهارًا، وهو تبَع لليلة الماضية.

قال ابن حزم رحمه الله: "والعدل بين الزَّوجات فَرض، وأكثر ذلك في قسمة الليالي"[8].


وعلى ذلك كان حال السَّلف في العدل بين الزوجات:

فعن جابر بن زيد قال: كانت لي امرأتان، وكنت أعدِل بينهما حتى في القبل[9].

وعن مجاهد قال: كانوا يستحبُّون أن يَعدلوا بين النساء، حتى في الطِّيب؛ يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه[10].

وكان محمد بن سيرين يقول فيمن له امرأتان: يُكره أن يتوضَّأ في بيت إحداهما دون الأخرى[11].


وقد نقَل أهلُ العلم الإجماعَ على وجوب العدل بين الزوجات، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يجب عليه العدل بين الزوجتين باتفاق المسلمين...، فعليه أن يَعدل في القسم، فإذا بات عندها ليلة أو ليلتين أو ثلاثًا، بات عند الأخرى بقدر ذلك، لا يفضل إحداهما في القسم"[12].


وقال الشافعي رحمه الله: "ودلَّت سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عليه عوام علماء المسلمين، أنَّ على الرجل أن يقسم لنسائه بعدد الأيام والليالي، وأن عليه أن يعدل في ذلك لا أنه مرخَّص له أن يُجوِّز فيه"، وقال: "ولم أعلم مخالفًا في أن على المرء أن يقسم لنسائه، فيعدل بينهن"[13].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله المَحمود على كل حال، الموصوف بصِفات الجلال والكمال، المعروف بمزيد الإنعام والإفضال، أحمده سبحانه وهو المحمود على كلِّ حال، وفي كل حال.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والجلال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله الصادق المقال.

اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه خير صَحب وآل، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

أيها المسلمون:

العدل بين الزَّوجات من أوجب الواجبات؛ لأن المرأة في الغالب لا حيلة لها، ولا اختيار تام بسبب ارتباط مَصيرها بزوجها، أو لأجل ولدها إن كان لها منه ولد؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فاتَّقوا الله في النِّساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله))[14].

وفي رواية: ((ألا واستوصوا بالنِّساء خيرًا؛ فإنما هنَّ عوانٍ عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك))[15].

ومعنى: ((عَوانٍ))؛ أي: أسيرات في أيديكم.


عباد الله:

بمَ يكون العدل؟

يكون العدل بين الزَّوجات في المسكن، والمأكل، والملبس، والمبيت، بل في كل شيء ظاهر، يمكنه العدل فيه.

فيجب على الزوج العدل بينهنَّ فيما هو من مُكنة الإنسان وطاقته، وما لا يقدر عليه - ممَّا هو في غير استطاعته؛ كالوطء ودواعيه مما يكون أثَر المحبة - فهذا خارج عن طوقه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.


ومن القَسْمِ[16] الواجب أنه إذا تزوَّج البكر على الثيِّب أقام عندها سبعًا يؤنسها، ويزيل وحشتَها وخجلها؛ لكونها حديثة عهد بالزَّواج، ثم قسم لنسائه بالسوية، وإذا تزوَّج الثيِّب أقام عندها ثلاثًا؛ لكونها أقل حاجة إلى هذا من الأولى.

فعن أنس رضي الله عنه قال: "السنَّة إذا تزوَّج البِكرَ أقام عندها سبعًا، وإذا تزوج الثيِّب أقام عندها ثلاثًا"[17]، وقول أنس الذي جاء في هذا الحديث: "السنَّة" له حكم الرفع؛ لأن الرواة إذا قالوا: من السنة، فلا يقصدون إلا سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم.


يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "القول الصحيح في العدل بين الزوجات أنه يجب على الزوج أن يعدِل بينهنَّ في كل ما يمكنه العدل فيه؛ سواءٌ من الهدايا، أو النفقات، بل وحتى الجِماع إن قدر، يجب عليه أن يعدل فيه"[18].

وقال الشيخ الفوزان: "يجب على الزَّوج أن يعدل بين زوجاته في الإنفاق والمسكن والكسوة والقسم في المبيت، كل هذا ممَّا يجب عليه العدل بين الزوجات، ولا فرق بين غنيَّة وفقيرة؛ لأنَّ الكل زوجات له، واجب عليه أن يعدل بينهما"[19].

وقد سئل الشيخ السعدي: هل تجب التسوية بين الزوجات في النَّفقة والكسوة؟ فأجاب: "الصحيح الرِّواية الأخرى التي اختارها شيخ الإسلام أنه يجب التسوية في ذلك؛ لأن عدم التسوية ظُلم وجور، ليس لأجل عدَم القيام بالواجب؛ بل لأن كل عَدل يَقدر عليه بين زوجاته، فإنه واجب عليه، بخِلاف ما لا قُدرة له عليه؛ كالوطء وتوابعه"[20].


عباد الله:

العدل في الميل القلبي "محبة القلب":

أخبر الله سبحانه وتعالى أن العدل التامَّ لا يُستطاع، ومع ذلك نهى عن الميل، فقال تبارك وتعالى: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ﴾ [النساء: 129].

فنبَّه الله تعالى في هذه الآية على انتفاء استطاعة العدل بين النِّساء والتسوية حتى لا يقع مَيل ألبتة، ولا زيادة ولا نقصان فيما يجب لهنَّ، وفي ذلك عذر للرجال فيما يقع من التفاوت في الميل القلبي، والتعهد، والنظر، والتأنيس، والمفاكهة؛ فإنَّ التسوية في ذلك محال، خارج عن حدِّ الاستطاعة، وعلَّق انتفاء الاستطاعة في التسوية على تقدير وجود الحرص من الإنسان على ذلك[21].


ففي قوله: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 129]؛ أي: تمام العدل، وجاء بـ "لن" للمبالغة في النَّفي؛ لأن أمر النساء يغالب النَّفس؛ لأن الله جعل حسن المرأة وخلقها مؤثرًا أشد التأثير، فربَّ امرأة لبيبة خفيفة الروح، وأخرى ثقيلة حمقاء، فتفاوتهنَّ في ذلك، وخلو بعضهن منه يؤثِّر لا محالة تفاوتًا في محبة الزوج بعض أزواجه، ولو كان حريصًا على إظهار العدل بينهن؛ فلذلك قال: ﴿ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء: 129]، وأقام الله ميزانَ العدل بقوله: ﴿ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ [النساء: 129]؛ أي: لا يفرط أحدكم بإظهار الميل إلى إحداهن أشد الميل حتى يسوء الأخرى؛ بحيث تصير الأخرى كالمعلقة[22].


فدلَّ قوله: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ﴾ [النساء: 129]، إلى قوله: ﴿ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ [النساء: 129] على أنَّ المحبَّة أمر قهري، وأن للتعلُّق بالمرأة أسبابًا توجبه قد لا تتوفر في بعض النِّساء، فلا يكلف الزوج بما ليس في وسعه من الحب والاستحسان، ولكنَّ من الحبِّ حظًّا هو اختياري، وهو أن يروِّض الزوج نفسَه على الإحسان لامرأته، وتحمل ما لا يلائمه من خلقها أو أخلاقها ما استطاع، وحسن المعاشرة لها، حتى يحصِّل من الإلف بها والحنو عليها اختيارًا بطول التكرر والتعود، ما يقوم مقام الميل الطبيعي، فذلك من الميل إليها الموصى به في قوله: ﴿ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ [النساء: 129]؛ أي: إلى إحداهن، أو عن إحداهن[23].

قال ابن القيم رحمه الله: "وكان يقسم صلى الله عليه وسلم بينهنَّ في المبيت والإيواء والنفقة...، ولا تجب التسوية في غير ذلك - أي: الحب والجماع - لأنه مما لا يملك"[24].

وقال الحافظ: "فإذا وفَّى لكلِّ واحدة منهنَّ كسوتها ونفقتها والإيواء إليها، لم يضره ما زاد على ذلك؛ من مَيل قلب، أو تبرع بتحفة"[25].


وقال الرازي في قوله: ﴿ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ [النساء: 129]: والمعنى: أنكم لستم منهيِّين عن حصول التفاوت في الميل القلبي؛ لأن ذلك خارج عن وسعكم، ولكنكم مَنهيون عن إظهار ذلك التفاوت في القول والفعل[26].

وعلى هذا، فالميل القلبي معفوٌّ عنه؛ لأن القلب ليس في تصرف الإنسان، وإنما هو بين أصبعين من أصابع الرحمن.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم، ويقول: ((اللهم هذا قَسْمي فيما أَملِك، فلا تلمني فيما تَملِك ولا أملِك))[27].


والضابط في العدل بين الزوجات: هو اعتبار ما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، مما يراد به العموم والتشريع، وما لم يرد فيه نصٌّ فإنَّ المعتبر في العدل بينهن ضرورةُ العقل السليم الذي لا يعارض النَّقل، وما يكون عشرة بالمعروف، وما يعده الناس عدلًا.

وهي الأمور التي تكون ضمن استطاعته وقدرته، أمَّا الخارج عن استطاعته، فلا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها.

ألَا فاتقوا الله أيها الأزواج في نسائكم، واعلموا أنَّ الميل إلى واحدة دون الأخرى من أعظم الظُّلم والجور والحيف، مما يسبِّب انكسار قلب الأخرى، وبغضها لضرَّتها، فتقع المفاسد، والمشاكل الأسريَّة بين الزوجات؛ بسبب ذلك الميل الظالم، ولا ريب أنَّ ذلك من أعظم الظلم، وهو أن يظلم الرجل زوجتَه التي ائتمنه أهلها عليها، وأشد خطرًا من ذلك إن كانت يتيمة، فهذا هو البلاء العظيم، والخطر الجسيم، الذي يبوء به صاحبه في الدنيا، وفي الآخرة، والعياذ بالله.


عباد الله:

هذا، وصلُّوا رحمكم الله على خير البريَّة، وأزكى البشرية، محمد بن عبدالله صاحب الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وأيه بكم أيها المؤمنون، فقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهمَّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر صحابة نبيِّك محمد صلى الله عليه وسلم، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل الشرك والمشركين.

اللهم انصر دينَك، وكتابك، وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

سبحان ربنا رب العزَّة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



[1] هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمها أصحابه، وكان السلف يفتتحون بها خطبهم في دروسهم وكتبهم وأنكحتهم، وللألباني فيها رسالة لطيفة، جمع فيها طرق حديثها، وألفاظها، وذكر فيها فوائد تتناسب مع موضوعها، وقد طبعت على نفقة جمعية التمدن الإسلامي بدمشق، ثم طبعها المكتب الإسلامي طبعة ثانية جميلة مزيدة ومنقحة؛ أخرجها أبو داود (4607)، والنسائي (1578)، والحاكم (183)، وأحمد (3720) و(4115).

[2] أخرجه مسلم (867).

[3] أخرجه أبو داود (2133)، وابن ماجه (1969)، وأحمد (27847)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6515).

[4] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (20/ 199).

[5] أخرجه البخاري (2593).

[6] معالم السنن (3/ 219).

[7] أخرجه البخاري (449).

[8] المحلى (69/ 175).

[9] مصنف ابن أبي شيبة (4/ 37 - 17544).

[10] مصنف ابن أبي شيبة (4/ 37 - 17545).

[11] المصنف لابن أبي شيبة (4/ 37).

[12] مجموع الفتاوى (32/ 269).

[13] الأم (5/ 280).

[14] أخرجه مسلم (1218).

[15] أخرجه الترمذي (1163)، وقال الألباني: "حسن لغيره"، انظر: صحيح الترغيب والترهيب (2/ 195 - 1930).

[16] القسم: بفتح القاف مع سكون السين، بمعنى العدل بين الزوجات في المبيت، وهو المراد هنا، ومع فتح السين: اليمين، وبكسر القاف مع سكون السين بمعنى: الحظ، والنصيب، ومع فتح السين: جمع قسمة، وقد تطلق على النصيب أيضًا.

[17] أخرجه البخاري (5213).

[18] فتاوى نور على الدرب (10/ 252).

[19] المنتقى من فتاوى الفوزان (89/ 24).

[20] الفتاوى السعدية (ص504).

[21] البحر المحيط في التفسير (4/ 88).

[22] التحرير والتنوير (5/ 218).

[23] التحرير والتنوير (5/ 218).

[24] زاد المعاد (1/ 151).

[25] الفتح (9/ 391).

[26] تفسير الرازي - مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (11/ 237).

[27] أخرجه أبو داود (2134).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العدل بين الأولاد
  • الراسبون في الصداقات بسبب الزوجات
  • خطبة عن وجوب العدل في كل شيء
  • أكرموها قبل أن تفقدوها (1) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • العدل بين الأبناء من أهم عوامل التربية الصحيحة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وهن العدل والمساواة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص الجزاء في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لوحات جمالية: العدل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من قضاة الإسلام: (الماوردي والتنظيم القضائي في عصره)(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • ما لا يراه الشاطبي شرطا للاجتهاد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية العدل بين الأبناء وأبناء الزوجات(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • العدل بين الزوجات ليس في المبيت فقط(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • العدل بين الزوجات(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • العدل بين الأولاد في العطية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب