• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

الجفاف العاطفي مع المرأة

جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/9/2016 ميلادي - 17/12/1437 هجري

الزيارات: 35037

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجفاف العاطفي مع المرأة


 

• ظلم المرأة في الجاهلية... وتكريم الإسلام لها.

• الجفاف العاطفي مع الزوجات اليوم.

• علاج الجفاف العاطفي من داخل بيت النبوة.

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، ونصح الأمَّةَ، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين من ربه، فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد:

فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المسلمون:

كانت المرأة قبل الإسلام تعاني من التعسُّف والظلم، فكان الشأن كله للذُّكور فقط، وكانت المرأة أو البنت مَظلومة مهانة، فلو مات الرجل وخلَّف زوجةً، فيحقُّ لولده من غيرها أن يتزوَّجها وأن يتحكَّم بها، أو أن يمنعها من الزواج، وكان الذكور هم الذين يرِثون، وأما النساء فلا نصيب لهن.

 

وكانت النَّظرة إلى المرأة نظرة عار وخزي، ويصوِّر القرآن الكريم حالَ الفرد الجاهلي إنْ بُشِّر بالأنثى، فيقول سبحانه: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].

 

ولقد جاء الإسلام وكرَّم المرأة تكريمًا يشمل كلَّ مراحل الحياة التي تمر بها منذ ولادتها وحتى الموت، وبلَغ تكريم الإسلام للمرأة مكانة عالية، لم تبلغها أمَّة ماضية؛ إذ إنَّ تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة والرَّجل على حدٍّ سواء، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وقال سبحانه: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ﴾ [النساء: 7]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، وقال سبحانه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ [آل عمران: 195]، وقال جلَّ ثناؤه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وقال عز من قائل: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].

 

عباد الله:

من المؤسِف أن نرى ونسمع بأناس لا يتجاوز الاهتمام عندهم بالمرأة إلَّا فيما يتعلَّق بحشمتها ولباسها الظاهر فقط، أمَّا عواطفها وروحها وعقلها، فقد تُرك، فلا يتعاملون مع المرأة على أنَّها إنسان ومخلوق مكرَّم، بل إن هناك صورة سيئة ومفهومًا خاطئًا عند بعض الرجال، فيقولون: إن المرأة يجِب الحذر منها، ويجب على الرجل أن يشد عليها الوطأة من أول ليلة يدخل بها، وكم يتَواصى الشباب بمثل هذه الوصيَّة، ويحدث ما لا يحمد عقباه، فمن الخطأ أن نقول:

رأيتُ الهمَّ في الدنيا كثيرًا
وأكثرهُ يكون من النساءِ
فلا تأمنْ لأنثى قط يومًا
ولو قالت: نزلتُ من السماءِ!

 

إخوة الإسلام:

تشكو بعض النِّساء من سوء معاملة زوجها وقبح أخلاقه معها، وقد يصِل الأمر في بعض الأحايين إلى ضربها وحبسها، وقد يتمنَّى البعض موتها؛ كما قال أحدهم:

لقد كنتُ محتاجًا إلى موتِ زوجتي
ولكن قرين السوء باقٍ معمرُ
فيا ليتها صارَت إلى القبر عاجلًا
وعذَّبها فيه نكير ومنكرُ

 

أما سمِع هؤلاء إلى قَول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: ((استوصُوا بالنِّساء، فإنَّ المرأة خُلقَت من ضلعٍ، وإنَّ أعوج شيءٍ في الضِّلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزل أعوج، فاستوصُوا بالنساء))[1].

 

وهذا أمر من النَّبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بعدَم إهدار حقوق النِّساء، والتلطُّف بهنَّ فيما يقع منهنَّ نتيجة نقصان عقلهن.

 

قال الحافظ ابن حجر: (وفي الحديث الندب إلى المداراة؛ لاستِمالة النفوس وتألُّف القلوب، وفيه سياسة النِّساء؛ بأخذ العفو منهنَّ، والصبر على عوجهنَّ، وأن مَن رام تقويمهنَّ فاته الانتِفاع بهنَّ، مع أنه لا غِنى للإنسان عن امرأة يَسكن إليها ويستعين بها على مَعاشه، فكأنه قال: الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصَّبر عليها)[2].

 

أخي المسلم:

حسبك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على حُسن التعامل مع الزَّوجة في أكبر تجمُّع للمسلمين، وذلك في حجَّة الوداع، حيث يقول: ((فاتَّقُوا الله في النِّساء؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمان الله، واستحللتُم فُرُوجهنَّ بكلمة الله، ولكم عليهنَّ أن لا يُوطئنَ فُرُشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلنَ ذلك فاضربُوهنَّ ضربًا غير مُبرحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعرُوف))[3].

 

وبيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ خيار الناس خيارهم لنِسائه، قال عليه الصلاة والسلام: ((أكمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم))[4].

 

وأوضح لنا المولى تبارك وتعالى أصولَ المعاشرة الزوجيَّة، فقال سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

قال ابن كثير: "أي: طيِّبوا أقوالكم لهنَّ، وحسِّنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحبُّ ذلك منها فافعل أنت بها مثله؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]"[5].

 

فالمرأة يعجبها من زوجها ما يعجِبه منها، وقد فهم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما من قوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228] فقال: (إني لأتزيَّن لامرأتي كما تتزيَّن لي)[6].

 

عباد الله:

تعدُّ سِيرة النَّبي صلى الله عليه وسلم خير مِثال يُحتذى به لمن أراد أن يتخلَّص من جفافه العاطفي مع أهله، انظر إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو المنشغل بأمور الدعوة والجهاد، لا يَمنعه ذلك عن أن يسمر مع نسائه ويستمع منهنَّ؛ فهذه عائشة رضي الله عنها تُحدِّث رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بحديث أم زَرع وهو يَستمع لحديثها حتى انتهت منه.

 

تقول رضي الله عنها: إنَّ إحدى عشرة امرأة تعاهدنَ وتعاقدن أن لا يَكتمنَ من أخبار أزواجهنَّ شيئًا.

 

فذكَرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصْف كل واحدة زوجها، فكانت أحسنَهنَّ وصفًا لزوجها وأكثرَهن تعدادًا لنِعَمه عليها زوجةُ أبي زرع.

 

قالت عائشة رضي الله عنها: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُنْتُ لكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ))[7].

 

فانظر رعاك الله إلى حُسن عشرته عليه السَّلامُ، وتمام إنصاته لها، وتطييب خاطرها، قال العلماء: هو تَطييب لنفسها، وإيضاح لحُسن عشرته إياها[8].

 

فأين الأحاديث الحِسان منك أيَّها الرجل لزوجتك، أين كلمة الشُّكر والثناء عند الطبخ والغسل والكنس؟

إن من فَنِّ التعامل مع الزوجة أن تخصِّص وقتًا للجلوس معها؛ تحدِّثها وتحدثك، وتفضي إليك بما في نفسها، بدل أن تَكبت ذلك الحديث الذي في النَّفس.

 

معشر المسلمين:

من روائع السنَّة العملية في حبِّ الزوجة والعطف عليها ما جاء عند البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: كانت أُمُّ سُليمٍ في الثقل، وأنجشة غُلامُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَسُوقُ بهنَّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أَنْجَشُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بالقَوارير))[9].

 

قال العلماء: سمِّي النِّساء قوارير؛ لضعف عزائمهنَّ؛ تشبيهًا بقارورة الزجاج؛ لضعفها وإسراع الانكسار إليها[10].

 

وذكر بعض العلماء من معاني الحديث (أنَّ المراد به الرِّفق في السير؛ لأنَّ الإبل إذا سمعَت الحُداءَ أسرعَت في المشي واستلذَّته، فأزعجت الراكب وأتعبَته؛ فنهاه عن ذلك لأن النساء يَضعفن عند شدَّة الحركة، ويخاف ضررهن وسقوطهن)[11].

 

بل كان عليه الصلاة والسلام يصرِّح بحبِّ نِسائه رضوان الله عليهنَّ، ويُظهِر ذلك الحبَّ ولا يُخفيه، ولا يجِد غضاضة في ذلك؛ فمن ذلك تصريحه عليه الصلاة والسلام بحبِّ عائشة رضي الله عنها، فهذا عمرو بن العاص رضي الله عنه يَسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ النَّاس أَحب إِلَيْكَ؟ قَال: ((عَائِشَةُ))، قُلْتُ: من الرِّجَالِ، قَالَ: ((أَبُوهَا))، قُلْتُ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: ((عُمَرُ))، فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَني في آخرهم[12].

 

وكان صلى الله عليه وسلم يملأ بيوت زوجاته أُنسًا بمجالسته لنسائه، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من العصر، دخل على نسائه فيَدنو من إحداهن"[13]؛ أي: فيقبِّل ويباشر من غير جِماع[14].

 

وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قبَّل امرأة من نسائه، ثُمَّ خرج إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأ، قال عروة: فقلتُ لها: من هي إلَّا أنتِ؟ قال: فضحكَت[15].

 

إخوة الإسلام:

من أروعِ صوَر الحب والحنان والملاطفة في بيت النبوَّة ما حكَته عائشة رضي الله عنها قالت: "كنتُ أشربُ وأنا حائض، ثُمَّ أُناوله النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيضعُ فاه على موضع فيَّ، فيشربُ، وأتعرَّقُ العَرْقَ - وهو العظم الذي بقي عليه بقيَّة من لحم - وأنا حائضٌ، ثُمَّ أُناوله النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فيضعُ فاه على موضع فيَّ"[16].

 

وتقول: "كان نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يَستاك، فيُعطيني السِّواك لأغسله، فأبدأُ به فأستاك، ثُمَّ أغسلُه وأدفعُه إليه"[17].

 

وفي الليل كنَّ يجتمعنَ رضي الله عنهنَّ في بيتٍ واحد، فيأتيهنَّ صلى الله عليه وسلم ويحادثهنَّ ويؤانسهن، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تسعُ نسوةٍ، فكان إذا قسم بينهنَّ لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلَّا في تسعٍ، فكنَّ يَجتمعن كلَّ ليلةٍ في بيت التي يأتيها..."[18].

 

وكان صلى الله عليه وسلم صبورًا على نسائه، متحملًا ما صدر منهن من خلل وتقصير؛ فعن النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه قال: استأذن أبو بكرٍ رحمة الله عليه على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت عائشة عاليًا، فلمَّا دخل تناولها ليلطمها، وقال: ألا أراكِ ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فجعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يحجزُه، وخرج أبو بكرٍ مغضبًا، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم حين خرج أبو بكرٍ: ((كيف رأيتني أنقذتُك من الرجل؟))، قال: فمكث أبو بكر أيامًا ثم استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخِلاني في سِلمكما كما أدخلتُماني في حَربكما، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((قد فَعلنا، قد فعلنا))[19].

 

عباد الله:

لقد أَشبع النبي صلى الله عليه وسلم الرَّغبة العاطفية لنسائه حتى في اللعب والمرح، وكان يراعي حالهنَّ والسنَّ التي كان عليها بعضهن؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنتُ ألعب بالبنات عند النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحبُ يلعبن معي، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمَّعن منه، فيُسرِّبُهنَّ إليَّ فيلعبن معي"[20].

 

وعن عُروة بن الزُّبير قال: قالت عائشةُ رضي الله عنها: "واللهِ لقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقومُ على باب حُجرتي والحبشةُ يَلعبون بحِرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستُرُني بردائه لكي أنظُر إلى لعبهم، ثُمَّ يقُومُ من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرفُ، فاقدُروا قدرَ الجارية الحديثة السِّن حريصةً على اللَّهو"[21].

 

ففي هذا الحديث بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرَّأفة والرحمة، وحسن الخلق، والمعاشرة بالمعروف مع الأهل والأزواج وغيرهم[22].

 

معشر المسلمين:

من صور الملاطفة: إطعام الطَّعام؛ فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وإنَّك مهما أنفقتَ من نفقةٍ، فإنَّها صدقةٌ، حتى اللُّقمة الَّتي ترفعُها إلى في امرأتِك))[23].

فماذا يكلفك أيها الأخ المبارك مثلُ هذا التعامل؟

 

عباد الله:

ليس الزواج مجرد متعة وإنجاب للأولاد والبنات، وإطعامهم وإلباسهم فحسب، ولكن الزواج حقوق شرعيَّة، وحسن تعاون بين الزوجين، وحب ومودَّة.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلِد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، نحمده جل جلاله، ونثني عليه الخير كله بما هو أهله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وإمامنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: أيها المسلمون:

انظروا إلى حياة النَّبي صلى الله عليه وسلم مع أهله، وكيف كان يمازح أهلَه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجتُ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جاريةٌ لم أحمل اللَّحم ولم أبدُن، فقال للنَّاس: ((تقدَّموا))، فتقدَّموا، ثُمَّ قال لي: ((تعالي حتى أُسابقك))، فسابقتُه فسبقتُه، فسكت عنِّي حتى إذا حملتُ اللَّحمَ وبدُنتُ ونسيتُ، خرجتُ معه في بعض أسفاره، فقال للنَّاس: ((تقدَّموا))، فتقدَّمُوا، ثُمَّ قال: ((تعالي حتى أُسابقك))، فسابقتُه فسبقني، فجعل يضحك وهو يقولُ: ((هذه بتلك))[24].

 

عباد الله:

لقد كثرت التوجيهات القرآنيَّة والنبوية لكِلا الزوجين بالعشرة الحسنة، وبطريقة علاج ما يحصل من نشوز زوجة؛ بوعظ، أو هَجر، أو ضرب غير مبرِّح، أو نشوز زوج؛ بأن يحكم بين الزوجين حَكَمٌ من أهله وحكم من أهلها، وبالوصيَّة للزوج بالصبر على زوجته، وأنه إن رأى منها ما يَكره فإنَّ فيها من الصِّفات الكثيرة ما يرضاها منها.

 

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَفرك مُؤمنٌ مُؤمنة؛ إنْ كره منها خُلُقًا، رضي منها آخر))[25].

 

وقال عمر رضي الله عنه لرجل هَمَّ بطلاق امرأته: "لِمَ تطلِّقها؟ قال: لا أحبُّها، قال: أوَكل البيوت بُنيَت على الحبِّ؟ وأين الرعاية والتذمم؟"[26].

 

أيها المسلمون:

من أعظم أسباب الجَفاف العاطفي: البعد عن منهج الله تبارك وتعالى، وانغماس العبد في وَحل الذنوب والمعاصي والعياذ بالله، فربَّما استجاب الرجل إلى دعاة الفتنة والسفور، وتابَعَ النَّظر إلى النساء العاهرات في القنوات والمجلات، وقد زيَّفَتها الألوان والمكاييج، ونفخ الشيطان في بعض الرِّجال فقارن وصَوَّرَ زوجتَه العفيفة الطاهرة بالسافرات العاهرات وأطلق لبصره العنان في تتبُّعهن.

 

والله تبارك وتعالى يقول: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

 

ولا شك أنَّ هذا شرٌّ مستطير، وسبب أكيد في تَدمير كيان الأسرة، وعلاج ذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جابر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأةً، فأتى امرأتَه زينب وهي تَمعسُ منيئةً لها، فقضى حاجتَه، ثُمَّ خرج إلى أصحابه، فقال: ((إنَّ المرأة تُقبِل في صورة شيطانٍ، وتُدبِر في صورة شيطانٍ، فإذا أبصر أحدكم امرأةً، فليأتِ أهلَه؛ فإنَّ ذلك يرُدُّ ما في نفسه))[27].

 

ومعنى الحديث: أنَّه يستحب لِمن رأى امرأة فتحرَّكَت شهوته أن يأتي امرأته، فليواقعها ليدفع شهوتَه، وتسكن نفسه، ويجمع قلبه على ما هو بصدده[28].

 

إخوة الإسلام:

على الرجل أن يتذكَّر أنَّ المرأة تحتاج إلى لَمسات إنسانيَّة وإلى كلمات الحبِّ والحنان أكثر من حاجتها إلى مادِّيات الحياة؛ فالحياة الزوجية شراكة، ولا بدَّ أن تكرِم شريكك وتحترمه، وتحس به ليحسَّ بك.

 

نسأل الله تبارك وتعالى بمنِّه وكرمه أن يصلح شبابَ ونساء المسلمين.

 

والحمد لله رب العالمين



[1] أخرجه البخاري (3331)، ومسلم (1468).

[2] فتح الباري (9/ 254).

[3] أخرجه مسلم (1218).

[4] أخرجه الترمذي (1162)، وقال الألباني: "حسن صحيح"، انظر: صحيح الترغيب والترهيب (2/ 194)، رقم (1923).

[5] تفسير ابن كثير (2/ 242).

[6] تفسير القرطبي (3/ 123).

[7] أخرجه البخاري (4893)، ومسلم (2448).

[8] شرح النووي على صحيح مسلم (8/ 221).

[9] أخرجه البخاري (6202)، ومسلم (2323).

[10] شرح النووي على مسلم (15/ 81).

[11] شرح النووي على مسلم (15/ 81).

[12] أخرجه البخاري (4358)، ومسلم (2384).

[13] أخرجه البخاري (5216).

[14] فتح الباري (9/ 379).

[15] سنن أبي داود.

[16] أخرجه مسلم (300).

[17] أخرجه أبو داود (52)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

[18] أخرجه مسلم (1462).

[19] أخرجه أبو داود (4999)، وأحمد (17927).

[20] أخرجه البخاري (5779)، ومسلم (2440).

[21] أخرجه البخاري (455)، ومسلم (892)، واللفظ له.

[22] شرح النووي على مسلم (3/ 288).

[23] أخرجه البخاري (2591).

[24] أخرجه أبو داود (2578)، وأحمد (25745)، واللفظ له، وصححه الألباني.

[25] أخرجه مسلم (1469).

[26] عيون الأخبار (3/ 18).

[27] رواه مسلم (1403).

[28] شرح النووي على مسلم (5/ 75).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجفاف العاطفي
  • الجفاف من منظور اقتصادي
  • الجفاف العاطفي (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مسلمو أستراليا يساعدون متضرري الجفاف بكوينزلاند(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المياه العربية بين تحديات الجفاف وضرورات ترشيد الاستهلاك(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ميانمار: الجفاف يهدد عشرات الآلاف بولاية أراكان بأمراض خطيرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الجفاف في إفريقيا .. القنبلة الموقوتة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الكوكب الأرضي في طريقه إلى الجفاف!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • فرنسا: مسلمو فرنسا يؤدون صلاة الاستسقاء بسبب حدة الجفاف(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الجفاف الشديد ينبئ بحدوث فيضانات سريعة في أفغانستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ندرة المياه؟!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • إهمال زوجي سبب لي جفافا عاطفيا(استشارة - الاستشارات)
  • جفاف المشاعر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- دعاء وشكر
محمد بن صالح الأصور - اليمن 23-12-2016 10:49 AM

جزى الله كاتب هذه المقالة خيراً ، لقد استفدت كثيراً منها ، وننتظر المزيد من هذه المواضيع النافعة المفيدة. وشكراً جزيلاً لموقع الألوكة والقائمين عليه ، وجزاهم الله خيراً.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب