• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

خطبة مضمنة مجموعة خطب مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم

خطبة مضمنة مجموعة خطب مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/10/2014 ميلادي - 27/12/1435 هجري

الزيارات: 44559

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة مُضمَّنة مجموعة خطب

مروية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم


الحمدُ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

أما بعد:

فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأوثقَ العُرى كلمةُ التقوى، وخيرَ المِلل ملَّةُ إبراهيم، وخيرَ السُّنن سُنَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأشرفَ الحديث ذِكْرُ الله - عزَّ وجلَّ - وأحسنَ القَصص هذا القرآن، وخيرَ الأمور عوزامُها، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وأشرفَ الموت قتلُ الشهداء، وأعْمى العَمَى الضلالةُ بعدَ الهُدى، وخيرَ العلم ما نَفَع، وخيرَ الهُدى ما اتُّبِع، وشرَّ العَمَى عَمَى القلب، واليد العليا خيرٌ مِن اليد السُّلفى، وما قلَّ وكفَى خيرٌ مما كثُر وألهى، وشر المعذرة عندَ حضرة الموت، وشر الندامة ندامةُ يوم القيامة، ومِن أعظم الخطايا اللِّسان الكذوب، وخير الغِنَى غِنَى النفْس، وخير الزاد التقوى، ورأسُ الحِكمة مخافةُ الله - عزَّ وجلَّ - وخير ما ألقي في القلب اليقين والارتياب من الكفر، والنِّياحة مِن عمل الجاهلية، والغلول مِن جمر جهنَّم، والخمر جماعُ الإثم، والنِّساء حبائلُ الشياطين، والشباب شُعبةٌ مِن الجنون، وشر المكاسب كسبُ الرِّبا، وشر المأكَل مالُ اليتيم، والسعيد مَن وُعِظ بغيره، والشقي مَن شَقِيَ في بطن أمِّه.

 

أيها الناس:

إنَّ مع الحياة موتًا، وإنَّ مع الدنيا آخِرة، وإنَّ لكلِّ شيء حسيبًا، وعلى كل شيء رقيبًا، وإنَّ لكلِّ حسنة ثوابًا، ولكل سيِّئة عقابًا، وإنَّ لكل أَجل كتابًا، مَن انقطع إلى الدنيا وكَلَه الله إليها، ومَن حاول أمرًا بمعصية الله كان أبعدَ له مما رجَا، وأقربَ مما اتَّقى، ومَن طلب محامدَ الناس بمعاصي الله عادَ حامدُه من الناس ذامًّا، ومَن أرْضى الناس بسخط الله وَكَله الله إليهم، ومَن أرْضَى الله بسخطِ الناس كفاه الله شرَّهم، ومَن أحسن فيما بيْنه وبيْن الله كفاه ما بيْنه وبيْن الناس، ومَن أحسن سريرتَه أصلحَ الله علانيته، ومَن عمل لآخرتِه كفاه الله أمْرَ دنياه.

 

أيها الناس:

أقْبِلوا على ما كُلِّفتموه مِن إصلاح آخرتِكم، وأعْرِضوا عمَّا ضُمِن لكم من أمر دُنياكم، ولا تَستعملوا جوارحَ غُذِيت بنِعَم الله في التعرُّض لسخطِه بمعصيته، واجعلوا شُغلَكم بالتماسِ مغفرتِه، واصرِفوا هِممَكم إلى التقرُّب إليه بطاعته، إنَّه مَن بدأ بنصيبه مِن الدنيا فاتَه نصيبُه مِن الآخرة، ولا يُدرك منها ما يُريد، ومَن بدأ بنصيبه مِن الآخرة وصَل إليه نصيبه مِن الدنيا، وأدْرَك مِن الآخرة ما يُريد.

 

أيها الناس:

إيَّاكم والظلمَ؛ فإنَّ الظلم ظلماتٌ يومَ القيامة، وإيَّاكم والفحشَ؛ فإنَّ الله لا يحبُّ الفحش والتفحُّش، وإياكم والشُّحَّ؛ فإنَّما هَلَك مَن كان قبلكم بالشحِّ، أمرَهم بالظلم فظَلموا، وأمرَهم بالكذب فكَذَبوا، وأمرَهم بالقطيعة فقَطعوا، وأفضلُ أهلِ الإسلام فيه مَن سَلِم المسلمون من لِسانه ويده، وإنَّ النادم ينتظر الرحمة، وإنَّ المُعجَب ينتظر المَقْت.

 

أيها الناس:

ألاَّ وإنَّكم في يومِ عملٍ ليس فيه حساب، ويُوشِك أن تكونوا في يومِ حسابٍ ليس فيه عمل، وإنَّ الله ليعطي الدنيا مَن يحبُّ ومَن يُبغض، ولا يُعطي الآخرةَ إلا مَن يحب، وإنَّ للدنيا أبناءً وللآخرةِ أبناءً، فكونوا من أبناءِ الآخِرة ولا تكونوا من أبناءِ الدنيا، وإنَّ شرَّ ما يُتخوَّف على المرء اتِّباعُ الهوى وطولُ الأمل.

 

أيها الناس:

إيَّاكم وفضولَ المطعم؛ فإنَّ فضول المطعم يَسِم القلبَ بالقسوة، ويُبطئ الجوارحَ عن الطاعة، ويُصِمُّ الآذان عن سماعِ الموعظة.

 

وإيَّاكم وفضولَ النظر؛ فإنَّه يُبدِّد الهوى، ويُولِّد الغفلة، وإيَّاكم واستشعارَ الطمع؛ فإنَّه يُشرِب القلب شدَّةَ الحرص، ويختم على القلوب، ويَطبع حبَّ الدنيا، وهو مِفتاحٌ لكل سيِّئة، وسببُ إحباط كل حسنة، إنما هو خيرٌ يرتجى، أو شرٌّ يُتَّقى، باطل عُرِف فاجتُنب، وحقٌّ تُيقِّن فطُلِب، وآخِرة أظلَّ إقبالها فسُعِي لها، ودنيا أَزِف نفادها فأُعرِض عنها، فكيف يَعمل للآخرة مَن لا تنقطع مِن الدنيا رغبتُه، ولا تَنقضي فيها شهوته؟!

 

إنَّ العجبَ كلَّ العجبِ لمنَ صدَّق بدار البقاء وهو يسعَى لدار الفناء، وعرف أنَّ رِضا الله في طاعته وهو يسعَى في مخالفته! بئس العبدُ عبدٌ تجبَّر واعتدى، ونسِي الجبَّار الأعلى، بئس العبدُ عبدٌ سهَا ولَهَا، ونسي المقابِرَ والبِلَى، بئس العبدُ عبدٌ بغَى وطغَى، ونسِي المبدأ والمنتهَى، بئس العبد عبدٌ طمعٌ يقوده، بئس العبدُ عبدٌ هوى يُضلُّه.

 

يا ابن آدم:

عندَك ما يَكفيك، وأنتَ تطلُب ما يُطغيك، لا بقليل تَقْنَع، ولا بكثير تشبَع، وإذا أصبحتَ معافىً في بدنك، آمنًا في سِرْبك، عندك قُوتُ يومِك، فكأنَّما حِيزتْ لك الدنيا بحذافيرها.

 

دَعُوا الدنيا لأهلها، دعوا الدنيا لأهلها، دعوا الدنيا لأهلها، فوَحقِّ مَن نفْسُ محمد - صلى الله عليه وسلم - بيده، لن تزولَ قدمَا عبدٍ يومَ القيامة حتى يَسألَه الله - عزَّ وجلَّ - عن ماله: مِن أين جمَعه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن عُمُره: فيمَ أفناه؟ وعن شبابه: فيمَ أبلاه؟ وعن أمانته: كيف أدَّاها؟

 

والذي نفْسُ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بيده، إنَّ القيام بين يدي الله تعالى يومَ القيامة ليبلغ بالعبدِ حتى يتمنَّى أن ينصرفَ ولو إلى النار.

 

تفرَّغوا من همومِ الدُّنيا ما استطعتُم، فمَن كانت الدنيا همَّه قضى الله عليه ضيعتَه، وجعَل فقره بيْن عينيه، ومَن كانتِ الآخرة همَّه، جمَع الله عليه شمله، وجعل غِناه في قلبه، وما أقبل أحدٌ على الله بقلْبه إلا أقبل الله عليه بقلوبِ عباده المؤمنين، فكان الله بكلِّ خيرٍ أسرع، كفَى بالمرء حمقًا أن يَكثُر حظُّه ويقلُّ عملُه وخشيتُه، جيفةٌ بالليل، بطَّالٌ بالنهار، كسولٌ جزوع، هلوعٌ رتوع.

 

أيها الناس:

ما سكَن حبُّ الدنيا قلبَ عبد إلا الْتاط منها بثلاثِ خِصال: شُغل لا ينفكُّ عَناه، وفقر لا يُدرك غِناه، وأمَل لا يَنال منتهاه، وإنَّ الدنيا والآخِرة طالبتانِ مطلوبتان؛ فطالبُ الآخرة تطلبُه الدنيا حتى يستكملَ رِزقَه، وطالب الدنيا تطلبُه الآخرةَ حتى يأخذَه الموت بعُنقه.

 

ألاَ وإنَّ السعيد مَن اختار باقيةً يدوم نعيمُها، على فانية لا ينفكُّ عذابها، وقدَّم لِمَا يَقْدَم عليه، ممَّا هو الآن في يديه، قبلَ أن يخلفَه لمن يسعد بإنفاقه، وقد شقِي هو بجمْعه واحتكاره.

 

أيها الناس:

رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((ما مِن بيْت إلا ومَلَكُ الموت يَقِف على بابه في كلِّ يوم خمسَ مرَّات، فإذا وجد الإنسانَ قد نفَد رِزقُه، وانقطع أجلُه، ألْقى عليه غمَّ الموت، فغشيته كُرباتُه وغمراته، فمِن أهل بيته الناشِرة شَعْرَها، والضارِبة وجهَها، والباكية والخارجة بويلِها، فيقول مَلَكُ الموت: ويلَكم، مِمَّ الفزَع، وفيمَ الجَزع؟ فما أذهبتُ لواحدٍ منكم رِزقًا، ولا قَرَّبْتُ له أجَلاً، ولا أتيتُه حتى أُمِرْت، ولا قَبضتُ رُوحَه حتى استأمرت، وإنَّ لي فيكم عودةً، ثم عودة، حتى لا أُبقي فيكم أحدًا))، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فوالذي نفسي بيده، لو يَرَوْن مكانَه، ويسمعون كلامه، لذهَلوا عن ميِّتهم، ولبَكَوْا على أنفسهم، حتى إذا حُمِل الميت على سريره أو على نعْشه، رفرف رُوحه فوقَ نعْشه ويُنادي: يا أهلي، ويا ولَدي، لا تلعبنَّ بكم الدنيا كما لَعِبتْ بي، جمعتُ المال من حِلِّه ومِن غير حِلِّه، ثم خلَّفتُه لغيري، فالهنا له، والتَّبعة عليّ، فاحْذروا مثلَ ما حلَّ بي)).

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9 - 11].

 

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعَنا جميعًا بما فيه من الآياتِ والذِّكْرِ الحكيم.

 

أقول قولي هذا، وأستغفِرُ الله العظيم الجليل لي ولكم مِن كل ذنب، فاستغفروه يغفرْ لكم، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحْسانه، والشكر له على توفيقِه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له تعظيمًا لشَانِه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رِضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا.

 

أما بعد:

فأيُّها الناس، تُوبوا إلى الله قبلَ أن تموتوا، وبادِروا بالأعمال الصالِحة قبل أن تُشغَلوا، وصِلوا الذي بيْنكم وبيْن ربِّكم تَسْعَدوا، وأكثِروا من الصَّدقة تُرزقوا، وأمُروا بالمعروف تُخْصَبوا، وانهوا عن المنكرِ تُنصروا، فإنَّ الرِّزْق مقسوم، لن يَعْدُوَ امرؤٌ ما كُتِب له، وإنَّ العمر محدود، لن يجاوز أحدٌ ما قُدِّر له، فأجْمِلوا في الطلب، وبادِروا العمل قبلَ نفادها الأجَل، فإنَّ الأعمال الصالِحة مُحْصاة، ولن يُهمَل منها صغيرٌ ولا كبير، فأكْثِروا لله صالِحَ العمل.

 

أيها الناس:

أكْثِروا من ذِكْر هادِم اللذات؛ فإنَّكم إذا ذكرتموه في ضِيق وسَّعه عليكم فرضيتم به فأُجرتم، وإنْ ذكرتموه في غِنًى زهَّدكم فيه فجُدتُم به فأُثبتم.

 

إنَّ المنايا قاطعاتُ الآمال، وإنَّ الأيام والليالي يُدْنِيانِ الآجال، وإنَّ المرء بين يومين: يوم قد مضَى أُحصِي فيه عملُه فخُتم عليه، ويوم قد بقِي لا يَدري لعلَّه لا يَصِل إليه، وإنَّ العبد عندَ خروج نفْسِه وحلول رَمْسِه، يرى جزاءَ ما أسلَف، وقِلَّة غِنى ما خلَّف، ولعلَّه مِن باطلٍ جمَعَه، وعن حقٍّ منَعَه، ألا وإنَّ أكيس الناس أكثرُهم للموت ذِكرًا، وأحزمهم وأحسنهم له استعدادًا، ألاَ وإنَّ علامات العقل: التَّجافي عن دارِ الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزوُّد لسُكْنى القبور، والتأهُّب ليوم النُّشور.

 

أيها الناس:

إنَّ مَن في الدنيا ضيفٌ وما بيده عارِية، وإنَّ الضيف مرتحلٌ والعارية مردودة، ألاَ وإنَّ الدنيا عرَضٌ حاضِر يأكل منه البَرُّ والفاجِر، وإن الآخرة وعْدٌ صادِق يَحكُم فيها مَلِك ٌقادر، فرحِم الله امرأً نظرَ لنفسه، ومهد لرَمْسِه، ما دام رَسَنُه مرخًى، وحبْلُه على غاربه مُلقًى، فإنَّ هذه الدار دارُ الْتواء لا دار استواء، ومنزلُ تَرَح لا منزل فَرَح، مَن عرَفها لم يفرحْ لرخاء، ولا يحزن لشقاء، فإنَّ الله خلَقَها دارَ بلوى، والآخِرة دار عُقْبى، فجعَل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببًا، وثوابَ الآخرة مِن بلوى الدنيا عِوضًا، فيأخذ ليُعطي، ويَبتلي ليَجْزي.

 

فاتَّقوا الله حقَّ تقاته، واسعَوا في مرضاته، ولا تَحقِرُنَّ مِن المعاصي شيئًا وإنْ صغُر في أعينكم، فإنَّه كبيرٌ في حقِّ مَن عصيتم، وإنَّه لا صغيرةَ مع الإصرار، ولا كبيرةَ مع استغفار، فليأخذِ العبدُ مِن نفسه لنفسه، ومِن دنياه لآخرته، ومِن الشَّبيبة قبل الهَرَم، ومِن الحياة قبل الموت، فما بعدَ الموت مِن مُستعتَب، ولا بعد الدنيا إلا الجَنَّة أو النار، ومَن أراد السلام فليحفظْ ما جرى به لسانُه، وليحرسْ ما انطوى عليه جَنانُه، وليحسنْ عملَه، وليقصِّر أملَه، وإنما يُؤتى الناس يوم القيامة من إحدى ثلاث: إمَّا شُبهة في الدين ارتكبوها، أو شَهوة للذَّة آثَروها، أو غضْبة لحمية أعملوها، فإذا لاحتْ لكم شُبهة فاجْلُوها باليقين، وإذا عرضتْ لكم شهوة فاقذعوها بالزُّهْد، وإذا عرضتْ لكم غضبة فادْرؤوها بالعفو؛ فإنَّه ينادي منادٍ: مَن له على الله أَجْرٌ فليَقُم، فيقوم العافون عنِ الناس، فيقال لهم: ادْخُلوا الجنة بغيْر حساب: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40].

 

سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المرسَلين، والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدروس المستفادة من خطبة النبي في حجة الوداع
  • خطبة النبي في حجة الوداع نموذجا

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطب المحفلية (خطب المحافل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تأهيل من خطب في ترتيب الصحابة في الخطب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أنواع الخطب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة وعظية نافعة: مجموعة من خطب النبي والصحابة والتابعين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة وعظية نافعة منتقاة من خطب النبي والصحابة والتابعين وغيرهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة وعظية مجموعة من خطب السابقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطب أسرية: 24 خطبة أسرية من إعداد اللجنة العلمية بمجموعة زاد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب