• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

أما الله فقد برأها، فماذا يريد شانئها؟!

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/9/2010 ميلادي - 17/10/1431 هجري

الزيارات: 19408

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أما الله فقد برأها، فماذا يريد شانئها؟!

 

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل - ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52].

 

أيُّها المسلمون، محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، وأبو بكر عبدالله بن أبي قُحَافة، لا يُذْكر هذا إلاَّ ذُكِر ذاك، محمد هو رسول الله خَاتم النبيين، وإمام المرسلين، وأبو بكر هو الصِّدِّيق، صاحبه في الغَار، ورفيقه في الهجرة، ووزيره الملازم له ملازمةَ الظلِّ، وخليفته الأوَّل، أوَّل مَن أسلمَ مِن الرجال وآمَنَ بمحمدٍ - عليه الصلاة والسلام - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُخْطئه أحدَ طَرَفي النهار أنْ يأتيَ بيْتَه؛ إمَّا بُكرة وإمَّا عَشيَّة، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنَّه ليس من الناس أحدٌ أَمَنَّ عليَّ في نفسِه وماله مِن أبي بكر بن أبي قُحافة، ولو كنتُ مُتخذًا من الناس خليلاً، لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن خُلَّة الإسلام أفضل، سُدُّوا عنِّي كلَّ خَوْخة في هذا المسجد غير خَوْخة أبي بكرٍ))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ما لأحدٍ عندنا يدٌ إلا وقد كافأناه، ما خلا أبا بكرٍ؛ فإنَّ له عندنا يدًا يكافئه الله بها يومَ القيامة)).

 

رَضِي الله عن الصِّدِّيق وأرْضاه، وأحبَّه ورَفَعَه كما أحبَّه نبيُّ الإسلام ورفَعَه، وكافأه يومَ القيامة بما سبَقَ له من يدٍ بيضاءَ، لم ينسَها له أوْفَى الناسِ وأجودُهم وأحسنُهم خُلقًا - عليه الصلاة والسلام.

 

أيُّها المسلمون، هذه اليد التي لأبي بكرٍ - رضي الله عنه - والتي لا يكافئه عليها إلاَّ الله - عز وجل - لم تكنْ وليدةَ يومٍ أو يومين صُحْبة لرسول الله، ولا نتيجة إنفاقه دِرْهمًا أو درهمين في سبيل الله، بل هي خُلاصة عُمرٍ مُبارك، وعصارة نفْسٍ مُخلصة، وثَمَرة مالٍ رابحٍ، وولدٍ صالح، وهَبَها أبو بكر - رضي الله عنه - لله ولرسوله؛ فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا أن نتصدَّقَ، فوافَقَ ذلك مالاً عندي، فقلتُ: اليومَ أسْبِقُ أبا بكرٍ، إنْ سبقتُه يومًا، فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيتَ لأهلك؟))، قلتُ: مثله، قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكلِّ ما عنده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيتَ لأهلك؟))، قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، قلتُ: لا أسابقُك إلى شيءٍ أبدًا.

 

أيُّها المسلمون، وزادَ مَحبَّة الصاحِبَينِ الكرِيمَين لبعضهما، وقوَّى المودَّة بينهما، أنْ توَّج أبو بكر - رضي الله عنه - ما بذَلَه لرسول الله - عليه الصلاة والسلام - بابْنته وفِلْذة كَبده عائشة، فدفَعَ بها إليه وزوَّجه إيَّاها؛ لتكونَ امرأة إمام الأوَّلين والآخرين، ولتصيرَ زوجته في الدنيا والآخرة، ولتُصْبحَ أُمًّا للمؤمنين، وتنضمَّ إلى بيت النبوَّة الكريم، ذلكم البيتُ المبارك التَّقِي النَّقِي، الممتلِئ عَفافًا وطَهارة ونَزَاهة؛ يقول الله - سبحانه -: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33].

 

ولتغدو الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق في مَكانةٍ لا توازيها فيها امرأة من نساء الأُمَّة إلا أُمَّهات المؤمنين اللاتي أردْنَ اللهَ ورسوله والدار الآخرة، فيقول - سبحانه - عنهنَّ: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ﴾ [الأحزاب: 32]، ولتغدو عائشة بنت أبي بكر وأبوها أحبَّ الناس إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قيل: يا رسول الله، مَن أحبُّ الناس إليك؟ قال: ((عائشة))، قيل: مِن الرجال؟ قال: ((أبوها)).

 

أُمَّةَ الإسلام، عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنها وعن أبيها وأرضاهما - عَلَمٌ على رأْسه نار، هي بُشرى جبريل لرسول الله ورؤياه في مَنَامه، وهي زوجُه في الدنيا والآخرة، ولم يتزوَّجْ بِكْرًا غيرها، وهي فُرقانٌ بينَ حقٍّ وباطلٍ، وفَيْصَلٌ بين مؤمنٍ مُحبٍّ، ومُنافق شانِئ، عابدة زاهدة، خطيبة أديبة، عالِمة فقيهَة، مُحَدِّثة فصيحة، طاهرة مُطَهَّرة، تَقيَّة نَقيَّة، أقْرَأها الرُّوح الأمين السلامَ، ونزَلَ على رسول الله في لِحَافها وثَوْبِها، وأحبَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول حياته، وتوفِّي في بيتها وفي يومها، وبينَ سَحْرها ونَحْرها، وجَمَع الله بينَ رِيقها وريقِه عند مَوته، بكلِّ ذلك صحَّتِ الأخبار، وثَبتتِ الآثار؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكملْ من النساء إلاَّ مريم بنت عِمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضْل الثَّرِيد على سائر الطعام))، وعنها - رضي الله عنها - قالت: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أُرِيتُك في المنام ثلاثَ ليالٍ، يَجِيء بكِ الْمَلَك في سَرَقَةٍ من حرير، فقال لي: هذه امرأتُك، فكشفتُ عن وجْهك الثوبَ، فإذا أنت هي، فقلتُ: إنْ يكُ هذا من عند الله، يُمْضِه))، وعنها - رضي الله عنها - أنَّ جبريل جاء بصورتها في خِرْقَة حرير خضراء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هذه زوجتُك في الدنيا والآخرة"، وعنها - رضي الله عنها - قالتْ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عائشُ، هذا جبريل يُقْرئك السلام))، قالتْ: "وعليه السلام ورحمة الله".

 

وعنها - رضي الله عنها - قالتْ: "إنَّ الناسَ كانوا يتحرَّون بهداياهم يومَ عائشة، يبتغون بذلك مَرْضاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم"، وقالتْ: إنَّ نساءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ حِزْبَينِ؛ فحِزْبٌ فيه عائشة وحفصة وصفيَّة وسَوْدَة، والحزبُ الآخر أُمُّ سَلَمة وسائر نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكَلَّم حزبُ أُمِّ سَلَمة، فقُلْنَ لها: كَلِّمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلِّم الناس فيقول: مَن أرادَ أنْ يهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فليُهْدِه إليه حيثُ كان، فكلَّمته فقال لها: ((لا تؤذيني في عائشة؛ فإنَّ الوحي لم يأتِني وأنا في ثوبِ امرأة إلاَّ عائشة))، قالتْ: "أتوبُ إلى الله مِن ذاك يا رسول الله".

 

ثم إنهنَّ دَعَوْنَ فاطمة، فأرْسَلْنَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلَّمته، فقال: ((يا بُنيَّة، ألا تُحبِّينَ ما أحبُّ؟))، قالتْ: بلى، قال: ((فأحبِّي هذه)).

 

وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: "ما أشْكَلَ علينا - أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم - حديثًا قطُّ فسأَلْنا عائشة، إلاَّ وجَدْنا عندها منه عِلمًا"، وعنها - رضي الله عنها - قالتْ: "إنَّ مِن نِعَم الله عليّ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفِّي في بيتي وفي يومي، وبين سَحْري ونَحْري، وأنَّ الله جمَعَ بين ريقي وريقه عند موته، دخل عليّ عبدالرحمن بن أبي بكر وبيده سواك، وأنا مسندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيتُه ينظر إليه، وعَرَفْتُ أنَّه يحبُّ السواك، فقلتُ: آخذه لك؟ فأشار برأْسه أنْ نَعم، فتناولتُه فاشتدَّ عليه، وقلتُ: أُليِّنه لك؟ فأشَار برأْسه أنْ نَعم، فليَّنتُه فأمَرَّه، وبين يديه رَكْوة فيها ماء، فجعَلَ يُدْخِل يديه في الماء فيمسح بهما وجْهه ويقول: ((لا إله إلا الله، إنَّ للموت سكرات))، ثم نصبَ يده فجعَلَ يقول: ((في الرفيق الأعلى))، حتى قُبِضَ ومَالتْ يدُه".

وعنها - رضي الله عنها - قالتْ: "ماتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بين حاقنتي وذاقنتي".

 

هذه هي أُمُّ المؤمنين عائشة، الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، نشأتْ منذ نعومة أظفارها في بيت إسلام وصلاحٍ، لم تعرفْ جاهليَّة ولا ضلالاً، ولم تجرِّبْ غَواية ولا سَفَاهة، قالتْ - رضي الله عنها -: لم أعْقِلْ أبَوَي قطُّ إلاْ وهما يَدينان الدِّين.

 

إنها المرأة التي عاشتْ في قلب رسول الله قبل أن يَبني بها ببشارة الله له، ثم دَخَلَ بها - صلى الله عليه وسلم - بعد أنْ هاجَرَ إلى المدينة ونصرَه الله في غزوة بدرٍ الكبرى؛ تقول - رضي الله عنها -: "تزوَّجَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شَوَّال، وبَنَى بي في شوَّال، فأيُّ نساءِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحظَى عنده منِّي؟!

 

ثم إنَّها - رضي الله عنها - عاشتْ معه حياتَه وهي الشابَّة الصغيرة، الحديثة السنِّ، الْمُحِبَّة للَّعِب، فكان من حُبِّه إيَّاها يُسرِّب إليها صواحبَها يلاعبْنَها، ومكَّنها من أنْ تضَعَ رأْسها على كَتِفه الشريف، وخَدَّها على خَدِّه مُسْتترة به؛ لتنظرَ إلى الأحْباش وهم يلعبون بحِرَابهم في المسجد، وكان من حُبِّها أنَّه كان يحبُّ محادثتها إذا سافَرَ، وسابقها مرَّة فسبقتْه، ثم سابقَها أخرى فسبَقَها، وبلَغَ من حُبِّه إيَّاها أنْ كان يُدَلِّلها فيقول: ((يا عائش))، و((يا موفَّقة))، و((يا بنت الصِّدِّيق))، وإذا غارتْ زوجاتُه منها، قال: ((إنَّها بنت أبي بكر))، بل بلَغَ من حُبِّه إيَّاها أنْ جَعَل يَعْلَمُ ما يدور بخاطرها تجاهه؛ فعنها - رضي الله عنها - قالتْ: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضية، وإذا كنتِ عليَّ غَضْبَى!))، قالتْ: فقلتُ: مِن أين تعرِفُ ذلك؟ فقال: ((أما إذا كنتِ عنِّي راضية، فإنَّك تقولين: لا ورَبِّ محمد، وإذا كنتِ عليّ غَضْبَى قلتِ: لا ورَبِّ إبراهيم))، قالتْ: قلتُ: أجَل، والله يا رسول الله، ما أهجرُ إلاَّ اسْمَك.

 

وكان يداعبُها فيتعمَّد شُرْبَ الماء من الموضِع الذي تشربُ منه، والأكْل مما تأْكُل منه؛ فعنها - رضي الله عنها - قالتْ: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعطيني العَرْق فأتعرَّقه، ثم يأخذه فيضعُ فاه على موضع فِيّ، ويُعطيني الإناءَ فأشرب، ثم يأخذه فيضعُ فاه على موضع فِيّ".

 

حتى إذا مَرِض استأذنَ نساءَه في أنْ يُمَرَّضَ في بيتها، فأذِنَّ له، ثم ماتَ في حِجْرها وهو راضٍ عنها، بل ودُفِن - صلى الله عليه وسلم - هو وصاحباه - رضي الله عنهما - في بيتها، ولَمَّا توفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيتِ الصِّدِّيقة بعدَه منارةَ عِلْمٍ، ومُوئلَ فقهٍ، فأفتتِ المسلمين في عهْد عُمر وعثمان، وجلستْ للتحديث، فروى عنها كِبار التابعين، وكانَ "مسروق" إذا حدَّثَ عنها، قال: حدَّثَتْنِي الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، حبيبة حبيبِ الله، المبرَّأة، فلم أكذبها.

 

فرَضِي الله عن عائشة وأرضاها، ورضي عن أبيها وأرضاه، وحشَرَنا في زُمرتهما مع محمد والذين أنْعَمَ عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين، والشُّهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقًا، ذلك الفضل من الله، وكَفَى بالله عليمًا.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، وراقبوا أمرَه ونَهْيَه ولا تَعصوه، واعلموا أنَّه ما كان - سبحانه - ليختار لرسوله وخيرِ خَلْقه إلاَّ خيرَ الزوجات، من أفضل النساء دينًا وخُلقًا، وأكملهنَّ عقلاً وعِلمًا، غير أنَّ مِن حِكْمته - سبحانه - أنْ جعَلَ أشدَّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأكمل فالأكمل، فكان أنِ ابْتَلَى نبيَّه محمدًا - عليه الصلاة والسلام - وصاحبَه أبا بكرٍ الصِّدِّيق وزوجَه الصِّدِّيقة عائشة - رضي الله عنهما - بأنْ تناولتْ ألْسِنةُ المنافقين النَّجِسَة عِرْضَها الشريف، فقذفوها برِيبة، واتَّهموها بما ترتجفُ الأفئدةُ مِن أنْ تُتَّهمَ به امرأة من سائر النساء، فكيف بزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحْصَنة المؤمنة العفيفة؟! وكان أنْ حدَثَتْ قصة الإفك، التي تولَّى كِبْرَها رأْسُ المنافقين عبدالله بن أُبَي بن سلول، وولَغَ فيها مَن ولَغَ من المنافقين، أو ممن ضَعفوا من غيرهم، إلاَّ أنَّ الله - تعالى - لم يتركْ حبيبة رسوله دون أن يبرِّئها، فأنزَلَ - سبحانه - براءَتها في آيات كريمات في سورة النور، آيات تزكِّيها وتطهِّرها، وترفعُ الدَّنَس عنها وعن بيت النبوة؛ ليؤكِّد الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - ما نزَلَ من السماء، فيقول: ((أبْشِري يا عائشة، أمَّا الله فقد برَّأكِ))، وليبقى قوله - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]، ليبقى هذا القولُ الكريم نِبراسًا لكلِّ مؤمنٍ أحبَّ الله ورسوله؛ ليعلمَ أنَّه مَهْمَا تكلَّم المنافقون قديمًا وحديثًا في عِرْض هذه الطاهرة المطهَّرة المصونة، فإنَّ في ثنايا ذلك من الخير للمؤمنين ما لا يعلمونه، وما لا يتوقَّعه أولئك الأفَّاكون الظَّلَمة الحاقدون، والذين ابتدأهم ابنُ أُبَي، وشِرذِمته الظالمة الحاقدة، وما زالَ الأشرار الأنجاس من الرافضة يحيون مَظْلمته ويرددونها في كُتبهم ومواقعهم، ويفضحُ الله بها كُبراءَهم ورؤوسَهم، فيأبَى ما في نفوسهم من سوء نِيَّة وفساد طَويَّة، إلاَّ أنْ يطفحَ على ألْسِنتهم في محافلهم، ليعلنوا - شاؤوا أم أبوا - كُفرَهم الباطن ببُغْض أهْل بيت رسول الله، وإن ادَّعوا ظاهرًا محبَّتَهم وتقديسهم؛ ذلك أنَّ الله ورسولَه يبرِّئان أُمَّ المؤمنين من الفاحشة، وتُعْلَنُ طهارتها في الكتاب والسُّنة، ويأبَى هؤلاء إلا ردَّ كلامِ الله وكلام رسوله؛ ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 42].

 

فاللهمَّ عليك بالرافضة ومَن سار سَيْرَهم، أو صحَّحَ مُعتقدَهم، أو تقرَّب إليهم، اللهم أعزَّ الإسلامَ وأظْهِر السُّنة، وانْصُرْ أهْلَها، وأذِل الشِّرْكَ، واقْمعِ البدعة، واخْذُلِ المفتونين بها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عائشة رضي الله عنها
  • ترجمة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
  • من فضائل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها
  • حملة الطعن والتشويه والتشكيك
  • أُمّـاهُ صبْراً (قصيدة في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها)
  • مليكة الطهر (قصيده في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها)
  • كيف واجهت أم المؤمنين عائشة حادثة الإفك؟
  • أمي عائشة
  • التعريف بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
  • قصيدة ابن بهيج الأندلسي في ذكر بعض فضائل أم المؤمنين عائشة (مترجمة إلى الفرنسية)
  • رسالة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
  • عائشة - رضي الله عنها- للشيخ سليمان السلامة (عرض تقديمي)
  • من نونية القحطاني في الذب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
  • الطعن في عائشة طعن في آل البيت وهدم للدين

مختارات من الشبكة

  • يا عائشة: أما الله عز وجل فقد برأك(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تصرفات الآخرين خارجة عن نطاق سيطرتنا أما تأثيرها علينا فقد يلازمنا مدى الحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أما هذا فقد قضى ما عليه، وأما أنا فمتى أقضي ما علي؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكريات شموع الروضة (5) فأصابتكم مصيبة الموت، فقد عالم وفقد محسنة!(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تفسير قول الله تعالى: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقد الأم(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كيف أتعامل مع أمي فقد فقدت صوابي؟(استشارة - الاستشارات)
  • أماه .. كنت لنا سر الحياة ثم رحلت إلى الله(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أمك ثم أمك ثم أمك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- تحيا الإسلام ولامة المسلمة
ابتسام - الجزائر 03-10-2010 01:13 AM

جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم أنا أريد أن أحدثكم على كيفية حل المشاكل وهذا طبقا لأمنا عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وكيف واجهت مشكلة القذف والزنا أنها تمالكت نفسها ولم تكن عصبية وتحلت بالصبر والدعاء لله سبحانه وتعالى حتى برئها الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات الله أكبر كبيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا إذن يا معشر الإسلام والمسلمين تحلو بالصبر والصلاة وقال ررسول الله صلى الله عليه وسلم"ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد اللذي يملك نفسه أثناء الغضب" صدق الرسول الكريم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب