• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن نفسه (خطبة)

رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن نفسه (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/9/2023 ميلادي - 25/2/1445 هجري

الزيارات: 13770

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدثنا عن نفسه

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أعطى الأمان لمن شكر سبحانه، سبحانه رب عظيم قد علا فوق الخلائق واقتدر سبحانه، سبحانه عنت الوجوه لجاهه واستسلمت، فطر الحياة لأمره لما أمر، فأتم فيض نعيمه للمؤمنين العاملين لدينهم جنات عدن عزها نور الجلال، أفاءه أمر الذي في كل أمر قد أمر، وأضاف من مدد الخلود ما غاب عن وعي المسامع والبصر، من كل فيض ناعم يسمو على كل الفكر، ويفوق كل تصوُّر عرفته أذهان البشر.


وأشهد أن لا إله إلا الله واحد أحد، فرد صمد، لا شريك له في مُلْكه، ولا سند سبحانه، سبحانه جعل الحياة مطية مطواعة للمؤمنين المحسنين؛ لأنهم قد وحَّدوا الله العظيم المقتدر، ومشوا على درب الهدى لما بدا في المبتدى نور الذي أحيا الفطر، وأشهد أنَّ محمدًا شمس الحقائق وضياها، ولفظ الرسالة ومعناها، ومرآة العلوم ومجلاها، ضيف السماوات وإمام مصلاها، اصطفاه الله من بحر لا يخاف قدره، ومن شجر لا يخلف ثمره، فغسل به من الكفر وجوهًا مسودة، وألان به للتقى قلوبًا مشتدة، وجعله للدين ظَهِيرًا وظَهرًا، وللحق ظهيرة وظُهرًا، فكف به كف الظلم، ورفع به لواء السلم، وزيَّن به سماء العلم، وجعله لمن في السماء إمامًا، ولمن في الأرض سلامًا، ولدنيا بشيرًا نذيرًا، أما بعد:

حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر مع خير من دبَّ على الثرى، مع حبيب القلوب، مع حبيب علَّام الغيوب، مع النبي المحبوب صلى الله عليه وسلم وهو يُحدِّثنا عن نفسه، فهيا لنُشنِّف الآذان بحديث النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، فهو أعرفُ الخلق بنفسه وبمكانته عند ربه.


أنا رسول الله وآدم -عليه السلام-منجدل في طينته:

عن عرباض بن سارية رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إني عبد الله، وخاتم النبيين، وأبي منجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي آمنة التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين»، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته له نورًا، أضاءت لها قصور الشام، ثم تلا ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45]؛ «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»[1].


وقد رواه ابن شاهين في (دلائل النبوة) من حديث أبي هريرة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك النبوَّة؟ قال: «بين خلق آدم ونفخ الروح فيه»، وفي رواية: «وآدم منجدل في طينته»[2].

 

يا مصطفى من قبل نشأة آدم
قد كنت نورًا زانه الإشراقُ
وفتحت ختم الفيض من كنز العما
والكون لم تفتح له أغلاق
أيروم مخلوقٌ ثناءك بعدما
كنت الثناء وشأنك الإطلاق
وظهرت من حمد الوجود بمظهرٍ
أثنى على أخلاقك الخلَّاق


أنا دعوة إبراهيم وبشارة عيسى عليه السلام:

فها هو خليل الرحمن وابنه إسماعيل -عليهم الصلاة والسلام- بعدما فرغا من بناء البيت يتوجه خليل الرحمن إلى الله تعالى بتلك الدعوة التي يسأل الله فيها أن يرسل إليهم نبيًّا، فيقول: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129]، وقال ابن كثير عند هذه الآية: والمراد بذلك محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد بعث فيهم كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ [الجمعة: 2]، ومع هذا لا ينفي رسالته إلى الأحمر والأسود؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158][3].


عن عرباض بن سارية رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي آمنة التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين»، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته له نورًا أضاءت لها قصور الشام، ثم تلا ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46]؛ «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»[4].


أنا خيار من خيار من خيار:

وها هو النبي المختار صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن الله تعالى اختاره وانتقاه، فهو من خيار الأمم ومن خيار البشر، فهو خير مخلوق خلقه الله تعالى؛ عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: «بُعِثْتُ مِن خيرِ قرونِ بني آدَمَ قرنًا فقَرْنًا، حتى كنتُ مِن القَرْنِ الذي كنتُ فيه» [5].


عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» [6].

 

تقلب في الأصلاب نورًا مقدسًا
ففاح له عطر يبوح به الظهر
فمن آدم قد سار في موج أعصر
إلى عصر عبدالله يزهو به الدهر
محمد المختار أشرق عهده
إلى النور يهدينا وطلعته البدر

 

أنا خليل الرحمن:

أيها الإخوة الكرام، ها هو صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن الله اتخذه خليلًا كما اتخذ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، عن جندب بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: «سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموتَ بخمس وهو يقول: إني أَبْرَأُ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، وإن الله قد اتخذني خليلًا، كما اتَّخذ إبراهيم خليلًا، ولو كنتُ متخذًا من أُمَّتي خليلًا لاتَّخذتُ أبا بكر خليلًا»[7].


أنا نبي الرحمة:

فقد قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107] قال ابن عباس في تفسيرها: "من آمن بالله ورسوله تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عُوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب من الخسف والمسخ والقذف؛ فذلك الرحمة في الدنيا"، ومصداق هذا في كتاب الله عز وجل؛ حيث قال: ﴿ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 32، 33].


عن أبي هريرة، قال: قيل: يا رسول الله، ادعُ على المشركين قال: ((إني لم أُبعَثْ لعَّانًا، وإنما بُعِثْتُ رحمةً))[8].


عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَأَنَا نَبِيُّ الْمَلَاحِمِ، وَأَنَا الْمُقَفَّى»[9].


أنا لبنة التمام:

من فضائله صلى الله عليه وسلم أنه لبنة التمام وزينة الأنبياء فهو أشرفهم وأجملهم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، عَنْ ‌جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ، ‌كَمَثَلِ ‌رَجُلٍ ‌بَنَى ‌دَارًا، فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَكَانَ مَنْ دَخَلَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا قَالَ: مَا أَحْسَنَهَا إِلَّا مَوْضِعَ هَذِهِ اللَّبِنَةِ! فَأَنَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ، خُتِمَ بِيَ الْأَنْبِيَاءُ» [10].


أنا شهيد عليكم:

ومن فضائله أنه شهيد وبشير: فعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فصلَّى على أهل أُحُد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: «إني فرط لكم -أي: سابقكم- وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أُعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها»؛ متفق عليه.


أنا أول المسلمين:

﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]؛ أي: المنقادين إلى امتثال ما أمر الله تعالى به، وقيل: المستسلمين لقضاء الله تعالى وقدره، والمراد مسلمو أمته كما قيل، وهذا شأن كل نبي بالنسبة إلى أمته، وقيل: هذا إشارة إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «أول ما خلق الله تعالى نوري» [11].


أنا لكم بمنزلةِ الوالدِ:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: «إنَّما أنا لكم بمنزلةِ الوالدِ أُعلِّمُكُم، فإذا أتى أحدُكُمُ الغائِطَ فلا يَستَقبِلِ القبلَةَ، ولا يَستَدبِرْها، ولا يَستَطِبْ بيمينِهِ»، وكان يأمُرُ بثلاثةِ أحجارِ، وينهى عن الرَّوْثِ والرِّمَّة [12].


أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

أنا سيد ولد آدم:

وها هو سيد ولد آدم يخبرنا عن مكانته بين خلقه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه - أنه قال: كنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم- في دعوة، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، وقال: «أنا سيد القوم يوم القيامة»؛ متفق عليه.


فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع» [13].


وأمَّا الحديث الآخر: «لا تخيروني من بين الأنبياء» [14].


فجوابه من خمسة أوجه:

أحدها: أنه -صلى الله عليه وسلم- قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم، فلما علم أخبر به.


والثاني: قاله أدبًا وتواضُعًا.


والثالث: أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول.


والرابع: إنما نهي عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة كما هو المشهور في سبب الحديث.


والخامس: أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة، فلا تفاضل فيها، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى، ولا بُدَّ من اعتقاد التفضيل، فقد قال الله تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [البقرة: 253][15].


يقول المناوي -رحمه الله-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة» خصَّه لأنه يوم مجموع له الناس، فيظهر سؤدده لكل أحد عيانًا، وصف نفسه بالسؤدد المطلق المفيد للعموم في المقام الخطابي على ما تقرر في علم المعاني، فيفيد تفوُّقه على جميع ولد آدم حتى أولي العزم من الرسل واحتياجهم إليه، كيف لا وهو سيد ولد آدم، وتخصيصه ولد آدم ليس للاحتراز فهو أفضل حتى من خواص الملائكة كما نقل الإمام عليه الإجماع، ومراده إجماع من يُعتدُّ به من أهل السنة.


«وأول من ينشق عنه القبر»؛ أي: أول من يعجل إحياؤه مبالغة في إكرامه وتخصيصًا له بتعجيل جزيل إنعامه، قال القرطبي: ويعارضه خبر «أنا أول من يبعث فأجد موسى عليه السلام متعلقًا بساق العرش»، «وأول شافع» للعُصاة؛ أي: لا يتقدَّمني شافع، لا ملك ولا بشر في جميع أحكام الشفاعات «وأول مُشفع» بشد الفاء؛ أي: مقبول الشفاعة، ولم يكتفِ بقوله: «أول شافع»؛ لأنه قد يشفع الثاني، فيشفع قبل الأول، قال ذلك امتثالًا لقوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، وهو من البيان الذي يجب تبليغه[16].


«أنا أول شافع وأول مشفع»: عن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ آدم فمَنْ سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشقُّ عنه الأرض ولا فخر»، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا آدم، فاشفع لنا إلى ربك فيقول: إني أذنبت ذنبًا أهبطت منه إلى الأرض ولكن ائتوا نوحًا، فيأتون نوحًا فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا ولكن اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما منها كذبة إلا ما حَلَّ بها عن دين الله، ولكن ائتوا موسى فيأتون موسى فيقول: إني قد قتلت نفسًا، ولكن ائتوا عيسى فيأتون عيسى فيقول: إني عبدت من دون الله، ولكن ائتوا محمدًا قال: فيأتونني فأنطلق معهم، قال ابن جدعان: قال أنس: فكأني أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيُقال: من هذا؟ فيقال: محمد، فيفتحون لي ويرحبون بي فيقولون: مرحبًا فأخِرُّ ساجدًا، فيلهمني الله من الثناء والحمد فيقال لي: ارفع رأسك وسَلْ تُعْطَ، واشفَعْ تُشفَّع، وقُل يُسمَع لقولك، وهو المقام المحمود الذي قال الله: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79][17].


أنا أول من يقرع باب الجنة: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ»[18].


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آتِي بَاب الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحَ فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ أَنْ لَا أَفْتَحَ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ"[19].


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ»[20].


عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَهْلُ الْجَنَّةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ صَفًّا، أَنْتُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا، وَالنَّاسُ سَائِرُ ذَلِكَ، وَأَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»[21].


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيْنَا الْأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ بِيَ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، وَقِيلَ: انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ: انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ»، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَذَاكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَولِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلَكِنْ قَدْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»، فَقَامَ عُكَّاشَةُ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُم يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، ثُمَّ قَامَ آخَرُ، فَقَالَ: أَنَا مِنْهُم يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»[22].


فصلوا على الهادي البشير، والسراج المنير، محمد بن عبدالله، الذي صلى الله عليه في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].



[1] المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 453)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ».

[2] أخرجه الحاكم (2 /665، رقم 4210)، والخطيب (3/70) (صحيح سلسلة الأحاديث الصحيحة 18 / 56، المشكاة 5758).

[3] تفسير ابن كثير، ط أولاد الشيخ (2/ 94).

[4] المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 453)، وقال «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ».

[5] أخرجه البخاري (3/1305، رقم 3364)، وابن سعد (1 /24) ، والبيهقي في شعب الإيمان (2 /139 ، رقم 1392)، وأخرجه أيضًا: أحمد (2/373 ، رقم 8844).

[6] أخرجه مسلم (2276).

[7] صحيح مسلم (1/ 377 - 378 رقم 532).

[8] أخرجه مسلم (4/ 2006، رقم 2599).

[9] الشريعة للآجري (3/ 1485).

[10] البخاري (3534)، ومسلم (2287) (3)، والترمذي (2862).

[11] تفسير الألوسي - (ج 6/ ص 93).

[12] "مسند أحمد" (7368)، و"صحيح ابن حبان" (1431) و (1440).

[13] أخرجه مسلم 4223.

[14] أخرجه أحمد 3 /31(11285) و3 /33(11306)، و"البخاري" 3 /158(2412) و"مسلم" 7 /102(6231).

[15] شرح النووي على مسلم (ج 7 / ص 473).

[16] فيض القدير (3/ 41).

[17] أخرجه أحمد ح 2415 والترمذي ج 10 / ص 422.

[18] أخرجه ابن أبي شيبة 11/503، ومسلم (196) (331) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.

[19] أخرجه عبد بن حميد (1271)، ومسلم (197)، وأبو عوانة 1 /158-159.

[20] صحيح مسلم: ج1/ص188 ح196.

[21] المعجم الكبير: ج19/ص419 ح1012

[22] رواه البخاري (5752)، ومسلم (220).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دواعي اختيار مدينة رسول الله عاصمة لدولة رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبارة: "إلا رسول الله"(مقالة - ملفات خاصة)
  • الآثار الإيمانية للإيمان بالرسل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هيئة التعريف بالرسول تصدر كتابا بثلاث لغات لدحض الشبهات عن الرسول عليه الصلاة والسلام(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن نفسه(مقالة - ملفات خاصة)
  • باب وجوب الولاء لله ورسوله والمؤمنين والبراءة ممن حاد الله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب