• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    وما ظهر غنى؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصلاة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    خطبة: يكفي إهمالا يا أبي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: فتنة التكاثر
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم
    د. وفا علي وفا علي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    إطعام الطعام من أفضل الأعمال
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / التاريخ
علامة باركود

خطبة عن الزبير بن العوام

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2018 ميلادي - 10/7/1439 هجري

الزيارات: 31088

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن الزبير بن العوام

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدينِ... أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقوا اللهَ - عِبادَ اللهِ - وَقُومُوا حَقَّ الْقِيَامِ بِدِينِ اللَّهِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوكَّلَ عَلَيهِ كَفَاهُ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ حَفِظَهُ مِنَ الشُّرُورِ وَحَمَاهُ، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.


أيُّهَا الإِخوَةُ الكِرامُ... لقدْ خَلقَ اللهُ للمعَالِي رِجالاً، فاخْتَارَهُمْ لِحَمْلِ دِينِهِ، وتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ، أَكْرَمَهُمُ اللهُ بأَنْ اسْتَعمَلَهُمْ في الْحَقِّ وللحَقِّ، ومَاتُوا مِنْ أَجْلِ ذَلكَ، أَكْرَمَهُمُ اللهُ في دُنْيَاهُمْ بالشَّهَادةِ فِي سَبِيلِهِ، وأَكْرَمَهُمْ في الآخِرَةِ بِرِضَاهُ وَجَنَّتِهِ.

ومِنْ هَؤلاءِ الرِّجَالِ الَّذِينَ حَمَلَوا هَمَّ الدِّينِ، ومَاتُوا في سَبِيلِهِ، صَّحَابِيٌّ جَلِيلٌ، وبَطَلٌ عَظِيمٌ، إنَّهُ الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى، الْقُرَشِيُّ.


مَناقِبُهُ أَكثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، فمِنهَا أنَّهُ حَوَارِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَابْنُ عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِالمُطَّلِبِ، وَمِنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوْا عَنْهُ، وَأَحَدُ العَشرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَرَدَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ رَجُلاً طَوِيْلاً، إِذَا رَكِبَ خَطَّتْ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ وَالعَارِضَيْنِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا، وَهُوَ حَدَثٌ صَغِيرٌ.


يَقولُ ابْنُهُ عُرْوَةُ: "أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ ابْنُ ثَمَانِ سِنِيْنَ، وَنَفَحَتْ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُخِذَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ غُلاَمٌ -ابْنُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَةً- بِيَدِهِ السَّيْفُ، فَمَنْ رَآهُ عَجِبَ، وَقَالَ: الغُلاَمُ مَعَهُ السَّيْفُ، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا لَكَ يَا زُبَيْرُ؟" فَأَخْبَرَهُ، وَقَالَ: أَتَيْتُ أَضْرِبُ بِسَيْفِي مَنْ أَخَذَكَ. رواهُ البيهَقِيُّ.


لَمْ يَسْلَمِ الزُّبيرُ مِنَ الْفِتنَةِ عِندَمَا أَسلَمَ، فَقدْ هَاجَرَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَكَانَ عَمُّهُ يُعَلِّقُهُ، وَيُدَخِّنُ النَّارَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لاَ أَرْجِعُ إِلَى الكُفْرِ أَبَداً.

وَلَقدْ قَامَتْ أُمُّهُ رَضِيَ اللهُ عَنهَا بتَربِيَتِهِ أَحسَنَ التَّربِيةِ، فقَدْ كَانَتْ تَضْرِبُهُ ضَرْباً شَدِيْداً، وَهُوَ يَتِيمٌ، فَقِيْلَ لَهَا: قَتَلْتِهِ، أَهْلَكْتِهِ، قَالَتْ:

إِنَّمَا أَضْرِبُهُ لِكَي يَدِبَّ * وَيَجُرَّ الجَيْشَ ذَا الجَلَبْ

 

وقَدْ كَانَ الزُّبيرُ كمَا أَرَادتْ لَهُ أُمُّهُ، فهُوَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وحَوَارِيُّهُ، ولقَدْ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَارِسَانِ: الزُّبَيْرُ عَلَى فَرَسٍ، عَلَى المَيْمَنَةِ، وَالمِقْدَادُ بنُ الأَسْوَدِ عَلَى فَرَسٍ، عَلَى المَيْسَرَةِ.

ولقد حُقَّ للزُّبيرِ أَنْ يَفخَرَ حِينَمَا نَزَلَ جِبريلُ بَلْ والمَلائِكةُ علَى سِيمَائِهِ، يَقولُ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جِبْرِيْلُ عَلَى سِيْمَاءِ الزُّبَيْرِ. وفِي لَفظٍ آخَرَ: "فَنَزَلَتِ المَلاَئِكَةُ كَذَلِكَ" أيْ علَى صِفَةِ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.


عِبادَ اللهِ.. لَقدْ كَانَ الزُّبيرُ مِمَّنْ أَخلَصُوا الْمَحبَّةَ للهِ ورَسولِهِ قَولاً وعَمَلاً، كَانَ مِمنْ صَدَقَ مَعَ اللهِ ورَسُولِهِ فِي الشِّدةِ والرَّخاءِ، كَانَ مِمَّنِ استَجَابَ للهِ ورَسُولِهِ في الْعُسرِ والْيُسرِ.. كَانَ مِنَ عِبَادِ اللهِ الْمُخلِصينَ في المنشَطِ والْمَكرَهِ.. يقولُ ابنُهُ عُروةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي! كَانَ أَبُوَاكَ -تَعْنِي: الزُّبَيْرَ، وَأَبَا بَكْرٍ- مِن: {الَّذِيْنَ اسْتَجَابُوا لِلِّهِ وَالرَّسُوْلِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ}...

قَالَتْ : لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ وَأَصَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ: «مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلاَءِ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ بِنَا قُوَّةً»، فَانْتَدَبَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ فِي سَبْعِينَ فَخَرَجُوا في آثَارِ الْقَوْمِ فَسَمِعُوا بِهِمْ وَانْصَرَفُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ولَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا. رَواهُ البخاريُّ.

ولَمْ يَكتَفِ الزُّبيرُ بذَلكَ فحَسبُ.. بَلْ كَانَ يَخرُجُ لِوَحْدِهِ مُخَاطِرًا بنَفسِهِ وحَياتِهِ فِداءً لِدينِ اللهِ وتَضحِيةً مِنْ أَجلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، روَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِن حَديثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الخَنْدَقِ: "مَنْ يَأْتِيْنَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟". فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ. ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ. ثُمَّ الثَّالِثَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" رواهُ البُخارِيُّ.


ولَمْ يَقِفْ حُبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم للزبيرِ عِندَ ذَلكَ بَلْ كَانَ أَشَدَّ، فقَدْ فَدَّاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بأَبيهِ وأُمِّهِ، فعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا أَبَةِ! قَدْ رَأَيْتُكَ تَحْمِلُ عَلَى فَرَسِكَ الأَشْقَرِ يَوْمَ الخَنْدَقِ. قَالَ: يَا بُنَيَّ! رَأَيْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ لَيَجْمَعُ لأَبِيْكَ أَبَوَيْهِ، يَقُوْلُ: "ارْمِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" مُتفقٌ عَليهِ.


لقَدْ أَبلَى الزُّبيرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بَلاءً حَسنًا في سَبِيلِ اللهِ، فلَقدْ كَانَ فِي صَدْرِهِ أَمْثَالُ العُيُوْنِ مِنَ الطَّعْنِ وَالرَّمْيِ.

ويَقُولُ عُرْوَةُ: كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ: إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ، إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِي فِيْهَا، ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَوَاحِدَةً يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.

ولِفضْلِهِ وتَضحِيَتِهِ وجِهَادِهِ بَشَّرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالشَّهَادةِ والْجَنَّةِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ. فَقَالَ: اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ. رواه مُسلِمٌ. وقالَ صلى الله عليه وسلم: "الزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ" رواهُ التِّرمذِيُّ.


كانَ الزُّبيرُ رَضي اللهُ عَنهُ مِمَّن قَاتَلَ ضِدَّ عِليٍّ بنِ أبي طَالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فلَمَّا تَبيَّنَ لَهُ الْحَقُّ تَركَ الْحَربَ واعْتَزَلَ الفِتنَةَ...

فَلِحقَهُ رَجلٌ يُدْعَى عَمرُو بْنُ جُرْمُوْزٍ فغَدَرَ بِهِ، فَطَعَنَهُ عِدَّةَ طَعنَاتٍ مِنْ ظَهرِهِ، حَتَّى قَتَلَهُ، وَدُفِنَ بِوَادِي السِّبَاعِ -وهِيَ قَريبةٌ مِنَ البَصْرَةِ-.

وَجَلَسَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَبْكِي عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وحِينَ أَدخلُوا عليهِ سَيفَ الزُّبيرِ قَبَّلَهُ وأَمْعَنَ في البُكَاءِ وهُوَ يَقولُ: "سَيفُ طَالَمَا واللهِ جَلاَ بهِ صَاحِبُهُ الْكَربَ عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم".

قُتِلَ رضي اللهُ عنهُ وأَرضَاهُ فِي شَهرِ رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ بِضْعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، ولَمَّا بَلَغَ زَوجَتَهُ عَاتِكَةَ خَبَرُ وَفَاتِهِ قَالَتْ تَرْثِيْهِ:


غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوْزٍ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ = يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ

يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ = لاَ طَائِشاً رَعشَ البَنَانِ وَلاَ اليَدِ

ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ = فِيْمَا مَضَى مِمَّا تَرُوْحُ وَتَغْتَدِي

كَمْ غَمْرَةٍ قَدْ خَاضَهَا لَمْ يَثْنِهِ = عَنْهَا طِرَادُكَ يَا ابْنَ فَقْعِ الفَدْفَدِ

وَاللهِ رَبِّكَ إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِماً = حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوْبَةُ المُتَعَمِّدِ

 

فرَضيَ اللهُ عَنِ الزُّبيرِ وأَرضَاهُ، ورَضِيَ عَنِ الصَّحبِ الكِرَامِ والآلِ الطَّيبِينَ الطَّاهِرِينَ.. والحمدُ للهِ رَبَّ العَالِمَينَ.


الخطبة الثانية:


الْحَمْدُ للهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا ويَرْضَى، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيُّ الأَعلَى، وأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ صلَّى اللهُ عَليهِ في الآخِرةِ والأُولَى، أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْكِرَامُ... هَذِهِ جُهُودُ الزُّبيرِ بنِ العَوَّامِ رَضيَ اللهُ عَنهُ فِي الإِسْلامِ وهَذَا عَمَلُهُ، وإنَّ سِيرَتَهِ لَخَلِيقةٌ بأَنْ تُقرَأَ، بَلْ وأَنْ تُكتَبَ بِمَاءِ الذَّهَبِ.

وإِنَّنِي أُوصِي نَفسِي وإِيَّاكُمْ بأَنْ نَقْرَأَ سِيَرَ هَؤلاءِ الأَعلامِ الأَبطَالِ، فَهُمُ النُّجُومُ الَّتِي يُهتَدَى بِهِمْ، هُمُ الشَّمسُ الَّتِي تُضِيءُ لَنَا تَارِيخَنَا -مَاضِيَهُ وحَاضِرَهُ ومُستَقبَلَهُ-.


ومِنَ العَجَبِ حَقًّا أَنْ يَعكِفَ النَّاسُ علَى قِراءَةِ كُتُبِ التَّافِهِينَ والتَّافِهَاتِ مِمَّن يَدَّعُونَ الْفِكرَ والثَّقَافَةَ والْفَنَّ، ثُمَّ تَنظُرُ في كُتُبِهِمْ فَلا تَرَى إلاَّ الْهُرَاءَ ولا تَجِدُ إلاَّ السَّخَفَ.

ماذَا استَفَادَ النَّاسُ مِنْ قَراءَةِ كُتُبِ هَؤلاءِ إلاَّ تَضيِيعَ الْوَقتِ وبَذلَ الْجَهْدِ!!، ولَو أَنَّهُمُ استَبدَلُوا ذَلكَ بقِراءَةِ كُتُبِ الصَّحابَةِ والتَّابعِينَ والأَئِمَّةِ الذِينَ نَصَرَ اللهُ بِهِمُ الدِّينَ والْمِلَّةِ وجَعَلَهُمْ ضِياءً للأُمَّةِ لكَانَ خَيرًا لَهُمْ وأَقْوَمَ وأَحْسَنَ، ولكِنَّهُمْ رَضُوا لأَنفُسِهِمْ بسَفَاسِفِ الأُمورِ وأَحْقَرِهَا وتَرَكُوا مَعَالِيهَا، وقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا" رَواهُ البَيهَقِيُّ.


عِبادَ اللهِ.. لَقَدْ كَانَ لَنَا فِي قِصَّةِ الزُّبيرِ بنِ العَوَّامِ وإِخْوَانِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم الْقُدْوَةُ الْحَسَنَةُ الصَّالِحَةُ، فَلْنَقْتَدِ بِهِمْ، وَلْنَسِرْ علَى نَهْجِهِمْ، وَلْنَمْشِ فِي طَرِيقِهِمْ، فَهُوَ الْفَلاَحُ والنَّجَاحُ بإِذْنِ رَبِّنَا.

اللهُمَّ اغْفِرْ للزُّبيرِ بنِ الْعَوَّامِ، اللهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، ولا تفتِنَّا بَعدَهُ، وأَلْحِقْنَا بِهِ في دَارِ السَّلامِ، في صُحْبَةِ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وأَوْرِدْنا حَوْضَه، واسْقِنَا مِنْهُ شَرْبَةً لا نَظمأُ بَعْدَها أبدًا، اللهمَّ توفَّنَا على ما كانَ علَيْهِ محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُه، مُتَّبِعِينَ غيرَ مُبْتَدِعِينَ ولا مُبَدِّلِينَ.


هَذَا.. ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ عِبَادِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ..

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُحْيِيَ قُلُوبَنَا بِطَاعَتِهِ، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، إِنَّه حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

اللَّهُمَّ إنِّا نسْألُكَ الهُدَى، والتُّقَى، والعَفَافَ، والغِنَى، اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ.

اللَّهُمَّ إنّا نعوذ بك مِنْ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُمْ.

اللهمَّ وَحِّدْ بَينَ صُفُوفِنَا وانْزِعِ الْفُرْقَةَ مِنْ بَيْنِنَا، وأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، ومِنْ شَرِّ مَا تَعَاقَبَ عَليهِ اللَّيْلُ والنَّهَارُ.

اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وانْصُرْ جُنُودَنَا فِي الحَدِّ الجَنُوبِيِّ، وانْصُرِ المسلِمينَ المستضعفينَ في كلِّ مكَانٍ يَا ذَا الجَلالِ والإِكْرامِ..

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث أسماء: كنت أخدم الزبير خدمة البيت
  • يا مولى الزبير (خطبة)
  • اغترار العوام بما يقومون به من الطاعة

مختارات من الشبكة

  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: يكفي إهمالا يا أبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدخل عمها أفسد الخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • خطبه الجمعة 31-6-1439 طلوع الشمس وخروج الدابة(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أبو بكر الصديق .. خطبه ومواعظه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة الصحابة: الزبير بن العوام رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزبير بن العوام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نبذة عن الزبير بن العوام(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • شجاعة الزبير بن العوام في معركة بدر(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 10:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب