• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات / في الوقف والوصية
علامة باركود

أهمية الوقف ومنافعه ومصارفه (خطبة)

أهمية الوقف ومنافعه ومصارفه (خطبة)
الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/8/2024 ميلادي - 12/2/1446 هجري

الزيارات: 6115

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهمية الوقف ومنافعه ومصارفه


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب70 ـ 71]، أما بعد:

فإن أحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

معاشر المؤمنين، عباد الله، لا يخلو مجتمع من ظروف طارئة تداهمه يختل فيها ميزان العدالة، وتضطرب المستويات المعيشية عند بعض الناس، لعجزٍ ينزل بهم فيُقعدهم عن العمل والإنتاج، أو لقلة مواردهم الطبيعية، أو الحروب أو الكوارث الخاصة أو العامة، وقد يصل هذا الاختلال إلى حدٍّ قاسٍ ينعدم معه توفر الحدِّ الأدنى من الكفاية المعيشية، وهذا ما افترضه الإسلام ورتب له الحلول الإيجابية الحاسمة، من أجل رأْب الصدع وإعادة التوازن المعيشي قدر الإمكان في المجتمعات، والنهوض بها نحو مزيد من التنمية الشاملة والعطاء المستمر، وقد شرع لتحقيق ذلك مجموعة من التدابير والأدوات والوسائل؛ مثل زكاة المال وصدقة الفطر والوصية والكفارة، وغير ذلك مما شرعه الإسلام في هذا الصدد، ومما شرعه مسألة الوقف الخيري، ومعنى الوقف: هو التنازل عن ملكية المال مؤبدًا لله تعالى، من أجل أن ينتفع به الناس، وذلك كوقف المساجد ليصلي فيها الناس، ووقف المدارس ووقف مياه الشرب في الطرق والأسواق، وبداية أمر الوقف كان ذلك حينما ندب الإسلام إليه ورغَّب فيه، وعدَّه من أفضل الطاعات المستمرة التي يتقرب بها المسلم إلى خالقه سبحانه وتعالى؛ روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة؛ إلا من صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)[1].

 

قال أهل العلم: الصدقة الجارية هي الوقف، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يكن فيها ماء حلو عذب سوى بئر روما، وكانت لرجل شحيح النفس يغالي في بيع مائها، فرغب النبي صلى الله عليه وسلم في شرائها قائلًا: (من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخيرٍ له منها في الجنة، فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه)[2]، (بخمسة وثلاثين ألف درهم)[3].

 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك)[4]؛ اجعلها سقاية؛ أي سبيلًا للمسلمين.

 

ثم شاع الوقف بين الصحابة، وانتشر بعد ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال جابر بن عبد الله: لا أعلم أحدًا من الصحابة كان ذا مقدرة وذا مال، إلا وقف مالًا في سبيل الله، وكان من جملة ما أوقفوه المساجد والآبار والمزارع وبيوت ابن السبيل وأدوات الجهاد؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثنى على خالد بن الوليد حينما أخبر أنه منع الصدقة، فقال صلى الله عليه وسلم: (وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، فقد احتبس ـ أي أوقف ـ أدراعه وأعتاده في سبيل الله)[5].

 

هذا فيما يتعلق بترغيب الإسلام بالوقف الخيري الذي يكون سببًا لتنمية المجتمع، وقبل ذلك هو قربة إلى الله يجري لصاحبها خير في الدنيا والآخرة ما جرت هذه الصدقة.

 

أما أهداف الوقف، فللوقف غايتان كليتان تتفرع عنهما غايات جزئية، وهاتان الغايتان الكليتان: أولاهما: غاية دينية تعبدية كما أسلفت، وغاية اجتماعية تنموية.

 

أما الغاية الدينية التعبدية، فتمنح المسلم مزيدًا من الفرصة التي يمكنه من خلالها استدراك ما فاته، والتقرب إلى الله تعالى بما يوفقه من أعمال البر التي يستفيد من ثوابها ما دام الناس ينتفعون بها.

 

أما صور ميادين الوقف في الإسلام، فقلَّما يجد الإنسان مع امتداد رقعة البلاد الإسلامية مدينة أو قرية ليس فيها وقف، فقد بلغ المسلمون عبر العصور الذروة في التسابق على وقف المرافق الخيرية، لتحقيق النهضة والتنمية الإنسانية في جوانبها المادية والمعنوية، وأقبلوا رجالًا ونساءً على الوقف بحماسٍ وإخلاص، ومما أوقفوه ما يلي:

أوقفوا أرضيات المساجد، وهذا في كثير من بقاع المسلمين كالأزهر الشريف مثلًا، وكجامع صنعاء أوقفوا المساجد ومرافقها ولوازمها، وما يقوم ومن يقوم بها من إمامة وخطابة ونظافة وإضاءة وإصلاح، كذلك أيضًا أوقفوا المدارس وتوابعها، وأوقفوا أرضيات المستشفيات ومستلزماتها، وأوقفوا المكتبات العامة، كما هو حاصل في مصر والعراق ودمشق والقيروانة وتركيا واليمن، وهذا معلوم لمن تأمله، فهناك وزارات تسمى بوزارات الأوقاف، إنما كانت هذه الوزارات وزارات حينما كان هناك أوقاف للمسلمين، يوم أن رغبوا فيما عند الله تبارك وتعالى، فأوقفوا تلك الأرض ملتمسين القربى من الله سبحانه وتعالى والأجر والثواب، هذا ما يتعلق بالغاية التعبدية من الغايات المترتبة على الوقف الخيري.

 

أما الغاية الاجتماعية التنموية، فبالوقف تغرس السعادة في نفوس الناس، وذلك بتأمين احتياجاتهم وتوفير مطالبهم المعيشية، وإعانتهم على تجاوز الظروف الصعبة التي نزلت بهم، والارتقاء بحياتهم، وتيسير أسباب التنمية والإنتاج، وتيسير أسباب الحياة الكريمة، سواء كان ذلك غذاءً أو علاجًا مسكنًا أو علمًا أو حياة مزدهرة، وهذا ما ندب إليه الإسلام وحث عليه، كما تقدم لكم في الحديث الصحيح: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها: صدقة جارية)[6].

 

وجاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)،. قال فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول)[7].

 

بمعنى أنها لا تباع ولا توهب ولا يرثها وراث عمر، وإنما هي وقف لله أما من حيث محاصيلها الزراعية، فإنها تصرف: (في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله، وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول)، هذا يكون فيه عون لذوي الإعسار من المسلمين.

 

أما ما يتعلق بأصناف الوقف، فأباح الإسلام للإنسان أن يقف على أهله وذريته وأقربائه؛ ليساعدهم على ما يواجههم في حياتهم من مصاعب ومفاجآت، شريطة ألا يكون هناك إضرار بالورثة ولا إضرار بالنساء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من ضار ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه)[8].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)[9]، ولكن انطلاقًا من مفهوم: (الأقربون أولى بالمعرف)[10]، فيجوز للمسلم أن يوقف على أهله وذريته.

 

جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾، وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)، فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه)[11]، لا يتناولها غيرهم من المسلمين.

 

هذا يسميه الفقهاء بالوقف الأهلي أو بالوقف الذُّرِّي، وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أبا طلحة رضي الله عنه؛ حيث قال له: (أرى أن تجعلها في الأقربين).

 

كما شرع الإسلام الوقف على غير الأقارب، وهو الحاصل عند المسلمين اليوم من عامة الناس؛ حيث يبادر الراغب في فعل الخير إلى تقديم المنافع والخدمات المجانية إلى أصناف وفئات متنوعة من المجتمع؛ كما فعل عثمان وعمر بن الخطاب، أما عمر فحينما أوقف أرض خيبر[12].

 

وأما عثمان فحينما وقف بئر روما لعامة سكان أهل المدينة[13]، هذا ما يسمى بالوقف الخيري، أو بالوقف العام، تسمعون بعض تفاصيله في الخطبة الثانية إن شاء الله.

 

اللهم بارك لي ولكم في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، هذا ما قلته لكم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم، فاستغفروه يغفر لكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:

معاشر المؤمنين، سَمعتم إلى حرص الإسلام وحثه على الوقف الخيري، وسمعتم بعض التفاصيل وغايات الوقف التعبدية والخيرية، كذا عباد الله أحاط الإسلام الوقف الخيري بتنظيم دقيق وضبطه بأحكام مفصلة، من أجل حماية هذا الصرح الخيري من الأهواء والأطماع والأنانية التي تلاحظ في أصحاب النفوس الضعيفة الذين ينحرفون بالأعمال الخيرية عن مسارها النبيل، ويحوِّلونها إلى مصالحهم الخاصة، لذلك أوجب الإسلام أن يتولى أمور الوقف الرجل القوي الأمين ذو الكفاءة والمقدرة والنزاهة، وحسن السلوك والسيرة؛ كما شرع الإسلام محاسبة هذا الرجل الأمين للتحقيق من سلامة إدارته للوقف، وحسن استثمار أمواله، وتحري العدالة في توزيع منافعه على مستحقيه، هذا وقد أجاز الإسلام تأجير الوقف؛ تنمية لموارده وتوجيهًا لها إلى المزيد من مجالات تحقيق الخدمة الاجتماعية التطوعية المجانية، كما سمح ببيع الوقف الخرب أو المعطَّل الذي لا يمكن الانتفاع به، ثم شراء ما يقوم مقامه وتوجيهه لمنفعة الناس ما وجد إلى ذلك سبيلًا.

 

كذلك يا أمة الإسلام مما هو مشاهد اليوم ما يندى له الجبين: التلاعب بأوقاف المسلمين التي أوقفت منذ عصور متقدمة، فمن الناس من لا يخاف الله سبحانه وتعالى في ذلك، فيخبط في ذلك خبط عشواء، جاء الوعيد الشديد فيمن نهب أو اختلس أو حول مسار الوقف على غير تعيين واقفه الصحيح، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة181]، وتأمل حينما ختم الآية بهذين الاسمين ﴿ إن الله سميع عليم ﴾، سميع بما أوقف الواقف عليم بهذا الوصي، أو الناظر هذا المسؤول الذي حول مسار هذا الوقف عن نية أو إرادة صاحبه الواقف، فذلك مقبور في أطباق الثرى، وهذا يخبط بأمواله التي أوقفها، لكن الله عز وجل قد علم نية ذلك الرجل، فهو مأجورٌ من حيث الأجر، وهذا مأزور من حيث التغيير، فالله المستعان، فالواجب على المسلمين تقوى الله سبحانه وتعالى، فيمن كان قد بنى على أرضية وقف، بنى بيتًا أو دكاكين، أو أخذ ذلك عَنوة مزرعة زرع فيها، فليعلم أنه محاسب على ذلك بين يدي الله عز وجل، ولو كان هذا يحتج بأن الوقف خراب في خراب، وأنه هناك من لا يرعى حقوقه، فنقول: ادفعه إلى الجهات المختصة الذين مكنهم الله عز وجل من السلطان على الناس، وأنت تكون قد أدَّيت ما عليك، فإذا أفسد غيرك فلن يكون عليك من الإثم شيء، أما أن تأخذه أنت اختلاسًا، بحجة أنك إذا لم تأخذه أنت أخذه الغير؛ فيقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة105].

 

كذلك أيضًا: نخاطب أهل اليسار من أهل الأموال والثراء أن يوقفوا أوقافًا لوجه الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في صحيح الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيُّكم مال وارثه أحب إليه من ماله، قالوا يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر)[14].

 

والعكس أنك تجد الرجل يخلف أكثر مما يقدم، فلمن يكون هذا الذي أخَّره؟ يخلفه لأهل الإرث.

 

على أنه لا بد من الجمع بين النصوص؛ يقول صلى الله عليه وسلم: (إنك إن تذر ورثتك أغنياءَ خيرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)[15]، ولكن على حسب القدرة واليسار.

 

كذلك من مات أبوه وأراد أن يقدم له مصلحة، فأحسن ذلك إيقاف الماء للمسلمين شربًا واستخدامًا، وجاء سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، إن أمي توفيت ولم توصِ، أفينفعها أن أتصدق عنها قال: (نعم وعليك بالماء)[16].

 

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه والباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

 

اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته ولا هَمًّا إلا فرَّجته، ولا دينًا إلا قضيته، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وكن لنا ولا تكن علينا.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا.

 

اللهم اجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته ولا هَمًّا إلا فرجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا عسيرًا إلا يسَّرته.

 

اللهم خُذ بأيدينا إلى كل خير، واصرف عنا كل شر وضير، يا رب العالمين.

 

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل90].

 

اذكروا الله يذكُرْكم، واشكروه على نِعمه يَزِدْكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.



[1] رواه مسلم (1631) والبخاري في: الأدب المفرد ( 38 ) وأحمد (8831) وأبو داود (2880) والترمذي (1376) والنسائي (3651) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وروى ابن ماجة (241) عن أبي قتادة رضي الله عنه ولفظه: "خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلم يعمل به من بعده "؛ وصححه الألباني: صحيح الترغيب (79, 113).

[2] صحيح: رواه الترمذي (3703) والنسائي (3608) وروى بعضه البخاري (2626) وعلق بعضه (2/ 827) في: كتاب المساقاة والشرب وفي (3/ 1351) كتاب فضائل الصحابة: مناقب عثمان، عن عثمان رضي الله غنه

[3] رواه الطبراني في الكبير (1226) وعند الدرقطني (4/194 رقم: 1) [أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أشتراها بعشرين ألفًا أو خمسة وعشرين ألفًا] الشك من حصين بن عبد الرحمن أحد رواة الحديث.

[4] صحيح: رواه أحمد (511) والنسائي (3606, 3607) عن عثمان رضي الله عنه. وقال الألباني في: المشكاة (6066 / التحقيق الثاني) والمختارة (330 - 331) صحيح.

[5] متفق عليه: البخاري (1399) ومسلم (983) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] في مسلم: وقد سبق قريبَا.

[7] متفق عليه: البخاري (2586، ومواضع) ومسلم (1632) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

[8] حسن: رواه أحمد (15793) وأبو داود (3635) والترمذي (1940) وابن ماجة (2342) وغيرهم عن أبي صرمة رضي الله عنه، وحسنه الألباني في: الإرواء (896) وصحيح الجامع (6372).

[9] صحيح بمجموع طرقه: أخرجه أحمد برقم (2867, 22830) وابن ماجة برقم (2340, 2341) من حديث ابن عباس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

وأخرجه الدارقطني برقم (288) والحاكم برقم (2345) والبيهقي في الكبرى (11166) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ورواه مالك في الموطأ (1429) مرسلًا عن عمرو بن يحي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد

وأنظر: صحيح الجامع (7517) والصحيحة (250) والإرواء (896) وغاية المرام (254) وغيرها.

قال الألباني في الإرواء (3/408) روي من حديث عبادة بن الصامت وعبد الله بن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وعائشة بنت أبي بكر الصديق وثعلبة بن أبي مالك القرظي وأبي لبابة رضي الله عنهم.

[10] أخرجه السخاوي في: المقاصد ص (34) وقال الألباني في: الضعيفة (376) لا أصل له.

ويغني عنه قوله تعالى: ﴿ كتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 180]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ﴾ [البقرة215]، وحديث أبي طلحة الآتي بعده ﴿ أرى أن تجعلها في الأقربين ﴾.

[11] متفق عليه: البخاري (1392, ومواضع) ومسلم (998).

[12] متفق عليه: وقد سبق قريبا.

[13] صحيح: وقد سبق قريبا.

[14] رواه البخاري (6077) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

[15] متفق عليه: البخاري (56, 1233, 2591, 2592, 2593, 5039 , 3721, 4147, 5039, 5335, 5344, 6012, 6352) ومسلم (1628) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

[16] صحيح: رواه الطبراني في الأوسط (8061) وصححه الألباني في: الصحيحة (2615) وصحيح الترغيب (961) ورواه أحمد (22512) وأبو داود (1681) والنسائي (3664) وابن ماجة (3684) وحسنه الألباني في: صحيح الترغيب (962) ولفظه: أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن أمي ماتت فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء فحفر بئرا وقال هذه لأم سعد} وعند بعضهم بلفظ: أي الصدقة أفضل؟ قال سقي الماء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آفاق الوقف والعمل الخيري
  • الوقف وأثره في تحقيق التنمية الاجتماعية
  • الوقف ومقاصد الشريعة

مختارات من الشبكة

  • من أقسام الوقف : الوقف الاختياري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقسام الوقف : الوقف الاختباري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في المجال الاجتماعي وقطاع الخدمات وأهميته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في المجال الثقافي والعلمي وأهميته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في المجال الاقتصادي الاستثماري ( أهميته وأمثلته وآثاره )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دراسة الوقف في الإسلام وأهميته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في الإسلام: مجالاته وأهدافه وحمايته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الأوقاف المتعددة في وقف واحد ذي ريع أكبر(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الوقف الاضطراري والانتظاري في التلاوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بلاغة الوقف في القرآن الكريم: دراسة تحليلية لبعض وقوف التعانق في آي الذكر الحكيم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب