• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بطلان القول بعرض السنة على القرآن
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: أهمية العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    المرأة بين حضارتين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    رجل يداين ويسامح (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    من فضائل لا إله إلا الله
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أصول الفقه مفهومه وفوائده وأهميته في الدين
    د. ربيع أحمد
  •  
    خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ...
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    شموع (111)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات / في البيوع واكتساب المال
علامة باركود

التمور وبعض أحكامها (خطبة)

التمور وبعض أحكامها (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/9/2019 ميلادي - 18/1/1441 هجري

الزيارات: 15644

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التُّمُور وبعض أحكامها

 

الحمدُ للهِ دَائِمِ الفَضلِ والإحسَانِ، ذِي العَطَاءِ الوَاسِعِ والامتِنَانِ، نَحمدُهُ سُبحَانَهُ على مَا أَنعَمَ وأولى، رَبُّنا الذي أَغْنى وأَقْنى، ونَشكُرُهُ على آلاءٍ تَتْرَى، ونَشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الأسمَاءُ الحُسنى، ونَشهَدُ أنَّ نَبِيَّنا مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُه صَاحِبُ المَقَامِ المَحمُودِ، والحَوضِ المَورودِ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَليه، وعَلى آلِهِ وأَصحابِهِ والتَّابِعينَ لَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى اليَومِ المَشْهُودٍ.

 

مَعَاشِرَ المُؤمِنِينَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَرَاقِبُوهُ، واعْلَمُوا أنَّ عَاقِبَةَ التَّقوى رَشِيدَةٌ، وَنِهَايَةَ أَهلِهَا حَمِيدَةٌ، واشْكُرُوهُ على مَا أَولاكُم وَخَوَّلَكُم وَحَبَاكُمْ؛ فَإِنَّ نِعَمَ اللهِ عَلى عِبَادِهِ عَدِيْدَةٌ، واللهُ جَلَّ وَعَلا تَأَذَّن لِمَنْ شَكَرَ أنْ يَزِيدَهُ.

 

عبادَ اللهِ:

عَن عَبدِاللهِ بنِ عُمرَ رضى اللهُ عنهما قالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ: كَالرَّجُلِ المُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا، وَلاَ وَلاَ وَلاَ.. تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ" قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. أخرجه البخاريُّ ومُسلمٌ واللفظ للبخاريِّ.

 

أيها المسلمونَ:

النَّخلةُ شجرةٌ عَظيمةُ البَركةِ، كَثيرةُ النَّفعِ، ودِيعةٌ مُسالِمَةٌ، عُرِفتْ مُنذُ القِدَمِ بـ "الشَّجرةِ الطَّيبةِ" و "شَجرةِ الحَياةِ"، ووُصِفَتْ بأَميرةِ الشَّجرِ وأَميرةِ الحُقُولِ وأمِّ الشَّجرِ، وهي طعامُ الفَقيرِ وحَلوى الغَنِيِّ.. وزَادُ المسافرِ والمُغترِبِ.

 

اتَّفقَتِ الشُّعوبُ والحضاراتُ على احتِرامِهَا، على نحوٍ لَم يَتكرَّرْ مع أيٍّ مِن نَباتاتِ الأرضِ.

 

قالَ الأوَّلُ:

شَرِبْنَا مَاءَ دِجْلَةَ خَيرَ مَاءٍ *** وزُرْنَا أَشرفَ الشَّجرِ النَّخِيلِ

 

وقد وردَ ذكرُ النخيلِ في القرآنِ الكريمِ نحواً من عشرينَ مرة.

 

مِنْ عِظَمِ قَدرِ هذه الشجرةِ وكَبيرِ نَفعِهَا ذَهبَ أهلُ التفسيرِ مِنَ الصحابةِ والتابعينَ ومَن بَعدَهُم إلى أنَّ الشجرةَ الطيبةَ التي شُبِّهَتْ بكلمةِ التَّوحيدِ في قولِه تعَالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [إبراهيم: 24-25] قَالوا: هِيَ النَّخلةُ.

 

قالَ ابنُ حَجر -رحمهُ اللهُ-: "وَبَرَكَةُ النَّخْلَةِ مَوْجُودَةٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا مُسْتَمِرَّةٌ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا فَمِنْ حِينِ تَطْلُعُ إِلَى أَنْ تَيْبَسَ تُؤْكَلُ أَنْوَاعًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْتَفَعُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا حَتَّى النَّوَى فِي عَلْفِ الدَّوَابِّ وَاللِّيفِ فِي الْحِبَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخفَى". اهـ

 

وقَدِ استُخدِمَتِ النخلةُ في بِناءِ مَسجدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانتْ أَعمِدَةُ المسجدِ وسَوارِيهِ مِن جُذوعِ النَّخلِ، وظُلِّلَ السَّقفُ بجَريدِ النَّخلِ، واستمرَّ الأمرُ على ذلكَ إلى خِلافةِ عُثمانَ رضي اللهُ عنه.

 

واعْتُبِرَ ثَمَرُهَا وهو التَّمْرُ بأقربِ مَا يكونُ إلى الغِذاءِ الكَامِلِ المُتكامِلِ، فله فَوائدُ غِذائِيَّةٌ وصِحيةٌ كَثيرةٌ، وقد أَخبرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الأهمِيَّةِ الغذائيةِ للتَّمْرِ، فقالَ لزوجِهِ الحَبيبةِ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها: "يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ". قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. رواه مسلمٌ.

 

وإذا كَانتْ هذه الشجرةُ المباركةُ قد اجتمعَ فيها هذا الخيرُ الكَثيرُ، فليسَ عَجيبًا ولا غَريبًا أَن تُخبِرَ عائشةُ رضي اللهُ عنها أنَّه كانَ يَمضِي الهلالُ والهلالُ والهلالُ ولا يُوقدُ في بَيتِ النُّبوَّةِ نَارٌ؛ أي: للطَّهيِ، وأنهم كانوا يَأكلونَ الأَسْوَدَيْنِ -التَّمرَ والماءَ- لمدَّةِ شَهرينِ مُتتابِعينِ!

 

وارتَبطَتِ النَّخلةُ بالمسلمينَ أيضاً عبرَ سُنَّةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تَحنِيكِ المَولودِ، وفي السَّحُورِ والإِفطارِ في رمضانَ، وفي العيدِ، والصدقةِ وزكاةِ الفِطرِ، وغيرِ ذلكَ.

 

عبادَ اللهِ: وحيثُ إنَّنا في هذه الأيامِ نَعيشُ مَوسِماً كَريماً، ألا وهو صِرامُ النَّخيلِ، وهو مَوسِمٌ لَه شَأنُهُ مُنذُ القِدَمِ.

 

فمِنَ الجَيِّدِ هنا التذكيرُ ببعضِ أحكامِ زَكاةِ التُّمورِ، أَخصُّ بها مَن أَنْعَمَ اللهُ عليهِم فامتلَكُوا النَّخِيلَ، سواءٌ كَانتْ في بُيُوتِهِم أو في مَزارِعِهِمْ، فأقولُ وباللهِ التَّوفِيقُ:

أَجمعَ العلماءُ على وجوبِ الزكاةِ في التمرِ. ولا تجبُ إلاَّ إذا بَلغَ نِصاباً، وهو خَمسةُ أَوْسُقٍ، والوَسْقُ سِتونَ صَاعاً، والصَّاعُ أَربعةُ أَمدَادٍ، والمُدُّ حَفْنةٌ بكَفَّيِ الرَّجُلِ المُعتَدِلِ وبالكِيلُو جِرامٍ يُساوِي سِتُمِائةٍ واثْنَي عَشرَ كِيلو فأَكْثرَ، قالَ أَهلُ الخِبرةِ في هذا المجالِ: خَمسُ نَخْلاتٍ غَزيرةِ الإنتاجِ تَجبُ فيها الزكاةُ غَالبًا.

 

وإذَا كانَ عِندَ الإنسانِ مَزرعةٌ وعِندهُ استرَاحةٌ فيها بعضُ النَّخيلِ وفي بيتِه أَيضاً نَخلةٌ أو نَخلتَانِ أو شيءٌ مِنَ النخيلِ فإنه يَضُمُّ جَميعَ الثَمَرةِ ويَحسِبُ ثَمَرةَ المزرعةِ والاستراحةِ والبيتِ ويُخرِجُ زَكاتَهَا إذا بَلغَتْ نِصَاباً.

 

ويَختلِفُ قَدرُ الزكاةِ الوَاجِبِ إِخراجُها مِنَ الزروعِ والثمارِ باختلافِ طَريقةِ السَّقْيِ؛ فإنْ كانَ يُسقَى بدونَ كُلْفَةٍ ولا مُؤْنَةٍ كما لو سُقِيَ بماءِ المطرِ كالبعلِ أو العُيونِ أو كان قَريبا مِنَ الماءِ بحيث يَشرَبُ بعُروقِهِ ففيهِ العُشْرُ، أي 10%.

 

وإنْ كانَ يُسقَى بكُلفةٍ ومُؤنةٍ وهو أنْ يحتاجَ إلى استخراجِ الماءِ مِن بَاطِنِ الأرضِ ومَزارِعُنَا على ذلك ففيهِ نِصفُ العُشْرِ، أي: 5 %.

 

قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ، وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ" رواه مسلمٌ.

 

ووقتُ وُجوبِ الزَّكاةِ في الحُبوبِ إذا اشتدَّ الحَبُّ أَي يَبَسَ، وبالنسبةِ للنخلِ إذا ظهَر لَونُهُ، فمَن باعَ نَخلَه بعدَ التَّلوينِ فالزَّكاةُ تَجبُ على صَاحبِ الأرضِ مَالكِ النَّخلِ لا المُشتَرِي، إلاَّ إذَا شَرطَ البائعُ على المشترِي أَن يُخرِجَ الزكاةَ فهذا شَرطٌ صَحيحٌ والمسلمونُ على شُروطِهِمْ.

 

وإذَا كانَ التَّمرُ -أيها الإخوةُ- لا يُؤكَلُ إلا بُسراً أو رُطَباً فتُخرَجُ زَكاتُه مِنه بُسراً ورُطباً. ففي أجوبةِ اللجنةِ الدَّائمةِ برئاسةِ سماحةِ الشيخِ عبدِالعزيزِ ابنِ بازٍ -رحمهُ اللهُ- مَا نصُّه: (يجوزُ إخراجُ الزكاةِ مِن نَخيلِ البرحِي ونحوِه بُسراً لأنَّه صَالحٌ للأَكلِ". وقال الشيخُ محمدُ بنُ صَالحٍ العُثيمينَ: (مَا أُكِلَ رُطباً تُخرَجُ زَكاتُهُ رُطباً).

 

أمَّا صِفةُ الْمُخْرَجِ في الزكاةِ فيَجبُ أن يُخرَجَ مِن أَوسَطِ المالِ لا مِن أَجودِهِ ولا مِن رَدِيئِهِ، إلاَّ أنْ يكونَ النخلُ كلُّه رَدِيئًا، فتُخرِجُ مِنهُ.

 

والأصلُ في الزكاةِ إخرَاجُها مِن نَفسِ المالِ فيُخرِجُ مِنَ الحَبِّ حَبًّا ومِن التمرِ تَمراً، ولا تُخرَجُ القِيمةُ إلا للحاجةِ أو المصلحةِ، فإنه لا بأسَ بذلكَ، وهو روايةٌ عن الإمامِ أَحمدَ رحمه اللهُ رَجَّحَها ابنُ تَيميَّة رحمهُ اللهُ.

 

ومِن أَحكامِ زَكاةِ التُّمورِ أنه لا يُرَاعَى الحولُ في زكاةِ الزروعِ والثمارِ، بل يُراعَى المَوسِمُ والمحصولُ لقولِه تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]، فمتَى ما حُصِدَ المحصولُ وَجبَتِ الزكاةُ فيهِ، ولا تَجبُ قبلَ ذلكَ إلاَّ إذَا قُطِفَ قَبلَه لمصلَحةٍ؛ كأنْ يَبيعَهُ رُطَبًا.

 

أيها المؤمنونَ:

قَرَّرَ كَثيرٌ مِن أَهلِ العِلمِ أنه يُستثنى مِنَ الزكاةِ مَا يَستعمِلُه صَاحبُ النَّخلِ لنفسِه وعِيالِهِ وجِيرانِهِ وضُيوفِهِ؛ مُستدِلِّينَ بعُمومِ الآيةِ: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141] حيثُ قالوا: الواجبُ مَا كانَ وَقتُ الحصادِ لا مَا قَبله.

 

ومِن أَحكامِ زَكاةِ التُّمورِ إذا باعَ المالكُ الثَّمرةَ كما هو صَنيعُ كَثيرٍ مِنَ الناسِ اليومَ فإنه يُخرِجُ الزكاةَ مِنَ الثَّمنِ ولا يلزمه أنْ يَشتَرِيَ ثَمَراً يُعطِيهِ الفقراءَ والمساكينَ.

 

ولْيُخرِجِ المسلمُ مِن تُمورِ مَزرعتِهِ صَدقاتٍ غيرَ الوَاجبةِ؛ عملاً بقولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" متفقٌ عليهِ. أي بنصفِ تَمرةٍ، فكيفَ بتمرةٍ كاملةٍ؟! فكيفَ بآلافِ التَّمراتِ؟ أفتَدرُونَ كَم مِقدارُ الحسناتِ لِمَن تَصدَّقَ بتمرةٍ وَاحدةٍ؟! يقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ التَّمْرَةَ لَتَكُونُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ" رواهُ أحمدٌ.

 

أيها الكِرامُ: ومِن شُكرِ نِعمةِ التُّمورِ - وكَذلكَ كلِّ نِعمةٍ - احترَامُهَا وعدمُ امْتهَانُهَا، ورَفعُهَا عن مَواضعِ الإهانةِ والقذارةِ، وحِفظُهَا عَن ما يُفسِدُها، وعلى مَن وَجدَ تَمرةً في الأرضِ أو غَيرَهَا مِنَ النِّعَمِ مما له حُرمةٌ أَن يَرفَعَها مِن مَوضعِ المَهْنَةِ إلى مَحلٍ طَاهرٍ يَصونُهُ فِيهِ. ولا يَدَعَهَا لِوَطءِ الأَرجُلِ والسَّياراتِ خُصوصاً في المزارعِ والنخيلِ وأسواقِ التُّمورِ، وهذا مُشاهَدٌ ينبغي الانتباهَ إليهِ.

 

قال ابنُ الحَاجِّ: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَاءَهُ الْقَمْحُ لَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا مِنْ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّاوِيَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَعْمَلُ عَمَلًا حَتَّى يَلْتَقِطُوا مَا وَقَعَ مِنْ الْحَبِّ عَلَى الْبَابِ أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ.

 

اللهمَّ بارِكْ لنا في أوقاتِنا وأعمارِنا وأرزاقِنا يا ربَّ العالمينَ اللهم عَلمْنا ما يَنفعُنا وانْفعْنا بما علمتَنا واجعلنا من عبادِك الصالحينَ.

 

بارك الله لي ولكم...

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى.. أَمَّا بَعْدُ:

مَرَّ رجُلٌ بأبي الدَّرداءِ رضي اللهُ عنه وهوَ يَغرِسُ غَرْسًا بدمشقَ فقالَ: أتَفعَلُ هذا وأنتَ صَاحبُ رسولِ اللهِ؟ فقالَ لا تعْجَلْ عليَّ، يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ" رواهُ أحمدُ، وهو في الصحيحينِ مِن حديثِ أَنسٍ رضي اللهُ عنه.

 

اعْلمْ -أخي المباركُ- أنَّ غَرسَ النخلةِ أو غيرِها مِنَ الأشجارِ عِبادةٌ تُؤجَرُ عليها، فما دَامتِ النخلةُ بَاقيةٌ يُنتفَع بها فأنتْ تُؤجَرْ على ذلكَ؛ لأنَّك تَسبَّبتْ في إيجادِهَا، فهذا النخيلُ الذي غُرِسَ مِن عشراتِ السنينَ يَجرِي الأجرُ على الذين غَرسُوهُ، وإن كانوا قد مَاتوا منذُ مُدَّةً؛ والأجرُ حَاصلٌ، ولو لَم ينوِ الغارسُ العبادةَ أثناءَ الغرسِ، كما هو ظاهرُ الحديثِ؛ لأنَّ الغَرسَ مِنَ الأشياءِ التي نَفعُهَا يتعدَّى إلى الغيرِ، فيؤجر الغَارِسُ مطلقًا؛ لكنْ مَنِ استشعرَ التعبُّدَ أَثناءَ الغَرسِ، وعَلِمَ أنَّ الأجرَ سَيأتِيهِ في حياتِه وبعدَ مَماتِه بِسببِ غَرسِهِ فهذا أَكمَلُ مِنَ الغَارِسِ الغَافِلِ، قال النّوويُّ في شَرحِ مُسلمٍ: " فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَضِيلَةُ الْغَرْسِ وَفَضِيلَةُ الزَّرْعِ وَأَنَّ أَجرَ فَاعلِي ذَلكَ مُستمِرٌ ما دَامَ الْغِرَاسُ وَالزَّرْعُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".

 

اللهمَّ اجعلْنا مِن الذين إذا أعطيتَهُم شَكرُوا وإذا ابتليتَهم صَبرُوا وإذا ذكَّرتَهم ذَكروا، واجعلْ لنا قُلوبًا توَّابةً، لا فاجرةً ولا مُرتابةً.

وصلوا وسلموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإعجاز العلمي لفوائد التمر
  • فوائد التمر للمرأة الحامل والمرضع
  • سنة الإفطار على الرطب والتمر أو الماء
  • ما الحكمة من الإفطار على التمر أولا؟
  • لماذا شرع فطر الصائم على التمر
  • من فوائد التمر للصائم
  • نعم سحور المؤمن التمر
  • التمرة المباركة
  • حديث: ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة

مختارات من الشبكة

  • خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من وحي عاشوراء (الطغاة قواسم مشتركة، ومنهجية متطابقة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مشكاة النبوة (5) "يا أم خالد هذا سنا" (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/1/1447هـ - الساعة: 16:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب