• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

تمادي السفهاء فى اتباع الأهواء

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/11/2009 ميلادي - 15/11/1430 هجري

الزيارات: 16291

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تمادي السفهاء فى اتباع الأهواء


أمَّا بعد:
فاتَّقوا اللهَ - تَعالى - كَما أمَرَكُم يُنجِزْ لَكُم ما وعَدَكُم؛ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282].
أيُّها المُسلِمون:
إنَّ مِنَ الأزَماتِ الَّتي تَمُرُّ بِالأمَّةِ في بَعضِ عُصورِها أن يُضطَرَّ ناصِحوها إلى تَوضيحِ الأمورِ الواضِحةِ، ويُلجَؤونَ إلى تَبيينِ الأحكامِ البَيِّنةِ، وما ذاكَ - لَعَمْرُ اللهِ - مِن نَقصٍ في الدِّينِ أو قُصورٍ في الشَّريعةِ، أو لاستِحالةِ فهمِ النُّصوصِ أو صُعوبةِ إدراكِ دِلالاتِها، وإنما لِكَونِ ذَلِكَ مُؤَشِّرًا عَلَى أنَّ في النَّاسِ اتِّباعَ هَوًى وزَيغَ قُلوبٍ ومَيلَ فِطَرٍ، وهي الأمراضُ الَّتي لا عِلاجَ لها إلاَّ أن يَمُنَّ اللهُ عليهِم بِالتَّوبةِ ويَهديَهِم لِلصِّراطِ ويُبَصِّرَهُم بِالحَقِّ.
أمَّا الدِّينُ فقَد أكمَلَهُ اللهُ وأتَمَّ بِهِ النِّعمةَ، وبَيَّنَهُ رَسولُهُ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أكمَلَ البَيان، ولم يَكتُمْ مِنهُ شَيئًا؛ قالَ - سُبحانَهُ -: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3]، وقالَ تَعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 44]، وقال - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((لَقَد تَرَكتُكُم على مِثلِ البَيضاءِ لَيلُها كَنَهارِها، لا يَزيغُ عَنها إلاَّ هالِكٌ))، وقال: ((إنَّهُ لَيسَ شَيءٌ يُقَرِّبُكُم إلى الجَنَّةِ إلاَّ قَد أمَرتُكُم بِهِ، ولَيسَ شَيءٌ يُقَرِّبُكُم إلى النَّارِ إلاَّ قَد نَهَيتُكُم عَنهُ))، وأمَّا القُرآنُ الكَريمُ فقَد نَزَلَ بِلِسانٍ عَرَبيٍّ مُبينٍ ويَسَّرَ اللهُ حِفظَهُ وفَهمَهُ؛ قال تَعالى -: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192 - 195]، وقال تَعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17].
وإنما يُؤتَى الزَّائِغونَ عَنِ الهُدَى مِن قِبَلِ عُقولِهِمُ القاصِرة واتِّباعِهِمُ المُتَشابِهاتِ، وهيَ المَسائِلُ الَّتي خَصَّ اللهُ نَفسَهُ بِالعِلمِ بِتَأويلِها، ووَصَفَ العُلَماءَ الرَّاسِخينَ بِالإيمانِ بها، وأشارَ بَعدَ ذِكرِها إلى أنَّ أهلَ العُقولِ التَّامَّةِ إذا ذُكِّروا يَتَذَكَّرونَ؛ قالَ - سُبحانَهُ -: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُو الأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].
إنَّهُ لَتَصويرٌ دَقيقٌ لِحالِ الأمَّةِ مَعَ الوَحيِ المُنزَلِ عَلَيهِم لِهِدايَتِهِم وإخراجِهِم مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّور، فالسَّطحيُّونَ الَّذينَ يَغُرُّهُم الأخذُ بِقُشورِ العِلمِ الدُّنيويِّ، وتَخدَعُهم بُروقُ المَعرِفةِ الأوَّليَّةِ - يَتَوَهَّمونَ أنَّهُم أدرَكوا حَقيقةَ كُلِّ شَيءٍ وتَوَصَّلوا إلى لُبِّ العِلمِ ونالوا خالِصَ المَعرِفةِ، فيَغتَرُّونَ لِذَلِكَ ويَتَكَبَّرونَ، ويَتَوَهَّمونَ أنَّ ما لم يُدرِكوهُ فلا وُجودَ لَهُ، ومِن ثَمَّ يُقابِلونَ كَلامَ اللهِ وهوَ الحَقُّ المُطلَقُ بِمُقَرَّراتِ عُقولِهِمُ النَّاقِصةِ المُحدودةِ، فيُكَذِّبونَهُ ويَستَنكِرونَهُ ويَأخُذونَ ذاتَ اليَمينِ وذاتَ الشِّمالِ ليُحَرِّفوا الكَلِمَ عَن مَواضِعِهِ، ولِسانُ حالِهِم يَقولُ: سَمِعنا وعَصَينا!
وأمَّا الرَّاسِخونَ في العِلمِ فيُؤمِنونَ بِهِ تَواضُعًا لِرَبِّهِم وتَصديقًا، واستِسلامًا بِعَجزِ العَقلِ البَشَريِّ النَّاقِصِ عَن إدراكِ ما فوقَ طاقَتِهِ مِن حَقائِقَ، وأولَئِكَ الرَّاسِخونَ ومَنِ استَنارَ بِفَهمِهِم هُم أصحابُ العُقولِ الرَّاجِحةِ وأولو الألبابِ الزَّاكيةِ، يُدرِكونَ الحَقَّ بِمُجَرَّدِ التَّذكيرِ بِهِ، لا يَحتاجونَ إلى حَشدِ الأدِلَّةِ ولا إلى تَكرارِ الشَّواهِدَ، ولا إلى بَسطِ الرُّدودِ وتَطويلِ الجِدالِ، ولا يَدخُلونَ في خُصوماتٍ ولا يَشتَدُّونَ في لَجاجةٍ، بَل يَكفيهِمُ التَّذكيرُ ولَو بِدَليلٍ واحِدٍ، فإذا الحَقُّ المُستَقِرُّ في فِطَرِهِمُ المَوصولةِ بِاللهِ يَبرُزُ أمامَ بَصائِرِهِمُ المُستَنيرةِ، فيَتَقَرَّرُ في عُقولِهِمُ السَّليمةِ، فلا يَملِكونَ إلاَّ أن يَبتَهِلوا إلى رَبِّهِم في خُشوعٍ وإنابةٍ، داعينَ مَولاهُم أن يُثَبِّتَهُم عَلَى الحَقِّ، مُبتَهِلينَ إلى خالِقِهِم ألاَّ يُزيغَ قُلوبَهُم بَعدَ الهُدَى، وأن يُسبِغَ عَلَيهِم رَحمَتَهُ وفَضلَهُ، مُتَذَكِّرينَ يَومَ الجَمعِ الَّذي لا رَيبَ فيهِ والميعادَ الَّذي لا خُلفَ لَهُ: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ المِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 8، 9].
وقَد جَعَلَ اللهُ مِن صِفاتِ المُؤمِنينَ المُفلِحينَ تَسليمَهُم بما جاءَهُم مِن كِتابٍ وسُنَّةٍ، وجَعَلَ ذَلِكَ شَرطًا في الإيمانِ، وأمَرَ بِرَدِّ ما حَصَلَ التَّنازُعُ فيهِ إلَيهِ وإلى رَسولِهِ؛ فقالَ - سُبحانَهُ -: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51]، وقال - تعالى -: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وقال - جلَّ وعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59] ونَهى - تعالى - عَنِ التَّفَرُّقِ والاختِلافِ وذَمَّ الجَدَلَ والخُصومةَ، فقالَ تَعالى: ﴿ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105]، وقال - سُبحانَه -: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]، وقال تَعالى في الكُفَّارِ المُعانِدين: ﴿ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾ [الزخرف: 58]، وقالَ - صلَّى اللهُ عليْه وسلَّم -: ((ما ضَلَّ قَومٌ بَعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلاَّ أوتوا الجَدَلَ))، وقال - علَيه الصَّلاةُ والسَّلامُ -: ((إنَّ أبغَضَ الرِّجالِ إلى اللهِ الألَدُّ الخَصِمُ)).
يُقالُ هَذا الكَلامُ - أيُّها المُسلِمونَ - ونَحنُ في زَمَنٍ استُهزِلَت سِمانُهُ واستُسمِنَ فيهِ كُلُّ ذي ورَمٍ، وخاضَ فيهِ أهلُ الأهواءِ في مَسائِلَ قَد كُفوا أمرَها، وكانَ مِن واجِبِهِم أن يَكُفُّوا عَن مُناقَشَتِها والجِدالِ فيها، لَكِنَّهُم أبَوا إلاَّ القَولَ على اللهِ بِالكَذِبِ وبما لا يَعلَمونَ، فشَغَلوا الأمَّةَ عَمَّا هوَ أهَمُّ وأنفَعُ، وساهَموا في تَخَلُّفِها وتَأخُّرِها عَنِ الرَّكبِ وهُم يَزعُمونَ زورًا وبُهتانًا أنَّهُم يُريدونَ لها التَّقَدُّمَ، واللهُ يَعلَمُ إنَّهُم لَكاذبونَ، وإلاَّ فإنَّ مِن إرادةِ اللهِ الخَيرَ بِالعِبادِ أن يَرزُقَهُمُ الفِقهَ في الدِّينِ، وأن يُجَنِّبَهُمُ الخَوضَ فيما لا يَعنيهِم.
إنَّ ثَمَّةَ أمورًا مَعلومةً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرورةِ لا يَسَعُ امرأً الجَهلُ بها، وهُناكَ قَضايا مَحسومةٌ لا طائِلَ مِن إعادةِ بَحثِها، وإنَّ في المَيدانِ في هَذِهِ الأيَّامِ مَعارِكَ كَلاميَّةً ومُجادَلاتٍ، يُجابِهُ بها الصِّغارُ الكِبارَ، ويُطاوِلُ بها الأقزامُ الأعلامَ، ويَرُدُّ بها أهلُ الأهواءِ الآياتِ البَيِّناتِ بِشُبُهاتٍ واهياتٍ، ويُراهِنونَ على ما شَهِدَ الواقِعُ فيهِ بما يَكُفُّ لِسانَ كُلِّ عاقِلٍ عَنِ القولِ فيهِ بِغَيرِ ما جاءَ بِهِ الشَّرعُ، سُفَهاءُ حَمقَى مَأفونونَ، ذُكِّروا فلَم يَتَذَكَّروا، وبُصِّروا فلَم يَتَبَصَّروا، وما زالوا يَلُتُّونَ ويَعجِنونَ، ويُشَرِّقونَ ويُغَرِّبونَ، ويُحَرِّفونَ الكَلِمَ عَن مَواضِعِهِ ولا يَنتَهونَ؛ ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103]، ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴾ [النساء: 66]، ألا فرَحِمَ اللهُ امرأً خافَ رَبَّهُ، وعَقَلَ أمرَهُ وعَمِلَ بِهِ، ووَقَفَ عِندَ نَهيه واجتَنَبَهُ.
أعوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَّشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ * وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالمُؤمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُم إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَّكُنْ لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِم وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُم أَن يَّقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَن يُّطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [النور: 46 - 52].

الخطبة الثانية

أمَّا بَعدُ:

اتَّقوا اللهَ تَعالى وأطيعوهُ ولا تَعصوهُ، واعلَموا أنَّ إسلامَ الوُجوهِ للهِ أصلٌ عَظيمٌ مِن أصولِ السَّعادةِ وسَبَبٌ مَوصولٌ مِن أسبابِ النَّجاةِ، قالَ - سُبحانَهُ -: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112]، وقال - جَلَّ وعَلا -: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾ [النساء: 125]، وقال تعالى: ﴿ وَمَن يُّسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22].

 

إنَّ المُسلِمَ واهِبٌ نَفسَهُ لِرَبِّه، في عِباداتِه وفي مُعامَلاتِه، وفي عاداتِه وجَميعِ شُؤونِ حَياتِه؛ قال - جلَّ وعَلا -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، وإنَّهُ لا أضَرَّ بِذَلِكَ الأصلِ العَظيمِ ولا أفسَدَ له مِنِ اتِّباعِ الهَوَى، فبِهِ الزَّيغُ والضَّلالُ؛ ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 56]، وبِهِ غَفلةُ القُلوبِ وفَسادُ الأمر؛ {﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلنَا قَلبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]، وبِهِ الانحِطاطُ الخُلُقيُّ والتَّخلُّفُ؛ ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ * وَلَو شِئْنَا لَرَفَعنَاهُ بِهَا وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيهِ يَلهَثْ أَو تَترُكْهُ يَلهَثْ ﴾ [الأعراف: 175، 176]، وبه الظُّلمُ لِلنَّفسِ ولِلآخَرين؛ ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الروم: 29]، يَزينُ بِهِ الشَّينُ ويَجمُلُ بِهِ القَبيحُ؛ ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم ﴾ [محمد: 14]، وبِهِ الخَتمُ على الجَوارِحِ فلا يُنتَفَعُ بها؛ ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَّهدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].
ألا فاتَّقوا اللهَ واحذَروا الهَوَى؛ فإنَّهُ ضَلالٌ في الدُّنيا وعَذابٌ في الآخِرة؛ ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الحِسَابِ ﴾ [ص: 26].




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنسان بين العقل والأهواء
  • في الأهواء والميول
  • مكانة العلماء ومكر السفهاء
  • سبب ضلال الأذكياء
  • ألا إنهم هم السفهاء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • في التحذير من التمادي في المعاصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعاطفي وتماديها(استشارة - الاستشارات)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل مع الأهواء والأماني(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تسلط الأهواء والشهوات وارتكاب المعاصي والذنوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهادة أهل الأهواء وشهادة لاعب الشطرنج (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عندما يصبح الهوى أهواء ( قصيدة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فضائيات تورطت في تبني خطاب الانحلال والانسياق وراء الأهواء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اتباع الهوى بالنسبة إلى المقلد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب