• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

اتق الله حيثما كنت ( خطبة )

مرشد الحيالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/3/2014 ميلادي - 1/5/1435 هجري

الزيارات: 164270

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتق الله حيثما كنت

 

إن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمةَ، فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه، فصلواتُ ربي وتسليماته عليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

فانَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أيها المسلمون:

جاء في حديث معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه، فقال: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِع السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ الناس بِخُلُقٍ حَسَنٍ)؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

 

لقد تضمَّن هذا الحديث الشريف والذي هو من جوامع الكلم - عدة وصايا نافعة للمسلم في دينه وأُخراه، من تمسَّك بها وعمِل بها سعِد في دينه ودنياه، أولى هذه الوصايا: لزوم التقوى في السر والعلن، والسفر والحضر، والسراء والضراء.

 

والوصية بالتقوى هي وصية الله للأولين والآخرين من الأنبياء والمرسلين، والناس أجمعين إلى يوم الدين، وقد دل على ذلك القرآن والسنة؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النساء: 131]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

ومعنى التقوى كما قال علمائنا الإجِلاَّء هو أن تجعل بينك وبين عقاب الله وعذابه وقاية، ويكون ذلك بفعل المأمورات والمستحبات، وترك المنهيات والمكروهات، وكلما ازداد المسلم من زاد التقوى، ازداد رصيده من فعل الحسنات، ومجانبة السيئات، حتى إنه ليدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.

 

ومن حقق التقوى جعل له من أمره يسرًا، ورزقه من حيث لا يحتسب؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

 

ومن لزم التقوى رزَقه الله الحياة المطمئنة السعيدة، وانقلبت المحنة في حقه منحة، والبلايا عطايا، والحال ينطبق على الأمم كما ينطبق على الأفراد؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

والوصية الثانية التي تضمَّنها الحديث الشريف:

(وأتبع السيئة الحسنة تمحُها)، وإذا كان المسلم من المتقين، وممن يؤدون الفرائض والمستحبات، ويتركون المنهيات والمكروهات، فليس معنى ذلك من كونه متقيًا مؤمنًا، ومن أولياء الله المتقين أن يكون مبرئًا من العيوب، خاليًا من فعل الذنوب؛ لأن ابن آدم لا ينفك عن الذنب، ولكن خير الخطَّائين التوابون، وقد وقع أبينا آدم عليه الصلاة والسلام في الذنب، وصدر هذه الأمة من أولياء الله السابقين صدر منهم الذنب والخطأ؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].

 

والفاحشة ما فحش من القول والفعل، فقد يقع أهل التقوى في الذنب، بل في الكبيرة، إلا أنهم لا يصرون على فعلها، ولا يفرحون بارتكابها، أو يجاهرون بها كما يفعل البعض اليوم، ولهذا جاءت وصية سيد المرسلين بالتوبة والمبادرة إلى ماحيات الذنوب، ومكفرات السيئات، وهي في ديننا الحنيف أبوابها عديدة ومنوَّعة، ومنها على سبيل المثال:

• الوضوء؛ فقد جاء في حديث عثمان بن عفان رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: قال رَسُول الله: من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره؛ رَوَاهُ مُسلِم، وعن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها؛ إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله).

 

• وكذلك المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها؛ حيث ينادى بها في المساجد؛ جاء في حديث أبي هريرة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر)، وفي لفظ: (ما لم تغش الكبائر)، هذا نص النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح.

 

• كثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة؛ عن أبي هريرة رَضِيَ الله عَنهُ أن رَسُول الله عليه الصلاة والسلام قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات)، قالوا: بلى يا رَسُول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)؛ رَوَاهُ مُسلِم.

 

معاشر المسلمين:

قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71].جاء في تفسير قوله تعالى ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].

 

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني عالجت امرأة - (أي تناولها واستمتع بها) - في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها - أي: لم أجامعها - فأنا هذا فاقض فيّ ما شئت، فقال له عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك، قال: فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فقام الرجل، فانطلق، فأتبعه النبي -صلى الله عليه وسلم رجلًا دعاه، وتلا عليه هذه الآية: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، فقال رجل من القوم: يا نبي الله، هذا له خاصة؟ قال: (بل للناس كافة، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]: جاء شيخ كبير هرم، قد سقط حاجباه على عينيه، فقال: يا رسول الله، رجل غدر وفجر، ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم، فهل له من توبة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمتَ؟"، قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن الله غافر لك ما كنت كذلك، ومبدل سيئاتك حسنات"، فقال: يا رسول الله، وغَدَراتي وفَجَراتي؟ فقال: "وغَدرَاتك وفَجَراتك"، فَوَلَّى الرجل يهلل ويكبر.

 

بادروا بالتوبة رحمكم الله قبل فوات الأوان، وإذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة ماحية، واحذروا من التسويف، فإنه من أبواب الشيطان ومن الإصرار على الذنب ولو كان صغيرًا، أقول قولي هذه وأستغفر الله لي ولسائر المسلمين، وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا، وصلاة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، ثم الحمد لله، ما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله؛ عليه توكلت، واليه أُنيب، حسبي الله ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 1، 2]، وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين، ومنارًا للسالكين، وحُجة على العباد أجمعين، فبلَّغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الأمة، ورضي الله عن عظماء ديننا وكبراء أئمتنا بالحق أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أيها المسلمون:

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

 

ذكرنا في بداية الخطبة حديث معاذ بن جبل وأبي ذر رضي الله عنهما: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ الناس بِخُلُقٍ حَسَنٍ)، فقد جمع الحديث بين حق الله وحقوق عباده، ومن هنا فإن حسن الخلق ومعاملة الناس بالحسنى من تمام التقوى؛ (وخالق الناس بخلقٍ حسن).

 

إن بعض الناس هداهم الله يؤدون حقوق الله من صلاة وزكاة وحج، إلا أنهم يُفرِّطون في حقوق العباد، فترى أحدهم يطلق لسانه ويده في إيذاء المخلوقين من عباد الله؛ جاء في الحديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجَر ما نهى الله عنه))؛ متفق عليه.

 

ومن هنا أكد الإسلام أهمية الأخلاق الحسنة، ومعاملة الخلق باللين، وأن الأخلاق الحسنة من تواضع وصبر وصدق، ووفاء بالعهد، ونصرة المظلوم، وإعانة المحتاج، وإكرام الضيف والوصية بالجار والرحم، ونحوه - لها الأثر في تزكية النفس وتنقيتها من الأدران، ودورها العظيم في صلاح الفرد والمجتمع، وأنه لا بد لمن يتقي الله أن يظهر ذلك جليًّا في أخلاقه ومعاملته للخلق؛ جاء في الحديث عن جابر بن عبدالله، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّؤونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَشَدِّقُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ"؛ رواه الطبراني في مكارم الأخلاق والترمذي.

 

وبيَّن الرسول الكريم أن المسلم صاحب الخلق القويم، له المنزلة الكريمة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من شيء أثقل في الميزان من حُسن الخلق)، وفي رواية: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسنٍ، وإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء).

 

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه).

 

وهذا بلا شك يدل على أن الأخلاق السيئة وإيذاء الجار، يؤثر بلا شك في تقوى المسلم وإيمانه، وهو دليل على ضعف الصلة بالله واليوم الآخر.

 

هذا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة والسلام عليه؛ حيث أمركم الله في القرآن بذلك؛ فإن الله قال قولاً كريمًا تعظيمًا لشأن نبينا وتعليمًا لنا وتفهيمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏ ﴾ [الأحزاب: 56].

 

فأيها الراجون شفاعته، أكثروا من الصلاة على نبيكم، فإن صلاتكم نور على الصراط حين تمرون عليه، اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اتق الله حيثما كنت - خطبة جمعة
  • بذل المعروف وصناعته (خطبة)
  • لو اتقينا الله..
  • اتق الله جل وعلا حيثما كنت
  • اتق الله حيثما كنت (خطبة)
  • وقفات ثلاث مع حديث: "اتق الله حيث كنت.." (خطبة)
  • تفسير: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما)

مختارات من الشبكة

  • هذي الجزائر ماؤها وهواها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير: (قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إتقان العمل في ضوء القرآن وسنة النبي العدنان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح الحديث 18 من كتاب الأربعين النووية (اتق الله حيثما كنت...)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث أبي ذر: اتق الله حيثما كنت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • شرح حديث: اتق الله حيثما كنت (الأربعون النووية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها(مادة مرئية - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)
  • اتق اللَّه حيثما كنت(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
مولاي ادريس بن عبد الله - المملكة المغربية 19-06-2016 06:10 PM

السلام عليكم. جزى الله الشيخ الأستاذ خيرا على مواضعه وخطبه النيرة وجعلنا وإياكم ممن أعتقهم من النار في هذا الشهر الكريم ونسألكم الدعاء والسلام عليكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب