• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

ولا تتبع سبيل المفسدين (خطبة)

ولا تتبع سبيل المفسدين (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/11/2017 ميلادي - 22/2/1439 هجري

الزيارات: 28876

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولا تتبع سبيل المفسدين

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن أَعظَمِ أَسبَابِ تَخَلُّفِ الأُمَمِ وَتَرَدِّي أَوضَاعِهَا، وَضَيَاعِ الحُقُوقِ فِيهَا وَنَزعِ البَرَكَاتِ مِمَّا في الأَيدِي، وُجُودُ المُفسِدِينَ بَينَ ظَهرَانَيِ المُجتَمَعَاتِ. وَقَد كَثُرَ المُفسِدُونَ في عَصرِنَا وَتَفَنَّنُوا في ابتِكَارِ وَسَائِلِ الفَسَادِ وَالإِفسَادِ، وَانخَدَعَ النَّاسُ بِهِم كَثِيرًا مَعَ أَنَّ اللهَ - تَعَالى - قَد أَنزَلَ في كِتَابِهِ آيَاتٍ تُبَيِّنُ صِفَاتِهِم وَتُجَلِّي حَقِيقَتَهُم، لِتَنتَبِهَ الأُمَّةُ وَتَحذَرَ مِن شَرِّهِم وَطُغيَانِهِم، وَلا تُشَارِكَهُم في ظُلمِهِم أَو تُسَاعِدَهُم عَلَى تَعَدِّيهِم، فَتَبُوءَ بِالإِثمِ وَسُوءِ المَصِيرِ كَمَا بَاؤُوا بِهِ. وَمَا أَحرَى كُلَّ مُسلِمٍ عَاقِلٍ حَصِيفٍ أَن يَتَأَمَّلَ مَا وَرَدَ في كِتَابِ اللهِ مِن صِفَاتٍ لِلمُفسِدِينَ لِيَحذَرَ أَفعَالَهُم قَبلَ أَن يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُم!!

 

أَلا وَإِنَّ مِن أَسوَأِ صِفَاتِ المُفسِدِينَ العُلُوَّ في الأَرضِ وَالاستِكبَارَ عَلَى الخَلقِ، وَالتَّفَنُّنَ في الإِفسَادِ وَالإِكثَارَ مِنهُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83] وَقَالَ - سُبحَانَهُ - في وَصفِ أُمَمٍ طَاغِيَةٍ مُفسِدَةٍ: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 6 - 14].

 

وَمِن عَلامَاتِ عُلُوِّ المُفسِدِينَ وَطُغيَانِهِم، أَنَّهُم يَتَطَاوَلُونَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَيَحتَقِرُونَهُم، وَيَنتَهِكُونَ كَرَامَتَهُم وَيَتَعَدَّونَ عَلَى حُقُوقِهِم، وَيَتَمَادَونَ في الغِشِّ وَالخِيَانَةِ وَتَطفِيفِ المَوَازِينِ وَالسَّرِقَاتِ، وَيَستَوفُونَ أُجُورَهُم كَامِلَةً وَافِيَةً، ثم يَتَسَاهَلُونَ في أَدَاءِ أَعمَالِهِم، أَو يُفَرِّطُونَ في تَنفِيذِ المَشرُوعَاتِ المُوكَلِ إِلَيهِم تَنفِيذُهَا، وَلا يُبَالُون بِبَخسِ النَّاسِ أَشيَاءَهُم وَهَضمِ حُقُوقِهِم وَظُلمِهِم وَالتَّعَدِّي عَلَيهِم، أَوِ السَّرِقَةِ مِنَ المَالِ العَامِّ الَّذِي ائتُمِنُوا عَلَيهِ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الشعراء: 181 - 183] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن إِخوَةِ يُوسُفَ: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾ [يوسف: 73] وَمِن صِفَاتِ المُفسِدِينَ الإِسرَافُ في إِنفَاقِ الأَموَالِ، وَمُجَاوَزَةُ الحَدِّ بِتَبدِيدِ النِّعَمِ، وَالتَّمَادِي في المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ، مَعَ الإِفرَاطِ في الفَرَحِ بِالثَّرَاءِ الفَاحِشِ وَالأَشَرِ وَالبَطَرِ، قَالَ - تَعَالى - عَلَى لِسَانِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [البقرة: 60] وَقَالَ - سُبحَانَهُ - ذَاكِرًا قَولَ صَالِحٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - لِقَومِهِ: ﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾[الشعراء: 151، 152] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن قَارُونَ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 76، 77].

 

وَمِن صِفَاتِ المُفسِدِينَ زَخرَفَةُ القَولِ بِالبَاطِلِ، فَغَالِبًا مَا يَكُونُ لَهُم إِعلامٌ يُتِيحُ لَهُمُ الفُرَصَ لِيُزَخرِفُوا القَولَ بِالبَاطِلِ وَيَخدَعُوا النَّاسَ بِحُلوِ كَلامِهِم، وَيُلَبِّسُوا عَلَيهِم بِتَغيِيرِ الحَقَائِقِ وَتَبدِيلِ الوَاقِعِ، وَادِّعَاءِ الرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ بِالخَلقِ، وَتَخوِينِ الأُمَنَاءِ وَتَأمِينِ الخَائِنِينَ، وَتَكذِيبِ الصَّادِقِينَ وَتَصدِيقِ الكَاذِبِينَ، وَقَد حَكَى اللهُ - تَعَالى - عَنِ المُفسِدِ الأَكبَرِ فِرعَونَ أَنَّهُ قَالَ في مُوسَى: ﴿ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26] وَمِن ثَمَّ كَانَ عَلَى المُؤمِنِينَ أَلاَّ يَنخَدِعُوا بِالأَكَاذِيبِ وَلَو حَلَفَ المُفسِدُونَ أَيمَانًا مُغَلَّظَةً وَعَقَدُوهَا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ إِمعَانٌ في التَّلبِيسِ وَتَحسِينٌ لِلكَذِبِ وَتَسوِيغٌ لَهُ، وَقَد قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَن قَومٍ مِنهُم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 204، 205].

 

وَإِنَّ المُؤمِنَ الفَطِنَ وَالعَاقِلَ البَصِيرَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَيُدرِكُ حَقِيقَةَ التَّلبِيسِ، وَلا تَرُوجُ عَلَيهِ زَخَارِفُ المُفسِدِينَ وَخِطَطُهُمُ المَكشُوفَةُ، كَيفَ وَلَحنُ قَولِهِم يَدُلُّ عَلَى مَا في قُلُوبِهِم؟! قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 30] وَمِن لَحنِ القَولِ الَّذِي يُعرَفُ بِهِ المُفسِدُونَ وَهُوَ مِن صِفَاتِهِم، الصَّدُّ عَن سَبِيلِ اللهِ، وَالاستِهزَاءُ بِالمُصلِحِينَ، وَهَمزُهُم وَلَمزُهُم، وَاتِّهَامُهُم بِأَنَّهُم يُرِيدُونَ الفَسَادَ أَو أَنَّهُم مِن أَسبَابِهِ، يَزعُمُونَ ذَلِكَ لِيَقطَعُوا الطُّرُقَ عَلَى المُصلِحِينَ، وَيَحُولُوا بَينَهُم وَبَينَ النَّاسِ؛ لِئَّلاَّ تَصلُحَ حَالُ النَّاسِ فَيَكتَشِفُوا فَسَادَ المُفسِدِينَ وَيَحذَرُوهُم، قَالَ - تَعَالى - في وَصفِ هَؤُلاءِ المُفسِدِينَ: ﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 86] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ [النحل: 88].

 

وَمِن صِفَاتِ المُفسِدِينَ مَحَبَّتُهُم لإِشَاعَةِ الفَاحِشَةِ في المُجتَمَعِ، وَالسَّعيُ لإِفسَادِ الأَخلاقِ وَهَدمِ القِيَمِ عَبرَ مُؤَسَّسَاتٍ أَو مَشرُوعَاتٍ، أَو مَرَاكِزَ أَو نَوَادٍ أَو قَنَوَاتٍ، تَنشُرُ المُنكَرَ وَتَدعُو إِلَيهِ وَتُزَيِّنُهُ، يَعلَمُ ذَلِكَ مَن تَأَمَّلَ حَالَ الإِعلامِ العَالَمِيِّ وَمَا يَتَبَنَّاهُ مُنذُ عُقُودٍ وَسَنَوَاتٍ، مِن قَضَايَا هَامِشِيَّةٍ وَبَرَامِجَ ضَحلَةٍ، لا تَبنِي في المُجتَمَعِ قِيَمًا حَسَنَةً وَلا تَدعُو إِلى فَضِيلَةٍ، وَلا تَبعَثُ عَلَى كَرِيمِ خُلُقٍ وَلا تُحيِي مَعَانيَ جَمِيلَةً، وَإِنَّمَا هِيَ تَحطِيمٌ لِلقِيَمِ المُثلَى وَمَحَارَبَةٌ لِلفَضَائِلِ، وَهَدمٌ لِلأَخلاقِ وَإِشَاعَةٌ لِلرَّذَائِلِ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [العنكبوت: 28 - 30].

 

وَمِن صِفَاتِ المُفسِدِينَ نَقضُ العَهدِ وَعَدَمُ الوَفَاءِ بِهِ، وَقَطعُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ، وَمِن أَعظَمِهِ قَطِيعَةُ الأَرحَامِ وَعَدَمُ الاهتِمَامِ بِوَصلِهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [الرعد: 25] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحذَرِ الفَسَادَ وَالمُفسِدِينَ، وَلْنَلجَأْ إِلى اللهِ أَن يُصلِحَ أَحوَالَنَا، وَيُعِينَ عَلَى الحَقِّ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أَمرِنَا، فَقَد قَالَ - تَعَالى -: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 55، 56].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَكُونُوا مَعَ المُحسِنِينَ المُصلِحِينَ، وَاحذَرُوا مِن أَن تُشَارِكُوا المُفسِدِينَ، فَإِنَّهُ لا يَستَوِي عِندَ اللهِ المُصلِحَ وَالمُفسِدَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28] وَقَد بَعَثَ - تَعَالى - أَنبِيَاءَهُ بِالإِصلاحِ، قَالَ - تَعَالى - عَن هُودٍ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ﴾ [هود: 88] وَأَصلَحَ - سُبحَانَهُ - الأَرضَ وَنَهَى عَنِ الفَسَادِ وَالإِفسَادِ فِيهَا فَقَالَ: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [البقرة: 60] وَأَخبَرَ أَنَّهُ ﴿ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 205].

 

عِبَادَ اللهِ، وَمَعَ مَا انتَشَرَ في الأَرضِ اليَومَ مِن عَظِيمِ الفَسَادِ وَالإِفسَادِ، إِلاَّ أَنَّ المُؤمِنَ مَا يَزَالُ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّ المُفسِدِينَ مَهمَا طَالَت بِهِمُ الدُّنيَا أَو تَمَادَوا وَتَطَاوَلُوا، فَلا بُدَّ أَن يَنقَلِبَ إِفسَادُهُم عَلَيهِم يَومًا مَا، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81] وَقَالَ عَن عَادٍ وَثَمُودَ وَفِرعَونَ: ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 11 - 14] وَذَكَرَ - عَزَّ وَجَلَّ - في كِتَابِهِ صِنفًا خَاصًّا مِنَ المُفسِدِينَ، شَهِدَ بِأَنَّهُم يُفسِدُونَ في الأَرضِ، وَمَعَ هَذَا يُطفِئُ - تَعَالى - نَارَ إِفسَادِهِم كُلَّمَا أَوقَدُوهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 4] وَقَالَ عَنهُم: ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64] وَقَالَ عَن قَارُونَ: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [القصص: 81، 82] أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَكُنْ مِنَ المُصلِحِينَ النَّاهِينَ عَنِ الفَسَادِ امتِثَالاً لِقَولِ اللهِ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ﴾ [هود: 116].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
  • تفسير: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم)
  • تفسير: (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا)
  • تفسير: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون)
  • تفسير: (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون)
  • وما تناكر منها اختلف
  • أصحاب الجدال من المفسدين

مختارات من الشبكة

  • من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تتبع الرخص للمقلد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ولا تتبعوا السبل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة ولا تتبع أهواءهم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة عيد الأضحى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان }
    (مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة ولا تتبع الهوى(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ولا تتبع أهواءهم (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تتبع العورات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب