• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

خطبة: من معالم وأسرار الحج

خطبة: من معالم وأسرار الحج
أبو سلمان راجح الحنق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/10/2024 ميلادي - 25/4/1446 هجري

الزيارات: 1497

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معالم وأسرار الحج


المقدمة:

قال تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 27، 28]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].

 

وقال رسول الله: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"؛ متفق عليه.

 

وقال الصادق المصدوق: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه"؛ البخاري ومسلم.

 

أيها المسلمون، فاتقوا الله، واحفظوا أوامر ربكم، وعظموا حرماته وشعائره ﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].

 

والله جل وعلا اختار لنا صفوة خلقه محمدًا صلى الله عليه وسلم، فعَلَّمنا الكتاب والحكمة، وبهما تمت التزكية.

 

وكل ذلك أيها المؤمنون اختيار في اختيار في اختيار ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ﴾ [القصص: 68].


أيها المسلمون، وكما اختار سبحانه في الأمم والنبيين، اختار من الأماكن أشرفها، ومن البقاع أفضلها، بيت شرفت مكانته، وحددت معالمه، وأسست دعائمه.

 

بوَّأ الله لإبراهيم عليه السلام مكانه، بناه الأبوان الكريمان: إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، في إنابة وخشوع وتضرُّع ودعاء: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].

 

أيها المسلمون، وأمة الإسلام ورسول الإسلام عليه الصلاة والسلام هما إجابة هذه الدعوة المباركة، فلقد اقترن أصل هذه الأمة ببناء هذا البيت وتطهيره ومناسكه: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 128، 129].

 

أيها المؤمنون، إن هذه الأمة تجد في البيت والحج والمناسك أصلها العريق، الضارب في أعماق التاريخ من تلك العهود الأولى: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [الحج: 78].

 

أيها المسلمون، إن هذه الصلات العقائدية والتاريخية سِرٌّ من أسرار حج هذا البيت العتيق، يجد فيه المؤمنون ما يشدُّهم إليه، إنها قبلتهم أحياءً وأمواتًا، يجدون فيه رايتهم التي يفيئون إليها راية العقيدة والتوحيد: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26]، ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ﴾ [الحج: 30 - 31].

 

أيها المؤمنون، ومن الحكم والأسرار في حج بيت الله الحرام، أنه في ظلال هذا البيت تنمحي فوارق الأجناس والألوان والأوطان، تتجلَّى في عرصات المناسك قوة التجمُّع والتوحيد والترابط، تضم الملايين والملايين من الخلائق يحنُّون إليه كما تحنُّ الحمائم إلى أوكارها، في أفئدتهم من الحنين شوق، وفي قلوبهم من المشاعر فيض، يفدون إليه من أعماق القارات، ومن أبعد المحطات شوقًا إلى الله، واستجابة لدعوة إبراهيم الخليل، واقتداءً واتِّباعًا لخاتم الأنبياء والمرسلين القائل: "خذوا عني مناسككم..." ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة: 125].

 

أيها المؤمنون، لقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم القواعد والأسس لأُلُوف المساجد في أرجاء المعمورة، من إقامة توحيد الله، ورفع النداء والأذان للصلاة، والحفاظ على الجُمَع والجماعات، وإقامة شعائر الله، ونشرًا للعلم والدعوة، وتعليمًا للسُّنَّة، وتربية للأمة، وعناية بالأجيال، وغرس مبادئ الإسلام، وربط الناس بدين الله، وتعليمًا لكتاب الله، وربط الناس بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونشر مآثر ذلك الجيل المبارك الذي كان له دور في نشر التوحيد، وربط الناس بدين الله رب العالمين، حيث بذلوا كل ما يملكون من أجل دينهم وعقيدتهم وما جاء به رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، فعلى الأجيال أن تترسم خُطى ذلك الجيل المبارك الذي رضي الله عنه ورضوا عنه.

 

أيها المؤمنون، إن الحج إلى البيت العتيق هو خاصة هذا الدين، وهو سِرُّ التوحيد، إنه خاصة الحنيفية، وزيارة المحب لمحبوبه، وإجابة دعوته، ومحل كرامته في شعار قديم جديد، لم يضعف صداه على مَرِّ القرون وتعاقب الأجيال إنه قول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".

 

إن الحج أيها المؤمنون رحلةٌ إيمانيةٌ عميقةٌ في عبادات عظيمة وذكريات كريمة. في الحج مُلْتقى المسلمين الأكبر، وفي البيت مثابتهم العظمى، ملتقى الموحِّدين في المشارق والمغارب، يشهدون منافع لهم.

 

أيها المسلمون، الحج ليس لقاء أجساد، ولا من أجل حمل ألقاب، إنه فرصة الإعداد، وخطة الإنقاذ، موسم جامع لتلقِّي التوجيهات، ونصح للمسلمين والمسلمات، ألم نقرأ توجيهات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو يخاطب الصحابة الأخيار؟ والخطاب لعموم أمته في كل زمان ومكان، ونقل ذلك إلينا أصحابه وخلَّانه ومن تولى تربيتهم على الحق والهدى، وعلى التسليم والرضا، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله، وسُنَّتي".

 

وقال الصادق المصدوق: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا"؛ البخاري ومسلم.

 

للحج معالم تربوية

من معالم وأسرار الحج التربوية:

• تعليم التوحيد: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

 

فهذه الحياة التي تقوم على منهج "لا إله إلا الله"، وهذه العبادات العظيمة التي تُربِّي المسلمين، فالصلاة تربية، والزكاة تربية، والصيام تربية، وكذلك الحج، فالحج يُعلِّمنا صحة العقيدة والتوحيد.

 

ومن معالم وأسرار الحج التربوية أنه يُربِّي في المسلم حسن الاتِّباع والتسليم لشرع الله، ولما جاء به رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، فرسول الله قال: "خذوا عني مناسككم....".

 

ولمَّا حج عمر الفاروق، ومسح الحجر قال: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبَّلْتُك"، وعمل وقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو تسليم للشرع في أمور الدين، وكذلك هذا القول هو حُسْن الاتِّباع مع صحة الاعتقاد، فعمر رضي الله عنه يتبع السُّنَّة بتقبيل الحجر الأسود، ولكن العقيدة سليمة، حجر لا يضر ولا ينفع.

 

ومن الأمثلة على تسليم الصحابة لشرع الله ولهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم خلع نَعْلَيْه في الصلاة خلعوا، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لواحد من الصحابة: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يديه"، خلع الصحابي ذلك الخاتم ورماه مباشرة، ولما نزل قوله تعالى: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31] شقق نساء الأنصار مروطهن فاختمرن بها، مباشرة أتين بالحجاب.

 

ولما كان الصحابة يقفون في مسجد قباء متجهين إلى الشام كما هي القبلة الأولى، فأتى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرهم أن القبلة تغيَّرت إلى الكعبة، استداروا في أماكنهم.

 

أيها المسلمون، الحج يُربِّينا ويُعلِّمنا الوسطية التي ضل في فهمها كثيرٌ من الناس، فبعض الناس يظنون أن الوسطية، هي إقرار الباطل، ومهادنته، والرضا بالباطل، والتأقلم مع الباطل.

 

وهناك مثال: حين طلب رسول الله أن يلتقط له حصى، فلقط له سبع حصيات مثل حصى الخذف، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفضهن في كفِّه ويقول: "بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين؛ فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".

 

فترى عند الجمرات غلو عند بعض الحجاج، فهذا يرمي الجمرة بحجر وآخر بالنعل، وآخر بالثياب، وآخر بعلب الماء، وهذا كله من الغلو وضعف الاتِّباع لرسول الله.

 

الحج يربينا على الخشونة، والتقليل من الدنيا: "انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا". جاء في الأثر: "اخشوشنوا؛ فإن النعم لا تدوم".

 

أيها الناس، إن هذا الحج من علامات عزة الأمة، وسيظل هذا الحج مَعْلَمًا عظيمًا من معالم قوتها.


قال أحد الغربيين: "سيظل الإسلام صخرةً عاتيةً تتحطَّم عليها كل محاولات التبشير (والصحيح التنصير) ما دام للمسلمين هذه الدعائم، ومنها مؤتمر الحج السنوي العام. وكم تنقل إلى المسلمين من مشاعر أظهرها المسلمون الجدد عندما مَنَّ الله عليهم بالإسلام، ومَنَّ عليهم بأداء الحج، عبارات وعبرات من الحجاج الجدد، فكيف لو أن المسلمين عامة وأهل الحرم خاصة استغلوا هذه الفرصة، فرصة الحج وتجمُّع الناس من كل فَجٍّ عميق ليشهدوا منافع لهم؟ كيف لو تم استغلال تلك القصص، ونقلت للعالم، ونقلوا مشاعر كثير من الحُجَّاج إلى غيرهم في العالم، لتزاحم الناس في بلاد الغرب المراكز الإسلامية يعلنون إسلامهم؟ ولكن إلى الله المشتكى؛ علية القوم ومن بيدهم القرار منشغلون بالتفاهات، وغيرهم منشغل بالضلالات، وغيرهم منشغل بملذَّاته وشهواته، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

• الحج يا عباد الله يعلمنا خشوع النفس واستسلامها لله وحده.

 

إليك إلهي قد أتيت ملبيًا
فبارك إلهي حجتي ودعائي
قصدتك مضطرًّا وجئتك باكيًا
وحاشاك ربي أن ترد بكائي
أتيت بلا زاد وجودك مطمعي
وما خاب من يهفو لجودك ساعيا
إلهي إليك قد حضرت مؤملًا
خلاص فؤادي من ذنوبي ملبيا

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

 

الخطبة الثانية

العنوان "وقفات مع يوم عرفة والحج وخطبة رسول الهدى عليه الصلاة والسلام".

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

أيها المسلمون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: "ما أراد هؤلاء"؛ صحيح مسلم.

 

وقال رسول الله: "خير الدعاء، دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"؛ حسنه الألباني.

 

أيها المؤمنون، نحن مُقدِمون على يوم عظيم، إنه يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، هذا اليوم شرَّفه الله وفضَّله بفضائل عظيمة، اليوم الذي خصَّه الله تعالى بالأجر الكبير، والثواب الجزيل عن كل أيام السنة، اليوم الذي يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات، ويمحو عنهم الخطايا والزلَّات، ويعتقهم من النار، اليوم الذي يرى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا.

 

يوم عرفة اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتمَّ الله فيه بالنعم على المسلمين، إنه يوم التجليات والنفحات والرحمات الإلهية، يوم العطاء والبذل والسخاء، اليوم الذي يقف فيه الحُجَّاج جميعًا على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة، إلا رابطة الإيمان والعقيدة، على كتاب الله تعالى وعلى وفق هدي وسنة خير البرية صلى الله عليه وسلم، يدعون ربًّا واحدًا، ويناجون إلهًا كريمًا رحيمًا، إنه الله تبارك وتعالى.

 

ذلك اليوم المشهود "يوم عرفة"، نزل فيه قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]؛ أي: بتمام النصر، والفتح الأعظم، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب العزيز، والسنة المطهرة كافيين كل الكفاية في أحكام الدين وأصوله وفروعه.

 

أيها المسلمون، وهذه الآية الكريمة: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ... ﴾ فيها رد على أهل الضلال، وأهل الباطل، وأهل العلمنة، وأتباع منهج الليبرالية، وأهل الحداثة، ودعاة الدين الإبراهيمي، وفيها رد على دعاة التقارب والتسامح مع اليهود والنصارى، وفيها رد على سائر أهل الضلال والبدع المحدثة، ورد على من ينكر مسلمات الدين، وثوابت الإسلام، فديننا بحمد الله كامل وشامل.

 

أيها المسلمون، فعلى المسلم في مثل ذلك اليوم؛ يوم عرفة، أن يحفظ جوارحه عما حرمه الله، عند أحمد وصحيح ابن خزيمة وغيرهما عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم عرفة: "إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له".

 

أيها المسلم، أكثر في يوم عرفة من قول "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، فإنها أصل دين الإسلام الذي أكمله الله، وأكثر فيه من الدعاء، وأكثر من التسبيح والتهليل والتحميد؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحَبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس"؛ مسلم.

 

أيها المسلمون، علينا جميعًا أن نتعرف على هدي رسولنا عليه الصلاة والسلام في كل شؤون حياته، ومن ذلك: كيف كان هديه وسنته في حجة الوداع، وبماذا وجَّه أمته عليه الصلاة والسلام في يوم عرفة اليوم المشهود، وما هي أبرز توجيهاته في خطبه في حجته عليه الصلاة والسلام، وما هي مواعظه في حجته التي وعظ بها أمته عليه الصلاة والسلام، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الناصح الأمين، والمبلغ المشفق، والمربي الحكيم، وهو أنصح الناس للناس، وأرحم الناس بالناس، بل هو صلى الله عليه وسلم قدوة الناصحين، وأسوة عباد الله أجمعين ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].

 

وخلاصة خطبه وتوجيهاته لأمته في حجة الوداع وغيرها:

• إبطال أمور الجاهلية، والوصية بالنساء، وتحريم الدماء والأموال والأعراض، وبيان من الكريم والقريب عند ربه: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وحذر من كبائر الإثم، وأكد صلوات الله وسلامه عليه على لزوم سنته والعمل بهديه، وسلوك نهجه، وحذر من البدع والأهواء، وحذر من القول عليه بلا علم، وحذر من مكايد الشيطان واتِّباع خطواته، صلوات الله وسلامه عليه عليه.

 

• وحذر صلى الله عليه وسلم من فتنة الدَّجَّال.

 

• وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على بر الوالدين، وصلة الأرحام، والتحذير من الاعتداء على حقوق الآخرين، أو النيل من أعراضهم.

 

أيها المؤمنون، إن من أعظم أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج تحقيق التوحيد، وتعظيم شعائر الله، وإظهار البراءة من المشركين، وكثرة التضرُّع والمناجاة والدعاء، والغضب لله والتوقف عند حدوده. وكان من أحواله في الحج تعليم الأمة، وبيان الخير من الشر، وبيان الأحكام، والتأكيد على التوحد والاجتماع، وتربية الأمة على الاتباع وتوحيد مصدر التلقي" كتاب الله تعالى وسنة رسوله"، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

أيها المؤمنون، فعلى الأمة المسلمة أن تراجع سيرها، وما المنهج الذي يجب أن تسير عليه، إنه دين الله وكلام الله وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يعود لها مجدها، وعزها.

 

أيها المسلمون، ونختم هذه الخطبة وهذه الجمعة بقضية كل مسلم موحِّد حر، مقتدٍ ومهتدٍ بكتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وبما كان عليه الصحابة الأخيار الأبرار الأطهار" رضي الله عنهم.

 

إنها قضية الوقت، إنها قضية تدمي القلوب وتحزن النفوس، وتؤرق كل قلب حي، إنها قضية فلسطين، قضية غزة، قضية إخواننا في الإيمان والعقيدة، والمنهج، قضية الأرض المباركة، قضية ارتبطت بالوحي والقرآن والسنة والتاريخ ارتبطت بالصحابة الفاتحين والقادة المجاهدين من الصحابة والتابعين، ومن سلف الأمة الغيورين، ومن العلماء العاملين، الذين رووا أرض فلسطين وبلاد الشام وبيت المقدس بالدماء الزكية، وبمداد كتبهم وعلومهم.

 

أيها المسلمون، المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، ثاني مسجد وضع في الأرض، مبارك فيه وما حوله، مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، إليه تُشَدُّ الرحال، فيه يضاعف أجر الصلاة، مقام الطائفة المنصورة، أرض المحشر والمنشر، معراج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلى، مُصلَّى رسولنا عليه الصلاة والسلام بجميع الأنبياء، من تشرف بفتحه أبو عبيدة عامر بن الجراح، القائد العام للجيش الإسلامي لفتح الشام في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتشرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه باستلام مفاتيح بيت المقدس.

 

أيها المسلمون، تاريخ بيت المقدس هو تاريخ الأنبياء والرسل عليهم السلام.

 

فما لهذه الأمة عن هذه المكرمات، وهذه المقدسات، وهذه الأرض الطاهرة، ما لهذه الأمة عن ذلك معرضة، وعن الحق نافرة، وعن تحرير المقدسات غائبة، وعن الكرامة والعزة نائمة، لماذا هذه الأمة تنكَّبَت الطريق، وحادت عن الصراط المستقيم، أمن قلة نحن؟ لا، بل نحن غثاء كغثاء السيل، تكالبت علينا أمم الكفر والضلال، وساموا إخواننا في أرض فلسطين وغزة سوء العذاب، وإلى الله نشكو عجز أمتنا، وخيانة من بأيديهم القرار، وإلى الله نشكو قلة حيلتنا، وظلم وإجرام عدوِّنا، فيا مسلم يا عبدالله، لا تنسَ أولئك المظلومين الذين تم الاعتداء عليهم، وسفك دمائهم، وقتل الأطفال والرُّضَّع، وهدم منازلهم، وقتل رجالهم ونسائهم.

 

تحركوا بدعوة صادقة، تخرج من القلب، وتفتح لها أبواب السماء، وخاصة في مثل هذه الأيام الطيبة المباركة، فالله تعالى يقول وهو أصدق القائلين: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].

 

ألا وصلوا وسلموا.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسرار الحج - عشر ذي الحجة
  • من أسرار الحج
  • أسرار الحج وحكمه وكلمة للحجيج
  • أسرار الحج ومعاني التسليم فيه
  • من أسرار الحج
  • أسرار الحج
  • من أسرار الحج وحكمه (خطبة)
  • أسرار الحج (خطبة)
  • أسرار الحج
  • خطبة: بين الرفق والقسوة

مختارات من الشبكة

  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العشر الأواخر من رمضان وأسرار الاعتكاف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سلسلة فقه الأسرة: الخطبة (1) أسس بناء الأسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلق الإيثار: معاني وأسرار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرض فوائد وأسرار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البحار آيات وأسرار ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج.. أسرار وحكم (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • سر بلاغة خطب صالح بن حميد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج.. حكم وأسرار(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الحج.. سره وأسراره البديعة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب