• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الزكاة والصدقة
علامة باركود

زكاة المال وزكاة النفس: آداب وأحكام (خطبة)

زكاة المال وزكاة النفس: آداب وأحكام (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/3/2025 ميلادي - 25/9/1446 هجري

الزيارات: 1524

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زكاة المال وزكاة النفس: آداب وأحكام [1]

 

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

أيها المسلمون، إن المال سبب من أسباب الحياة، وعنصر من عناصر استمرارها، وهو صورة من صور رزق الله لعباده فيها، فالناس فيه يختلفون قلةً وكثرةً، واتساعًا وضيقًا؛ لحِكم يعلمها الرزاق العليم، ويقدِّرها الرب الحكيم، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 30].

 

وهذه القسمة العادلة الحكيمة بها تتمُّ الحياة للأحياء، فلو كان الناس كلهم أغنياء لما صلحت لهم الحياة؛ لأنهم يحتاجون إلى خدمات وأعمال تصلح معيشتهم لا يقوم بها إلا الفقراء الذين يعملون من أجل الأجرة التي يتقاضونها منهم.

 

قال ربنا سبحانه: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32].

 

غير أن هذا الفقير الذي يعمل لدى الغنيِّ قد لا تسد أجرتُه أو راتبه كلَّ حاجات حياته، كما قد يوجد بعض الفقراء عاجزين عن العمل، أو لا يجدون عملًا، أو يكون الفقراء من الأيتام والأرامل والنساء؛ فلهذا شرع الله تعالى الزكاة في أموال الأغنياء مواساة لهؤلاء الفقراء.

 

عباد الله، الزكاة فريضة من فرائض الإسلام، وركن من أركانه العظام، ذكرها سبحانه في آيات عديدة من كتابه، قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43].

 

وذكرها نبيُّه الكريم في سنته في عدد من أحاديثه الشريفة؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما حين أرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن قال له: ((أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)).

 

ولما كانت الزكاة من واجبات الدين، والشرائع الظاهرة بين المسلمين؛ غدا منعها ذنبًا كبيرًا، وعقوبته عقوبة عظيمة، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ – يَعْنِي: بِشِدْقَيْهِ - يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ)) ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [آل عمران: 180] إِلَى آخِرِ الآيَةِ))[2].

 

أيها المؤمنون، لقد شرع الله تعالى زكاة المال لأهداف سامية، وأوجبها لحِكَم حميدة، حين نتأمل فيها نعرف عظمة هذا الدين الذي يُهدي خيراتِ الدنيا والآخرة إلى المتمسكين به، والعاملين بما يدعو إليه.

 

فمن تلك الأهداف لتشريع الزكاة:

الهدف الديني؛ ففي الزكاة: كثرة أجر للمزكي، وتكفير لسيئاته، وطريق إلى رضوان الله عنه.

 

وفي الزكاة هدف أخلاقي وتربوي؛ لأنها تطهر نفوس الأغنياء المزكين من أمراض البخل والاستئثار والطمع، وتُطهِّر نفوس الفقراء من الحسد والبغضاء والحقد، قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103].

 

وفي الزكاة هدف اقتصادي؛ ففيها زيادة مال المزكي وبركته، وحماية له من الجوائح والكوارث، وسبب من أسباب الغيث ونزول البركات، وهي سد لحاجة الفقراء، وإعانة لهم على مطالب العيش.

 

وفي الزكاة هدف اجتماعي؛ ففيها: ترسيخ للمحبة بين الفقراء والأغنياء، وجمع للكلمة وتوحيد للصَفِّ.

 

وفي الزكاة هدف أمني؛ ففي ظل أداء الزكاة يأمن الغني المزكي على نفسه وعلى ماله من صيالة الفقراء المحرومين من الزكاة؛ فإنه عندما يغلب الفقر وتُمنع الزكاة تكثر الاعتداءات كالقتل -من أجل المال- والسرقة والنهب والسلب.

 

لكن إذا أُخذت الزكاة في مجتمع ما كما ينبغي وصُرفت لأهلها بالميزان الشرعي؛ حَلَّ الأمن والسلام في ذلك المجتمع.

 

أرأيتم ما أعظم تشريعات الإسلام حين نعمل بها، وأحسن أثرها في حياتنا العامة والخاصة عندما نمتثلها!

 

إخوة الإسلام، ما أجمل أن يكون المسلم المزكي متحليًا بآداب تجعل زكاته تصل إلى رضا خالقه، وتصير على نفسه حسنة الآثار، وتنزل على المحتاجين نقية من الأكدار، سالمة من الأضرار!

 

فعلى المزكي: أن يعلم أن المال الذي في يده إنما هو مال الله تعالى، والزكاة فيه مما يريده مالكه جل وعلا، فلا فضل له حينئذٍ فيه، ولا منَّة له على أحد به؛ فإن الزكاة حق الله في المال الذي رزقه إياه، قال تعالى: ﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33].

 

وعلى المزكي: أن يشكر الله تعالى الذي كفاه وأغناه، وجعله معطيًا لا آخذًا، له اليد العليا لا اليد السفلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَا بْنَ آدَمَ، إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى))[3].

 

وعليك -أيها المزكي الكريم-أن تنوي بأداء هذا الحق التعبُّد لله والتقرب إليه به، فتخلص لله فيه، ولا تطلب من البشر جزاء ولا شكورًا، ولا يكون غرضك الرياء والسمعة وحب المحمدة والثناء؛ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا ابتغي به وجهه لا وجوه الناس.

 

وعليك أن تبادر إلى زكاة مالك متى حان وقتها، ولا تماطل فيها، ولا تؤخر أداءها من غير عذر صحيح؛ فإنك لا تدري: هل تُمهَل لأدائها أو أن الأجل يسبق.

 

وكم هو جميل -يا عباد الله-أن يكون المزكي على معرفة بأحكام الزكاة إما بدراسة، وإما بقراءة، وإما بسماع، وإما بسؤال أهل العلم؛ حتى يعبد الله على بصيرة، ويؤدي حق الله على معرفة؛ فإن هذا من العلم الواجب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))[4].

 

وكم يرتفع المزكي في معارج الأخلاق الحسنة حين يعطي الفقير بوجه منبسط، ولا يتبع زكاته إليه باحتقاره والمن عليه وتعييره وأذاه، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [البقرة: 264].

 

أيها الفضلاء، إن الفقر في ذاته ليس عيبًا يُلام عليه صاحبه، ولا ذنبًا يؤاخذ عليه فاعله، وإنما العيب والذنب أن يسوق المرءَ فقرُه إلى ركوب الخزايا، واقتراف الخطايا.

 

فعلى الفقير أن يرضى بما قسم الله تعالى له من الرزق الحلال ولو كان قليلًا؛ فإن الله حكيم في تقسيم رزقه بين عباده، فربما كان الفقر خيرًا له في دينه من الغنى، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].

 

وعليه أن يعلم أن الرزق ليس محصورًا في المال فحسب، فالصحة رزق، والعلم النافع رزق، والقوة رزق، وفراغ البال رزق، وهذه النعم قد يفتقر إليها بعض الأغنياء وينعم بها بعض الفقراء، قال الشاعر:

فإذا رزقتَ خليقةً محمودةً
فقدِ اصطفاكَ مقسِّمُ الأرزاقِ
فالناسُ هذا حظُّهُ مالٌ، وذا
علمٌ وذاك مكارمُ الأخلاقِ

 

وعلى من قلَّ ماله أن يبعد عن نفسه الطمع والاستشراف إلى أموال الناس، والتعرض لأعطياتهم، والتذلل بين أيديهم؛ فإنه إن أخذ المال بتطلع وجشع، وسأله بإلحاح وإراقة ماء وجه، أو أخذه من غير حاجة؛ فهو وبال عليه.

 

وعليه أيضًا أن يطهر قلبه من الحسد للأغنياء، والتطلع إلى زوال النعمة عنهم، وأن يحاول تحسين وضعه المعيشي، ويطرق أبوابًا متعددة من الرزق الحلال ما استطاع لذلك سبيلًا.

 

ومن جميل الخلق، وصفاء الطبع، والعمل بالشرع: أن يشكر الآخذ للزكاة ربَّه تعالى الذي سخر له من يحسن إليه، ويشكر أيضًا هذا المحسن الذي أفضل عليه، ويدعو له بالخير، فهذا من شكر المعروف، والمكافأة عليه.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)) [5].

 

عباد الله، إن مسائل الزكاة في عصرنا قد اتسعت؛ نظرًا لكون التجارات ووسائل جلب المال وتنميته قد تنوعت، والأحوال المحيطة بها قد تكاثرت.

 

فمن كان عنده مال زكوي-من تجارة أو ذهب أو ما يقوم مقامه من الأوراق النقدية أو ثروة حيوانية أو زراعية- فليكن حريصًا على معرفة أحكام زكاته بالرجوع إلى أهل العلم بها، ولا يزكي حسب معرفته القاصرة إذا لم يكن من ذوي العلم بهذا الباب؛ فإن بعض أرباب المال لا يدري ولا يسأل أيضًا؛ فحينئذٍ قد لا يؤدي حق الله في ماله كما ينبغي.

 

فمن ملك من الأوراق النقدية أو ما يقوم مقامها من السندات البنكية مقدارًا يساوي بقيمته (85) جرامًا فأكثر، فعليه إخراج ربع العشر إذا حال عليه الحول؛ فمن له أربعة ملايين مثلًا فعليه مائة ألف، وعلى هذا فَقِسْ.

 

ومن كان عنده أوراق نقدية أو عروض تجارة وأراد إخراج زكاة ماله؛ فعليه أن يعرف قيمة جرام الذهب في يوم إخراج الزكاة بسعر بيعه للجرام لا بسعر شرائه إياه، ويخرج زكاته بذلك.

 

وإذا ملك التاجر ما مقداره يساوي قيمة (85) جرامًا من الذهب فما فوق؛ وجبت عليه الزكاة، بشرط حولان الحول.

 

وعلى التاجر أن يقوِّم تجارته في نهاية الحول بحسب قيمتها السوقية يوم وجوب الزكاة؛ لأن الذي يملكه هو سعر البيع عند تمام الحول، سواء كانت هذه القيمة تساوي ما اشتراها به أم أقل أم أكثر.

 

وتُخرج الزكاة من كل ما أُعد للتجارة، يعني: من الأشياء التي تباع للمشترين، وأما الأشياء التي لا تباع لهم فلا تدخل في حساب الزكاة؛ كالديكور والحواسيب والثلاجات والمكائن والمباني والأثاث ووسائل نقل البضاعة من سيارات وغيرها؛ لكونها ليست معدة للبيع وإنما هي آلات مساعدة عليه.

 

فإذا تبين هذا فإن على التاجر أن يحسب البضاعة المعدة للبيع، وهذا يشمل: البضاعة المعروضة، والبضاعة المخزنة، ويشمل الأوراق النقدية الناتجة عن هذه التجارة الموجودة عنده، سواء كانت في المتجر أم في البيت أم في البنك أم الديون التي يُرجى قضاؤها لدى العملاء.

 

ومن كان له دين عند الناس؛ فإن كان المدين له غنيًّا معترفًا غير منكر ولا مماطل فتلزمه زكاة هذا المال، وإذا تأخر قبضه فعليه أن يزكيه لكل الأعوام السابقة.

 

وأما إذا كان الدين على معسر أو جاحد أو مماطل به، فالراجح في هذه المسألة: أنه لا زكاة عليه ولو بقي سنوات؛ لأنه عاجز عنه، ولكن إذا قبضه زكَّاه مرة واحدة في سنة القبض فقط.

 

وأما إذا كان على المزكي دين لغيره؛ فإن دينه لا يسقط الزكاة عنه؛ بل يجب عليه دفع الزكاة ولو كان عليه دين، لكن لو أدى دينه قبل حلول الحول وبقي من ماله ما يكون نصابًا فإنه يُزكِّيه، وبذلك تبرأ ذمته.

 

وقد ورد عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: "هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده؛ حتى تخرجوا زكاة أموالكم، ومن لم تكن عنده لم تطلب منه"[6].

 

ولو أقرض شخصٌ آخرَ مالًا على أن يرد مثله وقت يُسْره، فحان وقت زكاة المقرض، فرأى أن ذلك المدين أهل للزكاة، فلا يجزئ عنه أن يسامح ذلك المدين من دينه ويجعله زكاة عن ماله؛ لأنه يشترط لصحة الزكاة نية الإخراج لها، وهذا الدين لم يحصل فيه ذلك.

 

نسأل الله أن يجعلنا ممن يسمعون القول فيتَّبِعون أحسنه.

 

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

أيها المسلمون، إن فضائل رمضان كثيرة، وأبواب الخير المفتوحة فيه متعددة، ومن هذه الفضائل والأبواب: زكاة الفطر، أو زكاة النفس؛ فهي مصلحة للمعطي، ومنفعة للآخذ.

 

فالصائم-معشر المسلمين-قد يحصل في صيامه شيء من القصور، والوقوع في بعض المحظور، فتأتي زكاة الفطر لتجبر كسره، وتكمل أجره؛ قال وكيع بن الجراح: "زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة؛ تجبر نقصان الصوم كما يجبر السهو نقصان الصلاة"[7].

 

وأما الآخذ فإنها تعينه على مشاركة المسلمين فرحة العيد، حين يجد فيها ما يكفيه عن العمل يوم العيد وليلته، وهي تخفف عنه غمَّ فقدِ القوتِ في ذلك اليوم السعيد.

 

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)) [8].

 

وهذا الحديث وغيره يدل على أن زكاة الفطر واجبة على من قدر عليها، ويأثم تاركها القادر على تركها من غير عذر شرعي؛ كنسيان أو عجز عن إيصالها إلى أهلها.

 

فمن وجد زيادة على قوت ليلة العيد ويومه أخرجها، فإن لم يقدر على إخراجها عن جميع أفراد الأسرة أخرج عمن يقدر عليه منهم.

 

أيها الصائمون الكرام، يجب إخراج هذه الزكاة من القوت المعتاد في البلد، ويجوز إخراج القيمة إذا رأى المزكي مصلحة من يعطيه بالقيمة.

 

ومتى أخرج الواجب عليه من الطعام أو حسب قيمته ليخرجه نقودًا فإن المقدار الواجب هو كيلوان وأربعون غرامًا عن كل نفس، ولو جعلها ثلاثة كيلوات أو قيمتها لكان أحوط.

 

ولا يجوز للمزكي تأخير إخراجها عن صلاة العيد بغير عذر، بل يخرجها المزكي قبل ذهابه إلى صلاة العيد، أو قبل العيد بيوم أو يومين.

 

ويجوز للمسلم أن يخرج الفطرة عن غيره ممن لا تلزمه مؤونته إذا كان بإذنه، وهو من التعاون على البر والتقوى.

 

ويجوز دفع المزكي فطرته لأكثر من مسكين، ويجوز للمزكين إعطاء فطرتهم لمسكين واحد فقط.

 

ولو أعطى الفقير فطرته لأحد فردَّها الآخر إليه عن نفسه جاز، إذا لم يكن ذلك من باب الاحتيال.

 

فاحرصوا-رحمكم الله-على أداء الزكاتين: زكاة المال، وزكاة النفس؛ فإن ذلك فرض الله على من كان من أهل وجوبها، وعوائد ذلك من الخير تصل إليكم، في عاجل أمركم وآجله، فيا فوز من دفع زكاته طيبة بها نفسه، وأخلص فيها لربه! وطوبى لمن أخرجها بلا نقص ولا حيلة، وسلمها لمن يستحقها بلا منٍّ ولا أذى!

 

نسأل الله أن يصلح نفوسنا بتقواه، وأن يجعلنا ممن يسارع إلى مرضاته ويخشاه.

 

هذا وصلوا وسلموا على القدوة المهداة.



[1] ألقيت في جامع الشوكاني في: 21/ 9/ 1446هـ، 21/ 3/ 2025م.

[2] رواه البخاري.

[3] رواه مسلم.

[4] رواه ابن ماجه والبيهقي، والطبراني، وهو صحيح.

[5] رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي والبيهقي، والطبراني، وهو صحيح.

[6] الأموال للقاسم بن سلام (ص: 534).

[7] صفة الصفوة (2/ 99).

[8] رواه أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، والحاكم، وهو حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وجوب إخراج زكاة المال (1)
  • مسائل في زكاة المال النقدي يكثر السؤال عنها
  • وجوب إخراج زكاة المال (2)
  • جزاء تأدية زكاة المال
  • الأمور المعينة على زكاة النفس (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من أحكام الزكاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختصر أحكام زكاة الفطر(مقالة - ملفات خاصة)
  • مختصر أحكام زكاة الفطر(مقالة - ملفات خاصة)
  • {والذين هم للزكاة فاعلون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زكاة الأنعام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الزكاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زكاة الفطر: أحكامها ومقاصدها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على من تجب زكاة الفطر؟ ووقت إخراج زكاة الفطر(مقالة - ملفات خاصة)
  • زكاة المصانع والشركات والأسهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام زكاة الفطر(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب