• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    همسة حاضر في ذكرى غائب
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    خطبة: أهمية طلب العلم في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    { ومأواهم النار }
    د. خالد النجار
  •  
    تفسير سورة الليل
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    العقل وواجب المحافظة عليه
    الدخلاوي علال
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

إنه كان صادق الوعد ( خطبة )

إنه كان صادق الوعد ( خطبة )
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/5/2014 ميلادي - 12/7/1435 هجري

الزيارات: 34992

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنه كان صادق الوعد


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعِبَادِهِ خَيرًا، أَلزَمَهُم طَرِيقَ المُهتَدِينَ، وَوَفَّقَهُم لاقتِفَاءِ آثَارِ الصَّالِحِينَ، وَحَبَّبَ إِلَيهِمُ الاستِقَامَةَ عَلَى كُلِّ وَصفٍ جَمِيلٍ، وَالصَّبرَ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ نَبِيلٍ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِم غَيرَ ذَلِكَ، وَكَلَهُم إِلى أَنفُسِهِمُ الضَّعِيفَةِ، وَحَبَّبَ إِلى كُلٍّ مِنهُم الانفِرَادَ بِرَأيِهِ، وَأَلبَسَهُ الإِعجَابَ بما هُوَ عَلَيهِ، دُونَ تَميِيزٍ لِمَا يَنفَعُهُ وَيَسُرُّهُ، مِمَّا يَسُوءُهُ وَيَضُرُّهُ، أَلا وَإِنَّ خَيرَ مَنِ اقتَدَت بِهِمُ الأُمَمُ وَتَأَسَّت بِأَخلاقِهِم، مَن أُمِرَ نَبِيُّنَا بِالاقتِدَاءِ بِهَديِهِم مِن أَنبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، حَيثُ قَالَ اللهُ تَعَالى لَهُ بَعدَ أَن ذَكَرَ جَمعًا مِنهُم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتَدِهْ ﴾  [الأنعام: 90] وَقَد جُبِلَ أُولَئِكَ المُصطَفَونَ الأَخيَاَر عَلَى أَكمَلِ الأَخلاقِ وَأَعظَمِ الصِّفَاتِ، وَالَّتِي هِيَ غَايَةُ مَا يُمكِنُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ البَشَرُ، أَلا وَإِنَّ مِن أَعظَمِ الصِّفَاتِ وَأَجَلِّهَا، مَا امتَدَحَ اللهُ بِهِ أَبَا العَرَبِ إِسمَاعِيلَ عَلَيهِ السَّلامُ حَيثُ قَالَ في حَقِّهِ: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54] أَجَل يَا عِبَادَ اللهِ كَانَ إِسمَاعِيلُ عَلَيهِ السَّلامُ صَادِقَ الوَعدِ، حتى وَهُوَ غُلامٌ وقَبلَ أَن يَكُونَ رَسُولاً نَبِيًّا، وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ لأَبِيهِ: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102] صَبَرَ وَلم يَجزَعْ، وَمَكَّنَ أَبَاهُ مِن رَقَبَتِهِ استِعدَادًا لِلذَّبحِ وَلَم يَهرُبْ، فَفَدَاهُ اللهُ بِكَبشٍ عَظِيمٍ؛ لأَنَّهُ تَعَالى يُحِبُّ هَذِهِ الصِّفَةَ العَظِيمَةَ، وبها مَدَحَ نَفسَهُ فَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ [الحج: 47] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 6] وَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20] وَقَالَ تَعَالى : ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يُخلِفُ المِيعَادَ ﴾

 

وَقَد وَرِثَ العَرَبُ هَذِهِ الصِّفَةَ الجَمِيلَةَ مِن أَبِيهِم إِسمَاعِيلَ عَلَيهِ السَّلامُ وَصَارُوا يَتَمَدَّحُونَ بِهَا وَيَذُمُّونَ بِضِدِّهَا، وَنُقِلَ فِيهِ عَنهُم مِن عَجَائِبِ الوَقَائِعِ وَغَرَائِبِ البَدَائِعِ، مَا يُطرِبُ السَّامِعَ وَيُشَنِّفُ المَسَامِعَ، حَتى كَانَ مِن أَمثَالِهِم أَن قَالُوا: أَنجَزَ حُرُّ مَا وَعَدَ، وَحتى قَالَ شَاعِرُهُم:

لا تَقُولَنَّ إِذَا مَا لم تُرِدْ
أَن يَتِمَّ الوَعدُ في شَيءٍ نَعَمْ
حَسَنٌ قَولُ نَعَمْ مِن بَعدِ لا
وَقَبِيحٌ قَولُ لا بَعْدَ نَعَمْ
إِنَّ لا بَعدَ نَعَمْ فاحِشَةٌ
فَبِلا فَابدَأْ إِذَا خِفتَ النَّدَمْ
وَإِذَا قُلتَ نَعَمْ فَاصبِرْ لَهَا
بِنَجَاحِ الوَعدِ إِنَّ الخُلفَ ذَمّ

 


وَقَالَ آخَرُ:

إِذَا قُلتَ في شَيءٍ نَعَمْ فَأَتِمَّهُ
فَإِنَّ نَعَمْ دَينٌ عَلَى الحُرِّ وَاجِبُ
وَإِلاَّ فقُلْ: لا، تَستَرِحْ وتَرِحْ بها
لِكَيلا يَقُولَ النَّاسُ إِنَّكَ كَاذِبُ

 

وَقَالَ شَاعِرٌ مِنهُم:

لَئِن جُمِعَ الآفَاتُ فَالبُخلُ شَرُّهَا
وَشَرٌّ مِنَ البُخلِ المَوَاعِيدُ وَالمَطْلُ
وَلا خَيرَ في وَعدٍ إِذَا كَانَ كَاذِبًا
وَلا خَيرَ في قَولٍ إِذَا لم يَكُنْ فِعلُ

 


وَقَد كَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَصدَقَ الخَلقِ بِالوَعدِ وَأَوفَاهُم بِالعَهدِ، لم يُعرَفْ في النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ أَوفى مِنهُ ذِمَّةً وَلا أَبَرَّ عَهدًا، حَرِصَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَرسِ ذَلِكَ في نُفُوسِ أَصحَابِهِ وَتَعمِيقِهِ في حَيَاتِهِم، وَجَعَلَ إِخلافَ الوَعدِ نَوعًا مِن أَنوَاعِ الكَذِبِ وَعَلامَةً مِن عَلامَاتِ النِّفَاقِ، فَفَي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَعَتني أُمِّي يَومًا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ في بَيتِنَا، فَقَالَت: تَعَالَ أُعطِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَرَدتِ أَن تُعطِيهِ؟ " فَقَالَت: أُعطِيهِ تَمرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّكِ لَو لم تُعطِهِ شَيئًا كُتِبَت عَلَيكِ كَذْبَةٌ " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخلَفَ، وَإِذَا ائتُمِنَ خَانَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَلِعِظَمِ أَمرِ الوَفَاءِ بِالوَعدِ في نُفُوسِ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ مِن بَعدِهِ، فَقَد نَادَى أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بَعدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : مَن كَانَ لَهُ عِندَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَو دَينٌ فَلْيَأتِنَا، فَجَاءَهُ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَحَثَى لي حَثيَةً فَعَدَدتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَمسُ مِئَةٍ، فَقَالَ لي: خُذْ مِثلَيهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَبِصِدقِ الوَعدِ وَالوَفَاءِ بِالعَهدِ، امتَدَحَ اللهُ عِبَادَهُ المُؤمِنِينَ، فَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ. الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهدِ اللهِ وَلا يَنقُضُونَ المِيثَاقَ ﴾ وَقَالَ: ﴿ وَالمُوفُونَ بِعَهدِهِم إِذَا عَاهَدُوا ﴾  إِلى قَولِهِ: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ ﴾ وَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] وَقَالَ: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23] أَلا فَاتَّقُوا اللهُ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَتَخَلَّقُوا بِأَخلاقِ الإِسلامِ وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِهِ، وَزَكُّوا النُّفُوسَ بِالتَّمَسُّكِ بِمَبَادِئِهِ وَأُصُولِهِ، وَكُونُوا صَادِقِينَ مَعَ رَبِّكُم وَمَعَ أَنفُسِكُم وَمَعَ مَن حَولَكم، وَأَوفُوا بِعُقُودِكُم وَاصدُقُوا في وُعُودِكُم، وَإِيَّاكُم وَإخلافَ المَوَاعِيدِ وَنَقضَ العُهُودِ، فَإِنَّهَا عَادَةُ الضَّالِّينَ اليَهُودِ، الَّذِينَ هُم شَرُّ أُمَّةٍ عُرِفَت في الأَرضِ بِغَدرِهَا وَخِيَانِتِهَا، وَفَسَادِهَا وَتَنَصُّلِهَا مِن وَاجِبَاتِهَا، مِمَّا أَورَثَهَا اللَّعنَةَ وَقَسوَةَ القُلُوبِ، قَالَ تَعَالى فيهم: ﴿  أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنهُم بَل أَكثَرُهُم لَا يُؤمِنُونَ ﴾ وَقَالَ تعالى عَنهُم: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 13] وَقَد أَمَرَكُم رَبُّكُم جَلَّ وَعَلا فَقَالَ ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوفُوا بِالعُقُودِ ﴾  وَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ [النحل: 91] وَقَالَ تَعَالى : ﴿ وَأَوفُوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كَانَ مَسؤُولاً ﴾ إِنَّ المُسلِمَ يَكفِيهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ أَن يَكُونَ صَادِقًا في قَولِهِ وَفِعلِهِ، وَمَعَ رَبِّهِ وَمُجتَمَعِهِ وَمَن حَولَهُ؛ لِيَنَالَ تَوفِيقَ اللهِ وَرَحمَتَهُ، وَيَفُوزَ بِرِضوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن شَرِّ مَا بُلِيَت بِهِ الأُمَّةُ اليَومَ، أَفرَادًا وَمُؤَسَّسَاتٍ وَكِبَارًا وَصِغَارًا، أَن قَلَّ فِيهَا الصِّدقُ، وَكَثُرَ الكَذِبُ وَإِخلافُ الوَعدِ، وَصَارَ المَرءُ لا يَتَوَرَّعُ أَن يَتَكَلَّمَ بما يَعرِفُ مِن نَفسِهِ أَنَّهُ لَن يَعمَلَهُ، وَظَهَرَ الكَذِبُ مِن صِغَارِ المَسؤُولِينَ عَلَى كِبَارِهِم، وَصَارُوا يُرُونَهُم بِبَعضِ خِطَطِهِم وَمَا يَرفَعُونَهُ لَهُم مِن تَقَارِيرَ، أَنَّهُم فَعَلُوا وَأَنجَزُوا، وَسَيَفعَلُونَ وَسَيُنجِزُونَ، وَهُم في الحَقِيقَةِ مُقَصِّرُونَ كَاذِبُونَ، يَعلَمُونَ مِن أَنفُسِهِم وَوَاقِعِهِم أَنَّهُم لا يَقدِرُونَ عَلَى بَعضِ مَا يَقُولُونَ وَيَدَّعُونَ، وَكَم مِن مُدِيرٍ أَو مَسؤُولٍ التَزَمَ أَمَامَ وَلِيِّ الأَمرِ عَلَنًا أَو ضِمنًا، وَقَد يَقِفُ وَيُخَاطِبُ النَّاسَ أَو يَتَكَلَّمُ في الإِذَاعَاتِ عَن أَعمَالِهِ، أو يُصدِرُ البَيَانَاتِ في الصُّحُفِ عَن مُنجَزَاتِهِ، ثم لا يَجِدُ النَّاسُ شَيئًا مِن ذَلِكَ في الوَاقِعِ، وَلا يُرَى إِلاَّ غَافِلاً عَن رَعِيَّتِهِ، مُقَصِّرًا في مَسؤُولِيَّتَهُ، مُهمِلاً لأَمَانَتِهِ. وَتَرَى المُوَظَّفَ المُؤتَمَنَ عَلَى مَصَالِحِ النَّاسِ، المُوكَلَ إِلَيهِ قَضَاءُ حَاجَاتِهِم وَتَسيِيرُ شُؤُونِهِم، يَلتَزِمُ أَمَامَ المُرَاجِعِينَ وَأَصحَابِ المُعَامَلاتِ بِمَوعِدٍ لإِنجَازِهَا، ثم إِذَا جَاؤُوا إِلَيهِ، وَقَد يَكُونُ فِيهِم مَن حَضَرَ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ، تَخَلَّفَ عَن مَوعِدِهِ، وَرُبَّمَا تَغَيَّبَ وَلم يَحضُرْ، وَرُبَّمَا غَضِبَ مِنهُم وَصَرَفَهُم عَن وَجهِهِ، وَتَرَاهُ في سَائِرِ أَيَّامِهِ لا يَتَقَيَّدُ بِوَقتِ اجتِمَاعِهِ في مُؤَسَّسَتِهِ أَو مَدرَسَتِهِ، وَقَد يَخرُجُ قَبلَ إِنهَاءِ أَعمَالِهِ وَوَاجِبَاتِهِ، فَقَلَّ بِذَلِكَ الإِنتَاجُ، وَفَتُرَتِ العَزَائِمُ، وَهَبَطَتِ الهِمَمُ، فَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِن مَقتِ اللهِ لِمَن قَالَ وَلَم يَفعَلْ، قَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].

 

وَأَمَّا مَظَاهِرُ إِخلافِ الوَعدِ في سُلُوكِ الأَفرَادِ وَتَعَامُلِهِم مَعَ بَعضِهِم، وَعَدَمِ تَقدِيرِهِم لِلمَوَاعِيدِ وَالوَفَاءِ بِالعُقُودِ، فَحَدِّثْ وَلا حَرَجَ، فَكَم مِن عُقُودٍ تُبرَمُ شَفَهِيًّا أَو كِتَابِيًّا لِبَيعٍ سِلعَةٍ أَو شِرَائِهَا، أَو إِصلاحِ آلَةٍ أَو تَنفِيذٍ مَشرُوعٍ، ثم لا يُلتَزَمُ بِمَا فِيهَا، إِمَّا مِن قِبَلِ أَحَدِ الطَّرَفَينِ أَو مِنهُمَا كِليهِمَا، فَتَضِيعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ حُقُوقٌ وَتُهدَرُ أَموَالٌ، وَتَتَأَخَّرُ مَشرُوعَاتٌ وَأَعمَالٌ، وَتضَعُفُ الثِّقَةُ بَينَ أَفرَادِ المُجتَمَعِ وَيَقِلُّ التَّعَاوُنُ وَيُنسَى الفَضلُ، وَيَتَعَلَّمُ الأَبنَاءُ مِنَ الآبَاءِ الكَذِبَ وَإِخلافَ الوَعدِ، وَيَرِثُ الصِّغَارُ مِنَ الكِبَارِ السُّلُوكَ المَشِينَ، وَلَو أَنَّ الجَمِيعَ تَعَامَلُوا بِصِدقٍ لَكَانَ خَيرًا لَهُم. فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوعد والوعيد

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم استخدام صيغة من صيغ العقود المركبة بوعد(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • إنه الله أحصانا وعدنا عدا وكلنا آتيه يوم القيامة فردا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوعد الإلهي بين حتمية الوقوع وخفاء الحكمة: نظرات في تناول القرآن لعمرة القضاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة العيد 1439هـ (واقترب الوعد الحق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غنيمة الوعد الإلهي ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحالات التي يجوز فيها إخلاف الوعد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/12/1446هـ - الساعة: 17:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب