• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    سليمان المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    حياة مؤجلة! (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الرد على المقال المتهافت: أكثر من 183 سنة مفقودة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التسبيح عون للمنافسة في الطاعات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    اقرأ كتابك
    صلاح عامر قمصان
  •  
    زكاة الجاه (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    مرويات الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي ...
    محمد نذير بن عبدالخالق
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

غنيمة الوعد الإلهي ( خطبة )

غنيمة الوعد الإلهي ( خطبة )
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2014 ميلادي - 7/7/1435 هجري

الزيارات: 15800

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غنيمة الوعد الإلهي

 

الحمد لله الذي له ملك السموات والأرض وهو على كل شيء قدير، الذي أحسن كل شيء خلقه؛ فأحكم المبدأ والمصير، وأشهد ألا إله إلا الله العليم الخبير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم النشور.

 

أما بعد، فاتقوا الله - عباد الله -، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 278].

 

أيها المؤمنون!

وعود الله -جل شأنه - كنوز مزبورة في ثنايا القرآن والسنة، تشمل ما يُصلِح حال الفرد والمجتمع، وما تعظم الحاجة إليه في الدنيا والآخرة؛ من الرغيف إلى الفردوس. ومن استقرأ وعد الله - تعالى - في كتابه وما ورد على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - هاله وفرة تلك الوعود، وكثرة التفريط فيها؛ فالرزق والنصر وإجابة الدعاء والشفاء والاستخلاف والكفاية والسعادة والهداية والأمن غايات سامية طموحة قد كفلتها وعود الله - سبحانه -، وغيرها كثير. وأسمى تلك الغايات الفوز بدخول الجنة والنجاة من السعير، وذاك أكثر ما وعد به عباده المتقين.

 

أيها المسلمون!

إن تلك الوعود الإلهية قد امتازت بالحقيقة التي لا امتراء فيها ولا خُلْف، والمَكِنة التي بها القدرة على الظفر؛ إذ هي عهد من لا أوفى ذمة منه، وخبر من لا أصدق منه، وحكم من لا أحكم منه، وعطاء من لا أجزل عطاءً منه، ورحمة من لا أرحم منه، وقدرة من لا أقدر منه، الذي له ملك السموات والأرض وهو على كل شيء قدير؛ مما يجعل التفقه في تلك الوعود، والسعي في إدراكها أجلَّ ما أعمل المؤمن فيها فكره، ووجّه إليها همَّه، وأشغل به وقته. وملازمة ذلك النهج مؤذن بقوة علاقة مع الله – سبحانه -، واستقامة على صراطه، وحسن توكل عليه. كما أنه حامل على جميل الاصطبار، ومانع من اليأس واستعجال النتائج؛ لبيان العاقبة التي جلّاها ذلك الوعد الذي لا يُخلف. وهو كذلك مُكسِبٌ المؤمنَ عزةً ورفعةً ومنعةً؛ لا تذله الحاجة، ولا تكسره قوة العدو وبطش الطغاة، ولا يستخِفّنّه الذين لا يوقنون؛ إذ إنه يركن حين ركن غيره إلى قوي إلى ربه القوي، ويأرز حين أرَز غيره إلى غني إلى ربه الغني؛ فالناس من حوله يتخبطون في عالم مادي محدود مقهور، وذاك قد تسامى؛ إذ أوى إلى ركن ربه الشديد. وما دون الله دون، ومع الله تطيب الحياة؛ فأنى لمن كان الله معه أن يُقهر، أو يذل، أو يستكين.

 

أيها الإخوة في الله!

إن وعد الله حق؛ لا يتخلف، ولا يتبدل، ولكنْ دون تحققه شروط؛ لا بد من اجتماعها، وموانع؛ لا بد من انتفائها. فإن لم يقع وعد الله - جل وعلا -؛ فإن مرد ذلك لانتفاء شرط، أو وجود مانع. وثمة شروط ثلاثة، ينبغي رعيها؛ للظفر بغنيمة الوعد الإلهي:

أولاها: اليقين الجازم بصدق الوعد الإلهي وتحققه؛ تأمل في قيله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9]، ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 6]، ﴿ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 13]، ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 111]، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87]. آيات قاطعة الدلالة على حتمية وقْع وعد الله، وإن اشتد الكرب، وتفاقم الخطب، وتوارت أسباب الحس. وذلك اليقين مما امتاز به أهل الإيمان في مواقف اللأواء والضنك؛ فكان ذاك ميعاد تنزل وعد الله، يقول الله - تعالى -: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22]. وذلك اليقين أقوى دافع للاصطبار، وتحمل المشاق؛ للظفر بالوعد الإلهي. قَالَ زُهَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ: " إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِشَيْئَيْنِ: الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، فَإِنْ كَانَ يَقِينٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَبْرٌ لَمْ يَتِمَّ، وَإِنْ كَانَ صَبْرٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَقِينٌ لَمْ يَتِمَّ , وَقَدْ ضَرَبَ لَهُمَا أَبُو الدَّرْدَاءِ مَثَلًا، فَقَالَ: مَثَلُ الْيَقِينِ وَالصَّبْرِ مَثَلُ فَدَّاديِنَ (مزارعين) يَحْفِرَانِ الْأَرْضَ، فَإِذَا جَلَسَ وَاحِدٌ جَلَسَ الْآخَرُ "، و قال شيخ الإسلام: " وَلَا يُمْكِنُ الْعَبْدُ أَنْ يَصْبِرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ، وَيَتَنَعَّمُ بِهِ، وَيُغْتَذَى بِهِ؛ وَهُوَ الْيَقِين ".

 

وثاني شروط الظفر بالوعد الإلهي: الصدق في طلب الوعد؛ عزيمة، وفعلاً. يقول ابن القيم: " لَيْسَ للْعَبد شَيْء أَنْفَع من صدقه ربه فِي جَمِيع أُمُوره مَعَ صدق الْعَزِيمَة؛ فيصدقه فِي عزمه، وَفِي فعله، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21]. فسعادته فِي صدق الْعَزِيمَة وَصدق الْفِعْل، فَصدق الْعَزِيمَة: جمعهَا، وجزمها، وَعدم التَّرَدُّد فِيهَا؛ بل تكون عَزِيمَة لَا يشوبها تردد، وَلَا تلوّم. فَإِذا صدقت عزيمته بَقِي عَلَيْهِ صدق الْفِعْل؛ وَهُوَ استفراغ الوسع، وبذل الْجهد فِيهِ، وَأَن لَا يتخلّف عَنهُ بِشَيْء من ظَاهره وباطنه. فعزيمة الْقَصْد تَمنعهُ من ضعف الْإِرَادَة والهمّة، وَصدق الْفِعْل يمنعهُ من الكسل والفتور. وَمن صدق الله فِي جَمِيع أُمُوره صنع الله لَهُ فَوق مَا يصنع لغيره. وَهَذَا الصدْق معنى يلتئم من صحّة الْإِخْلَاص وَصدق التوكّل؛ فَأَصدق النَّاس من صحّ إخلاصه وتوكّله ". روى شَدَّادُ بْنُ الْهَادِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ، فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَبْيًا، فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: «قَسَمْتُهُ لَكَ»، قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ، فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: «إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ»، فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «أَهُوَ هُوَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ»، ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا؛ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ» رواه النسائي وصححه الألباني.

 

وثالث شروط درك الوعد الإلهي: الصبر وعدم الاستعجال، يقول الله - تعالى -: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60]؛ فطريق المؤمنين الواصلين الممسكين بحبل الله هو طريق الصبر والثقة واليقين، مهما يطل هذا الطريق، ومهما تحتجب نهايته وراء الضباب والغيوم. هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه وهو يراهم يرزحون تحت وطأة عذاب الكفار الشديد وليس له يد في نصرتهم. قال خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ - رضي الله عنه -: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ؛ فَقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري. فوقت تحقق وعد الله غيب؛ لا يعلمه إلا هو – سبحانه -، يقدِّر تنزلَه بعلم وحكمة ورحمة متى ما أراد، وليس للعبد إلا السعي والتسليم وارتقاب وقوع الوعد.

 

عباد الله!

وبإدراك هذه الشروط الثلاثة تُعلمُ الموانع التي تعيق تحقق وعد الله؛ وذلك باختلال اليقين، وضعف الصدق، والاستعجال، والإصرار على الذنب الذي قد يمنع حصول الوعد، كما مَنَعَ المالُ الحرام تحققَ وعدِ إجابة الدعاء وإن أتي بأسباب الإجابة.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

أيها المؤمنون!

إن للموقنين بوعد الله - سبحانه - مواقف، تحيا بها القلوب، ويقوى بها اليقين، وتزول عن النفس حجب اليأس والقنوط. ومن غرر تلك الأخبار ما روى أنس بن مالك - رضي الله عنه -؛ قال: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ»، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِي أَصْحَابَهُ -، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ، - يَعْنِي المُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ»، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: «يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ - وَرَبِّ النَّضْرِ - إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ»، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ - يَا رَسُولَ اللَّهِ - مَا صَنَعَ، قَالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ، قَالَ أَنَسٌ: " كُنَّا نُرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: ﴿ مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23] إِلَى آخِرِ الآيَةِ " رواه البخاري ومسلم. وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: " وجدنا الغنى في اليقين ". وقال مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ: " لَمَّا احْتُضِرَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ قِيلَ لَهُ: أَوْصِ بِدَيْنِكَ، قَالَ: أَنَا أَرْجُو رَبِّي لِذَنْبِي؛ أَفَلَا أَرْجُوهُ لِدَيْنِي؟! فَلَمَّا مَاتَ قَضَى عَنْهُ دَيْنَهُ بَعْضُ إِخْوَانِه ". وغلا السعر وقتاً، فجاء قوم أبا حازم، فَقَالُوا لَهُ: " يَا أَبَا حَازِمٍ، أَمَا تَرَى؟ قَدْ غَلَا السِّعْرُ، فَقَالَ: وَمَا يَغُمُّكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟! إِنَّ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الرُّخْصِ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الْغَلَاءِ ". وقال سفيان الثوري لمحمد بن محمد: لَا أَقُومُ حَتَّى تُحَدِّثَنِي، قَالَ لَهُ: أَنَا أُحَدِّثُكَ، وَمَا كَثْرَةُ الْحَدِيثِ لَكَ بِخَيْرٍ. يَا سُفْيَانُ، إِذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِنِعْمَةٍ , فَأَحْبَبْتَ بَقَاءَهَا وَدَوَامَهَا؛ فَأَكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، وَإِذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزْقَ، فَأَكْثِرْ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ؛ فَإِنَّ اللهَ -تعالى- قَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 11]، يَا سُفْيَانُ، إِذَا حَزَبَكَ أَمْرٌ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَأَكْثِرْ مِنْ: " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ "؛ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الْفَرَجِ، وَكَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، فَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: ثَلَاثٌ، وَأَيُّ ثَلَاثٍ! قَالَ جَعْفَرٌ: عَقِلَهَا - وَاللهِ - أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَلَيَنْفَعَنَّهُ اللهُ بِهَا ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أولئك يسارعون في الخيرات ( خطبة )
  • وصية جبريل عليه السلام ( خطبة )
  • فقه الاغتسال ( خطبة )

مختارات من الشبكة

  • صفة العلم الإلهي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خرق القوانين المركزية للظواهر الكونية بالمعجزات إرادة إلهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوعد الإلهي بين حتمية الوقوع وخفاء الحكمة: نظرات في تناول القرآن لعمرة القضاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام الغنيمة في الفقه الإسلامي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غنائم العمر - بلغة البشتو (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل وغنائم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طلب العلم وتعليمه فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإحسان للوالدين: فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/6/1447هـ - الساعة: 16:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب