• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اشتراط الحول والنصاب في الزكاة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من فضائل الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لا أحد أحسن حكما من الله
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    دلالة السنة والنظر الصحيح على أن الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير: (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس الثالث والعشرون: لماذا نكره الموت
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الإنفاق على الأهل والأقارب بنية التقرب إلى الله ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الإسلام يدعو إلى المؤاخاة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خطبة عيد الأضحى: عيدنا طاعة وعبادة
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    خطبة عيد الأضحى: الامتثال لأوامر الله
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    أقسام المشهود عليه
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

وله أسلم من في السماوات والأرض

وله أسلم من في السماوات والأرض
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2012 ميلادي - 19/11/1433 هجري

الزيارات: 10690

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ﴾.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

مِن رَحمَةِ اللهِ بِنَا وَفَضلِهِ عَلَينَا، أَن جَعَلَنَا مُسلِمِينَ، وَأَلحَقَنَا بِأُمَّةِ خَيرِ المُرسَلِينَ ﴿ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ مِن قَبلُ وَفي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ الإِسلامُ - أُمَّةَ الإِسلامِ - هُوَ صِبغَةُ اللهِ لَنَا، وَهُوَ الشَّرَفُ الَّذِي نَتَدَثَّرُ بِهِ وَنَحمِلُهُ، وَالتَّاجُ الَّذِي نَفتَخِرُ بِهِ وَنَتَبَاهَى، فَلا وَطَنِيَّةَ وَلا حِزبِيَّةَ، وَلا عَصَبِيَّةَ وَلا قَبَلِيَّةَ، وَلا انتِمَاءَ لِجَمَاعَةٍ وَلا مَذهَبٍ غَيرَ جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ وَمَذهَبِهِم ﴿ إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم ﴾ وَالإِسلامُ هُوَ الاستِسلامُ للهِ بِالتَّوحِيدِ، وَالانقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالخُلُوصُ مِنَ الشِّركِ.


يَكُونُ الإِنسَانُ مِن أَهلِهِ وَالمُنتَسِبِينَ إِلَيهِ بِمُجَرَّدِ النُّطقِ بِشَهَادَةِ الحَقِّ، وَمِن ثَمَّ يَعصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَشهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُم وَأَموَالَهُم إِلاَّ بِحَقِّ الإِسلامِ، وَحِسَابُهُم عَلَى اللهِ - تَعَالى -"  رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.


وَالإِسلامُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي يَجِبُ أَن يَحيَا عَلَيهِ المُسلِمُونَ وَيَتَمَسَّكُوا بِهِ ولا يَمُوتُوا إِلاَّ عَلَيهِ، لَهُ سِمَةٌ عَظِيمَةٌ لا بُدَّ أَن تَنطَوِيَ عَلَيهَا القُلُوبُ، وَشَاهِدٌ وَاضِحٌ لا بُدَّ أَن تَرَاهُ الأَعيُنُ وَيُلمَسَ في الوَاقِعِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ بَلَى مَن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ فَلَهُ أَجرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمَن أَحسَنُ دِينًا مِمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَن يُسلِمْ وَجهَهُ إِلى اللهِ وَهُوَ مُحسِنٌ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقَى وَإِلى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ إِنَّ نُطقَ اللِّسَانِ بِالشَّهَادَتَينِ وَالإِقرَارَ بهما، يَجِبُ أَن يَتبَعَهُ إِسلامُ الوَجهِ للهِ وَإِحسَانُ العَمَلِ، وَإِسلامُ الوَجهِ للهِ يَعني الاستِسلامَ المُطلَقَ وَالتَّسلِيمَ التَّامَّ، استِسلامًا مَعنَوِيًّا وَعَمَلِيًّا، وَتَسلِيمًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا، فَلا مَعبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ، وَلا حُكمَ إِلاَّ للهِ ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزمر: 11 - 15].


وَمَعَ هَذَا فَلابُدَّ مِنَ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ عَلَى ذَاكَ الاستِسلامِ البَاطِنِ وَالإِخلاصِ الخَفِيِّ،  وَذَلِكُمُ الدَّلِيلُ المُعلَنُ هُوَ إِحسَانُ العَمَلِ، بِاتِّبَاعِ الأَوَامِرِ وَتَركِ النَّواهِي. وَالإِسلامُ بهذَا وِحدَةٌ بَينَ الشُّعُورِ الدَّاخِلِيِّ وَالسُّلُوكِ الخَارِجِيِّ ، وَامتِزَاجٌ بَينَ عَقِيدَةِ القَلبِ وَعَمَلِ الجَوَارِحِ ، إِنَّهُ إِيمَانٌ قَلبِيٌّ وَإِحسَانٌ عَمَلِيٌّ، إِنَّهُ مَنهَجٌ لِلحَيَاةِ الإِنسَانِيَّةِ كُلِّهَا في كُلِّ عَصرٍ وَمِصرٍ، بِهِ تَتَوَحَّدُ الشَّخصِيَّةُ الإِنسَانِيَّةُ بِكُلِّ نَشَاطِهَا وَاتِّجَاهَاتِهَا، وَبِه تَسمُو جَمِيعُ غَايَاتِهَا وَتَتَهَذَّبُ كُلُّ شَهَوَاتِهَا، فَتَستَحِقُّ عَظِيمَ الأَجرِ مِن عِندِ رَبِّهَا، وَيَذهَبُ عَنهَا كُلُّ خَوفٍ وَلا يُسَاوِرُهَا أَيُّ حَزَنٍ، وَمِن ثَمَّ كَانَ الإِسلامُ هُوَ دِينَ جَمِيعِ الأَنبِيَاءِ، وَمَنهَجَ مَن تَبِعَهُم مِنَ الأَولِيَاءِ وَالأَتقِيَاءِ، وَالآيَاتُ في كِتَابِ اللهِ تَشهَدُ بِذَلِكَ وَتُقَرِّرُهُ، قَالَ - تَعَالى - عَن نُوحٍ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيتُم فَمَا سَأَلتُكُم مِن أَجرٍ إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسلِمِينَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى - عَن إِبرَاهِيمَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ مَا كَانَ إِبرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسلِمًا ﴾ [آل عمران: 67] وَقَالَ - تَعَالى - عَنهُ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسلِمْ قَالَ أَسلَمتُ لِرَبِّ العَالمِينَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى - عَنهُ وَعَن إِسمَاعِيلَ - عَلَيهِمَا السَّلامُ -: ﴿ وَإِذْ يَرفَعُ إِبرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجعَلْنَا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ وَقَالَ عَن مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَومِ إِنْ كُنتُم آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُم مُسلِمِينَ ﴾ وَقَالَ عَن عِيسَى وَالحَوَارِيِّينَ: ﴿ وَإِذْ أَوحَيتُ إِلى الحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بي وَبِرَسُولي قَالُوا آمَنَّا وَاشهَدْ بِأَنَّنَا مُسلِمُونَ ﴾ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّا أَنزَلنَا التَّورَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحكُمُ بها النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحبَارُ بما استُحفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيهِ شُهَدَاءَ ﴾ وَقَالَ عَن سُلَيمَانَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ فَلَمَّا جَاءَت قِيلَ أَهَكَذَا عَرشُكِ قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا العِلمَ مِن قَبلِهَا وَكُنَّا مُسلِمِينَ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن يُوسُفَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ رَبِّ قَد آتَيتَني مِنَ المُلكِ وَعَلَّمتَني مِن تَأوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ أَنتَ وَلِيِّي في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقني بِالصَّالِحِينَ ﴾ بَل حَتى فِرعَونُ الَّذِي دُعِيَ إِلى الإِسلامِ فَأَبى وَاستَكبَرَ، لَمَّا أَدرَكَهُ الغَرَقُ ﴿ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسلِمِينَ ﴾ إِنَّهُ الإِسلامُ، دِينُ كُلِّ شَيءٍ في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ ﴿ أَفَغَيرَ دِينِ اللهِ يَبغُونَ وَلَهُ أَسلَمَ مَن في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ طَوعًا وَكَرهًا وَإِلَيهِ يُرجَعُونَ ﴾  نَعَم، إِنَّ الإِسلامَ دِينُ كُلِّ شَيءٍ، وَاللهُ - جَلَّ وَعَلا - هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ، وَمِن ثَمَّ فَلا غَرَابَةَ أَن يُسلِمَ كُلُّ شَيءٍ لِمَن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ، وَأَن يَقِفَ كُلُّ شَيءٍ في وَجهِ مَن أَعرَضَ عَنِ اللهِ، وَأَن يَدخُلَ النَّقصُ عَلَى كُلِّ مَنِ انتَقصَ مِن إِسلامِهِ شَيئًا بِحَسَبِهِ، وَلَذَا فَقَد أَمَرَ اللهُ عِبَادَهُ بِالتَّمَسُّكِ بِالإِسلامِ بِعَامَّةٍ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادخُلُوا في السِّلمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ وَلَمَّا كَانَ أَهلُ القُرُونِ المُفَضَّلَةِ في القِمَّةِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِإِسلامِهِم، إِذْ ذَاكَ خَضَعَ لَهُم كُلُّ شَيءٍ، وَخَافَ مِنهُم كُلُّ شَيءٍ، وَلم يَقِفْ في وُجُوهِهِم أَيُّ شَيءٍ، وَلم يَزَلِ النَّقصُ يَدخُلُ عَلَى الأُمَّةِ بِنَقصِهَا مِن تَمَسُّكِهَا بِدِينِهَا وَانصِرَافِهَا إِلى دُنيَاهَا، حَتى إِذَا فَرَّطَت كَثِيرًا في إِسلامِهَا، عَادَت مِنَ الضَّعفِ بِمَكَانٍ لا يَرَاهَا مَن حَولَهَا شَيئًا وَلا يَعتَدُّونَ بها، وَصَدَقَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - حَيثُ قَالَ: ((يُوشِكُ الأُمَمُ أَن تَدَاعَى عَلَيكُم كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلى قَصعَتِهَا)) فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِن قِلَّةٍ نَحنُ يَومَئِذٍ؟ قَالَ: ((بَل أَنتُم يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُم غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيلِ، وَلَيَنزِعَنَّ اللهُ مِن صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنكُم، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ في قُلُوبِكُمُ الوَهْنَ)) فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الوَهْنُ؟ قَالَ: " حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، فَإِنَّ اللهَ لم يَجعَلِ المُسلِمِينَ كَالمُجرِمِينَ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَينَا وَمَا أُنزِلَ إِلى إِبرَاهِيمَ وَإِسمَاعِيلَ وَإِسحَاقَ وَيَعقُوبَ وَالأَسبَاطِ وَمَا أُوتيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتيَ النَّبِيُّونَ مِن رَبِّهِم لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ ﴾.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَأَسلِمُوا الوُجُوهَ إِلَيهِ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ قُوَّةَ المُسلِمِينَ وَغَلَبَتَهُم وَانتِصَارَهُم عَلَى كُلِّ عَدُوٍّ لَهُم بَعُدَ أَو قَرُبَ، إِنَّمَا هُوَ بِقَدرِ مَا يَكُونُ في قُلُوبِهِم مِنِ استِسلامٍ لِرَبِّهِم وَانقِيَادٍ لَهُ، وَصَرفٍ لِلعِبَادَةِ إِلَيهِ وَتَوَجُّهٍ بِالوُجُوهِ إِلَيهِ، وَعَدَمِ التِفَاتٍ عَنِ صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ يَمنَةً أَو يَسرَةً، نُزُوعًا إِلى رَغبَةِ نَفسٍ أَو انجِذَابًا لِهَوًى، أَو نُزُولاً عِندَ رَأيِ قَبِيلَةٍ أَو مُسَايَرَةً لِعَشِيرَةٍ، أَو تَعَلُّقًا بِشَخصٍ أَو تَعَصُّبًا لِمَنهَجٍ، أَو خَوفًا مِن دَولَةٍ أَو هَيبَةً لِسُلطَانٍ، وَقَد أُمِرَ المُسلِمُونَ أَن يَكُونُوا أُمَّةً وَاحِدَةً، مُعتَصِمِينَ بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا، غَيرَ مُتَفَرِّقِينَ وَلا مُختَلِفِينَ، وَوُعِدُوا إِذْ ذَاكَ أَن تَكُونَ لَهُمُ القُوَّةُ، وَتَتَنَزَّلَ عَلَيهِم مِنَ اللهِ الرَّحمَةُ، وَأَن تَمتَلِئَ صُدُورُ أَعدَائِهِم بِالرُّعبِ مِنهُم وَالهَيبَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذْ كُنتُم أَعدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوَانًا وَكُنتُم عَلَى شَفَا حُفرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِنهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُم آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدخِلُهُم في رَحمَةٍ مِنهُ وَفَضلٍ وَيَهدِيهِم إِلَيهِ صِرَاطًا مُستَقِيمًا ﴾ وَأَمَّا حِينَ تَتَجَاذَبُ الأُمَّةَ فِتَنُ الأَهوَاءِ، وَتَتَنَازَعُهُم شُعَبُ الآرَاءِ، فَمَا أَضعَفَهُم حِينَهَا أَمَامَ الأَعدَاءِ! قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ بَل إِنَّهُم حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَسعَونَ في طَرِيقِ الشَّقَاءِ وَالعَذَابِ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاختَلَفُوا مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.


إِنَّهُ لَظُلمٌ كَبِيرٌ أَن يَتَحَوَّلَ بَعضُ المُسلِمِينَ وَخَاصَّةً مِن أَهلِ العِلمِ وَالدَّعوَةِ وَالمُثَقَّفِينَ، عَن سِعَةِ الإِسلامِ وَرَحَابَتِهِ، وَيَدخُلُوا في مَضَايِقَ مُظلِمَةٍ مِنَ التَّحَزُّبِ، وَالانتِمَاءِ لِبَلَدٍ أَو عُنصُرٍ أَو مَذهَبٍ، أَو مُؤَسَّسَةٍ أَو دَائِرَةٍ أَو مَكتَبٍ، وَيَا للهِ! كَم يُمنَى العَمَلُ الإِسلامِيُّ بِعَامَّةٍ، وَبَعضُ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ وَالرُّؤَسَاءِ بِخَاصَّةٍ، بِمَن يَفُتُّ في عَضُدِهِم مِن إِخوَانِهِم، الَّذِينَ بَدَلاً مِن أَن يَنصُرُوهُم وَيَكُونُوا مَعَهُم في خَندَقٍ وَاحِدٍ، مُتَسَلِّحِينَ بِسَعَةِ الأُفُقِ وَمُرَاعَاةِ المَصَالِحِ العَامَّةِ، صَارُوا لا يَحمِلُونَ إِلاَّ هَمَّ أَنفُسِهِم وَمَصَالِحِهِمُ الخَاصَّةِ، وَالأَحدَاثُ الَّتي تَمُرُّ بها أُمَّةُ الإِسلامِ عَلَى مُستَوَى حُكُومَاتِهَا، وَالأَنشِطَةُ الَّتي يَتَوَلاَّهَا أَفرَادُهَا وَمُؤَسَّسَاتُهَا، خَيرُ شَاهِدٍ عَلَى هَذَا الظُّلمِ ﴿ وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرَى عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُوَ يُدعَى إِلى الإِسلامِ وَاللهُ لا يَهدِي القَومَ الظَّالمِينَ. يُرِيدُونَ لِيُطفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفوَاهِهِم وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ ﴾ أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أُمَّةَ الإِسلامِ - وَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً وَصَفًّا وَاحِدًا ﴿ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَرصُوصٌ ﴾ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ: "المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ، وَلا يَخذُلُهُ، وَلا يَحقِرُهُ، التَّقوَى هَاهُنَا - وَيُشِيرُ إِلى صَدرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ - بِحَسْبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَن يَحقِرَ أَخَاهُ المُسلِمِ. كُلُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ. دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العصبية القبلية.. عودة للجاهلية في أبشع صورها!!
  • العصبية معول هدم
  • مدلولات كلمة الأرض في القرآن
  • إلى السماوات العلى

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وله من في السماوات والأرض كل له قانتون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلق النبي مع أهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المؤذن يغفر له مد صوته، وله مثل أجر من صلى معه: سؤال وجواب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: إسلام غيلان بن سلمه وله عشر نسوة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 18:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب