• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

موعظة وتذكير (خطبة)

موعظة وتذكير (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2025 ميلادي - 10/8/1446 هجري

الزيارات: 8298

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موعظة وتذكير

 

الحَمْدُ للهِ رفيعِ الدرجاتِ، فاطرِ الأَرْضِ والسَّماواتِ، عالمِ السِّرِ والخفِياتِ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾ [الشورى:25]..

 

وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، باسِطُ الخيراتِ، واسِعُ الرَّحماتِ، مُجِيبُ الدَّعواتِ، أهلُ التقوى والمغفرةِ، وأهلُ المكرُماتِ.. ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ [الحديد:9]..

 

وأشهدُ أن محمدًا عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، القمرُ جبينُهُ، والبحرُ يمينُهُ، والحنيـفيــةُ دينـُــهُ، والقرآنُ تبيينه، والحــقُّ جـــلَّ وعـــلا ناصِـــرُهُ ومُعينُـــهُ، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله النجوم الزاهرات، وصحابتهِ الكرام أولي السبقِ والمقاماتِ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ، ما دامت الأرضُ والسماوات، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا..

 

أمَّا بعدُ: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ والعملَ بطاعته، والمجانبةَ لسخطهِ ومعصيتهِ، وأحثُكم على أفضل ما يقربكم إليهِ، ويرفعكم عندهُ.. تقوى اللهِ يا عبادَ اللهِ، فتقوى اللهِ خيرُ ما عمِلتُم، وأجملُ ما أظهَرتُم، وأكرَمُ ما أسررتُم، وأفضلُ ما ادَّخرتُم، وهي وصيةُ اللهِ لكم ولمن كان قبلكم: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء:131]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: لو تفكر العاقلُ في سرعة مرورِ الليالي والأيام، لرأى من ذلك عجبًا لا ينقضي، ولو تأمّل متأمّلٌ فيما مضى من عمره لوجده قد مَرّ كلمح البصر.. ﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِين* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّين ﴾ [المؤمنون:112]، ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ﴾ [فاطر:37]..

إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يومٍ مضى يدني من الأجل

ألا وإنه لا آفةَ تأكلُ العمر، وتمحق بركة الوقت، مثل الغفلةِ والتسويف بالأماني، ولا علاج يحسِمُ ذلك كالمحاسبةِ الجادة، ومراجعة النفس بصدق.. ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد:16]..

 

فاحذروا الغفلةَ يا عباد الله فهي أَعْظَمُ أَدْوَاءِ القلوب خطرًا، وأشدُّها ضررًا، وأسوئها أثرًا..

 

الغَفْلَةُ يا عباد الله: ركونٌ إلى الدنيا ونسيانُ للآخرة.. ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون ﴾ [الروم:7]..

 

الغفلةُ: إِفْرَاطٌ في الشَّهَوَاتِ، واسْتغراقٌ في الملَذَّاتِ، قَالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف:28]..

 

الغفلةُ: مَرَضٌ مُستَحكِم، وداءٌ مُستشرٍ، قلَّ أن يسلمَ منه أحد، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس:92]..

 

الغفلةُ: قلبٌ خاويٍ من تعظيم الله، وعقلٌ لا يتفكرُ في آيات الله، ولسانٌ جافٌ من ذكر الله، وجوارحٌ تتكاسلُ عن طاعة الله، قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ ‌الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [النحل:108]..

 

والإنسان كلما غفلَ قلبهُ عن الله، تمكنَ الشيطانُ منه أكثر، حتى يصبحَ له قرينَ سوءٍ لا يفارقه، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف:37].. ولقد ذمَّ الله تعالى المعرضين عن آياته، وتوعدهم جلَّ وعلا بقوله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ [طه:124].. وفي المقابل حثَّ المولى جلّ وعلا على التفكر في مخلوقاته، والإكثار من ذكره وتدبر آياته، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾ [آل عمران:191].. وأمر الله المؤمنين بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب:41].. وفي الحديث الصحيح، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: "بلى يا رسول الله"! قال: «ذكر الله عز وجل».. وفي الحديث الصحيح: (يَا مُعَاذُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ).. فشَرَفَ الذِّكرِ وَعُلُوَّ مَنزِلَتِهِ، وَعَظِيمَ فَضلِهِ، مَعَ سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ، وَكثرةِ فضائلهِ وأَجورِهِ، كُلُّ ذلك ممّا يَحثُّ المسلمَ على أَنْ يَكُونَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ تَعَالى كَثِيرًا: قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُون ﴾ [الأنفال:45]، وفي المقابل يحذِّرُ الله عباده المؤمنين من الغفلة عن ذكره فيقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون:9]..

 

فالموفق من عباد الله: هو من يلْحَظُ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيهِ، ولا يغيبُ عن قلبه وعقلهِ شُعُورهُ بعِظم فضلِ اللهِ عليه، وكلما استشعرَ القلبُ ترادفَ النعمِ لهجَ بحمد اللهِ وشكره والثناءِ عليه بما هو أهله.. ومن كان هذا حاله فهو موعودٌ بالمزيد: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7]، وقال تعالى: ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِين ﴾ [آل عمران:145]..

 

فحريٌ بِالمسلم أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تَعَالَى كثيرًا عَلَى مَا هَدَاهُ لِنعمة الإسلام، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين ﴾ [يوسف:103]، وأن يشكر الله كثيرًا عَلَى مَا عَلَّمَهُ مِنْ شَرَائِعِ الدين، فإن أكثر الناس لا يعلمون، وأن يشكر الله كثيرًا على ما وفقه لطاعته وعبادته، ﴿ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِين ﴾ [البقرة:64]، وأن يشكر الله كثيرًا على ما صرف عنه من الشرور والفتن، ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا ﴾ [النساء:83]، ونعم الله لا تعد ولا تحصى، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ [النحل:53]، ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم ﴾ [النحل:18]، وَكُلُّ نِعْمَةٍ تَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ.. وَالإِنْسَانُ بين حالين لا ثالث لهما، إما شكرٌ أو جحود، كما قال ربنا جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان:3]..

 

وإذا كان أعزُّ ما على المسلم سلامةُ دينِه، وثباتهُ على الإيمان والتقوى، فليحذر الفتن، فما من شيءٍ أخطرُ على دين المرءِ من الفتن، في الحديث الصحيح: "إنَّ السعيدَ لمن جُنّبَ الفتن"، قالها صلى الله عليه وسلم ثلاثًا.. وفي محكم التنزيل: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص:55].. وفي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: "يكونُ في آخرِ الزمانِ فِتَنٌ كقِطَعِ الَّليلِ المظلِمِ"، وفي الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الحلالَ بيِّن، وإنَّ الحرامَ بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات، لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام"..

 

ثم اعلموا أن صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ.. وَأن اللَّهُ تعالى في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ.. وأنّ من تعرَّفَ إلى اللهِ في الرخاءِ، يعرفُه في الشدَّةِ.. ﴿ وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ﴾ [فصلت:34].. ﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين ﴾ [القصص:77]، ﴿ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى:40].. و﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾ [النحل:97]، و﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ﴾ [النساء:85]، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين ﴾ [آل عمران:85]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى،

 

أما بعد فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: أيها الموفقون: القناعةُ كنزٌ، والحلال بركةُ، والخيرُ كلُّه في الرضا.. والصدقةُ تدفعُ البلاء، وما نقصَ مالٌ من صدقة، واللهُ طيبٌ لا يقبَلُ إلا طيبًا، وخزائنُه ملئا، لا تنفَد أبدًا.. والراحمون يرحمهم الرحمن، وما كان الرِّفقُ في شيءٍ إلا زانَه، وما نُزِع من شيءٍ إلا شانَه، وأهلُ المعروف في الدني ا هم أهل المعروف في الآخرة.. وصانِعُ المعروف لا يقع، وإن وقعَ وجدَ مُتَّكئًا ومخرجا.. وأشرفُ الأوقات ما صُرِف في طاعة الله، والنفسُ إن لم تشغَلها بطاعة الله شغَلَتك بما لا ينفعُ، ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير ﴾ [هود:112].. وإذا وهبَ اللهِ تعالى لعبده المؤمن أُذُنًا تعي وتَسمَعُ، وَقَلبًا يَخشَى وَيَخشَعُ، وعقلًا يمنعُ ويردع.. فقد والله وفِقه توفيقًا عظيمًا، ومنحهُ عطاءً جزيلًا، ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴾ [النساء:66]..

 

ألا وإن طولُ الأملِ يُنسي الآخرةَ، واتِّباعُ الهوى يصدُّ عن الهدى، وإنَّ القلوبَ المتعلقةَ بالشهوات والهوى، محجُوبةٌ عن اللهِ بقدر تعلُقِها، والنفسُ أمارةٌ بالسوء.. فإن عصتْك في الطاعة.. فلا تُطعِها في المعصية.. ﴿ قَدْ جَاءكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظ ﴾ [الأنعام:104]، ﴿ فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرٰتِ ﴾ [البقرة:148].. واحذروا الغفلات، فالغفلةُ أشدُّ ما يفتِكُ بالقلوب.. وإنما صلاحُ القلب بمحاسبة النّفس، وفسادهُ بإهمالها والاسترسالِ معها في غيها.. فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة:18].. ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَاد ﴾ [آل عمران:30]..

 

نعم يا عباد الله: سيقف كلٌّ منا أمام ربه عاريًا حافيًا، يُختمُ على فيهِ، وتنطِقُ جوارحهُ، فتهيأ يا عبدالله لهذا الموقفِ العصيب الرهيب، واجلس مع نفسك وحاسِبها، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتى يُسأَلَ عَن عُمُرِهِ فِيمَ أَفنَاهُ، وَعَن عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ، وَعَن مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ، وَعَن جِسمِهِ فِيمَ أَبلاهُ".. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ ﴾ [الحشر:18].. وإذا علمتَ يا عبد الله، أنك محاسَبٌ على أوقاتِك، مُحصىً عليكَ كلُّ أقوالِك وأفعالِك، فاحرص على ما ينفعُك، واترك ما لا يَعنيك، ودعْ ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك، واستعن بالله ولا تعجز، وقل أمنت بالله ثم استقم.. وخالق الناس بخلق حسن، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].. ﴿ فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف:35]..

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِين*وَيُنَجّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر:60]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موعظة وعبرة (خطبة)
  • موعظة القلوب الغافلة (خطبة)
  • موعظة وذكرى (خطبة)
  • موعظة قصيرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تعريف الوعظ والموعظة وضابطها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المطر الغزير.. عبر وتذكير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ القرآن الكريم أعظم المواعظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير وموعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رضا الزوجة من أهم شروط صحة النكاح: دليله، أهميته، وتذكير الأولياء بواجباتهم تجاه مولياتهم(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خاطرة ذكرى وتذكير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في وداع رمضان وتذكير ببعض أعمال شوال(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • موجة الحر: تذكير وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ الشتاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موعظة بين عامين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب