• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملخص من كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

لا غالب إلا الله! (خطبة)

لا غالب إلا الله! (خطبة)
حسان أحمد العماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2025 ميلادي - 14/7/1446 هجري

الزيارات: 14689

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا غالب إلا الله!

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

أيها المؤمنون، عندما يعتقد العبد أن ما يجري في هذه الحياة وفي هذا الكون الفسيح من أحداث وأقدار وخير وشر وسراء وضراء إنما يحدث بتقدير الله وإرادته، ابتلاء منه لعباده وحكمة هو يعلمها، فلا يجزع الإنسان حينها ولا ييأس، بل يحتسب ويصبر، ويعتقد في قرارة نفسه أن الله غالب على أمره، فيكسب هذا الإيمان في قلب العبد المؤمن الرضا والطمأنينة: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23]؛ ولذلك كان من أسماء الله التي ينبغي أن نتدبر معناها ودلالاتها وآثارها الإيمانية اسم الله، وقد ورد اسم الله "الغالب" في موضع واحد من القرآن وهو قول الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]، و"الغالب" هو الغالب على من سواه، قاهر لمن عاداه، فسبحانه إذا أراد شيئًا فلا يرد ولا يمانع ولا يخالف، ولا يغلبه الناس، بل ما شاءه كان ونفذ، وإن لم يرض الناس؛ سواء كان ذلك الشيء بإماتة إنسان أو نصر قوم أو هزيمتهم، أو غير ذلك من الشؤون، فأمره الغالب سبحانه وتعالى؛ ولكن أكثر الناس لا يدرون حكمته، وتلطُّفه لما يريد؛ فلذلك يجري منهم، ويصدر ما يصدر في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك، قال القرطبي- رحمه الله-: "فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على الإطلاق، فمن تمسك به فهو الغالب، ولو أن جميع من في الأرض طالب، قال تعالى: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21]، ومن أعرض عن الله تعالى وتمسك بغيره كان مغلوبًا، وفي حبائل الشيطان مقلوبًا"، قال سعيد بن جبير- رحمه الله- في قوله: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]؛ أي: "فعال لما يشاء". وقوله: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]، يقول: "لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه لما يريد"؛ (انتهى من تفسير ابن كثير).

 

عبـاد الله، الله غالبٌ على أمره، أراد إخوة يوسف قتله فغلب أمر الله حتى صار ملكًا وسجدوا بين يديه، ثم أرادوا أن يخلو لهم وجه أبيهم فغلب أمر الله حتى ضاق عليهم قلب أبيهم، وافتكر يوسف بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة، فقال: ﴿ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ ﴾ [يوسف: 84]، ثم أرادوا أن يكونوا من بعده قومًا صالحين- أي تائبين- فغلب أمر الله حتى نسوا الذنب وأصروا عليه حتى أقروا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة، وقالوا لأبيهم: ﴿ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 97]، ثم أرادوا أن يخدعوا أباهم بالبكاء والقميص، فغلب أمر الله فلم ينخدع، وقال: ﴿ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ ﴾ [يوسف: 18]، ثم احتالوا في أن تزول محبته من قلب أبيهم فغلب أمر الله فازدادت المحبة والشوق في قلبه. ثم دبرت امرأة العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبته، فغلب أمر الله حتى قال العزيز: ﴿ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 29]، ثم دبر يوسف أن يتخلص من السجن بذكر الساقي فغلب أمر الله فنسي الساقي، ولبث يوسف في السجن بضع سنين، وتأمل كيف دبر يوسف شأن نفسه ليخرج من السجن في أول الأمر، ولكن أراد الله ألا يكون لأحد عليه منة، وأن يعلي قدره جزاء إحسانه؛ فأرى الله الملك الرؤيا ليخرج يوسف مطلوبًا لا طالبًا، مرغوبًا لا راغبًا، ويقول الملك: ﴿ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ﴾ [يوسف: 54]، ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]، فاﻟﺤﺎﺳﺪﻭﻥ ﺃﻟﻘﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺐ، ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺳﺮﺓ ﺑﺎﻋﻮﻩ ﺑﺜﻤﻦ ﺑﺨﺲ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺷﻘﻮﻥ ﺃﻟﻘﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﺟﻌﻠﻮﻩ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺧﻄﻄﻮﺍ ﻟﻪ ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺭﻓﻌﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ، ﻓﻼ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺤﺐ، ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﺮﻩ، ﻭﻻ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [يوسف: 6]، إلى أن قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].

 

معاشر المسلمين، ومكث فرعون سنوات يحيك المكر السيئ؛ يقتل الرجال، ويستحيي النساء، ويستعبد الناس خوفًا على الملك والسلطان، فارتكب جميع الجرائم، وادَّعى لنفسه الألوهية والربوبية من دون الله، وأرسل جنوده في الأرض ليخوف الناس، ويحكم سيطرته، ومكر مكرًا ومكر الله، وساق الله موسى عليه السلام بعد أن رمته أُمُّه في البحر خوفًا عليه إلى قصر فرعون، وشب موسى وترعرع في ذلك القصر والجيوش تحرسه وفرعون يرعاه، وصدق الله إذ يقول: ﴿ قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾ [يونس: 21]، أين ذهب مكر فرعون ودهاؤه؟ أين قوته وجبروته وسلطانه وأمواله؟ لقد سخرها الله لرعاية موسى، وبعد أن آتاه الله النبوة والكتاب وعرض أمر الله على فرعون أخذ فرعون يمكر بموسى وبمن معه، ويحيك المؤامرات والدسائس والأكاذيب، ويحشد الجنود، ويستعمل القهر والتعذيب، ويجمع السحرة ليناصروه، فلما أيقنوا أن ما جاء به موسى ليس بسحر إنما هو الحق؛ آمنوا بالله، وأخذ فرعون يتهمهم بالمكر والخداع، وهو مكر أخير يستعمله فرعون أمام الجماهير وزبانيته وجيوشه، ولو تتبعنا مسار التاريخ ومسيرة الإنسان لوجدنا أن هذه الحقيقة لا تشذ أبدًا، ولا تتخلف مطلقًا، فالله غالب على أمره، لا يقع في ملكه إلا ما يريد. والعباد -بمن فيهم الطواغيت المتجبرون- أضعف من الذباب، ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73]! وهم ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله؛ وليسوا بنافعين أحدًا إلا بأمره، ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].

 

أيها المؤمنون، ورسولكم صلى الله عليه وسلم، ألم يُحارَب من قومه؟ ألم يُحاصَر هو وأصحابه؟ ألم يُعذَّب أتباعه ويُقتَل منهم من قتل؟ ألم ترصد الأموال والجيوش والوسائل الإعلامية في ذلك الوقت وإلى اليوم لطمس الدين وهويته وزعزعته في النفوس، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، ألم يخططوا ويمكروا؟ ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30]، ألم يقف معهم الشيطان يوم بدر يُزيِّن سوء أعمالهم ويُبشِّرهم بالغلبة والنصر؟ ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 48]، ولكن الله غالب على أمره إلى قيام الساعة، (.. وهذه الانتكاسات الحيوانية الجاهلية في حياة البشرية لن يكتب لها البقاء.. وسيكون ما يريده الله حتمًا.. وستحاول البشرية ذات يوم أن تقيم تجمُّعاتها على القاعدة التي كرَّم الله الإنسان بها، والتي تجمَّع عليها المجتمع المسلم الأول، فكان له تفرُّده التاريخي الفائق. وستبقى صورة هذا المجتمع تلوح على الأفق، تتطلع إليها البشرية، وهي تحاول مرة أخرى أن ترقى في الطريق الصاعد إلى ذلك المرتقى السامي الذي بلغت إليه في يوم من الأيام.

 

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

الخطــبة الثانـية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

عباد الله، إن لاسم الله "الغالب" آثارًا إيمانية تتجلى في حياة الفرد المسلم، من ذلك: الثقة بالله، وحسن الظن به، فهو الغالب سبحانه، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله جل وعلا يقول: أنا عند ظن عبدي بي؛ إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًّا فله))؛ (أحمد وابن حبان، وهو صحيح)، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما أعطي عبد مؤمن شيئًا خيرًا من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله إلا هو لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه، ذلك أن الخير في يده".

 

ومنها: الثقة بنصر الله تعالى لعباده المؤمنين وعدم الرهبة من قوة الكافرين إذا أخذ بالأسباب، والتوكل على الله وحده في ذلك؛ فالمنصور من نصره الله تعالى، والمخذول من خذله، قال سبحانه: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [آل عمران: 160].

اشدد يديك بحبل الله معتصمًا
فإنه الركن إن خانتك أركان

ومنها: الأمل بالله وعدم اليأس، فالله غالب على أمره، ومنها: العمل لدين الله في كل الظروف والأحوال، فدين الله غالب على كل دين مهما كانت الظروف والابتلاءات التي يمر بها أتباعه؛ لأنه دين الله الغالب على أمره، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33].

 

ومن ذلك: أن القلب الذي يتصل بالله تتغير موازينه وتصوراته، فهو يحس أن ميزان القوى ليس في أيدي الكافرين، إنما هو في يد الله وحده؛ فطلبت منه النصر، ونالته من اليد التي تملكه وتعطيه.. وهكذا تتغير التصورات والموازين للأمور عند الاتصال بالله حقًّا، وعندما يتحقق في القلب الإيمان الصحيح. وهكذا يثبت أن التعامل مع وعد الله الواقع الظاهر للقلوب أصدق من التعامل مع الواقع الصغير الظاهر للعيون، قال تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]، فثقوا بربكم عباد الله، وأحسنوا الظن به مع حسن العمل.

 

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا غالب إلا الله..!

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الفطر 1439هـ (الدين الغالب)(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل صوم غالب شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضابط مفهوم ما خرج مخرج الغالب وأسبابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليث بني غالب علي بن أبي طالب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {والله غالب على أمره}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من بدعة الإرجاء التي انتشرت في أوساط غالب المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صوم غالب شعبان(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير: (لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى اسم الغالب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب