• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ولا تمدن عينيك (خطبة)

ولا تمدن عينيك (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/8/2024 ميلادي - 4/2/1446 هجري

الزيارات: 12852

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولا تمدن عينيك

 

الحمدُ للهِ... الحمدُ للهِ أبدًا سرمَدًا، وتباركَ اللهُ فرْدًا وتْرًا صمدًا، وتعالى اللهُ لم يتخذ صاحبةً ولا ولدًا، سبحانهُ وبحمدهِ، ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93].

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ولا ربَّ سواهُ.. كُنْ مـَعَ اللهِ، تـَرَى اللهَ مَعَـكْ.. وَاتْركِ الْكـلَّ، وحـاذِرْ طمَعَـكْ.. كُنْ به مُعْتصِمـًا، أسْلِـمْ لَـهُ.. واصْنعِ المعْروفَ معْ مَنْ صَنَعَكْ.. فَإذَا أعْـطَاكَ، فمَـنْ يمنعُـــهُ؟ ثُمَّ مَنْ يـُعطِيك إِذَا مَا مَنَعـــكْ؟

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، الصادِقُ الأمينُ، والناصِحُ المبينُ، سيِّدُ الأولين والآخِرين، وخيرُ خلْقِ اللهِ أجمعين، اللهمَّ صلِّ وسلّم وبارك عليه، وعلى آله الطيبينَ الطاهرينَ، وصحابتهِ الغرِّ الميامين، والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ، وسلَّم تسليمًا.

 

أمَّا بعدُ: فيا عبادَ اللهِ؛ اتقوا اللهَ وأخلِصوا نياتِكم للهِ تعالى تُفلِحُوا، والتزموا سنَّةَ نبيكم صلى الله عليه وسلم تهتدوا، واجتهدوا في الأعمال الصالحة تربحوا، وابتعدوا عن الآثام والمعاصي تسلموا.. واعلموا أن من بادرَ الأعمالَ استدركَها، ومن جاهَد نفسَه مَلكَها، ومن طلب التّقوى بصدقٍ أدركها.. واعلموا أنَّ من علامات التوفيق والتسديد، صُحبَةُ الأخيارِ والصالحين، وبذلُ المعروفِ ومساعدةُ المحتاجين، وحفظُ الوقتِ فهو جِدُّ ثمين، وأن لا يفقِدكَ اللهُ حيثُ أمرَك، ولا يراكَ حيثُ نَهاك.. وإنَّ لحظةً تمضي ولا تعودُ، لجديرةٌ بحُسنِ استغلالـِها.. ﴿ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون ﴾ [المائدة:48].

 

معشر المؤمنين الكرام: ربنا اللطيف الخبير، العظيم القدير خلقَ الخلق فهو أعلمُ بهم وبما فيه صلاحُ معاشِهم ومعادهم، قال تعالى: ﴿ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ﴾ [الملك:14]، وبعدله وحكمتهِ سبحانه يُقدِّرُ أرزاقهم، فيبسط الرزق لمن يشاء، ويمنع من يشاء ما يشاء، قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].

 

إلّا أنّ ضعفَ الإيمانِ وقلةَ الفقهِ والتوفيقِ يودِي ببعض الناسِ إلى عواقبَ سيئةٍ وخيمة؛ فتجعلهُ ينظرُ بعين الإعجابِ إلى من فُضِّلَ عليهِ في بعض جوانبِ الرزق، فيرى سيارةً خيرًا من سيارته، أو بيتًا أفضلَ من بيته، أو خِلقةً وهيئةً أحسنَ من خلقته وهيئته، أو صحةً وعافية أنشطُ من صحته وعافيته، أو وظيفةً وعملًا أعلى من عمله ووظيفته، أو زوجةً أجملَ من زوجته، أو أبناءً أذكى من أبنائه... إلخ أصنافِ الرزقِ والعطايا..

 

فلنتأمل ما يقوله الله جلّ وعلا لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه:131]، وفي صحيح الإمام مسلم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوا إلى مَن أسْفَلَ مِنكُمْ، ولا تَنْظُرُوا إلى مَن هو فَوْقَكُمْ، فَهو أجْدَرُ أنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ".. وفي صحيح مسلم أيضًا، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا نَظَرَ أحَدُكُمْ إلى مَن فُضِّلَ عليه في المالِ والخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إلى مَن هو أسْفَلَ منه".

 

ولا شك يا عباد الله أنّ كثرة النظرِ إلى من فُضِّلَ علينا في الرزق والعطاء، لها نتائجُ سيئة، وعواقب وخيمة.. من ذلك:

العمى عن رؤية نِعَمِ اللهِ تعالى، وازدراؤها واحتقارها، وعدم شكرها، مع عظيمِ قدرها، واستحالةِ عدِّها، وربما أوهمهُ الشيطانُ بأنه محرومٌ أو مظلوم.. أو أنهُ أحقُّ من غيره.. فيعرّضُ نفسهُ بذلك لغضب الله وعذابه، فقد قال جلَ وعلا: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].. وقال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون ﴾ [النحل:112]..

 

ومن تلك النتائج الخطيرة أيضًا: الوقوعُ في الحسد المحرّم، وهو تمني زوالَ النعمةِ عن الغير.. قال الإمام أبو الليث السمرقندي: "ليس شيءٌ من الشرّ أضرُّ من الحسد؛ فالحاسدُ يُصابُ بخمس عقوباتٍ، قبل أن يصلَ ضررهُ إلى المحسود: أولها: غَمٌّ لا ينقطع، والثانية: مصيبةٌ لا يؤجرُ عليها، والثالثة: مذمَّةٌ لا يُحمدُ بها، والرابعة: سخطُ الرب جل وعلا، والخامسة: يُغلقُ عليه بابُ التوفيق، وقال بعض الحكماء: "ما رأيتُ ظالمًا أشبه بالمظلوم من الحاسد"..

 

ومن النتائج الخطيرة أيضًا: الشكُّ في عدل الله وحكمته، والتّسخطُ وعدمُ الرضا بما قسم الله، والاعتراضُ على قضائه وقدره، فمن شكَّ في عدل اللهِ وحكمته، سخِطَ ولم يرضَ بقضائه وقسمته، قال ابن القيم رحمه الله: "فقَلَّ أن يسلمَ السّاخِطُ من شكٍّ يُداخِل قلبهُ ويتغلغلُ فيه، وإن كان لا يشعرُ به، فلو فتَّش نفسهُ تمام التفتيشِ لوجد يقينهُ معلولًا مدخولًا، فإنّ الرضا واليقين أخوانِ مصطحبان، وإنّ الشكّ والسُخط قرينان متلازمان".. وقال أيضًا رحمه الله: (إنَّ الرِّضا يفتحُ للمسلم بابَ السَّلَامة، فيجعلُ قلبه سليمًا نقيًّا من الغشِّ والدَّغَلِ والغلِّ، ولا ينجو من عذاب اللهِ إلَّا من أتى اللهَ بقلب سَلِيم، وإنه ليستحيلُ سَلَامةُ القلبِ مع السَّخطِ وعدمِ الرِّضا، وكُلَّما كان العبدُ أشدَّ رضى، كان قلبهُ أسلم).. فالشكّ في عدل اللهِ وحكمته، والسّخطَ وعدمَ الرضا بقضائه وقسمته، لا ينفعُ معهُ إيمانٌ ولا عمل، لأنه كفرٌ أكبر عياذً بالله، وهل أهلكَ إبليسَ إلا هذا: ﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيم * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّين ﴾ [ص:76]، وقال صلى الله عليه وسلم: " لكُلِّ شيءٍ حقيقةٌ وما بلغَ عبدٌ حقيقةَ الإيمانِ حتَّى يَعلمَ أنَّ ما أصابَهُ لَم يكُن ليُخطِئَهُ وما أخطأهُ لَم يكُن ليُصيبَهُ".. والحديث صححه الألباني..

 

ومن النتائج أيضًا: الشعورُ بالألم النفسي، وفقدانُ الطمأنينةِ والسكينة، وأن يُفوِّتَ العبد على نفسه الاستمتاعَ والانتفاعَ بالنّعم الموجودة، ويجلِبُ لنفسه البؤسَ والنكد.. وهذا كلهُ نتيجةً للسُّخط وعدمِ الرضا بما قسمَ اللهُ وقدّر، فالسّاخِطُ الشّاكي لا يذوقُ للسرور طعمًا.. ولا تراهُ إلا دائم الحزن، دائمَ الكآبة، ضيقَ الصدر، كأنّ الدنيا على سعتها في عينه خرم إبرة..

 

فمن أرادَ أن يقي نفسهُ الوقوعَ في هذه المفاسد، فعليه أن يتجنّبَ النظرَ بعين الإعجابِ والتّمني إلى ما في أيدي الناس من المال والزينة، مع النظر بعين التقدير والتعظيمِ إلى النعم الموجودةِ عنده، وعندها يستشعرُ العبدُ الغبطةَ والسرور، ويحظى بأهنأ عيشٍ وأسعدِ حال، كما جاء في الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا"..

 

كما أنَّ عليه أن ينظرَ إلى من هو دونهُ في الحال والمال، ومن هو أشدُّ منه في البلاء والضُّر.. فإذا نظرَ إلى من هو أقلُّ منه تنعُّمًا وتمتُّعًا، ومن هو أعظمُ منه بلاءً وتضررًا، فسيعرف قدرَ نعمةِ اللهِ عليه، وسيكونُ بذلك أرضى برزقه، وأهنأ لنفسه، وأصلح لحاله..

 

فصفّوا يا عباد الله صدوركم، وطهروا قلوبكم، أحِبُّوا لغيركم ما تُحبُّونَهُ لأنفسِكم، واكرهوا لغيركم ما تكرهُونَهُ لأنفسِكم، وقولوا لغيركم ما تُحبُّونَ أن يقولوهُ لكم، وامنعوا عنهم ما تُحبُّونَ أن يمنعُونَهُ عنكم، ففي الحديث الصحيح: لا يُؤمِنُ أحدكم حتى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحِبهُ لنفسهِ.. وفي الحديث المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا"..

 

المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هاهُنا. ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ. كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ"..

 

فاتقوا الله عباد الله، ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة:2]، ارحمِوا المسكينَ، واعينوا المحتاج، وتجاوزوا عن الأخطاءِ، واقبلوا الأعذارَ، وتذكّرْوا أنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ تعالى سرورٌ تدخلُونهُ على مسلمٍ.. اللهم اهدنا لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرف عنّا سيئَها لا يصرف عنا سيئَها إلاّ أنت..

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18].

 

معاشر المؤمنين الكرام: القلبُ: هو محلُ نظرِ الرّب، ففي صحيح مسلم: (إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ).. فبالقلبِ يَعرِفُ العبدُ ربَّه، وبه يُحبهُ ويخافُه ويرجوه، وبالقلبِ يُفلِحُ العبدُ وينجو يومَ القيامة.. ومن تدبرَ قولَ الله تعالى: ﴿ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء:88].. علم أنّ الشّأنّ ليس في الإكثار من أعمال الجوارح، وإنما الشّأنُ في التقوى وإصلاحِ القلب، ولذا يقول العلماء: أنّ أعمالَ القلوبِ أهمُّ من أعمال الجوارح.. فأعمالُ القلوب أصلٌ وأعمال الجوارح تبع.. وسلامة القلب وخلوُّه من الآفات منزلةٌ عاليةٌ من منازل البر والإحسان، وصفةٌ كريمة من أهمِّ صفاتِ المؤمنينَ.. في الحديث الصحيح أن الرسولِ صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال: كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ، قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفُه، فما مخمومُ القلبِ؟ قال: هو التقيُّ النقيُّ لا إثمَ فيه ولا بغيَ ولا غِلَّ ولا حسدَ".. و(القلب المخموم هو النظيف: من خَمَمْتُ البيت، إذا كنسته ونظفته)..

 

ألا وإن مِن أعظم ما يُعين على سلامة القلب ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ثَلاثٌ لا يُغِلُّ عليهن قَلْبُ مُؤمِنٍ: إخْلاصُ العَمَلِ للهِ تَعالى، ومُناصَحةُ وُلاةِ الأمْرِ، ولُزومُ جَماعةِ المُسلِمينَ).. والنصيحة من الأعمالِ الدالّة على صفاء السّريرة، وسلامةِ الصدر، وطهارةِ القلب، ولا يكمُل إيمانُ المسلمِ حتى يُحبَّ لأخيه المسلمَ ما يحبُّ لنفسه، ويكرهَ لأخيه ما يكرههُ لنفسه..

 

كما أن مما يعينُ على سلامة القلب كثرةُ الدعاء، فقد كان من دعاءه صلى الله عليه وسلم: "وأسألك قلبًا سليمًا"، وفي التنزيل الحكيم علَّمنا الله دعاءً عظيما: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر:10].

 

وإنَّ من أعظم أسبابِ صلاح القلوب وسلامتِها: إعمارُها بمحبةِ الله تعالى، فلا فلاحَ ولا صلاحَ ولا استقامةَ ولا سعادة إلا بمحبَّةِ اللهِ تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجَدَ بهنَّ حلاوةَ الإيمانِ: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَ إليه مما سواهما»، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالمحبةُ أعظمُ واجبات الدين وأكثرُ أصولِه وأجلُّ قواعدِه، بل هي أصلُ كلِّ عملٍ من أعمالِ الإيمانِ والدِّينِ".

 

ومن أهمِّ أسبابِ سلامةِ الصدرِ وطهارةِ القلب: صحبة كتاب الله، فاللهُ عزّ وجلّ يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس:57]، فكُلمَا أقبل العبد الله على كتابِ ربه كُلما طهرُ قلبُه، وسلِمَ صدرُه.. قال عثمان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبكم لما شبعتم من كلام ربكم...

 

ولا تزال طهارةُ القلبِ بالعبد، حتى تكونَ سببًا في قبول أعمالهِ الصالحة؛ وأهلُ الشحناء والبغضاءِ لا يُقبل منهم حتى يتصالحوا؛ في صحيح مسلم: "تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا".

 

ألا فاتقوا الله وتعاهدوا قلوبكم واحرصوا على سلامتها، فلا ينجو يوم القيامة إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق:13]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، احبب من شئت فإنك مفارقه، اعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا)
  • {ورحمتي وسعت كل شيء} (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحضر والتمدن(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الأسس الاقتصادية للتحضر والتمدن(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الصيام والتمدن(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكمة تعدد الزوجات(مقالة - ملفات خاصة)
  • الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الناس التضحية(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم الختان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الآلة والأداة في اللغة العربية(مقالة - موقع العلامة محمد بهجة الأثري)
  • احذري يا أختاه(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • هتقدر تغمض عينيك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب